دمــوع وقحـة

**~~hero~~** · 23 - 11 - 2009, 08:14 PM

وإن كنتي ناوية تسألي يعني إيه حب؟
فاسمعي بقى: الحب إحساس مش ممكن يموت، لا فيه غدر أو يعرف في يوم قيود، ولما يقول يا رب تسمع حبيبته وتلبي النداء
يحاول فهم كلماتها، وحل ألغازها.. لم تكن الأفضل على الإطلاق، لم تكن سوى "لوحة" مزيفة، رسمها فنان مجنون عرفه العالم بقسوته، وشدته، بات يرسم على أوراق الشجر شعرها، وجهها، أنفها، فمها، أنفاسها، تحرك جسدها عنوة، بين فرشاته، وسالت زيوته فوق جبينها، وجسدها الملفوف بعناقيد عنب مسموم
لم تكتفي، وظلت تبذر سمومها بين الضلوع، حفرت بسكين ماغولي في القلب صنبور، وقطعت الأوردة، واصلت، تحرق أنفاسها كل حي حوله، تخطف عيناها فؤاده، تقتله بلا خطيئة.. مزيفة وزائفة، أكذوبة لا تدوم، الموت بدونها ندالة، وهو وحده قادر على نسيانها.. في الصباح والمساء، يجد أعذارا واعتذارا واختلافا وقسوة واشتياقا، ونهاية لا تنتهي.. وخوف من الحب والظلام، وسماء مليئة بالغيوم.. وحب يملأ السماوات والأرض، حب يقتل الخوف، ويضيء الظلام، حب لا يعرف قسوتها وخوفها وسماؤها وغيومها
يوقف شريط ذكرياته، وينهى حياته وكل ما فات، سرها تعذيب وتهذيب من يحلم بها، يتهذب ويتعذب، ويصنع قلبا من حديد، لا هروب لا خداع، لا مكان لها، الصمت وحده قادرا على حرق الجميع، لم يلتفت إلى التحذيرات، حاول فقط تحقيق الأمنيات، حتى أدرك أن الحقيقة وحدها باقية.. ويقول: اصمتي واحترقي مع الذكريات، أطلقي صرخات الاستغاثة، قاتلة نعم.. وليت الضحية بوريث
الوجوم على وجهه تظهره ملامح الاستغراب، لا يدرك ما يحدث حوله، يشكك في قوته، يقسو على نفسه، تطحنه الأوهام داخل زجاجة بيرة فارغة، يتخبط في بقايا مياه عفنة، يتربص بشيطانه، ينتزع منه اعترافا خلف صلبان تختفي وراءها "مصاصة دماء" فمها ملوث بدمي ودمه
يعجز عن رؤية وجهها الملطخ بدماء مئات الضحايا على كل شبر من الأرض، تمزق قلوبهم، وتشرب دمائهم.. تنظر إليه، تستعطفه أن يقترب، يرهبها صمته، ينذرها بأن موعد قد حان، تذبحه، يسيل دمه فوق خنجرها، ويموت
هكذا تعودت أن تكون، قاتلة بلا خطيئة، خائنة بلا ندم، يجدها خلفه وأمامه، وفي عينيه، وبين ضلوعه، وفي فراشه، وأحلامه، أينما يذهب أو يرحل، تطارده حتى في مرآته، وداخل علبة سجائره
دموع وقحة تتساقط من عينيه، وعيني، تقف بقدميها على جثته، تبكي، ترجوه أن يغفر لها، تودعه في سلام، وأمان، وتختفي
تظهر من جديد.. ركن في يسار غرفة مظلمة، وستائر بيضاء ناصعة تعتلي جدرانها، ومرآة ضخمة أمامه في الجهة المقابلة.. يرى حزنا في عينيه يعرف أسبابه، تقوده الأيام إلى نفس المصير، الألم، الخيانة، الوقاحة.. نفس النظرات والأعذار والخوف والاختلاف، القسوة والاشتياق.. والنهاية