الحلقه الثانيه عـــــــــشر
بقلم\يمنى حسن حافظ
أشرق الصباح حاملا معه الكثير والكثير من الاحداث......
فكم من منتظر لهذا الغد........وكم من كان يتمنى الا يأتى ؟؟
استيقظت هدير على الم شديد فى يدها اليسرى ....كانت قد نست تماما هذا الجرح...ولكن الالم ذكرها بوجوده....ومعه تذكرت ما حدث بكلية البنات...مره اخرى هاجمتها المشاهد السيئه...والمشاعر الكئيبه...
هزت راسها ونهضت من فراشها والتقطت بعض الحبوب من شريط الدواء المسكن والمضاد الحيوى الذى وصفه لها الطبيب الذى خاط جرح يدها ...وخرجت من حجرتها لتجد صينية الافطار فوق المنضده....فرشفت من كوب اللبن وقضمت من الشطيره قضمتين وتبعتهما باقراص الدواء...وظلت جالسة على المنضده تفكر...هل تذهب اليوم للجامعه..ام تقضى اليوم فى المنزل لترتاح؟؟
سمعت صوت والدتها يخرجها من افكارها حين خرجت من حجرتها مرتديه كامل ملابسها..وفى يدها حقيبتها وقالت : استيقظتى حبيبتى ؟؟
والغريب فى الامر ان والدها هو الاخر خرج من حجرته وانه لم يذهب لعمله بعد رغم ان الساعه جاوزت الثامنه والنصف...
تعجبت "هدير" وقالت لوالدتها :نعم يا امى ...ماذا حدث؟؟ الى اين تذهبين مبكراً هكذا؟ ؟
والتفتت لوالدها وقالت:ابى...لم لم تذهب لعملك حتى الان؟؟
ثم تحسست يدها المصابه وقالت بتوجس:ماذا...ماذا حدث ؟؟اكل شئ بخير؟؟
اخبرها والدها بما حدث ليلة الامس وانهم سيذهبوا ليكونوا بجواراقاربهم فى تلك الازمه الشديده...
وكأنها لا تسمع...وكانها لم تستيقظ بعد...هزت رأسها واغلقت عينيها وأخذت نفساً عميقا ثم قالت:لا حول ولا قوة الا بالله....لا أصدق؟؟ ماذا يحدث؟؟
ربتت والدتها على كتفها ثم قبلتها قبله حانيه وقالت : ارتاحى يا حبيبتى ...ولا تقلقى ان تأخرنا فى العوده ...
ولكن هدير قررت ان تذهب للكليه...فماذا ستفعل فى المنزل الفارغ؟؟ ترتاح؟؟ ومن اين الراحه بعد هذه الاحداث المتواليه؟؟
فقالت :سأذهب للجامعه اليوم فلا اريد ان اضيع محاضرات اول الاسبوع يا امى...
هزت والدتها راسها وقالت :كما تشاءين حبيبتى ولكن انتبهى لنفسك
قال والدها : طمئنينا عليك بالهاتف...هيا السلام عليكم
وخرج كل منهم واغلقا باب المنزل ..ودخلت "هدير" ترتدى ملا بسها فى سرعة وتحضر اوراقها وتسرع بالخروج من المنزل هى ايضاً....
واثناء هبوطها للدرج قابلتها "نوران" الذاهبه هى الاخرى الى كليتها..برفقة "ندى" شقيقتها الكبرى ..ومعهن الشقيقتين الصغيرتين لتوصيلهما لمدرستهما.....
فأخبرت "هدير" "نوران" بالحادث الذى جعل "حاتم" يقضى الليل فى المستشفى بجوار "سامح"
وبعد كلمات الاطمئنان من "ندى" "ونوران"..وقبلات وضحكات ذهب كل منهن الى وجهته....
وصلت "هدير"الى الجامعه ....وكأنها قضت اياما وشهورا بعيده عن ساحة الجامعه...فقد كانت كل المناظر التى تقع عليها عينيها...غريبه....صادمه....منت� �ده...
شعرت ان حتى مساحه الكليه اختلفت....وان الطلبه زاد عددهم....كانت كالطفل الصغير الذى يتعلم الخطوات لاول مره....تخطو خطوة.بقلق.. تتبعها بخطوه بحذر.....
تتعجب لهذه الاصوات العاليه ....والصخب الشديد...وصوت الضحكات...والتعليقات المازحه بين الطلبه والطالبات...
توجهت لمكان جلستها مع زميلاتها...وكالعاده كانت هى اول الحاضرات...فجلست على المقعد تحت الشجره الكبيره واخرجت باقى شطيرتها لتكمل افطارها ...وقبل ان تقضم منها سمعت صوت يمازحها وقول:ال ياكل لوحده يزور....يا "هدير"
انتفضت....والتفتت فقد كان هذا صوت "باسم" الذى جاء باحثا عنها ..وقف خلفها مباشرةً وبيده امسك الجيتار الخاص به ...وعلى راسه رفع نظارته الشمسيه...
وقفت ...والتقطت حقيبتها بسرعه وهمت بالابتعاد الا انه وقف امامها مباشرة...
وقال وهو ينظر فى عينيها بحب ووله :وحشتينى....سلامتك..
ارتبكت وارتجفت...وابتلعت لعابها بصعوبه وقالت بصوت يكاد لا يظهر :"باسم"؟؟؟
قال وقد مال براسه الى اليمين وبابتسامته الساحره التى اسرتها منذ شهور:باقولك وحشتينى...!!
اخذت نفساً عميقا واستجمعت شجاعتها وتذكرت كلمات "حاتم" ووعدها له..
فقالت ببعض القوه: من فضلك....اعتقد ان "ساره" ابلغتك برسالتى...!!
انزل النظاره الشمسيه من فوق راسه وارتداها ونظر اليها من خلف زجاجها وقال:اها...ثم؟؟
قالت له:ثم ماذا؟؟ لا استطيع ان اقف واتحدث معك يا باسم...ان كنت تخاف على حقا ارجوك ..
قال بصوت يشبه الهمس:اخاف عليك؟؟ انا احبك...واتمنى لو خبئتك بين ضلوعى ولوتـــ......
قاطعته قائله :من فضلك....لا اريد ان اسمع هذا الكلام....باسم افهمنى...لن استطيع ان اجلس معك او ان احدثك او ان نتحدث فى الهاتف....ولا ان افعل كل ما كان يحدث من قبل ...
وان كان لنا نصيب سويا...فمنزل اهلى جاهز لاستقبالك..و صعب ان يحدث غير ذلك...
هز راسه وقال :ماذا تقولين؟؟ اقول لك احبك...اريد التحدث معك...لدى كثير من الكلام يا هدير...احتاج لان اتحدث معك حقاً...
وضعت "هدير" يدها على فمها وكانها تمنع الكلمات من ان تخرج من بين شفتيها ..وتراجعت للخلف عدة خطوات وقد لمعت عيناها بدمعة اختنقت بين جفناها...ثم قالت: آسفه...من فضلك تفضل...
واشارت له بان يرحل....
ظل باسم ينظر اليها...وهو لا يعرف ماذا يفعل؟
لقد كان ينتظر الصباح بفارغ الصبر حتى يحدثها ويشكوا لها من والدته التى ستسافر وتتركه وحيداً...كان ينتظر الصباح كى يراها ويسمع منها الكلام الذى يهدأه ويحمله بعيدا عن دنيا مشاكله...والان تخبره انها لن تستطيع الحديث معه؟؟
هل سيقف هنا ليرجوها ان تتحدث معه؟؟
هو من تتمنى الفتيات كلمة منه او اشاره؟؟
لماذا هذه الفتاه تختلف؟؟
لقد وقع فى حبها بالفعل...ياله من انسان ضعيف....ستشعر الان بحبه وضعفه لانه حقيقى وليس تمثيلا كما كان يفعل سابقا...وستتحكم به...ستجعله العوبه بين يديها...
ماذا يفعل؟؟
ماذا كان يفعل فى مواقف مثل هذه؟؟
مثل هذه؟؟
وهل رفضته فتاه من قبل؟؟
لا يذكر ذلك...وما موضوع انها تريده ان يأتى المنزل؟؟
خطه جديده تتبعها فتيات الجامعه ؟؟
افكار وافكار اخذت تهاجمه وهو يقف وينظر اليها ...ويراها تبتعد..
اما هى فقد ابتعدت ولكن قلبها اخذ يدق بعنف...لدرجة انها شعرت بانه سيقفز من بين ضلوعها وانسابت دمعه حاره من عينها ...فسارعت تمسحها بمنديلها...فهى لا تصدق انها وقفت وقالت لباسم هذا الكلام...ولكن....هذا ما اتفقت عليه مع حاتم...هذا هو التصرف الصحيح...حتى و ان آلمها...
.................................................. .......................................
كان "رامى" الذى استيقظ قبل ان يدق المنبه الخاص به بساعه كامله ... جالسا فى الفراش يقلب الافكار فى راسه ...كيف سيحدث "ندى" بعد ما فعلته بها امه...وبعد الحديث الثقيل الذى يعلم جيدا مدى براعة والدته فيه ...
استرضى ان تقف وتحدث؟؟
وهى التى لا تحدث اى من الزملاء الرجال؟؟
ومن قد يستطيع ان يتوسط بينهما مره اخرى؟؟
ايتصل مباشرة بوالدها ويذهب الى المنزل دون ان يتحدث معها؟؟
وماذا سيفعل مع والدته؟؟
لقد احالت حياة "عمرو" اخيه الاكبر الى جحيم حين فكر ان يتزوج من "هند" وحتى بعد ان اجبرها على الموافقه على الخطبه ظلت تطالبه بالانفصال ...
وكم من مناقشات حاميه خاضتها مع شقيقه؟؟
وفى النهايه تزوج دون رضاها الفعلى ويذكر جيدا انها ذهبت الفرح مرتديه السواد فقط لتقول له انها تعتبره قد توفى ...و ان اولادها هم "رامى " ونسرين " فقط
اما عمرو فهو لم يعد ولدها...لانه عصى امرها..
هز قدميه فى عصبيه ومسح وجهه بكلتا يديه فى توتر ....
الى متى ستظل والدته بهذا التسلط؟؟
منذ وفاه والده وتبدلت والدته كثيرا...قاطعت كل اعمامه وعماته بحجة انهم يريدون التدخل فى حياتها حين عرضت احدى العمات عليها ان تتزوج شقيقها الاخر حتى لا يتربى الاولاد دون اب ولان هؤلاء الصغار لحم اخيهم ولن يتركوه بين يد رجل غريب ....
فثارت والدته ووقفت كالنمر فى وجه الجميع على الرغم ان احدهم لم يخطئ...فكان كلامهم نابع من خوفهم وقلقهم ....وقاطعت الجميع...واكتفت بتربيه اولادها والعمل .
ولولا ان "عمرو"شقيقه الاكبر هو من اخبره بحقيقه مقاطعة والدته لاعمامه وهو من بحث عنهم واصبح يزورهم خلسة دون اخبار والدته ويأخذ معه اخيه ...حتى يصل الرحم الذى قطع منذ زمن لكان الى اليوم مازال معتقدا انهم سرقوا ميراثه كما اخبرته والدته....
زفر "رامى" فى ضيق..ونهض مسرعا حتى يذهب الى المدرسه ويرى ما سيفعل اليوم
ارتدى ملابسه وخرج من حجرته حيث كانت والدته تجلس تطالع اوراقها فى هدوء فى حين كانت "نسرين" ترقد على الاريكه امام شاشة التلفاز فى استرخاء ويبدو من شكل عينيها انها لم تنام ليلتها...
فقال "رامى" :صباح الخير يا نانا...
ابتسمت نسرين وقالت وهى تتمطع: امم صباح النوووووم ...
قال فى عتاب:اسهرتى امام التلفاز مره اخرى؟؟سترهقين عيونك وســـ....
قاطعته ضحكتها وقالت :وبعدين يا مستر...نصايح على الصبح؟؟
قال بحنان:يا نانا اخاف عليكى...ثم اليس لديك جامعه؟؟ كيف ستحضرين محاضراتك وانت لم تنامى منذ الامس؟؟
قالت وهى تتابع المشاهد فى التلفاز :مش هاحضر....هاناااااااااااااام ...
هز راسه أسفا على شقيقته الصغرى....وتركها لانه يعلم جيدا انه لن يصل معها لاى شئ وقد تصرخ فى وجهه ان زاد فى الحديث وبالطبع ستتدخل والدته وتخبره ككل مره :لا شأن لك بها يا رامى...
"فنسرين" ابنة والدتة المدللة...تتركها تفعل ما تشاء بحجة انها حرمت من والدها وهى طفله لا تعى...لقد افسدتها والدته حقاً...
زفر فى ضيق مره اخرى ..وقال :امى هيا بنا...والا سنتأخر....
وبالفعل خرج الاثنان مثل كل يوم فى طريقهما للمدرسه...
وما ان وصل "رامى" الى حجرة الخاصه بالتوقيع بالحضور الا وقد وجد امامه "ندى"
تخرج مسرعه ..
فدق قلبه...ولم يستطع ان يمنع نفسه من ان ينظر اليها نظرة اسى واعتذار على ما بدر من والدته فى حقها...الا انها كعادتها لا ترفع عينيها فى وجه رجل ...لم تنظر اليه...لم تراه اساساً...
ومن خلفها وقف يشاهدها وهى تعبر ساحة المدرسه برفقه زميلاتها لتقف خلف الصف الخاص بالفصل الذى لديها الفتره الاولى فيه....كما فعلت باقى المدرسات والمدرسين ....كما فعل هو الاخر...ولكنه بالفعل لم يكن يستطيع ان يمنع عينيه من ان تختلس النظرات من بين حين وآخر..
ولم يلاحظ ان هناك من يراه...ويراقب نظراته...ويحسب عليه لفتاته...
انها السيده "نوال" والدته التى وقفت على المنصه الخاصه بالعلم مع باقى النظار ...اثناء تحيه العلم والسلام الجمهورى ..وهى تفرك فى يدها بعصبيه وبين لحظه واخرى تعدل من نظارتها على انفها...وتتعمد النظر الى"ندى" بقسوه....وما هى الا لحظات وانتهت تحيه العلم ...فتحركت من مكانها عابره الساحه وسط الطلبه والطالبات والمدرسين والمدرسات وقد بدا الغضب الشديد على وجهها ووقفت امام الصف الذى تقف "ندى"خلفه هى تشير اليها بيدها فى غطرسه وتعالى وتطالبها بالقدوم عندها بالمقدمه ......
فماذا تريد منها ياترى؟؟
.................................................. ................................
فتحت "لميس" عيناها على صوت والدتها التى كانت تهزها برفق وتقول : لولو...ارأيت الخاتم الذهبى الجديد ذو الفص اللؤلؤى؟؟
فتحت لميس عيناها عن آخرهما وأعتدلت جالسه ..وهى تفرك فى عينيها بشده...
وقالت لوالدتها :ماذا هناك يا امى؟؟
اعادت والدتها السؤال مره اخرى.. فقالت لها لميس:نعم سأرتديه اليوم...
قالت والدتها :لاء ...سأضطر ان اغير كل ملابسى اليوم ...لقد ارتدين الطقم الكحلى ذو الخطوط البيضاء والقلاده ذات اللؤلؤ واريد الخاتم...
هزت لميس كتفيها بعنف وقالت:انسى يا فوفو....خلاص لقد تم مصادرة الخاتم ...
ضحكت والدتها وهى تقرصها من وجنتها وقالت:ماشى...كلامك اوامر يا لولو...
وغادرت الحجره وهى تقول :سارتدى الطقم الاحمر والخاتم ذو الفص العقيق ...سيكون رائع
فى حين زفرت لميس فى راحة ان والدتها لم تصمم ان تأخذ الخاتم والذى هى نفسها لا تعرف حتى الان من اخذه....ولكنها صممت ان تعرف وان تفضح تلك السارقه فضيحه كبيره....حتى تجعلها عبرة لمن يفكر ان يمد يده على ما يخصها....فهى لن تغفر ابدا او تتسامح مع من ادخلتها منزلها وبمجرد ان ادارت وجهها سرقتها...
وبسرعه انتفضت تغسل وجهها وتزينه بمساحيق التجميل المستورده الخاصه بها وترتدى البنطال الجينز والبودى ذو اللون البرتقالى والكتابات الذهبيه ...بعد اكثر من خمس مرات تجرب الملابس وتشاهد نفسها بالمرأه ثم تغير رايها فى النهايه..... ارتدت الاقراط والقلاده الذهبيه ...ورشت من زجاجة العطر اربع مرات فملاءت جو الحجره بالرائحه النفاذه ...ومشطت شعرها باكثر من طريقه حتى استقرت على شكل محدد ...وتناولت الهاتف المحمول الخاص بها ..واستعدت للذهاب الى الكليه ..
وما ان دخلت من بوابة الجامعه ووجدت صديقاتها يرحبن بقدوم"هدير" للجامعه ويمزحن معها بشان الجرح الذى اصابها
فقالت ساره:ساناديكى بلقب المناضله "هدير" من الان....
ضحكت غاده بصوت عالى وملفت وقالت وهى تنثنى للامام بحركه مبالغ فيها اثناء الضحك :حلو اوى مناضله دى ...بكره تطلع فى الجزيره...هههه
فى حين قالت هيام وهى تمسح دموعها التى انسابت من كثرة الضحك :اههه وتلبس اسود وتعمل بيان زى بتاع اسامه بن لادن كده...
قاطعتهم لميس قائله: بس يا بنات..كفايه اتركوا هدير فى حالها..
وقبلتها وهى تطمئن على حال يدها وتقول لها :الف سلامه عليكى...
هزت هدير راسها وقالت : لا عليكن...انا بخير الحمد لله...
قالت لميس بصوت عال :يا بنات...عندى لكم خبر فظيع....
التففن حولها وتجمعن وارتسمت الجديه على وجوههن حين قالت:لقد سرق لص منزلنا بالامس...وقد اخذ بعض من ذهب امى...واليوم سيحضر اللواء صبرى المنشاوى تعرفونه طبعاً ... صديق ابى وسيقومون برفع البصمات من المنزل....
وضحكت وقالت :زى الافلام الاجنبى بالضبط
تغير وجه الفتيات ...واكملت لميس:وبالطبع كلكن تركتن بصمات بالامس فى منزلى
وغمزت بعينها وقالت مكمله كلامها:يعنى ستدخلون التاريخ من اوسع ابوابه...صفحه الحوادث بالجريده القوميه
واطلقت ضحكه عاليه ..وهى تشير اليهن وتقول :ال عملتها تعترف احسن لها بدل القسم والبهدله...
ابتسمت الفتيات ونظرن لبعضهن فى تعجب...
فقالت ساره:ايه ؟؟ لميس اتقولين الصدق؟؟ اهذا ما حدث بالفعل..سرق بيتكم لص بالامس؟؟
قالت لميس: نعم وقد اتصلت بك فى المنزل ثلاث مرات بالامس الم يخبرك زوج والدتك؟؟
قالت غاده بصوت مرتعب:احقاً!!!!
فى حين توترت هيام وقالت بهلع:ياااااااه لص فى منزلكم؟؟
اما هدير ففتحت عيناها عن آخرها وقالت :الحمد لله انكم بخير..
وكانت "لميس" تنظر للجميع تتفرس ملامحهن عسى ظهر علي السارقه الارتباك والفزع...
لقد شنت الهجوم وهذه هى الخطوه الاولى فقط...
انها بارعه فى التخطيط ورسم المؤامرات ...ولن تحتاج للشرطه فهى بنفسها ستعرف اللص وتفضحه شر فضيحه
وفى عقلها قالت:ويلك منى ايتها اللصه القذره...ويلك منى...
.................................................. .......................................
كان "حاتم" على الرغم من القلق والتوتر الا انه غط فى نوم عميق على الفراشه المجاور لفراش "سامح"...فى تلك المستشفى الفاخر...
فبعد ان اطمأن على حالته من الطبيب وامر الطبيب بضروره قضاء اربعه وعشرين ساعه تحت الملاحظه ...وبالتالى قضاء الليله تحت الرعايه الطبيه .....
أجرى "حاتم" اتصالين هامين احدهما لوالده ووالدته فى المنزل لابلاغهما بما حدث حتى لا يقلقا عليه ....واتصال آخر مع المحامى الخاص بشركته والذى أوضح له ان فى هذه الحاله لابد ان يوقع "سامح" على إقرار و تعهد بأن يسلم نفسه فى النيابه ....
وبالنسبه للسياره فسوف يأخذها امين الشرطه ليتم التحفظ عليها فى القسم لحين عرضها على لجنة الفحص الفنى لبيان مكان الصدمه ومطابقتها مع اقوال كل من المتهم والمجنى عليها والشهود...
فدفع والده المهندس "حمدى" التكاليف المطلوبه وتم حجز حجره بالمرافق ليكون معه "حاتم"
على ان يذهب كل من والدته و"منى"ووالده الى المنزل لقضاء الليله و..لاحضار بعض الاموال والاوراق الخاصه بالسياره...
تقلب "حاتم" على جانبيه وفتح عينيه بسرعه بمجرد ان سمع باب الغرفه يفتح حيث كانت الممرضه المسئوله عن المناوبه الصباحيه ...دخلت لاعطاء سامح الدواء الذى اقره الطبيب فجلس على الفراش ونظر فى ساعته وجدها تشير الى السابعه صباحاً ...
فنهض ووقف بجوار فراش "سامح" ليطمئن عليه وأخذ يسأل الممرضه عن موعد مرور الطبيب ...
وكان سامح نصف نائم يعانى من الالم المبرحه فى كافه انحاء جسده وكأنه قد ركض الف ميل...
أخذ الدواء...
دخل حاتم الحمام ليغسل وجهه ويمسح من عليه لمحة الكسل وآثار النوم وعندما خرج وجد "سامح" يجلس مهموما ً وفجلس بجواره يتحدث اليه فقال:امازلت تشعر بالام يا سامح؟
قال سامح باسى وحزن بالغين: ليس هذا....ولكنى لا اصدق ما يحدث....؟؟ وكاننى أحلم...وكأنه كابوس سخيف
هز حاتم راسه وربت على كتف ابن خالته بحنان وقال : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا...انها اقدار الله يا سامح...
قال سامح بلهجه يائسه وهستيريه :ونعم بالله...ولكن ماذا سافعل؟ لقد ضاع مستقبلى....سأدخل السجن يا حاتم...سأصبح مع المجرمين والقتله فى نفس المكان...
كان حاتم يشعر بالخوف على ابن خالته..فهو يعرف ان كلامه فيه كثير من الحقيقه..
قال حاتم: اهدأ يا سامح....سنوكل لك محامى وسنحاول باذن الله ان نخرجك من هذه المشكله..
اسند سامح راسه للخلف واغلق عينيه وقال بصوت يكاد لا يتضح :وتلك المسكينه!!!
اصاباتها بالغه؟؟ اخبرنى الحقيقه..هل ماتت؟؟
هز حاتم راسه بالنفى وقال :لا..لا لم تمت ...لم تقول هذا؟؟
لقد اطمئننت عليها من الطبيب ...ولكن هى بالفعل اصاباتها كثير ومتعدده ولكن باذن سنراعيها حتى تصير بخير...لن نتركها يا سامح...اليس كذلك؟؟
قال سامح: بالطبع..ولكن يا حاتم اقسم بالله انه المخطئه...لقد كانت تعبر الطريق بتهور وفاجأتنى من اليمين ولم استطع ان اتوقف ...لم ارها الا وهى فوق الزجاج الامامى للسياره...ّ!!!
ربت حاتم مره اخرى على كتفه وقال :هون عليك.... هذه اصابة خطأ...فلم تكن تقصد..
قال سامح بمراره:ولكن لم تكن هذه شهادة صديقتها...اتصدق انها تتهمنى بانى كنت اعاكسها وانى صدمتها عن قصد؟؟؟
قلب حاتم شفتيه وقال : هذه مشكله ولكن لها حل باذن الله...
ثم صمت قليلا واردف قائلا بتعجب :ثم كيف تعاكسها ووالدتك واختك معك بالسياره؟
هذا كلام غريب ولكن اعتقد انه ناتج عن ذعرها من الموقف...فانت نفسك لم تحتمل هذا الموقف انك صدمتها...فما بالك بصديقتها التى شاهدتها بعينها تطير وتسقط امامها مضرجه بدمائها؟؟؟
ثم تناول هاتفه المحمول وقال وهو يضغط الارقام : سأكلم محامى الشركه واستفسر منه بشأن هذه الشهاده...لا تقلق نفسك وارتاح قليلا ...فلدى كثير من المكالمات التى لابد من اجراءها...
واخذ الهاتف وخرج فى الشرفه الخاصه بالحجره واتصل...بخالته ليطمئنها على سامح ويطمئن عليها ....وبوالديه ليطمئنهما عليه .....ووالد سامح ليرى ماذا فعل بشأن المحامى الذى ذكره...
واتصل بدكتور عماد جاره ليطلب منه الحضور لمعاينة الفتاه المصابه....كما اتصل بشركته ولكن للاسف لم يستطع ان يأخذ اليوم أجازه...فلديه اوراق هامه بمكتبه ولابد ان يسلمها لاجتماع هام فطلب أذن بحضور متأخر قليلا عن مواعيد العمل ..حتى يطمئن ان سامح ليس بمفرده...
وبالفعل حضرت خالته وزوج خالته ومندوب التأمين الصحى الخاص بشركة سامح
وقتها فقط استطاع "حاتم" ان يغادر.
وفى طريقه للخروج من مبنى المستشفى وجد من يناديه بصوت مرتفع...فالتفت وجد رجلا بسيطا فى ملابسه تبدو عليه علامات ابناء البلد ..يتقدم نحوه بهدوء ...ومد يده يصافحه ويعرفه على نفسه
قال الرجل: انا والد "نجاح" الفتاه التى صدمتموها بالامس ...انا مقاول كبير فى بلدتى ...وكانت ابنتى هنا عند اقاربها تقضى يومين للتنزه فى القاهره...واعلم جيدا ان اصابتها قضاء وقدر ...ولا اعتراض على هذا ..ونحن لا نقبل العوض ...
ولكن لا استطيع ان اتنازل عن حق ابنتى فتشعر انى اهدرت حقوقها ..وبالتالى انتم ملزمون بمصاريف علاجها امام القانون كما تعلم...
قال حاتم: تشرفنا يا فندم ...ولا تخشى لسنا من نضيع الحقوق ...ولكن انا لست من اقر اى تصرفات تخص هذا الشأن ...فالموضوع الان بيد والد سامح...اقصد والد الرجل الذى صدمها انه ابن خالتى...
قاطعه الرجل: ما يهمنى الان هو ان يبدأ علاجها فوراً ...فالاطباءاختلفوا منهم من اخبرنى بوجوب سرعه اجراء العمليات ومنهم من قال انه لامانع من تأخير العمليات لاى وقت حيث عمليات العظام لا يهم فيها السرعه .....وانت تعلم الالام الفظيعه المصاحبه للكسور...ابنتى تتألم والمسكنات العاديه لن تصلح لحالتها ...
طأطأ حاتم راسه فى الم وقال :اللهم اعفو عنها ويخفف الامها باذن الله..اعطنى رقمك يا ..
قال له :الحاج منصور العال من طنطا ...اليك رقم هاتفى ورقم مكتبى ..ولكن هل تعتقد ان هذه المستشفى الخاص جيده؟؟ فانا اعرف ان مستشفى الحكومه هى الافضل العلاج الخاص بالعظام...معهد ناصر بالاخص..
هز حاتم راسه وقال:الحقيقه لا علم لدى بهذا الشأن ولكن اطمئن يا حاج هناك طبيب تابع لنا سيأتى اليوم باذن الله وبعد اذنك سيوقع الكشف عليها وينصحنا بما فيه مصلحتها...
نظر له الرجل نظره ريبه..وقال ببعض التعجب:طبيب من خارج المستشفى؟؟
لماذا؟؟
قال حاتم:للاطمئنان انهم هنا لا يخدعونا بشأن حالتها...مع كامل احترامى لهذه المستشفى ولكن كما تعلم هى مستشفى استثمارى ...
ثم اردف بسرعه واقسم لك بالله انها ليست مسأله المصاريف الغاليه والمبالغ فيها...ابداً
قال الرجل بهدوء: نعم....أعلم لذلك افكر فى نقلها كما اخبرتك..لست مرتاحا هنا...
قال حاتم :ساحدثك اليوم ...وباذن الله لا خلاف..نحن يا حاج مسلمين ولا نرضى بضياع الحقوق..وسنفعل ما فيه مصلحة ابنتك الصحيه باذن الله..
وصافح كل منهم الاخر ..وقد اطمأن قلب حاتم ...وحمد الله ان والد الفتاه يختلف تماما عن باقى اقاربها الذى التقى بهم بالامس...وخرج متوجها لشركته وقد شعر ان هما ثقيلا قد انزاح من على صدره....
وما ان خرج "حاتم "من باب المستشفى الزجاجى الكبير حتى اقبل شابين من اقارب الفتاه على الحاج منصور ووقفا يتحدثون معه...
كان أحدهما قد احمر وجهه بشده من الغيظ وهو يقول ضاغطاً على حروف كلماته:اخ...لو انك تركتنى يا عمى...لكنت حطمت له انفه....
فى حين اضاف الاخر:انفه فقط؟؟ انه يستحق ان تكسر كل عظامه جزاء فعلته هو وقريبه...
رفع الحاج منصور يده فى وجه الرجلين وقد عقد حاجبيه وقال بعنف:اصمتا انتما الاثنين
حين يتحدث الكبار يصمت الصغار...لا اريد تلك الهمجيه ...ثم ماله هذا الرجل انه فقط قريب الجانى ...ولقد اتفقت معه رجل لرجل...وهذا قرارى انا....انا والدها فلا اريد منكم التدخل باى شكل.....هل تسمعون؟؟
طأطأ كل منهم رأسه ونظرا لبعضهما بخيبة امل وقالا:امرك يا حاج..
ولكن كان يبدو عليهما الغضب والحنق الشديدين.....فهل سيلتزمون بما طلبه منهم الحاج منصور بعدم التدخل؟؟؟
..................................................
خطت كل من "ندى" و"نوران" خارج مدخل العماره التى يقطنون بها ولوحن لشقيقتيهما وهن تصعدن الى داخل الحافله الخاصه بمدرستهن...
ثم توجهت كل منهن الى مكان ذهابها
وكل منهن عقلها مشغول ...
فندى تفكر فيما حدث لها بالامس من مديرتها المتسلطه السخيف استاذه نوال..
وكيف جرحتها واهانت كرامتها كأنثى بكلماتها القاسيه
حمدت الله ان السبت اجازه للطلبه فى المدرسه..والا لما استطاعت ان تشرح حصه واحده طوال اليوم....
يالها من امرأه عجيبه...وكيف تخبرها ان رامى هو ابنها الوحيد؟؟
وهى تعلم جيدا ان لها ابنه اخرى كانت لديهم فى المدرسه منذ عامين بالثانويه العامه...
نسرين؟
نعم كان اسمها نسرين وكم كانت فتاه صعبه المراس ومشاكسه ومشاغبه....
حين كانت تسمع مشاكلها كانت تحمد الله انها مدرسه للمرحله الابتدائيه وليس الثانويه..والا لكانت تصرفت معها دون ادنى حساب لمركز والدتها بالمدرسه ...ليس كما فعل باقى المدرسين..فافسدوا اخلاقها اكثر...
كيف ستواجه الاستاذه نوال اليوم؟؟
ستتعامل معها بشكل عادى جدا...
ليس لها عندها الا العمل...وهى فى عملها الحمد لله.... تتقى الله وتخافه قبل ان تخاف من بشر
وتقوم بواجبها على اكمل وجه .
هزت راسها وقد اطمأن قلبها لهذا الحوار ...وقد هدأت نفسها كثيرا منذ ليلة الامس ...وخطت الى المدرسه مسرعه حتى لا تتأخر....
اما نوران فكان عقلها مشغول بحق ... فبالرغم من ان "حاتم" ليس هو المصاب ...الا ان قلقا خفيا عليه استبد بقلب "نوران" بشكل عجبت له ...
ومهما حاولت ان تنفض الافكار من عقلها هاجمتها الافكار مره اخرى....
لماذا يصر عقلها على تذكر كل المواقف التى كان بها حاتم؟
موقفه حين حضر اليهم فى الكليه ليذهب بهدير الى المستشفى....
موقفه حين فتحت باب غرفه هدير فوجدته يقف امام الباب
مواقف حتى منذ كانا اطفال صغار.....
لامت "نوران" على نفسها الاف المرات...
واستغفرت ربها طوال طريقها للجامعه....وظلت تردد الايات والادعيه حتى تخرج من التفكير فى حاتم...فهى تعلم جيدا انها لا يجب ان تفكر فيه...
دخلت من بوابه كليه البنات والتى كانت ساحتها خاليه على غير العاده...
وما ان خطت من البوابه حتى ناداها حرس البوابه وامرها بالتقدم نحوه...
لم تفهم "نوران" للوهله الاولى ان الرجل يحدثها...
الا حين سمعته يناديها مره اخرى بصوت عال :ياااااا آنسه....انتى يا أنسه
فالتفتت اليه واشارت بيدها فى هدوء وقالت:انا؟؟
قال: نعم ارينى البطاقه الخاصه بك...
تعجبت نوران ولكنها اخرجتها من حقيبتها وناولتها لحارس البوابه ..فاخذ البطاقه منها وقلبها بين يديه وقال لها : اسمك نوران؟؟
هزت راسها
فقال لها:آنسه نوران بعد الساعه الواحده توجهى لحجرة شريف باشا
قالت نوران بتعجب وقد انتابها خوف لا تعرف مصدره:شريف مين؟؟
قال فى جديه وبصوت حازم :سعاده الباشا "شريف متولى" الضابط الخاص بامن الكليه....
فتحت نوران عينيها عن آخرها ولم تنطق بكلمه وبداخلها زاد خوفها
فماذا يريد منها ذلك الضابط؟؟
ولماذا تم التحفظ على بطاقة هويتها الخاصه بالكليه؟؟
.................................................. ..........................
يتبع بــــــــــــإذن الله