قهوتنا على الانترنت
صفحة 3 من 10 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 95
  1. #21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بريق النجوم مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    وجزاكم مثله ان شاء الله

  2. #22

    افتراضي

    اسم الله : الرفيق(1)

    1

    1– ورودُ اسم ( الرفيق ) في السنة الصحيحة :

    أيها الإخوة الكرام مع اسم جليل من أسماء الله الحسنى ، وهو ( الرفيق ) ، هذا الاسم ورد في السنة النبوية الصحيحة ، ورد مطلقاً معرّفا بأل ، مراداً به العلمية ، دالاً على كمال الوصفية ، فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    [ مسلم ]

    2 – معنى اسم الله ( الرفيق ) :

    فالله سبحانه وتعالى هو ( الرفيق ) ، لو أردنا أن نقف وقفة متأنية عند معاني هذا الاسم لقلنا :
    أولاً : الرفيق هو اللطيف ، والرفيق هو الذي يرافقك ، والرفيق هو الذي يتصرف برفق ، هو لطيف ، وهو مرافق ، وهو الذي يتصرف برفق ، لو أردنا أن نرى هذا الاسم من خلال أفعال الله قد نقف عند ومضات من رفقه جل جلاله .

    3 – مظاهر رفق الله بمخلوقاته :

    الطفل الصغير له أسنان ، لبنية هذه الأسنان كيف تسقط من دون ألم ، وما من طبيب أسنان إلا وهو مضطر أن يعطى الإنسان مخدرا حتى يقلع هذا السن ، وإعطاء إبرة المخدر أمرٌ مؤلم ، أما الطفل حين يسقط سنه يذوب شيئاً فشيئاً إلى أن يراه مع لقمة طعامه ، فنزع سن الطفل نوع من اللطف ، الله عز وجل يقول :


     وَهُوَ مَعَكُمْ (4) 
    ( سورة الحديد )
    أنت لا تحتمل أن يكون معك إنسان دائماً ، تخرج من جلدك من رفقته ، لكن الله معنا ، معنا بلطف دون أن نشعر .
    مثلا الهواء لطيف ، يحمل الطائر ، يحمل طائرة وزنها ثلاثمئة وخمسين طنًّا ، وأنت تمشى ضمن الهواء ، وتستنشق الهواء ، ولا ترى الهواء ، الهواء مما يؤكد معنى أن الله رفيق .
    أيها الإخوة ، رحمته لعباده ، فمغفرته لعباده رفق ، وقبول توبته من عباده رفق ، وتحريمه التدريجي للخمر رفقٌ .
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    والإنسان عليه أن يتخلق دائما بالكمال الإلهي ، لذلك كاد الحليم أن يكون نبياً ، والحلم سيد الأخلاق ، والحلم رفق ، والمعالجة بحكمة من الرفق ، والحلم من الرفق ، والعفو من الرفق ، والمغفرة من الرفق ، والتسامح من الرفق ، لذلك حينما قال الله عز وجل :

     وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) 
    ( سورة الأعراف)

    4 – الرفقُ من صفات المؤمن :

    من معاني هذه الآية الكريمة أنك إذا تخلقت بالكمال الإلهي تستطيع أن تقبل عليه أحد أسباب اتصالك به أنك تتوسل إلى الاتصال به للتخلق بكماله ، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ، يحب الرفق في تربية الأولاد ، يحب الرفق في معاملة الزوجة ، يحب الرفق في التعامل التجاري .
    عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (( رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى ، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى )) .
    المؤمن من صفاته أنه رفيق لطيف ، وإذا كان معك فظله خفيف ، لا ينتقد ، لا يحاسب ، لا يدقق ، لا يؤاخذ ، لا يقسو ، لطيف ، المؤمن لين العريكة ، يألف ويؤلف .
    الحقيقة أنْ ليس الفرق بين المؤمن وغير المؤمن أن المؤمن يصلي ، هناك فرق جوهري كبير جداً ، حينما تعامل المؤمن تراه لطيفاً ، وحينما ترافق المؤمن ترى ظله خفيفاً ، وحينما تتعامل مع المؤمن تراه سمحاً ، تراه عَفوًّا ، تراه متسامحاً .
    فلذلك التخلق بالكمال الإلهي أحد أسباب الاتصال به ، التخلق بالكمال الإلهي أحد أسباب الاتصال به ، قال تعالى :

     وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) 
    ( سورة الأعراف)
    توسل إلى الله بأن تتخلق بالكمال الإلهي ، وما من اسم من أسماء الله الحسنى إلا ولك منه موقف ، إذا كان من أسماء الله الحسنى أنه عفو كريم فينبغي أن تعفو عمن ظلمك ، وقد ورد في بعض الأحاديث :
    (( أمرنى ربى بتسع ، خشية الله في السر والعلانية ، وكلمة العدل في الغضب والرضى ، و القصد في الفقر والغنى ، وأن أصل من قطعني ، وأن أعفو عمن ظلمني ، وأن أعطى من حرمني ، وأن يكون صمتي فكراً ، ونطقي ذكراً ، ونظري عبرة )) .
    [ ذكره الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح عن أبي هريرة ]

    5 – الله معنا بعلمِه فلا تغفلوا :

    وهو معكم ، هو معنا دائماً ، لكن كلما ارتقت شفافية الإنسان يعبد الله كأنه يرى الله :
    (( قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )) .
    [ مسلم عن أبي هريرة ]
    لكنه لطيف ، لذلك الذين يعصي ربه في رابعة النهار ، نهاراً جهراً ، وينسى أن الله معه ، وأن الله يراقبه ، هذا ليس بكامل الإيمان ، لذلك من أرقى مستويات الإيمان أن تؤمن أن الله معك ، قال تعالى :

    أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) 
    ( سورة الإسراء)
    قال تعالى :


    ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)﴾ .
    ( سورة الشعراء) .
    يراك حين تقوم ، هو رفيق هو معنا ، ولكنه معنا بعلمه ، معنا من دون أن نشعر ، كيف أنك تمشي في الهواء من دون أن تشعر ، وتستنشق الهواء من دون أن تشعر ، ولا ترى الهواء لكنه موجود ، والدليل إذا هبت العواصف دمرت مدنا بأكملها ، الهواء يحمل الطائرات ، فهو موجود ، لكنك لا تتضايق من الهواء ، بل تستنشقه .

    6 – لابد من الرفق للوصول إلى الأهداف :

    أيها الإخوة ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ )) .
    [ مسلم ]
    وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    [ مسلم ]
    توسل إلى أهدافك بالرفق ، انصح ، عظ موعظة حسنة ، جادل بالتي هي أحسن .

    7 – لا تكن فظا غليظ القلب :

    لا تكن فظا غليظ القلب ، النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم أوتي المعجزات ، أوتي الوحي ، أوتي القرآن ، كان جميل الصورة ، كان فصيح اللسان ، كان رحيماً ، كان حليماً ، كان متواضعاً ، ومع كل هذه الصفات يقول الله له : أنت أنتَ ، أنت بكل هذا الكمال :

     وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (159)
    ( سورة آل عمران)
    ولو كنت فظا غليظ القلب ، فكيف بإنسان ليس نبياً ، ولا رسولاً ، ولا يوحى إليه ، ولا أوتي القرآن ، وليس فصيحاً ، وليس جميل الصورة ، وليس رحيماً ... ومع ذلك فهو فظ غليظ القلب .
    لذلك :
    (( مَهْلًا يَا عَائِشَةُ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ )) .
    [ البخاري ومسلم عن عائشة ]
    إذا دخلت إلى البيت فقل : السلام عليكم ، إذا أردت أن تربي أبناءك فقل : يا بني ، هذا الشيء يؤذيك ، أنا ناصح أمين لك ، من دون أن تبدأ بالضرب والشتم والقسوة .
    إنّ صفات المؤمن صفات كاملة ، هذا الحديث أساسي جداً في حياتنا ، البيت الذي فيه رفق فيه حب وهدوء ، فيه راحة نفسية ، فيه أولاد ينشؤون نشأة صحية ، يرون أباهم وأمهم على وفاق ، وعلى وئام ، كلام منخفض ، النصيحة مهذبة ، ومَن أمر بالمعروف فليكن أمره بالمعروف ، ومن نهى عن منكر فليكن نهيه من دون منكر ، بطريقة ليست منكرة ، لا تكن فظاً غليظ القلب ؟
    بماذا أثنى الله عز وجل على النبي عليه الصلاة والسلام ؟ هو سيد الخلق ، هو نبي ، هو رسول ، أعطي المعجزات ، هذه كلها من وسائل الرسالة ، لكنه أثنى عليه بشيء مِن كسبِه ، قال تعالى :

    ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
    ( سورة القلم ) .
    الرفق هو اللطف ، والرفق هو من يرافقك ، لذلك ما في جهة يمكن أن تكون معك في سفرك ، وتستخلفها في بيتك إلا الله ، ومن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام ما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ قَالَ :
    (( اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ ، وَاقْلِبْنَا بِذِمَّةٍ ، اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ )) .
    [ الترمذي ، أبو داود]
    إذا سافر الإنسان ، وقبل أن يسافر قال : اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد ، فبغيابك لو أن إبريقا من الماء الساخن وقع فوق وجه طفل صغير ، وشوه وجهه يجعل حياة هذه الأسرة جحيماً لا يطاق ، الله رفيق في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد ، هذه أدعية النبي عليه الصلاة والسلام .

    من معاني ( الرفيق ) :

    الرفيق هو اللطيف ، والرفيق هو الذي يرافقك ، والرفيق هو الذي يتولى الأمر برفق .
    قال بعض العلماء : " الرفيق هو اللطيف بعباده ، القريب منهم " ، وهو معكم أينما كنتم ، الله عز وجل يحول بين المرء وقلبه ، أقرب إليك من حبل الوريد ، أقرب إليك من خواطرك ، أقرب شيء إليك خواطرك ، هو أقرب إليك من حبل الوريد ، من خواطرك ، يحول بينك وبين قلبك ، يغفر ذنوبك ، ويتوب عليك ، لأنه رفيق بكم ، وتكفلهم بالتربية والعناية من غير عوض ، وما من إنسان يدخل على إنسان اختصاصي في الطب أو الهندسة أو المحاماة إلا ويحتاج إلى أجرة ، إلا أنك إذا لجأت إلى الله يتولاك من دون عوض ، لأنه رفيق بك ، وقدّر أرزاق العباد .
    أحياناً يكون الوعل في قمة جبل ، هناك نبع مستودع ، هذا النبع من جبل أعلى من أجل هذا الوعل الذي يعيش في قمم الجبال ، قدر لعباده ومخلوقاته أرزاقهم وطعامهم وشرابهم ، وأمدهم بما يحتاجون ، وهداهم لما يصلحهم .

    هداية الله لمخلوقاته :

    الهداية كما تعلمون أربعة مراحل ، هدي المخلوقات إلى مصالحها ، فالإنسان إذا كان الطعام فاسدا يشم أنفه رائحة الطعام الفاسد ، والطعام الفاسد له رائحة كريهة ، فرائحة الطعام الفاسد الكريهة ، والأنف الذي فوق الفم هداك إلى أن لا تأكل هذا الطعام ، وإذا كان في المعدة طعام فاسد فالإنسان يتقيؤه ، والتقيؤ من رحمة الله عز وجل ، هداك إلى أن تخرجه من جوفك ، إذا كنت تمشي ونمت قليلا تصحح عن طريق جهاز معقد جهاز التوازن ، لأنه رفيق بك ، فإذا كان البرد شديدا فهناك آلية معقدة جداً في الجسم تكافح البرد ، وإذا كان هناك حر شديد فهناك آلية معقدة ثانية آلية العرق ، العرق يخرج الماء فيمتص حرارة الجلد ، وبهذه الطريقة يتعدل الجلد في حرارته .
    إذًا : الله عز وجل رفيق في أفعاله ، لذلك يقدر لهم أرزاقهم ، ويهديهم لما يصلحهم ، فالإنسان ينام ، ولما ينام تتباعد الخلايا العصبية ، لذلك السيالة في النوم لا تتخطى الفراغ ، إنسان نائم لا يستيقظ ، أما إذا كان الصوت عاليا جداً فهذا الصوت العالي جداً يقفز ، ويتخطى هذا الفراغ ، فيستيقظ الإنسان .
    هداك إلى مصالحك ، والحديث عن هداية الله عز وجل لمصالح الإنسان شيء لا ينتهي .
    أنت ترى الخطر بعينك في البيت ، هناك مدفأة خرج الدخان منها كثيفاً فهناك خلل ببناء المدفأة ، لكن أحياناً تسمع صوتا في غرفة ثانية خرج فالبصر محدود بالجدران ، أما الصوت فيتجاوز الجدران خرج يقول لك : هناك حركة ، وإذا كان حيوان صغير قد مات تحت السرير فلا تشاهده خرج و لا تسمع صوته خرج بعد أيام تشم رائحة كريهة ، فهداك إلى مصالحك بالنظر ، وهداك إلى مصالحك بالسمع ، وهداك إلى مصالحك بالشم ، أيّ شيء له عرض ، أعراض الأمراض من رفق الله بنا خرج ولولا عرض للمرض كانت المشكلة كبيرة ، هداك إلى مصالحك ، الله جعل في العظم عصبا حسيا ، ما فائدة العصب الحسي ؟ لأنه رفيق بنا ، فإذا حدث كسر فالألم الشديد الذي لا يحتمل يجعلك تدع العظم المكسور كما هو ، وأن تدعه كما هو أربعة أخماس معالجته ، حكمة العصب الحسي في العظام حكمة كبيرة ، وحكمة أن الشعر لا يوجد به عصب حسي كبيرة ، ولو كان في بالشعر عصب حسي لاحتجت إلى مستشفي ، وإلى تخدير كامل من أجل أن تحلق شعرك .
    إذًا : هو رفيق بنا ، ببنية أجسامنا ، بوظائف أجسامنا ، الإنسان يتوضأ براحة ، لكن لو وضعت ماء بارداً على ظهره فلا يحتمله ، أعصاب الحس في الأماكن المكشوفة التي تقتضي التنظيف الدائم ضعيفة جداً ، وفي الأماكن المستورة أعصاب الحس فيها قوية جداً ، لذلك توزيع أعصاب الحس فيه حكمة بالغة ، هذا المرفق لولاه كيف تأكل ؟ لابد أن ينبطح الإنسان كالهرة ليأكل ، لكن له مرفق ، وهذا المرفق يوصل الطعام إلى فمك ، وإلا ليس هناك طريق ثان .

    تخلق بكمال الله ، والمؤمن حليم لطيف ، يألف ويؤلف ، يقدم النصيحة بلطف شديد .
    لذلك هداهم الله إلى مصالحهم ، ونعمته عليهم سابغة ، وحكمته فيهم بالغة ، يحب عباده الموحدين ، ويتقبل أعمالهم الصالحة ، ويقربهم ، وينصرهم على عدوهم ، يعاملهم برحمة وإحسان ، ويدعو من خالفه إلى التوبة والغفران ، رفيق في خفاء ، يحاسب المؤمنين بفضله ورحمته ، ويحاسب المخالفين بعدله وحكمته ، ترغيبا منه في توحيده ، و حلما منه عليهم في تقصيرهم .
    الله عز وجل رفيق ، هذا حديث رائع جداً : (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    [ مسلم عن عائشة ]
    أوضح مثلٍ : وأنت في البيت ، وأنت تربي أولادك ، حدثونا في الجامعة في علم النفس أن الأم التي ترضع ابنها بقسوة ينشأ قاسياً ، فقد تكون متعبة منه ، وهذا الوضع يجعل عند الطفل عقدة ، والبيت الذي يربى فيه الطفل بالعطف والحنان والمودة والإكرام تجد هذا الطفل متعاطفا ، والآن هناك علم اسمه علم نفس الجنين ، فقد ثبت أن الجنين يدرك أنه مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه ، فإذا كان مرغوبا فيه حملته أمه حملا خفيفاً ، وإن لم يكن مرغوباً فيه كان حمله متعباً جداً ، فصار في علم نفس الجنين الأم التي تقرأ القرآن لها وضع خاص ، والتي تشرب الدخان وضع خاص .
    لذلك أيها الإخوة ، الإنسان محاسب عن كل شيء ، لذلك ينبغي أن يتخلق بكمال الله عز وجل .
    أيها الإخوة ، من معاني أن الله سبحانه وتعالى لطيف أو رفيق ، قال تعالى :

     مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا 
    ( سورة المجادلة : الآية 7 )
    الله رفيق معنا ، فثلاثة رحال جالسون الله موجود معهم ، الأربعة الله عز وجل خامسهم ، والخمسة هو سادسهم ، قال تعالى :

     وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ 
    ( سورة المجادلة : الآية 4 )
    معكم بعلمه ، لكنه رفيق ، لكن أجمل شيء أن الله مع المؤمنين لا بعلمه فحسب ، ولكن بتوفيقه ، بل بإكرامه ، بل بحفظه ، بل بتأييده ، بل بنصره معهم ، قال تعالى :

     أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) 
    ( سورة الأنفال ) .
    وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ والدعاء الذي ذكرته قبل قليل :
    (( اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ )) .
    [ الترمذي عن أبي هريرة ]
    والنبي عليه الصلاة والسلام خُيِّر بين زهرة الحياة الدنيا ، وبين أن يكون مع الرفيق الأعلى ، قال : بل الرفيق الأعلى .
    وعلامة المؤمن أن أسعد لحظات حياته حينما يأتيه ملك الموت ، قال تعالى :

    ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ .
    ( سورة يس ) .
    فلذلك أيها الإخوة ، لا يكفي الإنسان أن يؤدي الصلوات أداءً شكلياً ، الدين كمال ، الدين لطف ، الدين إذا دخل أب إلى البيت كان عند أهل البيت عيدا ، لكن هناك أب إذا خرج من البيت كان الوضع عندهم عيداً ، الفرق كبير بين أن يكون العيد إذا دخلت أو إذا دخلت ، لأن المؤمن ينبغي أن يكون رفيقاً .
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    [ مسلم ]

    والحمد لله رب العالمين

  3. #23

    افتراضي

    اسم الله :الرفيق (2)



    أسماء الله الحسنى لها تطبيقات عملية للمؤمن :
    أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في اسم ( الرفيق ) ، وهذا الاسم له تطبيقات عملية ، تخص الإنسان المؤمن ، بل إن كل اسم من أسماء الله الحسنى له تطبيقات عملية تخص المؤمن .
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ )) .
    [ متفق عليه ]
    عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )) .
    [ مسلم ]
    عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ )) .
    [ مسلم ]

    حظُّ المؤمن من اسم ( الرفيق ) :

    ما حظ المؤمن من هذا الاسم ؟

    1 – الرفق بالنفس في التكاليف والعبادات :

    أولا : ينبغي أن يكون الإنسان رفيقاً بنفسه ، فقد يفعل من الأعمال ما لم يحتمل تبعتها ، نفسك مطيتك إلى الله فارفق بها ، وهناك أعمال تسبب بعدًا عن الله ، وأعمال تسبب غيابا بينك وبين الله ، فارفق بنفسك ، ولا تحمّلها ما لا تطيق ، فهذا الذي يستقيم على أمر الله عز وجل ، هذا الذي يقف عند حدود الله ، هذا الذي يتقرب إلى الله يسعد نفسه بالقرب إلى الله ، أما إذا عمل أعمالاً لا ترضي الله فقد أقام باختياره وبفعل يده حجاباً بينه وبين الله ، فحمّل نفسه من آلام البعد وجفوة المعصية ما لا يطيق .
    لذلك ورد في الأثر : " نفسك مطيتك فارفق بها " .
    فأول حظ من حظوظ المؤمن من هذا الاسم أن استقامته على أمر الله تجعل هذه الاستقامة الطريق إلى الله سالكاً ، إذًا : هو ينعم في جنة القرب ، وفي الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، والدليل :

     وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)  .
    ( سورة محمد)
    قال بعض العلماء : " مساكين أهل الدنيا ، جاؤوا إلى الدنيا ، وخرجوا منها ، ولم يذوقوا أطيب ما فيها ، إن أطيب ما في الدنيا القرب إلى الله عز وجل " ، هذه اسمها جنة القرب .
    يقول بعض العلماء : " ماذا يفعل أعدائي بي ؟ بستاني في صدري ، إن أبعدوني فإبعادي سياحة ، وإن حبسوني فحبسي خلوة ، وإن قتلوني فقتلي شهادة ، فماذا يفعل أعدائي بي ؟ " .
    أيها الإخوة ، الإنسان يسعد لقربه من الله ، فإذا فعل بعض المعاصي والآثام ، أو إذا قصر في بعض الحقوق كان الحجاب بينه وبين الله ، فحمّل نفسه مالا تطيق ، لذلك نفسك مطيتك فارفق بها ، هذه من ناحية ، من ناحية ثانية لو أن الإنسان حمل نفسه ، من العبادات ما لا يطيق ينطبق عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام :
    (( إن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق فإن المنبت ، لا أرضا قطع ، ولا ظهرا أبقى )) .
    [ البزار عن جابر بسند فيه ضعف ، كما في الجامع الصغير ]
    لذلك افعل من الأعمال ما تطيق :
    فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ ، قَالَ :
    (( مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَتْ : فُلَانَةُ ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا ، قَالَ : مَهْ ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ )) .
    [ متفق عليه ]
    وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( سَدِّدُوا ، وَقَارِبُوا ، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ، وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )) .
    [ متفق عليه ]
    افعل من العبادات ما تستطيع أن تستمر عليها ، أما هذا الذي يفور ، ثم يضعف ، خطه البياني صاعد صعودا حادا ، ثم يهبط هبوطاً مريعاً ، فليست هذه حكمة من عند المؤمن .
    (( فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا )) .
    افعلوا ما تطيقون .
    (( وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )) .
    فالإنسان له مجلس علم يحافظ عليه ، له أوراد يحافظ عليها ، له تلاوة قرآن يومية يحافظ عليها ، الاستمرار ينشأ عنه حالة اسمها التراكم ، تراكم العبادات ، تراكم الأذكار ، تركم التلاوات ، هذه تفعل فعلاً عجيباً ، تعمل قرباً من الله عز وجل .
    لذلك أول بنود الرفق : ارفق بنفسك ، لا تحمّلها من المعاصي والآثام ما لا تطيق ، لا تجعلها في جفوة عن الله عز وجل ، ولا تحمّلها من العبادات ما لا تطيق ، عندها تكون هناك نكسة ، البطولة أن تكون العبادات مستمرة .
    (( وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )) .
    الغلو إما بالتفريط أو بالإفراط ، إذًا نفسك مطيتك ، فارفق بها ، هذا أول بند من تطبيقات اسم ( الرفيق ) .


    الرفق في الإنفاق من تمام الرفق بالنفس :

    حتى في الإنفاق ، قال تعالى :

     وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (195) 
    ( سورة البقرة )
    من أدق تفسيرات الآية ، أنفق في سبيل الله ، لأنك إن لم تنفق تلق بنفسك في التهلكة ، وقال بعض المفسرين : أنفق في سبيل الله ، فإنك إن أنفقت مالك كله تلقِ نفسك في التهلكة ، لذلك سيدنا رسول الله ما قبِل من صحابي ماله كله ، إلا الصديق فقط ، كان يرفض أن يأخذ مال الصحابي كله .

     وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (195) 
    ( سورة البقرة )
    تهلك إن لم تنفق ، وتهلك إن أنفقت مالك كله ، في ساعة فورة إيمان تنفق مالك كله ، فإذا أصبحت فقيراً ربما انتكست ، لذلك نفسك مطيتك فارفق بها ، هذا المعنى الأول .

    2 – الرفق بالنساء :

    أقرب الناس إليك زوجتك ، فلذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
    (( أكرموا النساء ، فو الله ما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم )) .
    [ ورد في الأثر ]
    هذه رفيقة العمر، هذه شريكة العمر ، ينبغي أن ترفق بها ، هي أقرب الناس إليك ، وهي أولى الناس بحسن معاملتك ، وما مِن إنسان كامل ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )) .
    [ متفق عليه ]
    هذا رفق بالإنسان ، الإنسان بحكمة يسعد بزوجة من الدرجة الخامسة ، ومن دون حكمة ، وعن طريق العنف يشقى بزوجة من الدرجة الأولى ، لذلك أكبر عطاء إلهي الحكمة ، قال تعالى :

    وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269)
    ( سورة البقرة)
    (( أكرموا النساء ، فو الله ما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم )) .
    [ ورد في الأثر ]
    (( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )) .
    النبي الكريم يوصيك بالمرأة .
    ومن أدق ما قرأت في قوله تعالى:

     وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (19) 
    ( سورة النساء)
    قال بعض المفسرين : " ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها ، بل أن تحتمل الأذى منها " .
    هذا رفق بالإنسان ، والبيت فيه لطف ، فيه إلقاء سلام ، فيه ابتسامة :
    (( كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً )) .
    [ ابن عساكر عن عائشة بسند ضعيف ]
    كان يقول عن النساء :
    (( لا تكرهوا البنات ، فإنهن المؤنسات الغاليات )) .
    [ الحاكم والطبراني عن عقبة بن عامر بسند ضعيف ]
    والحب تصنعه أنت بيدك ، بابتسامه ، بإلقاء سلام ، بالتسامح ، أحياناً بالمعاونة .
    عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ ؟ قَالَتْ :
    (( كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ )) .
    [ البخاري ]
    كان يكنس داره ، ويرفو ثوبه ، ويحلب شاته ، وكان في مهنة أهله ، فمعاونة الزوج برفق شيء رائع جداً ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيرية في البيت ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (( خَيرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي )) .
    [ الترمذي ]
    يمكن لأخلاق الإنسان خارج البيت أن يكون أن تنضوي تحت مصلحته ، بالتعبير المستعمل الآن ( بيزنس ) ، لطفه وأناقته ، وسلامه وابتسامته جزء من عمله ، حتى ينتزع إعجاب الناس ، ويحقق مصالحه ، لكن في البيت لا رقابة عليه ، لذلك بطولة المؤمن أن يكون في البيت رفيقا بأهله ، محتملا لبعض الأخطاء ، وما مِن شيء يعكر الصفاء بينه وبين زوجته ، يتسامح معها ، وتتسامح معه ، قال تعالى :

     وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ (6) 
    ( سورة الطلاق)
    بالمناسبة ، قال تعالى :

     وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) 
    ( سورة الأعراف )
    من معاني هذه الآية : أنك تتقرب إلى الله بالتخلق بكماله ، الله عز وجل رفيق يحب كل رفيق ، فمن التخلق بكمال الله أن تكون رفيقاً ، فإن كنت رفيقاً كان الرفق وسيلة إلى الدخول على الله عز وجل ، تتقرب إلى الله بالتخلق بكماله ، فإذا كان الله رفيقاً بعباده فكن رفيقاً بمن حولك ، وأقرب الناس إليك زوجتك .
    السيدة عائشة مرة حدثت النبي صلى الله عليه وسلم فترة طويلة عن أبي زرع وأم زرع ، وحدثته عن شجاعته وكرمه ، وأنه كان زوجًا نموذجيا ، لكنها تأسفت أشد الأسف حينما أعلمته في النهاية أنه طلقها ، فكان عليه الصلاة والسلام رفيقا بها ، فقال لها : أنا لك كأبي زرع لأم زرع ، غير أني لا أطلقك .
    هذه الزوجة مَن لها غيرك ؟ أحيانا لا يحلو للزوج إلا أن يمازح زوجته بشأن الزوجة الثانية والطلاق ، هذا ليس من مزاحاً ، بل يقيم هوة بينه وبينها ، ويجرحها ، أوقد يكسرها بهذا المزاح ، لذلك ترفّق بهذه المرأة التي جعلها الله هدية لك .
    إذًا : أكرموا النساء فو الله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، إنهن مؤنسات غاليات .
    كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً ، وكان في مهنة أهله ، وهذا نوع من الرفق ، وكمال الإنسان يتبدى أوضح ما يتبدى في بيته ، وينبغي أن تكون بيوتات المسلمين جنة بالود ، ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان ، فلو جئت بطعام نفيس ، لو أسكنتهم بيتاً فخماً ، هم يريدون مودتك ، يريدون ابتسامة ، يريدون الحب ، والمرأة بالذات الحب يغلب عليها ، أطعمها طعاماً خشناً ، وكن لطيفاً معها أفضل ألف مرة من أن تطعمها طعاماً نفيسا ثم تقسو عليها ، والحب بيدك ، وهناك مقولات يقولها العوام ، بعد فترة يألف كل منهما صاحبه ، وينعدم الحب بينهما ، هذا كلام بخلاف ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام ، قال عليه الصلاة والسلام :
    (( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة )) .
    [ ورد في الأثر ]
    ومن سعادة المرء أن يحب زوجته ، لأنها حليلته ، ولأنها أم أولاده ، والأمر بيدك ، الله عز وجل ما كلفنا ما نطيق ، قال تعالى :

     لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (286) 
    ( سورة البقرة )
    ينبغي أن تكون رفيقا بنفسك ورفيقا بزوجتك .

    3 – الرفق بالأولاد :

    وينبغي أن تكون رفيقاً بأولادك ، الحديث الرائع :
    (( علموا ، ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف )) .
    [ الجامع الصغير عن أبي هريرة بسند ضعيف ]
    علم ولا تعنف ، استخدم المكافآت بدل العقوبات ، لا تقل : لو أن رحلا لم يصلِّ الصبح سوف أضربه ، هناك كلام آخر ، من صلى معي الفجر سوف أكافئه بمبلغ من المال أو بهدية ، أسلوب المكافآت رائع جداً ، اجعل العلاقة بينك وبين أولادك علاقة طيبة ، أنا لا أشك أن كل أب يحب أولاده ، لكن يقسوا عليهم اجتهادهاً ، وهذا خطأ كبير ، حتى إنهم علمونا في الجامعة في علم النفس التربوي أن الأم التي ترضع ابنها ، إن أرضعته برقة ولطف فمن نتائج هذا الإرضاع بهذه الطريقة أخلاق رضية ، أما إذا أرضعته بعنف فربما كان هذا الإرضاع هو سبب في قسوته أحياناً ، .
    شيء دقيق جداً ، فلذلك :
    (( علموا ، ولا تعنفوا ، فإن المعلم خير من المعنف )) .

    4 – الرفق بالوالدين :

    بقي الوالدان ، العطف في اللغة يفيد التجانس .
    مثلا : لا تقل : اشتريت مئة دنم من الأرض وملعقة ، لا تناسب إطلاقاً ، اشتريت أرضا وبيتاً ، أو مركبة وبيتاً ، ملعقة وشوكة ، هل تصدق أن الله سبحانه وتعالى رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته ، قال تعالى :

     وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (23)  .
    ( سورة الإسراء)
    لأنه عطف الإحسان بالوالدين على عبادة رب العالمين ، فرفع البر إلى أعلى مستوى .

     وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (23)  .
    ( سورة الإسراء)
    لذلك لو أن في اللغة كلمة أقلّ من كلمة أف لقالها الله عز وجل ، وإرضاء الأب والأم أحياناً في غير معصية ، الأوراق تختلف ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والدليل :

     وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) 
    ( سورة لقمان)
    إذًا : لابد من الترفق في معاملة الوالدين ، حتى لو عصيتهما في معصية لله ينبغي أن تترفق في عدم تلبية رغبتهما لا بعنف ولا بقسوة .
    أيها الإخوة ، الأب والأم كانا سبب وجودك في الحياة ، والله عز وجل خلق الإنسان :

     هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) 
    ( سورة الإنسان )
    لكن هذا الإنسان كان عن طريق هذين الوالدين ، فلابد من بر الوالدين ، والترفق بهما ، لذلك :


     إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا (23) 
    ( سورة الإسراء)
    الإنسان مثلا يقول : أنا عندي أربعة أولاد ، لما يتقدم في السن أين هو ساكن ؟ عنده ابنه ، كان أولاده عنده ، فأصبح عندهم ، والأب الذي سنه معتدلة بره سهل جداً ، وأحيانا يتقدم الإنسان في السن ، وبعد سن معينة يكون فيه تكلس في العقل ، وأحياناً القصة الواحدة تعاد مئة مرة ، وأحياناً هناك أشياء لا علاقة له بها بر الوالدين في سن متأخرة ، وهما عندك في البيت هذا شيء يحتاج إلى جهد كبير ، لكن هذا ا لعمل البطولي :

     إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) 
    ( سورة الإسراء)
    أيها الإخوة ، صدقوا أن الذي يموت والداه وهما راضيان عنه يشعر بسعادة طول حياته ، لأنه أدى واجبه بالكمال والتمام ، لذلك يجب الرفق مع النفس ، ومع الزوجة ، و مع الأولاد ، والمؤمن رفيق ، لأن الله رفيق ، ولأن هذا الكمال اشتقه من الله عز وجل ، وبه يتقرب إلى الله ، وقد كاد الحليم أن يكون نبياً ، والحلم سيد الأخلاق .

    5 – الرفق بالناس جميعا :

    أنت موظف تحت يدك عشرة موظفين ، هؤلاء أتباعك ، وأنت موكل بهم ، تحاسبهم في تفوقهم ، وفي تقصيرهم ، لذلك الحديث الذي ينخلع القلب له يقول عليه الصلاة والسلام :
    (( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا ـ مدير مدرسة ، مدير جامعة ، مدير مؤسسة ، مدير أي مكان ـ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ )) .
    [ مسلم عن عائشة ]
    تحت يدك عشرة أشخاص ، (( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ )) .
    أحينا يحمّل المدير العام الموظفين شيئًا لا يطاق ، يطالبهم بأشياء فوق طاقاتهم ، ويمنع عنهم الإضافات ، ويحمّلهم مالا يطيقون .
    بالمناسبة أيها الإخوة الكرام ، ورد في الأثر : " إذا أردت رحمتي فارحموا عبادي " .
    في الامتحانات يكون مستوى السؤال في طاقة الناس جميعاً ، تجد البيوت فيها مآسٍ ، لأن المدرِّس أحيانا يرى بطولته في وضع أسئلة تعجيزية ، هذا خطأ كبير ، أو سؤال غير مدروس ، فهو غير رفيقٍ بطلابه .
    أحياناً مدير عام يكلف الموظفين بعمل فوق طاقتهم فلذلك :
    (( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ )) .
    [ مسلم ]
    أيّ مدير عام ، أيّ منصب قيادي ، ارحم هؤلاء الذين هم دونك ، كن واقعياً ، تلطف بهم .
    مرة كنت في دائرة ، المدير العام قال لموظف : كيف صحتك يا بني ؟ مرتاح ؟ هل يلزمك شيء ، يا الله يمضى شهر لا ينسى المستخدم هذه الكلمات ، هذا إنسان مثلك ، فكلما تواضع الإنسان مع من حوله قدر صعوبات الحياة ، وقدر المتاعب التي يعانيها الموظف .
    أحيانا يعرف المدير العام أن المعاش قليل ، ولا يكفي ، ويكلفه فوق طاقته ، وبكلام قاسٍ ، بحكم السلطة التي يملكها .
    (( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ )) .

  4. #24

    افتراضي

    صور من رفق سيدنا عمر بالرعية :

    سيدنا عمر سأل واليا أراد أن يمتحنه ، قال له : << ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ حسب الحكم الشرعي ، قال : أقطع يده ، قال له عمر : إذًا مَن جاءني مِن رعيتك مَن هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك ، إن الله قد استخلفني عن خلقه لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها ، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية >> .
    كان سيدنا عمر كلما قدم إليه والٍ من الولاة يسأله : كيف الأسعار عندكم ؟ من شدة رحمته برعيته ، وكان العلماء يسألون أتباعهم إن جاؤوا من سفر : كيف الأمطار عندكم ؟ هذه رحمة .
    سيدنا عمر لما تولى الخلافة كان شديداً ، فخاف الناس من شدته ، فقال : << أيها الناس ، كنت خادم رسول الله وسيفه المسلول ، وجلواده ، وتوفي وهو عني راض ، الحمد لله على هذا كثيرا ، وأنا به أسعد ، ثم كنت خادم أبي بكر ، وسيفه المسلول ، وجلواده ، وتوفي وهو عني راض ، وأنا أحمد الله على هذا كثيراً ، وبهذا أسعد ، ثم آلت الأمور إلي ، فاعلموا أيها الناس ، أن تلك الشدة قد أضعفت ، وإنما تكون على المعصية والفجور ، أما أهل التقوى والعفاف فأنا ألْينُ لهم من أنفسهم ، وسأضع رأسي على الأرض ليطؤوه بأقدامهم ، لكم علي أيها الناس خمس خصال ، خذوني بهن ، لكم علي ألا آخذ من أموالكم شيئاً إلا بحقه ، ولا أنفقه إلا بحقه ، ولكم على ألا أجمركم في البعوث ، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا ، ولكم علي أن أزيد عطاياكم إن شاء الله تعالى >> ، هكذا كان .
    عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
    (( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ )) .
    [ مسلم ]

    والحمد لله رب العالمين

  5. #25
    الصورة الرمزية mona roshdi
    mona roshdi غير متواجد حالياً المشرفه المميزه للأسلامي العام والصوتيات والمرئيات الاسلامية
    تاريخ التسجيل
    27 - 6 - 2008
    ساكن في
    خلف دائرة الأحذان
    المشاركات
    12,425
    مقالات المدونة
    1
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي

    بارك الله فيك اخى الكريم
    وجعلة الله فى ميزان حسناتك


    تحياتى لك
    وكل عيد اضحى وانت بخير وسسعادة


  6. #26

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mona roshdi مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك اخى الكريم
    وجعلة الله فى ميزان حسناتك


    تحياتى لك
    وكل عيد اضحى وانت بخير وسسعادة

    كل عام وانتى بخير
    والسنة الجاية ان شاء الله تكونى


    عيدكم مبارك



  7. #27

    افتراضي


    اسم الله : الرزاق(1)


    1 –

    ورودُ اسم ( الرزّاق ) في القرآن والسنة :

    أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، إنه اسم ( الرزاق ) ، فالله سبحانه وتعالى سمّى نفسه ( الرزاق ) في الكتاب وفي السنة ، ففي الكتاب في قوله تعالى :
     إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) 
    ( سورة الذاريات)
    وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (( إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) .
    [ الترمذي ]
    هذا الاسم الكريم ورد مطلقاً ومعرفا بـ ( ال )مراداً به العلمية ، دالا على كمال الوصفية .

    2 – معنى صيغة المبالغة في ( الرزّاق ) :

    وصيغة هذا الاسم صيغة مبالغة ، وإذا جاءت أسماء الله الحسنى بصيغة المبالغة فتعني شيئين : تعني كَمًّا ، وتعني نوعاً ، الله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب ، ويرزق النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، يرزق كل المخلوقات ، لذلك الله عز وجل يقول :

     وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (6) 
    ( سورة هود)
    كلمة ( الدابة ) جاءت نكرة تنكير شمول ، لتشمل هذه الكلمة كل شيء يدب على وجه الأرض ، و( مِن ) تفيد استغراق أفراد النوع .
    لو دخلت إلى صف وقلت : هؤلاء الطلاب لهم عندي جائزة ، أي الذين أمامك ، أما إذا قلت : ما من طالب في هذا الصف إلا وله عندي جائزة ، شمل الغائبين ، إذًا ( من ) تفيد استغراق أفراد النوع ، فإذا جاءت ( على ) قبل لفظ الجلالة دلت على الإلزام الذاتي ، أن الله سبحانه وتعالى ألزم ذاته العلية برزق العباد .

    قوانين الرزق متحركة غير ثابتة :

    أيها الإخوة ، الآيات كثيرة جداً ، والموضوع واسع جداً ، ولكن لحكمة بالغة ثبتَ الله ملايين القوانين كي تستقر حياتنا ، وكي تنتظم ، ولكنه لحكمة بالغة حرك قوانين الصحة والرزق ، وكأن الصحة والرزق أداتان لتربيتنا ، لذلك :


    ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾
    ) سورة الجن ) .

    ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ .

    ( سورة الأعراف الآية : 96 ) .

    ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾ .
    ( سورة المائدة الآية : 66 ) .
    ويقاس على ذلك ، لو أن المسلمين أقاموا القرآن الكريم لأكلوا من فوقهم ، ومن تحت أرجلهم ، وقد يُحرَم المرء بعض الرزق بالمعصية ، إذًا حرك الله قوانين الرزق ، وربطها بالإيمان والاستقامة ، وإقامة أمر الله ، قال تعالى :

     فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) 
    ( سورة نوح ) .
    أيها الإخوة الكرام ، ثبات آلاف القوانين من أجل استقرار الحياة ، ثبات قوانين المعادن ، فقد يبنى بناء شامخ ، الحديد خصائصه ثابتة ، لو تغيرت خصائص الحديد لانهار البناء .
    ثبات خصائص البذور ، ثبات ملايين القوانين ، لكن الرزق ليس ثابتا ، والصحة ليست ثابتة ، وكأن الصحة والرزق أداتان من أدوات تربية الله لنا ، فلذلك ربط الرزق أحيانا بالتقوى والاستقامة ، والطاعة والاستغفار ، وهناك بحث قيم جداً حول زيادة الرزق وفق الكتاب والسنة .

    كلمة ( الرزق ) واسعة غير محصورة في المال :

    لكن النقطة الدقيقة أن كلمة رزق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو طعاماً وشراباً ، والدليل على ذلك قوله تعالى :

     وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) 
    ( سورة الواقعة ) .
    فالإنسان إذا عرف الله فهذا رزق من الله ، فإذا ألقى الله في قلب الإنسان الأمن فهذا من رزق الله ، الأمن رزق ، إذا ألقى الله في قلبك الرضا هذا رزق ، إذا ألقى الله في قلبك السكينة فهذا رزق ، إذا ألقى الله في قلبك الرحمة فهذا رزق ، لذلك الأرزاق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو صحة أو طعاماً وشراباً .
    الرزق هو الشيء الذي تنعم به ، فنعمة الأمن من أعظم الأرزاق ، والرضى من أعظم الأرزاق ، والصحة من أعظم الأرزاق ، لذلك العلماء أشاروا إلى ما يسمى الرزق السلبي ، حينما تعافى من جميع الأمراض فهذا رزق سلبي ، يمكن أن يدفع الإنسان الملايين لمعالجة جسمه من مرض عضال ، حينما ينجو الإنسان من ظلم ظالم قد يبدد المال كله ، هناك رزق سلبي ، وهو من خصائص المؤمنين ، فإذا نجاك الله من أمراض عضالة ، من ظلم الظالمين فهذا رزق .
    فلذلك الرزق أوسع بكثير من أن يكون طعاماً وشراباً ، أو من أن يكون مالاً ، لذلك إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه ، و لكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين ، السكينة رزق ، كما أن المال رزق ، والجمال رزق ، والصحة ، والقوة والسكينة رزق ، والرضى رزق ، والحكمة رزق ، قال تعالى :


    وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269)
    ( سورة البقرة)
    وأرزاق الله عز وجل لا تعد ولا تحصى ، ولكن معظمه يستحقه المؤمن بإيمانه وتوحيده واستقامته ، وإذا ذهبت لتعدد النعم التي أسبغها الله على المؤمنين فإنها نعم عظيمة لا تعد ولا تحصى .
    أيها الإخوة ، من أشقى الناس مَن كان رزقه من الله أن يكذب بآياته ، قال تعالى :

     وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) 
    ( سورة الواقعة ) .
    بعثة النبي أعظم منحة إلهية لنا ، القرآن الكريم منهج عظيم سخره الله لنا ، لذلك أيها الإخوة ، يجب أن نفهم مبدئياً أن الرب رب ، وأن العبد عبد ، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى حينما أراد أن يؤكد بشرية الأنبياء ماذا قال ؟ قال تعالى :


     وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ  .
    ( سور الفرقان : 20 )
    أي هم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام ، ومفتقرون في ثمن الطعام إلى أن يمشوا في الأسواق ، هذا شأن العبد ، مفتقر إلى الطعام والشراب ، ومفتقر إلى ثمن الطعام والشراب ، إذًا هو يعمل ، فالذي يعمل ليكسب مالاً ليشتري طعاماً ليس إلهًا .


     وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20)  .
    ( سور الفرقان )

    من معاني الرزّاق خلقُ الأرزاق بحكمة من حيث النوع والكم والوقت والتتابع :

    أيها الإخوة الكرام ، من معاني الرزاق أنه خلق الأرزاق ، كم من الدواب يذبح كل يوم على مستوى الأرض ؟ مليارات ، هذا رزق العباد ، كم من أطنان القمح ينتج كل عام ؟ بلدنا الطيب المتواضع ينتج أحيانا من محافظات شمال شرق ستة ملايين طن ، وحاجة بلدنا كله إلى مليون طن فقط ، إذًا الله عز وجل رزاق ، مَن خلق هذا القمح ليكون غذاء كاملا ؟ الله جل جلاله ، مَن جعل سوق القمح غذاء نموذجيا كاملا للدواب ؟ الله جل جلاله ، التبن الذي هو سوق القمح هذا غذاء إستراتيجي للأنعام ، من صمم القمح ليكون غذاء كاملاً ؟ عدد أنواع القمح بعشرات الألوف ، هذا القمح ينبت في الصيف والشتاء ، وفي قمم الجبال وفي الوديان والصحاري والسواحل ، وفي المنطقة الحارة والباردة ، أنواع منوعة رزقا للعباد ، الله عز وجل جعل هذا الغذاء كاملا ، من أعطى هذه الدابة القدرة على إنتاج الحليب ؟
    مما يلفت النظر أن الغدة الثديية في البقرة شيء محير ، إنها كالقبة تماماً ، فوق هذه القبة شبكة أوعية دموية كثيفة جداً ، وأن الخلية الثديية تختار من الدم حاجتها لتكوين الحليب ، قال تعالى :

     مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) 
    ( سور النحل )
    الفرث قد يكون سائلاً ، وقد يكون غازياً ، كثاني أكسيد الفحم ، وقد يكون صلباً كالروث .

     مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) 
    ( سور النحل )
    هذا الحليب الذي وهبنا الله إياه عن طريق الأنعام غذاء كامل ، ما شرب النبي عليه الصلاة والسلام من هذا الحليب شيئاً إلا قال : اللهم زدنا منه ، مشتقات الألبان غذاء أساسي للإنسان ، من صممه ؟ من خلقه ؟ الله جل جلاله .
    هذه الفواكه التي ترونها من صمم أنها تنضج خلال صيف بأكمله ، لماذا القمح ينضج في يوم واحد ؟ والفواكه تنضج على مدى الصيف ؟
    حدثني أخ كريم ضمن حقل من البطيخ قال لي : جنيت منه قدرَ تسعين سيارة ، كل يوم سيارة مملوءة على مدى ثلاثة أشهر .
    من جعل الفاكهة تنضج تِباعاً ؟ من برمج أن هذه فواكه تبدأ بالكرز ، ثم المشمش ، ثم التفاح ، ثم الأجاص ... من وزع نضج هذه الفواكه ، وجعل آخرها العنب على مدى الصيف ، تصميم من ؟ رزق من ؟
    لذلك معنى الرزاق أنه خلق الأرزاق ، لكن الذي يلفت النظر تناسب هذه الأرزاق مع بنية الإنسان ، القمح غذاء كامل للإنسان .

    حليب البقرة :

    فهذه الغدة الثديية خلية تختار هي مِن شبكة الدم الذي فوقها ما يناسبها لصنع الحليب ، أما كيف تختار ، وكيف تصنع الحليب ، هذا حتى الآن شيء غير معلوم ، لكن هذه الغدة الثديية التي على شكل قبة تأخذ حاجتها من الدم ، وترشح نقطَ من الحليب ، هذه النقاط تجتمع في ثدي البقرة ، ثدي البقرة يجمع أربعين كيلوا من الحليب ، ولئلا يتمزق هذا الثدي هناك جداران داعمان متعاكسان في ثدي البقرة ، ولكل جزء من هذا الثدي حلمة ، لو أن أربعة إخوة لهم بقرة ، كل أخ يأخذ من حلمة نصيباً متساوياً مع بقية إخوته ، قال تعالى :


     وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5)
    ( سور النحل )
    هذا معنى اسم ( الرزاق ) ، من صمم هذه البقرة ؟ إنها معمل صامت رائع ، تأكل الحشيش فتعطيك الحليب ، من صمم الدجاجة تأكل كل شيء فتعطيك البيضة ؟ من صمم هذه الفواكه والثمار؟ هذه الخضراوات ؟ من صمم المحاصيل القمح والشعير والعدس والحمص ؟ من جعل هذه المواد متوافقة أتم التوافق مع بنية الإنسان ؟ لو أن التفاحة مثلاً بقوام لا يقطع بأسنانك ماذا تفعل ؟ لو أن طعم التفاحة لا يحتمل لا تأكلها ، لو أن شكلها لا يعجبك لا تأكلها ، الشكل مناسب ، والطعم مناسب ، والقوام مناسب ، وفيها معادن ، وفيها حديد ، وفيها مغنيزيوم ، ومواد سكرية ، وحجم معتدل ، ولها قشرة تحميها من العطب ، هذا تصميم من ؟ لذلك أيها الإخوة ، قال تعالى :

     فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) 
    ( سور عبس )
    هذا أمر إلهي في القرآن الكريم ، وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، قال تعالى :

    ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) ﴾ .
    ( سور عبس )
    إذاً : التفكر في الرزق من موجبات القرآن الكريم ، لأن القاعدة الأصولية : كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، وأنت تأكل الطعام صباحاً وظهراً ومساءً تفكر ، الزبدة من مشتقات الألبان ، واللبن المصفى من مشتقات الألبان ، والجبنة من مشتقات الألبان ، والقشطة من مشتقات الألبان ، والسمن من مشتقات الألبان ، ما هذه الألبان التي أكرمنا الله بها ؟

    الأرزاق متناسبة مع بنية الجسم :

    لذلك أيها الإخوة ، مما يلفت الأنظار أن هذه الأرزاق متناسبة تناسباً رائعاً مع بنية الجسم .
    أحياناً تشتري قطعة لمركبتك ، حينما تأتي في مكانها الصحيح ، على مستوى الميليمتر معنى ذلك أن المعمل واحد ، المعمل الذي صنع السيارة هو الذي صنع هذه القطعة ، وتناسب الأرزاق بدءاً من العدس والشعير ، والقمح والحمص إلى الخضراوات إلى فواكه ، إلى الألبان إلى العسل ، تناسب هذه الأرزاق مع بنية الجسم هذا من صنع الحكيم ، وهذا يؤكد اسم ( الحكيم ) أيضا .

    كيف يكسب الناس الأرزاق ؟

    شيء آخر ، كيف تكسب هذا الرزق ؟ جعل لك معايش ، هذا معنى دقيق جداً ، فكم من إنسان في الأرض يعيش على طول الشعر ؟ ملايين ، كم من إنسان يعيش على الحر المكيفات والبرادات والثلج ؟ كم من إنسان يعيش على الحر ؟ كم من إنسان على الأرض يعيش على البرد ؟ كم من إنسان في الأرض يعيش على جهل الصغار بالتعليم والجامعات ، كم من إنسان يعيش على المرض ؟ كم من طبيب في الأرض ؟ معنى معايش أي : أسباب لكسب الرزق ، وجعلها متناسبة مع الإنسان ، ثم أعطاك وسائل كسب الرزق .
    إنّ الإنسان يتمتع بخبرة عالية ، هذه الخبرة مودعة في ذاكرته ، والإنسان يتبدل تبدلا كاملا كل خمس سنوات ، إلا دماغه وقلبه ، إذا تبدل الدماغ خسر كل خبرته ، فيقول : أنا كنت طبيبا ، لكن ثبات خلايا الدماغ مِن نعمِ الله الكبرى .

    الخبرات :

    وأحد أسباب كسب الرزق خبراتك ، والخبرات التي تملكها إما خبرات في الطب ، أو الهندسة ، أو الفيزياء ، أو الكيمياء ، أو الرياضيات ، أو الفلك ، أو في صنعة ، أو في حرفة ، أو في مهارة ، أو في شيء آخر ، فكلّ إنسان يعيش بالخبرة التي يملكها من حرفة يحترفها ، من مهنة يمتهنها ، فهي خبرات متراكمة .
    إذاً : الله عز وجل فضلاً على أنه خلق لك الأرزاق ، وجعلها متوافقة توافقا تاماً مع خلق الإنسان ، أعطاك وسائل لكسب الرزق ، كل واحد منا له عمل ، والعمل بفضل مهارات يملكها وخبرات ، هذا بالتجارة ، هذا بالصناعة ، هذا بالزراعة ، هذا بالطب ، هذا بالهندسة ، هذا بالتدريس ، هذا بالفيزياء ، بالكيمياء ، بالحقوق لحل مشكلات الناس ، كل إنسان يعيش من حرفة ، من مجموعة خبرات متراكمة يستخدمها لكسب المال ، إذاً : الله عز وجل جعل لك معايش ، والآية دقيقة :
     وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ (10) 
    ( سور الأعراف )
    يعني وسائل فعالة لكسب الرزق .

    بين فقرِ القدَر وفقرِ الكسل فقرِ الإنفاق :

    أيها الإخوة الكرام ، لكنك إذا رأيت إنساناً فقيراً فأنا لي رأي في هذا الموضوع ، هناك فقر القدر ، إنسان معه عاهة معذور عند الله ، هذا قضاء الله وقدره ، وله حكمة بالغة ، عرفها مَن عرفها ، وجهلها مَن جهلها ، لكن هناك الفقر المذموم ، وهو فقر الكسل ، هذا صاحبُه يرجئ ، ولا يتقن عمله ، بل يقصر ويغش أحياناً ، هذا الإنسان إذا كان فقيراً ففقره من خطأ يرتكبه ، إنه الكسل ، أنا أسميه فقر الكسل ، وهناك فقر الإنفاق ، فقر سيدنا الصديق حينما أنفق ماله كله ، فقال : يا أبا بكر ، ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال : أبقيت الله ورسوله ، هناك فقر القدر ، وفقر الكسل ، وفقر الإنفاق .

    أسباب الرزق :

    لكن الرزق أيها الإخوة له سببان أساسيان ، أن تأخذ في أسباب الرزق ، ثم تتوكل على الله .

    السبب الأول : الأخذ بالأسباب :

    عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .
    [ أبو داود وأحمد ]
    أن أسعى ، أن أخرج من البيت ، أن أقرأ الصحف التي فيها إعلانات لأعمال ، أن أتحرك .

    السبب الثاني: التوكُّل على الله :

    ثم أتوكل ، لذلك لما سيدنا عمر رأى أناساً يتكففون الناس في الحج فقال : << من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله >> .
    يدرس ، يجمع الخبرات ، يطرق أبواب الوزارات ، أحياناً يفتح الصحف التي فيها إعلانات عمل ، هذا هو السعي ، وبعدئذ يتوكل على الله عز وجل .
    أيها الإخوة الكرام ، لكن آية مهمة جداً تحتاج إلى شرح طويل ، هي قوله تعالى :

    وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ


     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )
    أنا متى أقول : أين المخرج ؟ حينما تكون الأبواب كلها مغلقة أبحث عن المخرج ، أحيانا كلما طرقت باباً رأيته مسدودا ، فباب الوظيفة مسدود ، وباب التجارة مسدود ، وباب الصناعة مسدود مثلاً ، فالرزق أحياناً يجعلك في حيرة من أمرك ، الأبواب كلها مغلقة ، اتق الله ، طبق منهج الله ، وانتظر أن يفتح الله لك أبواب رزقه ، هذه آية ، ولزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، والآية وعد :


    ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .
    هذا الكلام موجه للشباب ، الشاب بحاجة إلى عمل ، بحاجة إلى مسكن ، بحاجة إلى زوجة ، وقد يتوهم أحياناً أن الطرق كلها مسدودة .


     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) 
    ( سورة الطلاق )
    هذا كلام خالق الأكوان ، هذا كلام من هو طليق الإرادة ، هذه الآية وما فيها من وعد لا علاقة لها بالظروف كلها ، ظروف صعبة ، بطالة ، فرص عمل قليلة ، هذا كله كلام غير مقبول .

     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )
    ولهذه الآية وقفة متأنية إن شاء الله في لقاء قادم .

    والحمد لله رب العالمين

  8. #28

    افتراضي

    اسم الله : الرزاق(2)




     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )

    1 – الآية في معناها السياقي والمعنى العام :

    أحياناً الآية لها معنىً في سياقها ، والآية وردت في سورة الطلاق ، أي أنه من يتق الله في تطليق زوجته ، فيطلقها طلاقاً سنياً لا طلاقاً بدعياً يجعل الله له مخرجاً إلى إرجاعها ، أما إذا نزعت الآية من سياقها فلها معان لا تعد ولا تحصى .

    2 – الآية في معناها العام :

    فمن يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي .
    ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم .
    ومن يتق الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجاً من إتلاف ماله .
    ويمكن أن نتحدث عن هذه الآية ساعات وساعات ، ولكن في موضوع الرزق ، قال تعالى :

     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )
    الأمر بيد الله ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .


     وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ 
    ( سورة هود : من الآية 123 )
    فهذا الذي يستقيم على أمر الله له عند الله رزق وفير ، وهذا الكلام ينطبق على كل مسلم إلى يوم القيامة ، وهذا الوعد فوق الظروف الصعبة ، وفوق انتشار البطالة ، وفوق قلة المكاسب ، جميع الظروف الاستثنائية التي تحول بين الإنسان والرزق تعطل مع هذا الوعد الإلهي ، لكل مسلم إذا استقام على أمر الله عز وجل ، وكل إنسان يتعامل مع الله وفق هذه الآية له عند الله رزق وفير .

    ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .
    وذكرت أن الإنسان حينما يبحث عن مخرج فمعنى ذلك أن الأبواب كلها مغلقة .
    ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
    ***
    فعلاقتك مع الله في هذا الموضوع أن اتقِ الله ، " عبدي ، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ، كن لي كما أريد ، ولا تعلمني بما يصلحك ، أنت تريد ، وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك وما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد " .
    في هذا الموضوع لو أن الإنسان تعامل مع الله مباشرة فاتقى الله ، وحرص حرصاً لا حدود له على طاعته ، فالله عز وجل هو الرزاق ، يرزقه من حيث لا يحتسب ، والقصص التي تؤكد هذا المعنى كثيرة لا تعد ولا تحصى ، وهذا ليس خاصا بإنسان دون إنسان ، هذا لكل مسلم .

    سيدنا يونس في بطن الحوت قصةٌ وقانون :

    أوضح لكم هذه الحقيقة من خلال هذه الآية عن سيدنا يونس ، نبي كريم يجد نفسه فجأة في بطن حوت ، والحوت وزنه مئة وخمسون طنًّا ، خمسون طنا من لحم ، و خمسون طنا من عظم ، خمسون طنا من دهن ، يستخرج منه تسعون برميلا زيتا ، والإنسان بإمكانه أن يقف على فم الحوت بقدميه ، ووجبة الحوت المعتدلةُ أربعة أطنان ، قال تعالى :

     فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ (88) 
    ( سورة الأنبياء)
    دقق الآن ، قَلَبَ الله القصة إلى قانون ، قال تعالى :

     وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) 
    ( سورة الأنبياء)
    في كل زمان ، وفي كل مكان ، وفي كل مصر ، وفي كل قطر ، وفي كل ظرف ، إن كنت في الهواء ، أو كنت على أطباق الماء ، أو كنت تحت الثرى .


     وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) 
    ( سورة الأنبياء)

    ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

    ( سورة الأنبياء)

    سيدنا موسى وفرعون :

    هذا القرآن لنا ، هذا القرآن يبين لنا أن الله مع المؤمن ، قال تعالى :

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ﴾
    ( سورة الشعراء ) .
    احتمال النجاة صفر ، فرعون بجبروته ، بطغيانه ، بحقده ، بأسلحته ، بما يملك يتبع شرذمة قليلة ، والبحر أمامهم .

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
    ( سورة الشعراء ) .
    هذا الكلام لنا ، ينبغي ألا نيئس ، ألا نقع في الإحباط ، أن نحسن الظن بالله ، إذاً :

    ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .
    كن صادقاً ، كن أميناً ، انصح الناس ، لا تفكر أن تكسب الرزق بمعصية ، فما عند الله لا ينال بمعصيته ، ومن ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا ، وأقرب مما اتقى .


     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )
    والقصص التي تؤكد هذا المعنى والله لا تعد ولا تحصى .

    قانون التيسير :

    أيها الإخوة ، الإنسان أحياناً يشكو من التعسير ، لكن ربنا وإلهنا وخالقنا يقول :

    ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .
    الأمور ميسرة ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ، قال تعالى :

     فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّ� �ُهُ لِلْيُسْرَى(7) 
    ( سورة الليل ) .
    التيسير له قانون ، واللهُ عز وجل التعامل معه وفق قواعد ثابتة .

     فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) 
    ( سورة الليل ) .


    ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)﴾ .

    ( سورة الطلاق ) .
    تقول : لي أعمال خطيرة ، لي ذنوب كبيرة ، نقول لك :

    ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .

    ثلاث آيات في سورة الطلاق :
    الأولى :

     وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)
    ( سورة الطلاق )
    الثانية :

    ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ .
    ( سورة الطلاق ) .
    الثالثة :

    وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)
    ( سورة الطلاق ) .

    وسائل وأسباب زيادة الرزق :

    هل من وسائل ذكرها القرآن الكريم ، أو هل من أسباب بيّنها الكتاب في زيادة الرزق ، وكما تعلمون الإنسان حريص حرصاً لا حدود له على بقائه ، وعلى سلامة وجوده ، وعلى كمال وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، وعلى رزقه :

    1 – الاستقامة على أمرِ الله :

    الله عز وجل يقول :

    ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾
    ) سورة الجن ) .

    أول أسباب زيادة الرزق الاستقامة على أمر الله ، فقد يحرم المرء بعض الرزق بالمعصية .
    إن بيتا تؤدى فيه الصلوات ، ومحلا تجاريا فيه غض بصر ، فيه ضبط لسان ، فيه إقامة صلوات ، هذا البيت والمحل التجاري مرزوقان .

    ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا لنفنتهم فيه ﴾
    ) سورة الجن ) .
    أحد أكبر أسباب زيادة الرزق الاستقامة .

    ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾ .
    ( سورة فصلت ) .
    الحزن مع الإيمان بالله مستحيل ، الأمر بيده ، وهو معنا يسمع ويرى ، ويعلم ، والأمر كله بيده ، لذلك :
    كن مع الله تـر الله مع واترك الكل وحاذر طمعك
    و إذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعـك
    ***
    فتعليق الأمل بالله عز وجل ، والاستقامة على أمره أحد أسباب زيادة الرزق .

    2 – الإيمان والتقوى :

    قال تعالى :

    ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ .

    ( سورة الأعراف الآية : 96 ) .
    أحياناً تنزل أمطار ما ينزل في عام بأكمله يمكن أن ينزل في ليلة واحدة .

    ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ .

    ( سورة الأعراف الآية : 96 ) .
    مرة كنت أستمع إلى حوار صاحِبَيْ معملي تطريز ، قال له : بعنا بيعًا يخيف ، قال له : ما السبب ؟ قال : الأمطار هذا العام كانت غزيرة ، الرزق في السماء .
    أيها الإخوة ، الآن الإيمان والتقوى أحد أسباب زيادة الزرق ، وكل مؤمن حريص على أن يكون رزقه وفيراً ، هذا شيء مكنوز في أعماقك ، لذلك عليك أن تستقيم على أمر الله ، الآية الدقيقة :

     بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) 
    ( سورة الزمر )
    عليك أن تعبد الله ، وعلى الله الباقي .
    هناك معنى دقيق جداً :
     بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ 
    عليك أن تعبد الله ، والله سبحانه وتعالى يتولى أن يرزقك رزقاً وفيراً فاشكر بعدها .
     بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) 
    ( سورة الزمر )
    أنا لا أريد لإنسان يؤمن بالله أن ييئس ، أن يشعر بالإحباط ، أن يقول : الأمور صعبة جداً ، على الله ليس هناك شيء صعب ، على الله كله يسير ، ما عليك إلا أن تستقيم على أمره .

    3 – الصلاة :

    الآن أحد أسباب زيادة الرزق :

     وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132)
    ( سورة طه )


    لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) 
    ( سورة طه )
    الأب أحياناً يسأل : أتناول ابنه الطعام قبل أن ينام ؟ تقول له أمه : أكل ، هل كتب وظائفه ؟ نعم ، كتب ، وقلّما يسأل امرأته : هل صلى العشاء ؟

     وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132)
    ( سورة طه )
    البيت الذي تؤدى فيه الصلوات بيت مرزوق ، المحل الذي يصلي أفراده الصلوات الخمس محل مرزوق .

     وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132)
    ( سورة طه )
    واصطبر على أدائها .
    (( علموا ، ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف )) .
    [ الجامع الصغير عن أبي هريرة بإسناد ضعيف ]
    هذا سبب ثالث لزيادة الرزق أن تقام الصلوات في البيت وفي العمل .

    4 – الاستغفار :

    شيء آخر ، هناك رجل جاء إلى بعض العلماء يشكو له عدم الإنجاب ، قال له : استغفر الله ، إنسان آخر يشكو له من مشكلة فيما بينه وبين أهله ، قال : استغفر الله ، وإنسان سأله أن المطر لا تهطل ، فقال له : استغفر الله ، قال : عجبت لك يا إمام ، أو كلما سألك إنسان تقول له : استغفر الله ، قال : اسمع قوله تعالى :

     فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) 
    ( سورة نوح)
    هذا كلام خالق السماوات والأرض ، وزوال الكون أهون على الله من ألاّ يحقق وعوده للمؤمنين .
    أيها الإخوة الكرام ، المسلمون ينعمون في بحبوحتين ، بحبوحة اتباع سنة رسول الله وبحبوحة الاستغفار ، الدليل :

     وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33)  .
    ( سورة الأنفال)

    5 – اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام :

    معنى الآية بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى : أي يا محمد ، ما دامت سنتك مطبقة في بيوتهم ، وفي أعمالهم ، وفي كسب أموالهم ، وفي إنفاق أموالهم ، وفي حلهم وترحالهم ، وفي أفراحهم وأتراحهم ، مادامت سنتك مطبقة فيهم فأمتك في مأمن من عذاب الله ، فإذا عذبت أمة محمد عليه الصلاة والسلام فهذا دليلُ عدمِ تطبيق السنة .

     وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33)  .
    ( سورة الأنفال)
    مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعذب أمته ومنهج النبي عليه الصلاة والسلام مطبَّق فيها ، هذا المعنى يذكرنا بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
    (( يَا مُعَاذُ ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))
    [ متفق عليه عن معاذ ]
    أنشأ الله لك حقاً عليه إذا عبدته ؛ لك حق عليه ألا يعذبك ، لذلك :

     وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (18) 
    ( سورة المائدة)
    هذه دعواهم :

     قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ (18) 
    ( سورة المائدة)
    وإذا قال المسلمون : نحن أمة محمد ، يقال لهم قياساً على هذه الآية :

     قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ (18) 
    ( سورة المائدة)
    الإمام الشافعي يقول : " لو أن الله قبِل دعواهم لمّا عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه " ، فكن مع الله تر الله معك .
    أيها الإخوة الكرام ، نحن في بحبوحة أخرى :

     وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33)  .
    ( سورة الأنفال)

     وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) 
    ( سورة الأنفال)
    نحن في بحبوحتين ؛ بحبوحة طاعة رسول الله ، وبحبوحة الاستغفار .

     فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) 
    ( سورة نوح)

    6 – صلة الرحم :

    أيها الإخوة ، سبب آخر لزيادة الرزق في الحديث الشريف الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام :
    (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ـ أي في أجله ـ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
    [ البخاري ، مسلم ، أبو داود ، أحمد ]
    أحد أسباب زيادة الرزق أن تصل رحمك ، وأن تعفو عمن ظلمك ، فلذلك أنا أضع بين أيدكم قواعد من كتاب الله ومن سنة رسول الله لزيادة الرزق ، وشيء معروف عند كل الناس أن الابن إذا كان باراً بإخوته وأخواته فله رزق وفير ، وأيّ إنسان يخرج من ذاته لرعاية مَن حوله مِن أقربائه فهذه صلة للرحم .
    من السذاجة أن نتوهم أن صلة الرحم أن تطرق باب قريبك في العيد ، وتسلم عليه ، وتعود إلى بيتك ، صلة الرحم تبدأ باتصال هاتفي ، تمر بزيارة ، بتفقد الأحوال ، بمساعدة ، بدلالة على الله ، فإذا اتصلت به وزرته ، وتفقدت شؤونه وأعنته ، ثم دللته على الله فهذه هي صلة الرحم .
    وصلة الرحم ضمان اجتماعي على المستوى القرابة ، ورعاية الجار ضمان اجتماعي آخر على مستوى الجغرافيا ، فأنت لك أقرباء ، ولك جيران ، فالله عز وجل أوصاك بأقربائك ، وأوصاك بجيرانك ، وهذا النظام تضامن اجتماعي في الإسلام ، لذلك :
    (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ـ أي في أجله ـ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
    [ البخاري ، مسلم ، أبو داود ، أحمد ]

    7 – إقامة القرآن :

    أيها الإخوة الكرام ، سبب آخر لزيادة الرزق يقاس على آية ، قال تعالى :

    ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾ .
    ( سورة المائدة الآية : 66 ) .
    المسلمون القرآن ، ونقول للإخوة المسلمين : لو أن المسلمين أقاموا القرآن الكريم في بيوتهم لأكلوا مِن فوقهم ، ومِن تحت أرجلهم ، هذه آيات دالة على عظمة الله ، وهذه آيات مبشرة ، اقرأ القرآن الكريم ، وانظر إلى البشريات التي فيه لمَن استقام على أمر الله .

  9. #29

    افتراضي

    وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ

    لكن كفكرة سلبية في هذا الدرس ، قال تعالى :

     وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (188) 
    [ سورة البقرة ]
    سمّى الله مال أخيك مالك ، من زاوية واحدة ، من زاوية وجوب الحفاظ عليه ، كيف أنك تحافظ على مالك .
    للتقريب : لو أنك أعرت مركبتك لصديقك تقول له : اجعلها كأنها مركبتك ، أي : اعتني بها .

     وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ (188) 
    ( سورة البقرة )
    لا تأكل مال أخيك ، لأنه يجب أن يكون بمثابة مالك من زاوية واحدة لا من زاوية أكله ، بل من زاوية الحفاظ عليه ، لذلك كل أنواع الغش في البيع والشراء من باب أكل أموال الناس بالباطل ، كل أنواع التزوير ، الإيهام ، الاحتكار ، معاصي البيع والشراء تزيد على مئة ، كل أنواع المعاصي في البيع والشراء تحت قوله تعالى :

     وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (188) 
    ( سورة البقرة )
    إذا أوهمت المشتري أن البضاعة من مصدر معين ، وهي من مصدر آخر فهو أكلُ مالٍ بالباطل .

     وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (188) 
    ( سورة البقرة )
    أيها الأخوة ، هذا أيضاً من تماماً الاستقامة على أمر الله :

     وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ (188) 
    ( سورة البقرة )
    هناك سبعمئة ألف دعوى كيدية في قصر العدل ، كلها من أجل أكل أموال الناس بالباطل ، لو أنصف الناس لاستراح القاضي ، وبات عن خليطه راضيا .


    خاتمة :

    أيها الإخوة الكرام ، لا بد من التأكيد أن الاستقامة على أمر الله ، والإيمان بالله ، والتقوى ، وصلة الرحم ، وإقامة منهج رسول الله ، والاستغفار هذه كلها من أسباب زيادة الرزق ، وكل واحد منا حريص على زيادة رزقه ، ولكن الشيء الذي ينبغي أن يكون واضحاً جداً هو أن الله قطَع البشر عن أن يكون لهم دور في إنهاء حياة بعضهم بعضاً ، وفي رزق بعضهم بعضاً ، كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا تقرب أجلاً ، ومن ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا ، وأقرب مما اتقى ، وما عند الله لا ينال بمعصية الله ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتذل ، وأن تعصيه وتعز ، سبحانك لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، وهذه وسائل السلامة والسعادة ، وزيادة الرزق ، والله سبحانه وتعالى هو الرزاق ، ولكن للرزق له قواعد بينها القرآن الكريم ، وبينتها سنة سيد المرسلين .

    والحمد لله رب العالمين

  10. #30

    افتراضي

    اسم الله : الشاكر(1)

    1 –

    ورودُ اسم ( الشاكر ) في القرآن :

    أيها الإخوة الأكارم ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم هو : ( الشاكر ) ، فقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضعين ، الموضع الأول قوله تعالى :


     إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) 
    ( سورة البقرة)
    والموضع الثاني :


    ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ﴾ .
    ( سورة النساء ) .

    ولم يرد هذا الاسم في السنة المطهرة .

    2 – اسم ( الشاكر ) علَمٌ متضمِّن لصفات الكمال :

    وهذا الاسم يفيد المدح والثناء ، مراداً به العلمية ، دالاً على كمال الوصفية .

    حقائق بين يدَي اسم ( الشاكر ) :

    الحقيقة الأولى : الإحسان إلى المخلوق جزاءه دنيوي وأخروي :

    أيها الإخوة ، الحقيقة الأولى في هذا الموضوع :
    ما من إحسان يقدم إلى مخلوق كائناً من كان أو كائناً من كان ، ما من إحسان يقدم إلى مخلوق عاقل أو غير عاقل إلا سيكافئ الله من أحسن هذا الإحسان في الدنيا أو في الآخرة ، وما أحسن عبدٌ من مسلم أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة ، ومستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تقدِّم عملاً طيباً لأيّ جهة في الأرض ، لأيّ كائن في الأرض ، ثم لا تجد من الله مكافأة ؛ إن في الدنيا أو في الآخرة .
    أيها الإخوة الكرام ، هذه الحقيقة الأولى ، لأنك إذا تلقيت معروفاً من إنسان ، ولأنك مؤمن ، ولأنك على شيء من الكمال لا تملك إلا أن تشكره ، لا تملك إلا تبتسم له ، لا تملك إلا أن تمتن له ، لا تملك إلا أن تثني عليه ، فكيف بصاحب الكمال المطلق ؟ فكيف بخالق السماوات والأرض ؟ فكيف بالذي هو صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى .
    أيها الإخوة الكرام ، هذه أول حقيقة ، إذا أحسنت إلى مخلوق ما ، كائناً بشرياً أو حيوانا أو نباتًا فهذا الإحسان محفوظ عند الله ، تكافَأ عليه في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة ، ولا يضيع عند الله شيء .
    هذه الحقيقة الأولى لهذا الاسم العظيم .

    الحقيقة الثانية : كيف يشكرك الله عزوجل ؟

    الحقيقة الثانية ، أنت حينما يقدم إليك معروف تشكر بلسانك تقول له : شكراً ، جزاك الله خيراً ، والإله العظيم إذا قدمت إلى أحد عباده معروفاً ، تعرفه أو لا تعرفه ، عرف أو لم يعرف فإنه يشكرك .
    سيدنا عمر مرة جاءه رسول من معركة نهاوند ، وحدثه عن المعركة ، ثم قال هذا الرسول : يا أمير المؤمنين ، مات خلْقٌ كثير ، قال : مَن هم ؟ قال : إنك لا تعرفهم ، فبكى عمر ، وقال : وما ضرهم أني لا أعرفهم إذا كان الله يعرفهم .
    لا يمكن أن يضيع عند الله شيء ، مهما تصورت العمل قليلا أو صغيرا ، ومهما كانت قيمته تافهة فهو عند الله محفوظ ، وإذا أسدي إليك معروف تشكر بلسانك ، أو تمتن بقلبك ، أو تقدم له مكافأة ، أو هدية أو عمل أو تقدم له خدمة .
    هذا الإله العظيم صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى ، كيف يشكرك ؟ جاءت الآية لتبين بالتعبير المعاصر آلية الشكر ، قال تعالى :


     لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) 
    ( سورة إبراهيم ) .

    معنى الزيادة في قوله تعالى : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ

    المعنى الأول :

    الزيادة إما من نوع الذي قدمته ، قدمت مالاً ، فالله عز وجل شكره لك أن يزيد لك مالك ، قدمت له وقتاً ، شكر الله لك أن يبارك في وقتك ، قدمت له من جهدك ، شكر الله لك أن يسخّر من يقدم لك جهداً ، ومستحيل أن تفعل معروفاً دون أن ترى الجزاء .
    أيها الإخوة الكرام ، لو أخذنا المال ، إن قدمت مالاً فالله يشكرك بأن يزيد في مالك ، والآية التي تصدق على كل حالات الشكر :


     لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) 
    ( سورة إبراهيم ) .
    لذلك قال تعالى :

     مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) 

    ( سورة البقرة) .
    عبدي : (( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .
    [ ابن ماجه عن أبي هريرة ]
    (( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .
    [ الطبراني في المعجم الكبير والأوسط بسند حسن عن أبي هريرة ]

    الله يعلم المحسن ويخلف عليه مالَه :

    لكن لاحظ الإنسان لما يذهب إلى مريض ؛ دون أن يشعر هو حريص حرصاً بالغاً أن يضع بطاقة في داخل الهدية ليتأكد أنهم إذا فتحوا هذه الهدية ، ويرون مَن الذي أرسل هذه الهدية ، فأنت حريص على أن يعلم مَن قدمت له الهدية أنها منك ، فلا تكتفي أن تعطيها لابنه ، ولا تكتفي أن تضع البطاقة على ظاهر الهدية فقط فتسقط ، بل تضعها في داخل الهدية كي تتأكد أن الذي قُدِمَت له هذه الهدية عرف من أين جاءته ، والله عز وجل يقول :


     وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) 
    ( سورة البقرة)
    طمأنك الله عز وجل أنّ أيّ عمل صالح تقدمه لمخلوق كائناً مَن كان هو في علم الله ، ومع الله لا تحتاج إلى بطاقة ؛ أن هذا العمل من فلان .


     وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) 
    ( سورة البقرة)
    هذه الحالة الأولى ، أنت بحاجة إلى أن تتأكد أن هذا العمل الذي قمت به بعلم الله ، والإنسان كما قال الله عز وجل يحب المال :

     زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (14) 
    ( سورة آل عمران)
    في أصل كيانك فُطرتَ على حب المال ، والبشر جميعاً من دون استثناء يحبون المال ، لكن بعضهم يصرّح ، وبعضهم لا يصرّح ، لكن الذي لا يصرّح هو يحب المال كالذي يصرّح ، هذه جِبِلّة فينا ، ولأننا نحب المال كان إنفاق المال عملاً ثميناً ، لأنك تنفق شيئاً تحبه .
    كما تعلمون الإنسان جُبِلَ على طبع ، ومعه تكليف ، طبعه أن يأخذ المال ، والتكليف أن ينفقه ، طبعه أن يبقى نائماً ، والتكليف أن يستيقظ ، طبعه أن يملأ عينيه من محاسن النساء ، والتكليف أن يغض البصر ، طبعه أن يخوض في فضائح الناس ، والتكليف أن يسكت ، فلذلك الله عز وجل يقول لك :


     وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (39) 
    ( سورة سبأ)
    هؤلاء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ألا تكفيهم هاتان الآيتان ، الله يعلم وهو يخلف ، وما نقص مال من صدقة :
    (( يا عبدي ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .
    [ الترغيب والترهيب بسند صحيح ]
    (( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .
    [ الطبراني في الكبير والبزار عن أبي هريرة بسند صحيح ]
    (( صدقة السر تطفئ غضب الرب )) .
    [ أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس ]
    (( الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير )) .
    [ الطبراني عن أبي أمامة بسند ضعيف ]
    (( باكروا بالصدقة ، فإن البلاء لا يتخطاها )) .
    [ الجامع الصغير عن علي بإسناد ضعيف ]
    والقصص التي تروى في هذا الموضوع واللهِ لا تعد ولا تحصى ، حتى إن المؤمن ليخجل من الله .
    سيدنا عبد الرحمن بن عوف من كبار الصحابة ، كان ذا مال وفير ، مرة بلغه أنه سوف يدخل الجنة حبواً ، قال : << والله لأدخلنها رملاً ، وما عليّ إذا كنت أنفق مئة في الصباح فيؤتيني الله ألفاً في المساء ؟ >> .
    (( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .
    أنا أتمنى عليكم أن تسألوا محسنا عما حصل له بعد إنفاق المال ، يا بني ، العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، الإنسان يحرسه الله بالعلم ، لكن المال إذا أنفقته في الحسابات في الآلة الحاسبة يقلّ ، لكن برحمة الله يزيد ، فلذلك نحن قد نغفل في حياتنا حسابات البركة ، فإذا أنفق الإنسان ماله بارك الله له في ماله ، والحد المعقول أنه يرزقه رزقاً سلبياً ، ما هو الرزق السلبي ؟
    الحد الأدنى أن يحفظه من أمراض وبيلة ، من ظلم ظالم ، من مصادرات ، من مخالفات ، من بطش الأقوياء ، من تدمير ، من حريق ، من خراب ، هذا رزق سلبي ، وأحيانا الله عز وجل يبارك له في ماله ، فبمال معقول يحقق أهدافا كبيرة جداً ، هذا من مكافأة الله للمحسن ، يحفظه ، ويبارك له في ماله .
    أيها الإخوة الكرام ، هذان باعثان لإنفاق المال ، أن الله يعلم ، وأن الله يخلف على المنفق ماله ، أي : يضاعف له هذا المال أضعافاً كثيرة ، وبمكن أن تتعامل مع الله بآيات القرآن الكريم ، ويمكن أن تتعامل معه بطريقة عملية ، فإذا اقتربت منه بنفقة كافأك مكافأة كبيرة .
    والله مرة حدثني أخ توفي أحد أقربائه ، فزار أولاده ، وقال لهم : دَيْن أبيكم عليّ ، لكنه لا يعلم كم الدين ، وهذا خطأ منه ، توقعه بعشرات الألوف ، فإذا هو بمئات الألوف أقسم لي بالله أن دفع مبلغا قريبا من أربعمئة ألف ليرة ، بالتمام والكمال ، وحدثني عن قصته في صحن المسجد ، وبكى ، قال : والله بعد أيام جاءني مبلغ من صفقة لبضاعة كاسدة نصيبي من هذه الصفقة المبلغ الذي دفعته .
    أحيانا تتعامل مع الله بالتعامل اليومي :

     وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (270) 
    ( سورة البقرة)


     وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ (39) 
    ( سورة سبأ)
    هذه الحقيقة الأولى ، شكر الله لك ، الله شاكر ، إذا أنفقت من مالك يزيد لك مالك ، وما نقص مال من صدقة .
    (( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .
    (( يا عبدي ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .

    المعنى الثاني :

    المعنى الثاني أيها الإخوة ، أيّ عمل صالح اتجاه أيّ مخلوق ، كائناً من كان هو قرض لله حسن ، وهناك آية قرآنية الذي يقرأها من المؤمنين يقشعر جلده :

     مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) 
    ( سورة البقرة)
    الله عز وجل عدّ أيّ عمل صالح ، ولو اتجاه حيوان ، ولو اتجاه نبات ، سقيت نباتا ، هذا العمل يضاعف لك جزاءه أضعافاً كثيرة ، فأنت معرّض كل يوم أن تقرض الله قرضاً حسناً ، هذا معنى دقيق جداً ، الإله العظيم يقول لك : يا عبدي ، أقرضني ، اعتنِ بهذا المخلوق ، أطعم هذا الجائع ، اكسُ هذا العاري ، عالج هذا المريض ، هناك أصحاب حرف مؤمنون يقدمون جزءا من خبراتهم لوجه الله .

    أبوابُ العمل الصالح لا تعدّ ولا تُحصى :

    حدثني طبيب أسنان جاءته مريضة تحتاج إلى تقويم لأسنانها ، وهي معلمة ، ودخْلها محدود جداً ، والمبلغ فوق طاقتها ، فبعد أن اعتذرت عن متابعة المعالجة للرقم الكبير ناداها ، قال : هل تقبلين هذا التقويم هدية مني ؟ يقسم لي بالله العظيم أنه أمضى ستة أشهر وكأنه في الجنة .
    أحيانا هناك مكافأة من نوع ثانٍ ، الله يكافئك بسعادة ، بطمأنينة غير المكافأة المادية ، أنت مفطور على حب وجودك ، وعلى حب سلامة وجودك ، وعلى حب كمال وجودك ، وعلى حب استمرار وجودك .
    دققوا أيها الإخوة الكرام ، سلامة وجودك بطاعة الله ، والطاعة الاستقامة ، والاستقامة سلبية ، والاستقامة تسبقها ( ماءات ) جمع ما النافية ، ما أكلت مالاً حرامًا ، ما كذبت ، ما غششت ، كلها ( ماءات ) ، الاستقامة تحقق لك السلامة ، أما كمال الوجود فلا تكفيه الاستقامة ، يحتاج إلى بذل ، بذل من وقتك من مالك ، من خبرتك ، كمال الوجود يحتاج إلى بذل ، إلى عطاء من وقتك ، من مالك ، من خبرتك ، لذلك :

     فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) 
    ( سورة الكهف )
    أضرب مثلا لعلّي أذكره كثيراً : مجنَّد غرّ التحق بقطعة عسكرية ، القطعة جزء من لواء كبير ، أو من فرقة كبيرة على رأسها لواء أركان حرب ، هذا الجندي الغر لا يستطيع الدخول على هذا اللواء الكبير بحكم التسلسل العسكري ، هناك سبعة أمامه ، وسبعتان ، عريف أول ، و ثمانية ، وثمانيان ، ونجمة ونجمتان ، وتاج ونجمتان ، لكن هذا المجند الغر الذي التحق منذ التطوع بإمكانه أن يدخل على اللواء من دون إذنٍ إذا وجد ابنه يسبح ، وكان يغرق فألقى بنفسه في الماء وأنقذه ، فهْمكم كفاية .
    إذا خدمت إنسانا ، أطعمت جائعا ، كسوت عاريا ، لبَّيت حاجة إنسان ، أنت موظف ، جاءك مراجع من محل بعيد ، ونفقة الإقامة غالية جداً ، وجمدت أعمالك كلها وخدمته ، مستحيل أن يضيع هذا عند الله ، فلذلك صنائع المعروف تقي مصارع السوء .
    أيّ عمل تقدمه لأيّ مخلوق يعدّ قرضاً حسناً لله عز وجل :
     مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) 
    ( سورة البقرة)
    أنت معرّض كل يوم إلى تلبية حاجات الناس ، سائل سألك ، مريض استعان بك ، إنسان ضال في الطريق قال لك : أين بيت فلان ؟ وهو غريب ، فأَعَنته على الوصول إلى البيت ، والقصص والله لا تعد ولا تحصى .
    إنّ الذين تعاملوا مع الله ذاقوا من الله المكافأة ، المكافأة النفسية ، والمكافأة المادية بالعطاء ، لذلك حينما يكون الإنسان محسناً ، وتأتيه الخيرات من كل جانب هذا بسبب إحسانه ، وأنت مهمتك في الحياة أن تعبد الله ، ثم أن تشكره ، لأنك إن عبدته فسوف تأتي الخيرات من كل جانب .
     بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) 

    ( سورة الزمر )
    تنتهي مهمتك أن تعبده العبادة الصحيحة ، الصادقة ، والعبادة الصحيحة الصادقة جزء منها العمل الصالح ، والكلام الدقيق : حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .
    اسأل نفسك : ماذا قدمت للأمة ؟ إذا قدمت لها صناعة متقنة ، صار عملك عبادة ، لذلك قالوا : العمل الذي ترتزق منه إذا كان في الأصل مشروعاً ، وسلكت به الطرق المشروعة ، وابتغيت منه كفاية نفسك وأهلك ، وخدمة الناس عامة ، والمسلمين خاصة ، هذا العمل الحرفي المهني لم يشغلك عن طاعة ، ولا عن أداة صلاة ، ولا عن طلب علم ، انقلب على عبادة ، لذلك المؤمن عاداته عبادات ، والمنافق عباداته سيئات ، عباداته الخالصة ، صلاته يرائي بها ، المؤمن عاداته وأحواله المعيشية ، جاء بطعام لبيته ، أخذ أهله إلى نزهة ، تسجل عند الله عبادة ، لأن هدفه إرضاء الله عن طريق خدمة عباده ؟

    خاتمة :

    فلذلك أيها الإخوة الكرام ، أي عمل صالح يقدم لأي مخلوق كائناً من كان هو عند الله قرض حسن لله .
    إذا قال ملِكٌ ، أغنى ملوك الأرض لمواطن فقير : أقرضني مئة ليرة ، ماذا تفهم منها ؟ أراد أن يعطيه بيتاً ، بيتا كاملا ، أراد أن يكون لهذا العطاء سبب ، أقرضني مئة ليرة ، هل هذا القرض حقيقي ؟ أم أراد من هذا القرض أن يمتحن محبته ، وأن يكافئه على هذا القرض بمنزل فخم جداً هدية .
     مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (245) 
    ( سورة البقرة)
    أحياناً يكون العمل صغيرا أمامك ، تبسمتم في وجه موظف عندك ، فقط ابتسامة ، سألته عن أحواله : كيف حالك يا بني ؟
    هناك موظف عبوس قمطرير ، يدخل إلى مكتبه له هيبة وكهنوت ، وهناك مدير عام متواضع ، فإذا ابتسمت في وجه من يعمل معك ، إذا ابتسمت في وجه خادم عندك ، سألته عن صحته ، تبسمك في وجه أخيك صدقة ، أن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة ، مهما توهمت العمل صغيراً فهو عند الله كبير .
    جاء أعرابي النبيَّ عليه الصلاة والسلام ، قال : يا رسول الله ، عظني ولا تطل ، تلا عليه النبي عليه الصلاة والسلام فقرة من سورة :
     فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه  ، قال : كُفيت ، فقال عليه الصلاة والسلام : فَقُه الرجل ، أي صار فقيها ما قال : فَقِهَ ، فَقِهَ عرف الحكم ، قال فَقُه ، يعني أصبح فقيهاً .
    والحمد لله رب العالمين

 

 
صفحة 3 من 10 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30 - 1 - 2012, 02:09 AM
  2. تعال واكتشف نفسك هل تحتاج الى دكتور نفسي ولا لا؟
    بواسطة مليش غيرك يارب في المنتدى تطوير الذات
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 22 - 11 - 2011, 09:24 PM
  3. تعليم البرنامج الهندسي Sap 2000 فيديو للدكتور عاطف العراقي
    بواسطة white.bakar في المنتدى منتدى البرامج العام والشروحات المصورة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29 - 10 - 2011, 09:42 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©