قهوتنا على الانترنت
ابحث عن :  
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    محمد الماغوط....
    صاحب "العصفور الأحدب"و"غرفة بملايين الجدران"و"الفرح ليس مهنتي"و"حزن في ضوء القمر".........
    ذاك رجل اتكأ على جدران الحياة وتوسد حجارة الوطن والتحف أحزان العرب.... فلم ينم.. ولم يعرف يوماً الأحلام الوردية..أحلامه كانت مثل حياته أسود وأسود...ظل فزعاً حتى انسل في قبره كما الطفل الجزع في حضن أمه الميتة...رسم حزن الانسان العربي بأقسى وأعذب الابتسامات.. وابتسامته الوحيدة ارتسمت على وجهه حين مات..
    طوّع الكلمات حتى صارت له إماءه اللغوية الخاصة التي لا تخدم سيداً غيره ....
    كلماته مسنونة كالخنجر وذلك سرها في أنها تصل إلى هدفها فتصيبه...
    ترى قلبه في لسانه ولا تتحير بما وراء هذا الرجل الضخم المتجمد من أساطير...
    ولد في العام 1934في عائلة تنسب للفقر كما ينسب البدوي للصحراء...وجاء إلى دمشق عام 1948متوجاً بحزنه وكآبته التي لازمته حتى الكفن...
    تعرض للسجن والتعذيب والهروب فتفجر بركان ذخيرته الشعرية سخطاً وهجاءً واحتجاجاً على كل شيء حتى على محمد الماغوط نفسه....
    أحببت أن أعرفكم على هذا العملاق الأدبي" كولومبوس الشعر الجديد " كما يقال عنه....
    ولنرى واقعنا حين يطل من عيون الماغوط...

    سأخون وطني....

    نصيحة لكل مواطن عربي يمينياً كان أم يسارياً، مع الحل السلمي أم مع الحل العسكري، إذا ما أصابه عارض صحي، ألا يراجع طبيباً مختصاً.
    كنت أردد هذا الكلام وسواه. وأنا في طريقي إلى آخر عيادة رسمية أو خاصة لم أطرق بابها بعد. وكانت كأية عيادة في العالم الثالث، أرضها مغطاة بالمرضى وجدرانها مغطاة بالشعارات، وعندما جاء دوري امتثلت على الفور بين يدي الطبيب ومعي كل الوثائق التي تثبت خطورة حالتي وقلت له: دكتور، أستحلفك بالله، بالبنسلين، بالترومايسين، وبقضية قضايانا الكبرى فلسطين، أنقذني. أذني مسدودة منذ أمد طويل. فسألني الدكتور بصوت مرتفع: منذ متى يا بني؟
    ـ لا أعرف يا دكتور، كل ما أعرفه أن قناة السويس فتحت وأذني لم تفتح.
    ـ هل أصبت بمثل هذه الحالة في صغرك، أو بالأحرى هل تحمل من طفولتك مرضاً معيناً؟
    ـ أبداً، لم أحمل من طفولتي حتى الآن سوى هموم القضية وكنت دائماً سليم الجسم والطوية، ودائم البهجة والسرور لأن الله الحبيب خلقني في هذه المنطقة الحبيبة. وكنت طوال حياتي، إذا ما طنت أذني أو التهب حلقي نتيجة الإفراط في السهر والتدخين والشراب، أعرج على أقرب صيدلية وآخذ حبة أو ملعقة شراب وينتهي الأمر عند هذا الحد، إلى أن التقيت ذات يوم بأحد أصدقائي المثقفين وأنا أهم بدخول إحدى الصيدليات لمثل هذه الغاية. فسألني باهتمام مما أشكو، فقلت له لا شيء مجرد "وشة" خفيفة في الأذن... برشامة وينتهي الأمر. فاستوقفني بحزم قائلاً: لا، راجع طبيباً مختصاً. لقد تطور الطب كثيراً في السنوات الأخيرة، وعلينا نحن المثقفين أن نؤمن بالاختصاص، ونشجع المختصين ونسهل عليهم مهمتهم. لا تقاطعني. وإذا لم تفعل بنصيحتي، لا أنت صديقي ولا أنا صديقك.
    وفي اليوم التالي راجعت طبيباً مختصاً. وفي الأسبوع التالي كان عندي من التحاليل والصور الشعاعية والوصفات الطبية ما يعادل مؤلفاتي كلها.
    لقد كان له ما أراد واستأصل لي اللوزتين. وكل ما أذكره بعد ذلك، هو أنني منذ غادرت المستشفى وقال الطبيب وهو يودعني "معافى إن شاء الله" لم أعرف طعم العافية. فبعد يومين التهبت أذني اليسرى واليمنى، والتهبت المنطقة، وصارت الوشة اثنتين. وكلما شربت قدح ماء، يعود بعد قليل ليخرج من فمي وأنفي. أما بالنسبة لانسداد الأذن فقد أصبح عندي تقليداً لا يناقش فيه. فصرت لا أسمع ما يقال ولا يفهم ما أقول. ولما كنت جليس مقاهي ومدمن مناقشات، فكنت لا تراني إلا ويدي حول صيوان أذني متسائلاً بصوت مرتفع عن كل كلمة تقال ومستفسراً عن كل رأي يطرح على طاولتي وطاولات الآخرين. ولما كانت معظم مناقشات المقاهي سياسية، فقد أخذ روادها يظنون بي الظنون، واعتقدوا أنني من إياهم، ولذلك صاروا يتهربون من أسئلتي إذا سألت، ويصمتون إذا ما دخلت.
    وكنت لا أنفك أراجع الطبيب تلو الطبيب والمستشفى تلو المستشفى دون نتيجة. لقد كانوا يتقاذفونني ككرة القدم، شعبة الأذنية حولتني إلى العينية، ومن العينية إلى العصبية، ومن العصبية حولوني إلى الداخلية، ولو تابعت الانصياع لأوامرهم لحولوني إلى الخارجية والدفاع.
    ولذلك عيل صبري وسلمت أمري لله. ورتبت أموري على أساس أن أعيش بقية عمري بأذن واحدة خاصة وأنه لم يعد في المنطقة، بشعاراتها وسياساتها وخطبائها وإذاعاتها وأخبارها وأغانيها ما يستحق أن يسمع. لكن يا دكتور، لاحظت في الآونة الأخيرة أن الضجر قد زال من النفوس وحل محله الهياج والترقب والانفعال، وحمى وطيس المناقشات من جديد في المقاهي. واستنفر الجميع حول أجهزة الإذاعة والتلفزيون، فثار فضولي خاصة وأنه صار يتناهى إلى سمعي بكثرة اسم سادات سادات ـ بيغن بيغن، فقلت: الحالة غير طبيعية ولا بد أن أنباء هامة تتواتر في المنطقة، ويجب أن أسمعها، وبأذنيّ الاثنتين، لا بأذن واحدة. فقال لي الطبيب بصوت مرتفع كعادته منذ أول المعاينة: من الأفضل ألا تسمعها؟
    فقلت له: ما الفائدة؟ إذا كنت سأعيش نتائجها
    فقال: هل قمت بتحليل للدم؟
    ـ طبعاً. انظر هذه هي التحاليل وهذه هي الأدوية وهذه هي الصور الشعاعية. انظر هذه صورة للجيوب الأنفية، وهذه صورة للرئتين، وهذه صورة للأذن الملتهبة... وهذه... لا لا هذه لا علاقة لها بالموضوع. فسألني مقطباً: ما هذه الصورة العجيبة التي تحاول إخفاءها وراء ظهرك.
    فقلت له: هذه صورة للوضع السياسي في المنطقة ولا علاقة لها بالموضوع.
    فقال وهو يحدق إلى الصور والتحاليل: من الواضح أن في أذنك سوائل تؤدي إلى انسدادها. ماء أو زلال أو ما شابه.
    فقلت له: حتى ولو كان فيها بترول يجب أن تفتح.
    فقال بعصبية: يا بني أذنك بحاجة إلى عملية جراحية.
    فقلت له: وأنا أستلقي بثيابي على طاولة العمليات: إنني جاهز، هات أمواسك ومشارطك.
    قال: انهض لا يوجد عندي مخدر.
    قلت: لا داعي لذلك، إنني مخدر منذ عام 1948.


    سنكمل بعد الفاصل.....مع خيانة جديدة

  2. افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    نقل مميز يا طيف بارك الله فيكى موضوع فعلا مميززز

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    مشكورة منون لمرورك وتسلمى

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    من مسرحية (خارج السرب) 1999
    محمد الماغوط......


    في نهاية المسرحية يقول عاطف مُستخدَم المسرح : بطل المسرحية

    معقولة جولييت وهم؟ وروميو وهم؟ وشكسبير وهم؟
    والحب والصداقة والزمالة ورفقة المسرح والسفر والمدرسة والطفولة والمعتقلات وهم؟
    وثورة الفكر والفن والعلوم، والفلسفة والفلك والرياضيات، والثورة الروسية والثورة الفرنسية وثورة سبارتاكوس وهم؟
    وموسيقى بيتهوفن، وأوبرا فاغنر وقصائد لوركا وأراغون وعيون إلزا وهم؟

    والتراث والمعاصرة والمتنبي والمنفلوطي، ويوسف وهبي ويوسف الخال ومجلة شعر، والناقد والآداب والأديب، والمعارك الأدبية وهدير المطابع وهم؟
    والتاريخ والجغرافيا وجبال الصوان، وبعلبك أنا شمعة على دراجك، وياحرية يا طفلة وحشية، وشوارع القدس العتيقة والحديثة وفيروز والرحابنة وأطفال الحجارة وكهول الحجارة وأزهار غوغان، وسنابل فان كوخ وملائكة روفائيل، والربيع الخريف وكل الفصول والحضارات والفنون والأطفال والعصافير والفراشات بهالعالم وهم؟
    وما عاد فيه حقيقة بهالعالم غير اسرائيل والبترول؟
    أكيد هي مؤامرة ليجننوني مسرحياً وعاطفياً واقتصادياً، بس أنا ما راح جن، بجنن بلد، لأني أنا مو وهم.. أنا حقيقة وهي إيدي، وهي رجلي، وهادا كتفي، وهادا انفي، وهادا راسي ومؤمن عليه كمان.

    وهادا مسرح، وهادا شباك تذاكر، وهَي مكنسة وهاد صرصور وهادا وطن.

    يحدّه من الشرق البحر الأبيض المتوسط وجزيرة قبرص وجزيرة مالطا، ومن الغرب المحيط الهندي ومضيق هرمز والطنب الكبرى والطنب الصغرى
    ومن الجنوب تركيا والبحر الأسود وبحر قزوين ومضيق البوسفور ومضيق الدردنيل
    ومن الشمال كينيا ونيجريا ومنابع نهر النيل ومضيق جبل طارق وبقية افريقيا
    وفوق بالسما.. القمر العربي عربسات عم يراقب الرايح والجاي، وتحت الأرض سجون ومعتقلات وزنزانات فردية وجماعية، وغير ذلك من البنى التحتية المعروفة من المحيط إلى الخليج، وكلها من الباطون والاسمنت المسلح، وبواب وشبابيك حديد ما بتمر منها البرغشة، فـ... وين بدها تطير اسرائيل؟ وين؟
    (وينتصب على قدميه شامخاً باسماً مرفوع الرأس كجندي نازي في ذروة انتصاراته)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    نص الفراشة
    من كتاب (سأخون وطني - هذيان في الرعب والحرية) 1987



    مواطن عربي قتل في إحدى المظاهرات الشعبية إبان الحماسة الوطنية التي اجتاحت المنطقة بعد الاستقلال. يشتاق وهو إلى جوار ربه إلى زوجته وأطفاله وبلاده. فترفرف روحه من الشوق والفضول في كبد السماء، ويجري الحوار التالي مع زوجته التي كادت أن تنساه
    الزوج: كيف الصحة والأولاد والجيران؟
    الزوجة: بخير. وأنت؟
    الزوج: وهل هناك أروع من أن يموت الإنسان في سبيل بلاده ومبادئه. ولكن فراقكم أدمى قلبي أكثر من جراحي
    الزوجة: وماذا نقول نحن. آه لو تعرف ماذا فعلت خالتك أم حمود، وماذا قالت عمتك أم حميدان عندما أذيع نبأ موتك
    الزوج: لاأريد أن أستنفد المكالمة في أخبار شخصية. أريد أن أسأل عن القضايا الكبرى التي قضيت من أجلها. طمنيني: ما أخبار حركة التحرر العربي؟
    الزوجة: عال
    الزوج: وحركة عدم الانحياز؟
    الزوجة: ممتازة
    الزوج: والحرية في الوطن العربي؟
    الزوجة: بتبوس إيدك
    الزوج: والسجون؟
    الزوجة: فارغة
    الزوج: عظيم. عظيم. لأن حلمي الكبير كان الاستفادة من تلك القاعات الرهيبة بعد إخلائها، إما كمسارح لرقص الباليه، أو معاهد لتطوير الموسيقا الشرقية. فبماذا تستغلونها الآن؟
    الزوجة: ما زلنا حائرين بين الباليه والموسيقا
    الزوج: عظيم. عظيم. وبرامج الإصلاح الزراعي هل اكتملت؟
    الزوجة: إلى حد كبير
    الزوج: إذاً، أصبح كل شيء متوفراً ورخيص الثمن بالنسبة للطبقة الكادحة
    الزوجة: طبعاً وخاصة الفاكهة
    الزوج: رائع. رائع. ولكن حذار، لا تكثروا من التفاح. فهو يسبب (الكتام). ولا تسرفوا في التهام الموز على الطالع والنازل فهو يزيد نسبة النشويات ويشوه أجسام العمال العرب ويعوقهم عن أداء واجبهم
    الزوجة: اطمئن من هذه الناحية
    الزوج: وبالنسبة للمشاريع الاقتصادية الكبرى؟
    الزوجة: كالمطر. ونحن الآن نقطف ثمارها
    الزوج: إذاً، فالأموال العربية لعبت دورها كما يجب. فنحن أغنياء كما أذكر
    الزوجة: بل من أغنى أهل الأرض. ولولا هذه الاموال لانهار الاقتصاد البريطاني والأميركي، منذ سنوات
    الزوج: (بعد تفكير) على كلٍ، ما دامت هذه الاموال فائضة عن حاجة الوطن العربي، بعد أن قضى على الفقر والجهل والأمية والبطالة، فلا مانع من مساعدة الغير. إنها من شيم العرب كما تعرفين
    الزوجة: هل تريد شيئاً آخر؟
    الزوج: ما أخبار فلسطين؟
    الزوجة: ارفع صوتك إنني لا أسمع
    الزوج: لا أستطيع ذلك. وإلا استيقظت أرواح الشهداء العرب من حولي
    الزوجة: معك حق. وأنا تعبت والطبخة على النار. ماذا تأكلون عندكم؟
    الزوج: لا تغيري الموضوع. ما أخبار فلسطين؟
    الزوجة: ولو، وهل هذا سؤال يُسأل بعد هذه السنين؟
    الزوج: أعرف ذلك. ولكنني ما زلت قلقاً على اليهود. لا تلقوهم في البحر. خيّروهم بين العيش بيننا بسلام أو العودة إلى بلدانهم الأصلية
    الزوجة: تكرم
    الزوج: ولا تقسوا عليهم أثناء التسفير، فالعفو عند المقدرة، لأن العرب كما تعلمين أثناء الفتح الإسلامي وأثناء حروبهم مع الفرس والروم كانوا...........................
    أحد الجيران: ولــَـك سد بوزك العمى شو أجدب

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط



    الجاحظ


    العربي الأول: صباح الخير

    العربي الثاني: صباح لبنان،والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وروافد نهر الأردن، واتفاقية سيناء، وكامب ديفيد، وعقد الإذعان، ومؤتمرات القمة، وخلافات المقاومة، وحرب الخليج، ومجازر صبرا وشاتيلا، ومجازر طرابلس، وقوانين الطوارئ والأحكام العرفية. يا قليل الذوق والتهذيب.

    الأول: ماذا فعلت حتى تثور كل هذه الثورة وترفع عليَّ حذاءك؟

    الثاني: عربي ويقال له صباح الخير!

    الأول: ماذا يقال له إذاً؟

    الثاني: يقال له: صباح الجلطة، صباح الديسك، صباح الشلل النصفي..
    الأول: آسف.
    الثاني: قلها مرة ثانية وسأشكوك إلى الشرطة،إلى محكمة القيم.
    الأول: لم أكن أقصد استفزازك أبداً.
    الثاني: ثم ما هذه الخدوش التي في وجهك؟
    الأول: مناقشة عائلية بسيطة. وأنت، ما هذه الهضبة التي في رأسك؟
    الثاني: ضربتني زوجتي بالطنجرة.
    الأول: طنجرة عادية؟
    الثاني: ألومنيوم.
    الأول: لا. نحن أرقى منكم.أنا ضربتني زوجتي بطنجرة بخار.
    الثاني: ولذلك قد يصفر رأسك في أية لحظة عندما تنضج آلامك.
    الأول: هل هذه نكتة؟
    الثاني: نعم.
    الأول:عجيب.
    الثاني: ولكنها نكتة ملتزمة، لا يضحك لها المواطن فوراً كالنكتة البورجوازية العفنة. ولكن فيما بعد، بعد شهر أو شهرين، لأن القيمة الجدلية للنكتة...
    الأول: وهل عندكم الكثير من هذه النكات الملتزمة؟
    الثاني: مجموعة لا بأس بها . وبمجرد أن تقرها اللجنة المركزية، والمكتب السياسي واللجان الشعبية في الأقاليم ويجربها المسؤولون شخصياً في بيوتهم، سوف تطرح على الجماهير في أحد أعيادها القومية.
    الأول: كان الله في عون هذه الجماهير.
    الثاني: تحيا الجماهير
    الأول:تحيا .
    الثاني: يعيش الشعب العربي يا..
    الأول: يعيش . يعيش . يعيش.
    الثاني: تسقط الأحلاف الاستعمارية تا...
    الأول: أرجوك . دعنا من هذا الحديث، فربما سمعتنا المخابرات.
    الثاني: اطمئن. أنا نفسي مخابرات . كيف أبدو؟
    الأول: سبحان الخالق . ولكن في هذه الساعة المتأخرة من الليل، والشوارع مقفرة، والناس كلهم نيام، من تراقب؟ بزوغ الشمس من الناحية الأمنية!
    الثاني: بزوغ أي شيء . وإذا لم أجد ما أراقبه ، أراقب نفسي.
    الأول: هذه حال لم أسمع بها من قبل.
    الثاني: بل هناك حالات كثيرة مشابهة . أنا مثلاً أعرف صحفياً إذا لم يجد جهة يقبض منها يقبض من نفسه.
    ومطربة تغني أمام المرآة لنفسها وتصرخ بحماس: ما صار . ما صار .
    وبرلمانياً سابقاً يخرج من دورة المياه ويقول: انتهت الجلسة .
    الأول: يبدو لي أن أعصابك في غاية الإرهاق .
    الثاني: ثلاث ليال لم أعرف طعم النوم .
    الأول: من تراقب؟
    الثاني: لا أعرف .
    الأول: لمَ لم تذهب إذاً إلى بيتك وتنام مع زوجتك وأطفالك؟
    الثاني: لا أستطيع لأنني أنا أيضاً مراقب.
    الأول: يا له من عالم عجيب .
    الثاني: نعم يا صديقي، فعندنا لا بد من مخابرات تراقب المخابرات .
    ومن طالب لمراقبة الطلاب .
    ومن كاتب لمراقبة الكتّاب .
    ومن سائق لمراقبة الركاب .
    ومن سكّير لمراقبة السكارى .
    ومن قاضٍ لمراقبة القضاة .
    ومن مهندس لمراقبة المهندسين .
    ومن حرفي لمراقبة الحرفيين.
    ومن فنان لمراقبة الفنانين .
    ومن صحفي لمراقبة الصحفيين .
    ومن رياضي لمراقبة الرياضيين .
    ومن مسافر لمراقبة المسافرين .
    ومن سجين لمراقبة المساجين .
    ومن يميني لمراقبة اليمينيين .
    ومن يساري لمراقبة اليساريين .
    ومن ناصري لمراقبة الناصريين .
    ومن وحدوي لمراقبة الوحدويين .
    ومن وافد لمراقبة الوافدين .
    ومن فدائي لمراقبة الفدائيين .
    ومن متفائل لمراقبة المتفائلين .
    ومن يائس لمراقبة اليائسين.
    ومن متحضر لمراقبة المتحضرين.
    بمنعى أن السلطة تراقب الشعب، والشعب يراقب السلطة .
    الأول: وإسرائيل تراقب الجميع!

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    8 - 11 - 2007
    ساكن في
    فى بيت باباتى وماماتى
    العمر
    39
    المشاركات
    1,087
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    بجد موضوع هايل ومجهود جميل جدا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MaRiYoMa مشاهدة المشاركة
    بجد موضوع هايل ومجهود جميل جدا
    مشكورة جدا مريومة لمرورك واهتمامك

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    المواطن والكلب
    ........................

    كان المثقف العربي غارقاً في بث همومه ومكنونات صدره للكلب الصغير المتثاقل ترفاً واسترخاء في احدى سيارات السلك الديبلوماسي الأجنبي وسط تجمع المارة وسخريتهم، عندما أقدم أحد رجال الشرطة مسرعاً بمسدسه وهراوته وأصفاده وغيرها من عدة الديموقراطية العربية.

    المثقف: سنتابع حديثنا فيما بعد.

    الكلب: لم يرتجف صوتك وتصطك ركبتاك؟

    المثقف: لقد جاء الشرطي؟

    الكلب: وإن جاء، ما علاقته بك أو بسواك؟

    المثقف: إذا لم تفهموا هذه العلاقة حتى الآن فلن تفهموا ما يجري في منطقتنا أبداً.

    الكلب: أنا لا أخاف من حلف الأطلسي.

    المثقف: لأن حلف الأطلسي قد يراجع بشأنك إذا ما تعرضت لمكروه.

    الكلب: أليس لك أهل وأصدقاء يراجعون بشأنك؟

    المثقف: طبعاً. ولكن المشكلة أن الذين سيراجعون بشأني سيصبحون هم اوتوماتيكيا بحاجة إلى من يراجع بشأنهم. الآن وصل الشرطي. أرجوك أن تتصرف وكأنك لا تعرفني.

    الشرطي: ما هذا التجمع وسط الشارع؟

    المثقف: الا تسمعون؟ ممنوع التجمع إلا لرجال الأمن.

    الشرطي: هيا . كل في حال سبيله.

    المثقف: مواطن يتحدث إلى كلب، هل هي فرجة؟

    الشرطي: بل جريمة.

    المثقف: قبل أن ترفع هذه العصا يجب أن تعرف، وأنت رجل القانون، لا يوجد في أي عرف أو دستور أو بيان وزاري ما يمنع المواطن من التحدث إلى كلب؟

    الشرطي: من ندرة الاشخاص والمنابر والمتفقهين من حولك حتى تتحدث بما تعانيه إلى هذا المخلوق المنفر الغريب؟

    المثقف: ولمن أتحدث يا سيدي.
    الكتاب مشغولون بالجمعيات السكنية.
    والفنانون بالمسلسلات الخليجية.
    والمعلمون بالامتحانات.
    والطلاب بمعاكسة الفتيات.
    والتجار باحصاء الارباح.
    والفقراء بغلاء الأسعار.
    والمسؤولون بالخطابات.

    الشرطي: عمّ كنتما تتحدثان؟

    المثقف: موضوعات عامة. كنا نتحدث عن الحب.

    الشرطي: كذاب. لا أحد يحب أحداً.

    المثقف: عن الصداقة.

    الشرطي: أيضاً كذاب. لا أحد يثق بأحد.

    المثقف: عن الصحافة العربية.

    الشرطي: لا أحد يقرأها.

    المثقف: عن الاذاعات.

    الشرطي: لا أحد يسمعها.

    المثقف: عن الإنتصارات.

    الشرطي: لا أحد يصدقها.

    المثقف: عن المقاومة الفلسطينية.

    الشرطي: لا أحد يحس بوجودها.

    المثقف: عن حرب الخليج.

    الشرطي: لا أحد يبالي بها.

    المثقف: عن الزراعة.

    الشرطي: لا أحد يزرع شيئاً. كل طعامنا صار معلبات. عمّ كنتما تتحدثان للمرة الأخيرة؟

    المثقف: بصراحة، كنت احدثه عن قضية الصراع العربي - الإسرائيلي من الألف إلى الباء.
    الشرطي: ياللفضيحة. تتحدث عن أهم قضية عربية إلى كلب وأجنبي أيضاً.

    المثقف: لا تحمل الموضوع أكثر مما يحتمل. اعتبره تتمة للحوار العربي - الاوروبي.

    الشرطي: ولماذا كنت تطلعه على صحفنا المحلية.

    المثقف: كنت أتلو عليه احدى الافتتاحيات.

    الشرطي: وكيف كان تعقيبه عليها؟

    المثقف: لقد عوى.

    الشرطي: كلب متواطىء.

    المثقف: لماذا تتحدث عنه بكل هذه الضعة والاستصغار يا سيدي؟ صحيح أنه كلب صغير بحجم قبضة اليد ولكن انظر إليه كيف يبدو وادعاً مطمئناً، وواثقاً من كل شيء، يعرف متى يأكل ومتى يشرب ومتى يخرج إلى النزهة ومتى يعود منها، ومتى ينام ومتى يستيقظ. باختصار: كلب صغير يعرف مصيره ورجل طويل عريض لا يعرف مصيره. آه يا سيدي الشرطي.



    أنا الإنسان العربي، لو كان لي حقوق كلب فرنسي أو جرو بريطاني لصنعت المعجزات بقلمي البائس ودفتري المهترىء هذا. هل سمعت بإلياذة هوميروس؟

    الشرطي: لا.

    المثقف: بالأوديسة؟

    الشرطي: لا.

    المثقف: بملحمة غلغامش؟

    الشرطي: لا.

    المثقف: بالكوميديا الإلهية لدانتي؟

    الشرطي: لا.

    المثقف: بمسرحية فوست لغوته؟

    الشرطي: لا.

    المثقف: إذن بماذا سمعت؟

    الشرطي: منذ غزو لبنان لم أسمع إلا أغنية "صيدلي يا صيدلي".

    المثقف: إذن: هل تسمح لي بأن أعوي معه قليلاً.

    الشرطي: لا هيّا أمامي.

    المثقف: لن أمشي في الشارع هكذا.

    الشرطي: ماذا تريد؟ موكباً رسمياً!

    المثقف: أريد طوقاً حول عنقي فقد أهرب. كمّامة على فمي فقد أعض.

    الشرطي: من ستعض يا هذا؟

    المثقف: قد أعض الأرصفة. البنوك. الجماهير. اليمين. اليسار. الشرق. الغرب. الجنوب.
    الشمال. اخفض مسدسك يا سيدي ولا تصدق ما أقول ففي النتيجة لن أعض إلا لساني على قارعة الطريق، أو أصابعي حتى يتصل الناب بالناب لأنني آمنت بشيء ما في يوم من الأيام. أليس كذلك يا سيدي الشرطي؟

    الشرطي: أرجوك لا تضربني على الوتر الحساس وإلا تركت عملي وانضممت إلى المحادثات معكما.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط

    لمبتدأ والخبر


    بعد أن أتى الجراد السياسي في الوطن العربي على الحاضر والمستقبل، يبدو أنه الآن قد التفت إلى الماضي، وذلك حتى لا يجد الإنسان العربي ما يسند ظهره إليه في مواجهة الأخطار المحيطة به سوى مسند الكرسي الذي يجلس عليه، بدليل هذا الحنو المفاجيء على لغتنا العربية، وهذه المناحة اليومية في معظم صحف واذاعات المنطقة، على ما أصاب قواعدها من تخريب وما يتعرض له صرفها ونحوها من عبث واستهتار، حتى لم يعد احدنا يعرف كيف يقرأ رسالة أو يدوّن رقم هاتف.

    ومع احترامنا لكل حرف في لغتنا، ومع تقديرنا لجميع ظروف الزمان والمكان في كل جملة ومرحلة في الوطن العربي لا بد أن نسأل:
    ما الفائدة من الاسم إذا كان صحيحا... والوطن نفسه معتلاً؟
    أو اذا كانت هذه الجملة أو تلك مبنية على الضم أو الفتح ... والمستوطنات الاسرائيلية مبنية أمام أعيننا على جثث التلاميذ والمدرسين الفلسطينيين.
    ثم، لم وجدت اللغة أصلاً في تاريخ أي أمة؟ أليس من أجل الحوار والتفاهم بين أفرادها وجماعاتها؟
    فأين مثل هذا الحوار الآن فيما بيننا؟
    هل هناك حوار مثلا بين التاجر والزبون؟
    بين العامل ورب العمل؟
    بين المالك والمستأجر؟
    بين الراكب والسائق؟
    بين المحقق والمتهم؟
    بين الابن والأب؟
    أو بين الزوج والزوجة؟
    أيضاً لم تعد هناك حاجة لأن تسأل عن أي شيء، أو تجيب على أي شيء. فالأسعار، مثلا في السينما، مكتوبة في كل بطاقة، وفي المستشفى، فوق كل سرير. وفي المطعم، في كل فاتورة، وكل ما حول المواطن العربي أصبح سعره واضحاً ومعروفاً ومكتوباً على جميع جوانبه، من الألبسة والأحذية والفاكهة والخضروات والبيوت والبارات والمزارع والعقارات إلى الرياضيين والمطربين والكتاب والصحفيين. ولم يبق إلا أن يكتب على الشعوب سعرها ومنشؤها ومدى صلاحيتها للاستعمال.
    والأهم من كل هذا وذاك: هل هناك حوار بين السلطة والشعب في أي زمان ومكان في هذا الشرق؟
    فأي مسؤول انكليزي، مثلاُ، عندما يختلف في الرأي مع أي كان في محاضرة أو مناقشة في بلده يأتي بحجة من شكسبير لاقناع مستمعيه.
    والايطالي يأتي بحجة من دانتي.
    والفرنسي يأتي بحجة من فولتير.
    والألماني يأتي بحجة من نيتشة.
    أما أي مسؤول عربي فلو اختلف معه حول عنوان قصيدة لأتاك بدبابة فتفضل وناقشها.
    ولذا صار فم الإنسان العربي مجرد قنّ لايواء اللسان والأسنان لا أكثر. وفي مثل هذه الأحوال:
    ماذا يفعل حرف الجر المسكين أمام حاملة طائرات مثلاً؟
    أو الفتحة والضمة أمام مدفع مرتد يتسع لمجمع لغوي؟
    وما دام الحوار الوحيد المسموح به في معظم أرجاء الوطن العربي هو حوار العين والمخرز فلن ترتفع إلا الأسعار.
    ولن تنصب إلا المشانق.
    ولن تضم إلا الأراضي المحتلة.
    ولن تجر إلا الشعوب.
    لذلك كلما قرأت أو سمعت هذا أو ذاك من الشعراء والصحافيين أو المذيعين العرب "يجعجع" عن الديموقراطية والعدالة والحرية، وينتصر على الصهيونية ويقضي على التخلف، ويتوعد هذا ويهدد ذاك، وهو جالس في مقهاه، أو وراء مذياعه، لا أتمنى سوى تأميم اللغة العربية من المحيط إلى الخليج وتكويمها في بيدر أو ساحة عامة في قلب الوطن العربي، وتكليف موظف مختص وراء أذنه قلم وأمامه سجل بجميع الكتاب والشعراء والأدباء العرب وينادي عليهم بأسمائهم ويسألهم فرداً فرداً:
    - أنت أيها الشاعر التقليدي كم كلمة من أمثال: رماح، رمال، جراح، بطاح، تريد؟ تفضل مع السلامة.
    - وأنت أيها الشاعر الحديث، كم كلمة من أمثال: تجاوز، تخطي ابداع، تأنس، تريد؟ تفضل مع السلامة.
    - وانت أيها المذيع العصبي، كم كلمة من أمثال: " في الواقع "، " في الحقيقة "، و"جدلية" ، و"شمولية"، و" نظرة موضوعية " و" قفزة نوعية " ، تريد؟ تفضل مع ألف سلامة.
    - وأنت أيها المناضل والمتطرف والمتفرغ لكل محاضرة وندوة ومناسبة، كم كلمة من أمثال: دم، دماء، استعمار، امبريالية، شعوب، "وحدة الشعوب "، " وحدة المصير "، كوبا، نيكاراغوا، وكم مناقصة فوقها تريد؟ تفضل ومع ألف سلامة.
    فقبل احترام اللغة يجب احترام الانسان الذي ينطق بها.

 

 
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أحلى لعبة مجانية مضغوطة
    بواسطة يوايما في المنتدى منتدى البرامج العام والشروحات المصورة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29 - 7 - 2012, 09:05 PM
  2. نغمة جوال للغوالي
    بواسطة الهمشري القائد في المنتدى منتدى النغمات الحقيقة وفديوهات الموبايل
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2 - 12 - 2011, 03:54 PM
  3. برنامج لاصلاح الملفات المضغوطه.....................؟مجرب 100\100
    بواسطة المبدع في المنتدى منتدى برامج الانترنت
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19 - 11 - 2011, 02:00 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©