فين يا محمد حلقه امبارح والنهارده
انت وعدتنا بكل يوم حلقه
يلا في انتظار حلقتين
النهارده
فين يا محمد حلقه امبارح والنهارده
انت وعدتنا بكل يوم حلقه
يلا في انتظار حلقتين
النهارده
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الحلقه الســــــــــــــــــابعة عشر
بقلم\يمنى حسن حافظ
جلست ساره فى المطعم الرومانسى الذى خفضت اضواءه وعلا صوت الموسيقى الهادئه الرومانسيه يهز جوانبه بدفء لا يقاوم.........كانت تشعر بثقة لا مثيل لها وسعادة تغمرها وكأنها ملكت الكون بين اصابعها....فقد حصلت على هاتف حاتم بسهوله لا تذكر....ولم تضع وقتا ....فكلمته وطلبت مقابلته سريعا وقد نجحت فى ان تحصل على موعد معه وفى المكان الذى حددته هى بنفسها.........فيالها من ذكيه وماهره..
وامامها جلس حاتم....ينظر اليها باعجاب ...وهويبتسم لها ابتسامته الساحره....وقد لمعت عيناه ببريق لم تعهدة ساره فى عينيه من قبل....
.فها هو يجلس امامها......وهى حتما فتاة تختلف عن كل الفتيات الاتى عرفهن.....
كم اسعد ذلك قلب ساره...فقد ايقنت منذ اليوم الاول لرؤيتها لحاتم ان خلف ذلك الوجه الخالى من التعبيرات...قلب رجل....مثله مثل كل الرجال.....
وانه يخفى خلف قناع رصانته....مشاعر جامحة ....حس مرهف وعاطفى...
شجعت نظراته لها ان تتحدث بكل جراءه وبدون خجل........فنظرت فى عينيه نظرة تعلم جيدا تأثيرها.......وقالت:حاتم.......ا� �يد ان اخبرك بشئ ...اعتراف لا استطيع ان اخفيه اكثر من ذلك...
ابتسم حاتم ....وقال بصوت عميق :كلى آذان صاغيه يا ساره....ماذا هناك؟؟
مدت يداه نحوه بورده حمراء ...و قد امتلات بالسعاده جنبات قلبها....حتى ان وجنتاها قد احمرتا من فرط قوة مشاعرها...فقالت بهمس وهيام : لم اجد اجمل من تلك الزهره لتبلغك مشاعرى التى اخفيتها عنك كثيرا....لقد قاومت ولكنى لم استطيع ان اخدع نفسى اكثر من ذلك.....
قال بخبث تعرفه عن الرجال جيدا :ترى ماهذه المشاعر بالظبط يا ساره؟؟
فقالت وهى تحاول اخفاء لهفتها :انا....... انا أحبك يا حاتم؟؟
فسمعته يقول بصوت عميق :ساره...!!
نظر اليها....واطال النظر........ولكن تغيرت ملامحه تماما......
اهذه نظرة المفاجأه؟؟
وفجأه هب حاتم واقفا وسط المطعم وضرب المائده بقبضته وهو يقول :ايتها الفتاه الفاسده....
وامسك بكوب الماء وقذفها به فتراجعت ...واغلقت عينيها وهى تمد يدها لتحمى وجهها ....فاصابها الكوب فى راسها ثم سقط على الارض متحطما...مصدرا صوتا عالى ومزعج...
ذعرت ساره وتراجعت للخلف اكثر فوقعت من فوق الكرسى الذى كانت تجلس عليه ...ورقدت على ظهرها ....حاولت النهوض وهى تنادى بصوت عالى ......وتقول :لا ...لا ....حاتم....حاااااااتم
وياللعجب...لم يعد حاتم يقف امامها.... وظلت هى ملقاة على ظهرها تنظر للسقف وقد شعرت انها اهينت وجرحت كرامتها بخنجر حاد....لم يعاملها احدا بمثل تلم القسوة من قبل ........شعرت بالدوار يلفها .....انها حتما تغيب عن الوعى....فترقرقت الدموع فى عينيها.....كيف يفعل بها حاتم ذلك؟؟
شعرت بيد تهزها بعنف
وسمعت صوتا يناديها:ساااااااره....فوقى يا ساره....ساره؟؟
فتحت عينيها ..فوجدت والدتها وقد ارتسمت آيات الفزع والقلق على وجهها وهى تقول لها بلهفه: ساره....ماذا حدث؟ ما الذى اسقط تلك الاباجوره على الارض؟؟
جلست ساره..........استجمعت تفكيرها المشتت....فماذا يحدث واين ذهب حاتم ......وما الذى جاء بها فوق السرير فى حجرتها؟؟ما الذى اوقع المصباح من فوق المنضده الصغيره بجوار سريرها؟؟
وتذكرت.........
خرجت ساره من عند هديرتملؤها الفرحه .....وذهبت الى مصفف الشعر لاضافة لون لخصلات لشعرها....واستقرت على اللون الجديد.فكان الاسود وبه خصلات من الاحمر القانى والمتوهج.....انهت تصفيف شعرها بعد اربع ساعات كامله .....قضتها بين الصبغ والقص والتصفيف بطريقه جديده ومبهرة.......كالعاده...فهذه عادتها فى الاحتفال....
عادت المنزل منهكه ..مرهقة... ودخلت فراشها .....تقلبت ساره فى فراشها كثيرا.........لم يغمض لها جفن من التوتر والسعاده ....
فقد حصلت على رقم هاتف حاتم ببساطه لم تكن تتخيلها........وتصورت انها نجحت فى ان تلفت انتباهه لها حين اخبرته ان لديها موضوعا شخصيا تريد ان تحدثه بامره....
خفق قلبها وهى تتخيل نجاح خطتها المرسومه بحنكه ومهاره....وكيف انها ستبهر حاتم بانوثتها ...فهو رجل مثل باقى الرجال....لابد وان يذوب ويسقط اسيرا لها ....ثم....نامت
سقطت فى النوم دون ان تدرى.........لقد كان كل ذلك حلما؟؟؟ولابد انها تحركت واطاحت بيدها المصباح ...!!
افاقت على كلمات والدتها وهى تقول :مين حاتم ده يا ساره و عماله تنادى عليه طول الوقت؟؟
فركت ساره عيونها .........واعتدلت فى جلستها وقالت بخمول...:يااااااااااه يا ماما....كان حلم جميل....!! لاء حلم فظيع...!! يووووه
داعبتها والدتها وهى تمرر يدها بين خصلات شعرها الملونه و تقرص وجنتها وتقول : تحفه اللون ده .....بتقولى جميل ؟؟؟ ولا فظيع ؟؟ حاتم ده؟؟
فجلست ساره وهى تقول لوالدتها بهيام : ده قمر....ادعيلى يا ماما يكون من نصيبى..!!
ضحكت الام وقالت :يارب ...لكن اخبرينى...ماذا يعمل؟؟ واين شقته؟؟ وابوه ماذا يمتلك؟؟ الم يكن اسمه ماجد؟؟
ثم اخفضت صوتها وقالت بهمس : هاه؟؟؟ ولكن اخفضى صوتك حتى لا توقظى سماح ...
قالت ساره لوالدتها :اممممممممم ماجد ايه؟؟ حاتم فقط هو يا ماما الوحيد الذى فتح له قلبى ابوابه....ومستعده ان اذهب خلفه الى آخر الدنيا...
ضربت امها على صدرها بعنف وقالت فى استنكار: نعم؟؟ انتى حبيتيه بجد ولا ايه؟؟
الم اخبرك من قبل الا تسلمى قلبك لرجل ابدا؟؟
وان الحب ضعف وان الضعف مهانه؟؟
اياك ان تخيبى خيبتى يا ساره...لابد ان تتزوجى من له المال والسلطه....وماله ماجد؟؟ صاحب شركه ومال ؟؟هه؟؟هل اخبرك انه متزوج؟؟
تأففت ساره وقالت بعنف لوالدتها :ماما....يبدو انى سابدأ فى اخفاء اسرارى عنك منذ الان....
فقالت امها وهى تنظر لها بغضب وقد وضعت المصباح مكانه وهمت تغادر الغرفه وهى تهمهم :انا استحق اكثر من ذلك....لانى اخاف عليكى...صحيح انك مزاجيه ومتقلبه...!!!
وغادرت الام فى حين تقلبت ساره على جانبها الاخر وهى تنظر لرقم هاتف حاتم المسجل على شاشة هاتفها ...وتتأمله كأنما تتأمل صورته وليس مجرد رقم هاتفه........وابتسمت ابتسامه ثقه واحتضنت الهاتف ...واغلقت عينيها وهى تفكرفيما ستفعله ...فى الصباح ستحدثه...وستصر على ان تقابله....ولن يخذلها حتما....فهى تعرف كيف تقتنص اهتمام الرجال....وستقتنص اهتمام حاتم..مهما كلفها الامر....
ثم فتحت عينيها وكأنها تذكرت شيئا هاما....... وضعت يدها تحت الوساده بسرعه......واطمأنت ان ما وضعته تحتها لا يزال فى مكانه .........اخرجت العلبه القطيفية الحمراء الصغيره....وفتحتها ...ولمعت عيناها بنشوى وسعاده وهى تتأمل تلك القطعه الذهبيه البراقه داخل العلبه ...واغلقت العلبه...وقبلتها بفرح..واعادتها مره اخرى تحت الوساده........واغلقت عيناها...وراحت فى سبات عميق...حتى الصباح.
.................................................. .......
رقدت نجاح على سريرالمستشفى الابيض تتأوه وتتألم ...
فى حين جلس بجوارها والدها الحاج منصور يكاد يبكى من الالم ..تمنى لو ان يرقد الان بدلا منها..ولكنها اقدار الله...ان تصاب ابنته التى حضرت من طنطا خصيصا لحضور خطبة ابنة خالتها صباح ...وكانت تساعدهم فى التجهيزات وتشترى الحاجيات معها ومع صديقاتها....
يالها من ابنة حزن .....فوفاة والدتها وهى لا تزال رضيعه ....ثم فشلها فى دراستها الثانويه...
ثم تلك الحادثه والتى لا يعلم هل ستترك اثرا عليها فيما بعد ام انها ستقعدها وتصبح اسيره كرسى متحرك طوال عمرها..
ماذا سيفعل سعيد ابن اخيه الذى تقدم لخطبتها وقرأ الفاتحه الشهر الماضى؟؟
وماذا يفعل هو ليضمن لها علاجا جيدا...؟؟
انه لا يقبل العوض...ليس من شيم الكرماء وذوى الاخلاق ان يقبلوا العوض...هكذا تربى...هكذا يرى..
قاطع افكاره طبيب العظام الذى حضر لمعاينة الفتاه ...واجابة كل الاسئله وتحديد موعد للعمليات الجراحيه وخطة العلاج......
مع انها مستشفى حكومى الا ان النشاط كان يدب فى الاركان وكان الجميع حوله يعملون دون توقف ...وكانها خلية نحل من حركة الاطباء واطقم التمريض...
بعد الكشف واتمام كتابة التقرير وقف الطبيب يتحدث مع الحاج منصور على عجل : الكسور كثيره وهناك اكثر من عمليه وتركيب الشرائح والمسامير ولا داعى للعجله فى اجراء تلك العمليات....سنحاول ان نجمع اكثر من عمليه سويا .... ولكن سنبدأ بعملية الكتف غداً باذن الله ....وسيحدد جدول العمليات تباعا ...
قال الحاج منصور فى قلق :وهل ستستطيع ان تمشى بعدذ لك؟ وبالنسبه للحمل والزواج...؟؟وخدمة نفسها؟؟
ربت الطبيب على كتف الرجل وقال :اصاباتها كثيره ومتعدده والوقت مازال مبكرا لمعرفة كل ذلك...لنتفق انها لن تعود الى طبيعتها الا بعد عام او عام ونصف...وهناك ايضا مرحلة العلاج الطبيعى لمدة لا تقل عن الستة اشهر اواكثر ....وبعدها سنعرف حين تاخذ العظام وقتا لتلتئم وتعود لمكانها ....فلن اتسرع بالنتائج الان...خير انشاء الله يا حاج...
قال الحاج بسرعه : لقد نقلتها من مستشفى كبير جدا ...لانى لا اثق فيهم...وسادفع كل التكاليف المطلوبه هنا...والله يقدرنى ان اسدد كل شئ....
قال الطبيب بجديه وعمليه :ما رايك؟؟ قدم طلب علاج على نفقة الدوله ؟؟سيتم علاج الفتاه وتتكفل الدوله بكل المصاريف...ان كانت الحاله تستحق....وعلى حد علمى اصبح هذا الموضوع سهلاً...
قال الرجل بحمية اهل البلد:لا......انها ابنتى وساتكفل بعلاجها من مالى الخاص ...وان تكلفت مليون جنيها....فليس لدى اغلى منها.....
تركه الطبيب وغادر الحجره فى حين نظر الى ابنته الراقده بأسى...فى حين دخل سعيد...ومعه شعبان شقيق نجاح.... وهم يتحدثون بصوت عالى ومرتفع...يجادلون بعضهم البعض فقال الرجل وهو يدفعهما لخارج الحجره بحزم شديد : كفاكما ..الا ترون انها نامت الان؟؟ يالكم من عابثين غير مقدرين لاى شئ....!!
فقال سعيد :يا حاج انا لم افعل شيئا...لقد كانت فكرة شعبان ...هو من اتصلــ.....
قاطعه شعبان وهو يقول : اصمت يا سعيد....لا شئ يا حاج انه يخرف...
فقاطعهما الحاج منصور بنظرة غاضبه يعلمونها جيدا..وقال بحزم :ماذا فعلت يا شعبااااان؟؟
ان كنت تعرضت لذلك الشاب المتسبب فى حادثة شقيقتك ساسلمك بنفسى للشرطه....
فقال شعبان بغضب و اختنق صوته : مش معقول يا حاج....المخطئ لابد ان يدفع ثمن خطأه ...اليس هكذا ربيتنى؟؟؟ اليس هذا ما علمتنى اياه؟؟
قال الحاج وهو يضرب كفيه ببعضهما :الموضوع الان فى يد الشرطه...و القانون هو الذى يحاسب المخطئ و لسنا فى غابة...ثم ان اختك قالت بنفسها انها لم تكن تنتبه وعبرت الطريق وسط السيارات ...ومحضر الشرطه يؤكد انها المخطئه... فحين عبرت من المكان الغير مخصص للمشاه وعرضت نفسها للخطر اضاعت كل حق لها عند ذلك الشاب ....فماذا تريد ان تفعل الان؟؟؟
اطرق شعبان براسه ارضا وقد احمرت اذناه وقال بخجل :يا والدى.....انها اختى ...ولا استطيع ان اتحمل رؤيتها راقدة بهذا الشكل.......
ثم ضرب بقيضته الحائط وقال وهو يجز على اسنانه :الغضب يغلى فى عروقى...اريد ان اشفى غلى...وغيظى....
وضع والده يده على قبضته وقال بهدوء: شعبان ....يا ابنى احتفظ بيديك هاتين قويتين....نظيفتين ...لان شقيقتك ستحتاج لان تستند عليهما حين تخرج من المستشفى باذن الله...
اطرق راسه وامسك بيد والده وقبلها قائلا:لا تغضب منى يا حاج...سامحنى على تصرفى الاحمق...غلطه ولن اكررها باذن الله...
وتعالت مره اخرى صرخات الفتاة المتالمه من داخل الحجره فهرع الجميع يدخلون ...يحاولن تخفيف الامها قدر الامكان....وتم استدعاء الممرضه ....بالفعل تم اعطائها حقنه مسكنه....وهدأت....
ولكن ترى متى يهدأ الحزن الذى اشتعل بداخل قلوب الرجال الثلاثه؟؟؟؟
.................................................. .........................
اسرع حاتم بالذهاب الى المستشفى ليطمئن على سامح.......فقد كانت تلك المكالمة الهاتفيه كفيلة ببث الرعب فى قلوب الجميع.....ولولا تاكد حاتم من وجود افراد الامن الخاص بالمستشفى وان الامورتحت السيطرة لكان الموقف تغير تماما...
دلف حاتم من بوابة المستشفى الزجاجيه الضخمه فقابل ابراهيم يقف عند الاستقبال والقلق باد عليه..فاقبل عليه يستفسر منه عن الاخبار ...
قال ابراهيم لحاتم بغضب:ننتظر الطبيب منذ الصباح...ولم ياتى ولم يطمئننا على سامح والان يخبرونا ان الطبيب المعالج كتب له على خروج وانه يستطيع ان يرحل بعد دفع باقى المصاريف...وبالطبع تم اضافه قائمه جديده باصناف للدواء لا اعلم فائدتها حتى الان.....ارأيت استهتارا كهذا ..؟؟
قال حاتم بغضب :الى الان لم يحضر طبيب؟؟ وعلى اى اساس كتب تقرير الخروج وهو لم يعاينه بعد؟؟؟
ضرب ابراهيم كفيه ببعضهما فى عصبيه وظل يردد:لا حول ولا قوة الا بالله...تهريج واستفزاز ..
كرر حاتم طلب ابراهيم بضرورة الحديث للطبيب المعالج...ولكن كان الرد المعتاد :ان لديه حاله طارئه..وانه قرر ان الحاله لا تستدعى المكوث فى المستشفى اكثر من ذلك وان هذه الاجراءات المتبعه بالمستشفى فى مثل حالة سامح.......وكلام كثير لا فائدة منه ...وفى نهايته مطالبه بسرعة تسديد المبالغ المتبقيه فى فاتورة العلاج...
فاسرع حاتم يصعد الدرج وصولا لحجرة سامح.. دخل حاتم الى الحجره المكتظه بكل افراد عائلته ...قبلته عمته منيره عشرات القبلات وهى تحتضنه وتقول :حبيبى يا حاتم ....اتأخرت اوى علينا ....مش تشوف جرالنا ايه يا حبيبى ..!!
اطمأن على سامح ولفت نظره كم الدواء المتراكم هنا وهناك...فتساءل :ما كل هذه العبوات ...متى ستستخدمها؟؟ الم يكتب لك خروج؟؟اهذه محاليل وريديه؟؟ وكيف ستتناولها فى المنزل؟؟
اجهشت السيده نجوى خالته فى البكاء وهى تقول :منزل؟؟ وهل سيعود المنزل ام يذهب الى القسم يا حاتم؟؟
فواستها العمه منيره قائله :صلى على النبى اومال....شده وتزول يا حبيبتى...ربنا يقف معاك يا حبيبى....انت طول عمرك طيب ...يا سامح..
كانت الامور كلها متداخله...الجميع يتحدث ولا يستطيع احدا ان يفسر الموقف بشكل واضح....
فما كان من حاتم الا ان اتصل بالمحامى الشهير الذى سيوكلونه للدفاع عن سامح...فقال بثقة :
انا استطيع ان اقاضى المستشفى بتهمة الاهمال واستنزاف النقود بغير حق....وانى استطيع ان اثبت التواطئ لمحاولة تسهيل عملية الانتقام من موكلى و ان الموقف لا يتــ.....
قاطعه حاتم بهدوء حين قال : يا استاذى الفاضل نحن لا نريد مقاضاة المستشفى...انا اسال ما الخطوات الواجبه الان؟؟
فقال له بلهجة جديه حازمه :ان سامح لابد وان يقوم باستخراج توكيل عام قضايا باسمى فى البدايه...ولكن الى ان يتم ذلك يجب ان تحضروا لى مبلغ خمسة الاف جنيها تحت الحساب ....اليوم وفى اسرع وقت....حتى استطيع ان اقوم ببعض التسهيلات و اصل للمهندس الفنى الخاص بالفحص الفنى للسياره واعطيه مبلغا ما حتى يكتب تقريرا سليما...فهذا هو العرف...
كما انه يجب ان يسلم سامح نفسه للعرض على وكيل النيابه فى اسرع وقت ...وان يتــ.....
قاطعه حاتم بغضب :ماذا؟؟ ما هو العرف؟؟ الرشوه؟؟
فقال الرجل باستخفاف :رشوه ايه يا استاذ؟؟ دى اسمها ثمن الدخان والشاى...والا سيكتب تقريرا سيئاً....وتختلف القيمه باختلاف نوع السياره وباختلاف مركز قائدها...ده النظام ...مش رشوه...!!!
هز حاتم راسه بعنف وقال بصوت غاضب :اذن اشكرك يا استاذى و اعتقد اننا سناخذ وقتنا لنفكر بالامر ....وشكرا لتعب حضرتك معنا...
فرد عليه المحامى بكل غطرسة تعالى : اتعتقد ان خمسة الاف جنيها مبلغ كبير؟؟
انا ارفض قبول قضيتكم من الاساس....يبدو انكم لا تفقهون شئ عن المحاماه....
واغلق الهاتف بكل وقاحة وفظاظه....
فى حين وقف حاتم عاجز عن التفكير....غير مصدق ان من كان يحدثه منذ قليل هو محامى ينفذ القانون ويحمي العداله....
تعالت الكلمات والمناقشات هذا المهندس حمدى يسب المحامى اللعين
وهذا ابراهيم يبحث عن رقم هاتف صديق له يعرف محاميا جيدا....
فى حين وقف حاتم يحدث والده ويخبره بما قاله المحامى عن الرشوه المقنعة تلك....
وفجأه دق هاتف الحجره.......مرة اخرى....ترددت منى فى ان ترفع السماعه هذه المره ..... وصمت الجميع..فرفع السماعه حاتم....وارهف السمع وهو يتحفز ليرد على المتحدث بقسوة وحزم
فجاءه صوت هادئ رصين ....صوت الحاج منصور العال والذى قال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....انا الحاج منصور والد نجاح ..
قال حاتم بحذر :اهلا وسهلا يا حاج...انا حاتم قريب سامح ...
فقال الرجل بلهجة اقرب الى الاعتذار :نعم يا ابنى اهلا بك....لقد حدث اليوم سؤ تفاهم سخيف فى الهاتف ...واتمنى ان توصل تأكيدى لوالدى سامح انه لن يحدث مرة اخرى باذن الله....
فقال حاتم مستفسرا : تقصد مكالمة التهديد؟؟
قال الرجل معتذرا:عفوا يا ابنى.....ارجو ان تنسوا تلك المكالمه تماما....كما سبق وان اخبرتك اننا فلاحين واولاد اصول ونعرف الواجب والحق جيدا ....وان كان الشباب قد اخطأ فانا اعتذر واخبرك انكم الان لكم علينا حق ...
قال حاتم بهدوءه المعتاد: العفو يا حاج يكفى مكالمتك الان والله انت رجل اصيل عن حق...
واطمأن على الفتاة ....وانهى المكالمه وهو يشعر ان الرجل حقا ذو اصل وشهامة...
ولكن تبقى مساله المحامى معلقة حتى الان.......ترى هل سيستطيعون الوصول الى محامى نزيه...ام انه طلب غير متوفر هذه الايام؟؟؟
.................................................. .....................
مر اليوم على الفتيات كلهن فى حال .........
ما بين ساره تلك الحالمة المتمنيه .........والتى اغلقت عينيها على صورة حاتم......وهى مصممة ان تحظى به..........مثل كل شئ يعجبها ...
وهدير التى انشغل عقلها بكلمات حاتم عن صديقاتها وتلك الشله الغير محترمه التى تصادقهم فى الجامعه....والمنتظره لباسم ان يقوم بخطوة جاده...
وهذه غاده التى انهمكت فى كتابة الرساله على جهاز الكومبيوتر وهى تحاول ان تبتسم لذلك وتضحك مع ذاك........حتى يمر اليوم وينتهى ....لتهرع الى المنزل لتضع جسدها المنهك على الفراش حتى صباح يوم لعله يختلف.....
ولميس التى جلست تخطط منذ ايام وترسم المؤامرات لتوقع باللصه السارقه ...وانهكت عقلها بالتفكير والشك والتربص ....ولا يهمها الا ان تكشف السارقه لتحيل حياتها الى جحيم جزاء فعلتها....
وهيام التى جلست تشاهد التلفاز بكل تعالى وهى تلمح بطرف عينيها نظرات شقيقتها حنان التى جلست تتربص بها مثل كل يوم....عسى استطاعت ان تفتعل معها مشاجرة ...او ان تسبها وتخرج ما بقلبها نحوها من غيظ....
وتلك نسرين التى خرجت غاضبة بعد ان اخذت اموالا من خلف ظهر والدتها المربيه الفاضله......ككل يوم تخرج ولا تلقى لوالدتها بالا ولا تحسب للدنيا هماً....
وتلك ندى التى لا تعلم ماذا تدبر لها استاذه نوال من مصائب ....جلست على سجادة الصلاة تقرا فى مصحفها الاخضر الصغير ككل يوم بعد صلاة العشاء...وتدعوا الله ان يوفقها لما فيه الخير وما فيه رضاه....
هذه نوران جلست تفكر فى مكالمة تلك الفتاه السمجه سماء الوكيل والتى ذكرتها بحديثهم ..وبسرعة قبول عرضهم والا سيتصرف الضابط شريف متولى بطريقته الخاصه....
ونجاح تلك المتألمة المنتظره.....التى لا تعلم من بين المها ما سيحل بها قريبا....انها تتجه نحو ايام وشهور من الالم والعذاب والانتظار......
والاكيد ان احوال الشباب لم تكن تختلف ....
فهذا باسم عاد الى منزله بعدما ارهقه التفكير واعياه التوتر........يجلس وحيدا كالعاده ينتظر عودة والدته عسى وجد عندها حلا او سمعت له ولو مره واحده.........
وذلك وليد يجلس فى النت كافيه يتحدث على غرفة الشات مع فتاه تعرف عليها وهو يحدد الان معها موعدا ليتقابلا ويراها اول مره....ويتمنى فى نفسه ان تكون كما قالت جميلة ...اجمل من ساره المغروره...
وذلك رامى الذى جلس يقرأ خطاب امانى وهو يعد نفسه ان يحرقه يوم يرتبط بندى...فهكذا قرر يوم حصل عليه ان ينهى حلما حين يجد حلما آخر التضحيه من اجله...
وهذا سامح السابح فى دوامات من الافكار التى تشل تفكيره......فهو بحق خائف....فمستقبله على الحافة ...وحياته كلها تنهار امام عينيه ودون ادنى استطاعة منه لان ينقذ نفسه.....
وحاتم المهموم بكل تلك المشاغل والمشاكل من سامح والحاج منصور والمحامى العجيب وشقيقته هدير ونوران الرقيقه....وتلك ساره التى واضخ انها تنوى ان تحمله بمشكلة اخرى ....
وهؤلاء سعيد وشعبان المهمومين بنجاح....ومصيبتها وبغيظ ياكل قلبيهما غضبا .....والحاج منصور الذى يكبل غضبهما ويصر على ان لا يتعرضا لسامح باذى...
كان يوما حافلا عند الجميع..........ترى اينتهى اليوم عند هذا الحد ام لا يزال فى الاحداث بقيه؟؟؟
.................................................. .....................
جلست نسرين بجوار ذلك الشاب فى سيارته التى اكتست نوافذها باللون الداكن ...ووضع عليها شارة توضح ان قائدها يمت لضباط الجيش بصلة ما ......
وجلست هى بثقة تضحك وتمزح معه ..وتعدل من شعرها فى المرآه...فقال بمكر: قمر ياخواتى؟؟؟ ما رايك اين نذهب اليوم؟؟تيجى نسافر؟؟
قالت بدلال ومكر مماثل :مكان ما تحب يا وائل....المهم اكون معاك...
ضحك وادار زر الصوت لجهاز التسجيل بالسياره على اعلى صوت وقال :اسمعى الغنوه دى...اهداء منى لاجمل نانا فى الدنيا
ضحكت هى الاخرى وتمايلت مع الموسيقى وصقفت بيدها ورددت كلمات الاغنيه بصوتها...وانطلق وائل بسيارته يخترق الطرقات ......حتى وصل الى الطريق السريع
فدخل بسيارته الى محطة البنزين التى تقع فى الطريق الدائرى وخلفها وقف مع عشرات السيارات عند محل العصير الشهير الذى يقع خلف تلك المحطه بالذات ..ومما زاد شهرتها انها اصبحت تجمع لكل شاب وفتاة يريدان الاختلاء سويا بعيد ا عن اعين الناس....
وقفت السيارت وبداخلها الشباب..والفتيات...هذا يهمس فى اذن فتاته.......وهؤلاء يشربون العصير وهم يجلسون على مقدمة السياره.....هذه الفتاه تستند بظهرها على سيارة صديقها فى حين وقف هو واضعا يده على كتفها..مشاهد مبتذله....واخلاق فاسده...
كانت نسرين لا تهتم بما يدور حولها.....كان اهتمامها منصب على وائل...ذلك الشاب الذى تعرفت عليه حديثا...كانت فى رحلة تابعة للكليه وكان هو مع اصدقاؤه على شاطئ الاسكندريه...واعجبته وتبادلا الارقام سريعا......وتبادلا الاتصالات سريعا ثم توالت المقابلات والنزهات الشبه يوميه...
قال لها مداعبا :وحشتينى يا نانا.....
قالت بمرح:لسه شايفنى الصبح يا كداب....لحقت؟؟
رد عليه وهو يميل براسه نحوها ويهمس :انا واقع فى حبك يا بت...
ضربته فى كتفه وقالت بغضب مصطنع:ايه بت دى؟؟ انت بيئه ولا ايه؟؟ انا نانا
امسك يدها وقال :اجمل نانا والله العظيم بحبك.........
ثم تحرك سريعا وتدلى بنصف جسده من نافذة السياره وقال بصوت مرتفع :بحبك يا نانااااااااااااااا
ضحك الشباب حوله واشار له احدهم بيده وقال :اشطه يا عم.....
فى حين ضحكت نسرين بصوت عالى وقالت:يا مجنووووووووون
عاد يجلس بجوارها ويقول :مجنون بيكى....
قالت فى جديه :اخبرنى حقا...لمن تلك العلامة على سيارتك؟؟ انت مش كلية عسكريه؟؟والدك؟
قال بثقه :انا....تحت امرك يا فندم اللواء وائل ابو المعاطى فى خدمتك....
اطلقت ضحكة عاليه وهى تقول :لواء....!!! طيب يا عمو ....قول بقى ...!!
قال :ابويا....سيادة اللواء...وهذا الملصق لزوم المنظره والتفاخر والبعد عن المخالفات والبلاوى اياها....
ضحكت وهى تقول :يعنى حصانه يا باشا....
فبادلها الضحكات والمزاح بشان والده ...وسيارته المخالفه لكل قوانين المرور ولكنها بالطبع لانها تحمل ذلك الملصق فهى فى حماية الشرطه والقانون والمرور ايضاً....
انهت الفتاه والفتى لقاءهما ......وخرج بالسيارة مسرعا الى الطريق السريع.......وظل يحاور ويناور السيارت بمهارة وحماقة ايضاً......محاولا ابهار نسرين بتصرفاته الصبيانيه .....
فى حين سحبت نسرين حزام الامان بسرعه وقالت وهى تربطه وتصرخ وتضحك ببلاهه :يا مجنون......هاتموتنا يا وائل ...انتبه...وااااااااااائل...... ..
ما هى الا لحظات...واختلت عجلة القيادة بين يديه....وافلتت من تحت سيطرته....فطارت السياره وعبرت الحاجز الفاصل بين حارتى الطريق وارتطمت بسيارة اخرى فى الطريق المعاكس .......محطمة اياهاوانقلبت على جانبها بعرض الطريق السريع........ومن داخلها صمتت كل الاصوات عدا صوت الموسيقى العالى وصوت الة التنبيه التى علق صوتها عالى مدوى يقطع صمت كل شئ...........وسالت الدماء....وتناثرت اجزاء السيارتين المحطمتين........والزجاج المتطاير يغطى الطريق.....وهرع الجميع للمساعدة وانقاذ ما يمكن انقاذه.......
ولكن هل يستطيع احدا انقاذ الموتى؟؟؟
.................................................. .............
يتـــــــــــــــــــبع باذن الله
الحلقه الثامنة عشــــــــــــــر
بقلم \يمنى حسن حافظ
كانت ندى تدلف من باب المدرسه الكبير تتجه نحو الحجرة الخاصه بتوقيع الحضور.....حين سمعت الجميع يتحدثون عن حادثة نسرين.......ومن يقول انها توفيت فى حادث بشع......وهناك من يقول انها توفيت بمرض مفاجئ وشديد.....لم تكن تعرف اهذا الكلام صحيح ام انه اشاعة كباقى الاشاعات التى اعتادت ان تسمعها فى المدرسه....!!
اسرعت الى مكتب المساعده زينب بسرعه ....كان باب المكتب مفتوحا ....فخطت الى داخله خطوه واحده وقالت : السلام عليكم استاذه زينب...!!
كانت زينب تجلس على مكتبها منكفئه على صوره فى اطار فضى صغير للاستاذه نوال ومعها كل من رامى ونسرين فرفعت راسها وقالت من بين دموعها :وعليكم السلام ........اهلا يا ندى
وضعت ندى يدها على فمها وقالت فى توتر :الخبر صحيح؟؟؟؟؟
هزت الاستاذه زينب راسها وقالت :صحيح يا ندى .....نسرين بنت الاستاذه نوال تعيشى انتى....لسه مكلمه جارتها الصبح بدرى وبلغتنى...
انطلقت الدمعات من عيون ندى وهى تنظر لصورتها التى كانت تبتسم فيها مع والدتها وشقيقها رامى....وقالت بصوت خافت : لا حول ولا قوة الا بالله
قالت زينب :كانت ملاك....كانت صغيره....دى لسه فى الجامعه...
قالت ندى بسرعه :كانت وديعة الله واستردها يا استاذه زينب..... انا لله وانا اليه راجعون....
نظرت لها زينب فى صمت ثم قالت :تصدقى يا ندى.....انتى فيكى شئ لله...
هزت ندى كتفيها وهى لا تفهم ماتقصد زينب التى اردفت قائله : الله ما جرى لاستاذه نوال
ده ذنبك اندى انتى ربنا بيحبك فعلاً..
لحظتها لم تستطيع ندى ان تصمت فقالت لها :ذنب ايه يا استاذه زينب ....؟؟؟ ده كلام ؟؟
لاحول ولاقوة الا بالله وخرجت غاضبه حزينه متجه الى ارض الطابور ... تحولت المدرسه الى مأتم.........وفى طابور الصباح لم يقم التلاميذ بالقاء الاذاعه الصباحيه والاغنيات كما هو معتاد .........بل قاموا بقراءة القرآن والوقوف دقيقه حداد ثم تحية العلم ...وانطلقوا الى صفوفهم بدون المارش الموسيقى ......
فنسرين ليست فقط ابنه المدرسه بل وابنة ناظرة المرحله الابتدائيه كذلك.......
صعدت ندى الى حجرة المدرسات حيث ليس عندها الصف الاول اليوم
وفى طريقها قابلتها الاستاذه جيهان مرتديه فستان اسود ضيق على حذاء ذوكعب عالى جلدى لامع ...وقد عقفت شعرها للخلف ووضعت اقل القليل من مساحيق التجميل التى اتعادت ان تملاء بها وجهها ...وما ان راتها الا وقالت لها باسى وحزن :ندى....اليك دفتر منهج اليوم...اريد
منك متابعه جداول المدرسات اليوم لفصول اللغه الانجليزيه لانى ساذهب الى نوال ولا اثق فى احدا غيرك لهذه المهمه ....اوك ندى؟؟انا بلغت المدرسات باوامرى دى...
كانت مفاجأة لندى ولكنها مسئوليه كبيره ولابد وان تقوم بها على اكمل وجه ...فهل ستكون على قدرها؟؟
سبحان الله..........سبحان الله
كل فى هذه الدنيا فى حال.....هنا فى المدرسه والمناهج والدروس.....هناك عند المستشفى ام فقدت ابنتها فى لمح البصر ماذا ستقول للاستاذه نوال قد يخفف من المها..........وماذا سيكون حال رامى الان...؟؟
**************************************************
وقف كل من سامح وحاتم والمهندس حمدى يتهامسون فى انتظار موعد العرض على وكيل النيابه والذى كان فى التاسعة صباحا فى سراى النيابه.....
كاد سامح ان يغشى عليه من شدة الدوار الذى يعانى منه ..لم يكن دوار بسبب تاثير العلاج او الصدمه التى سببها الحادث.....ولكن بسبب تلك الوجوه المشبوهه التى اضطر لاول مره ان يخالطها وان يقف الى جوارهم كتفا بكتف .....ووجها لوجه...
لم يكن يتخيل ان تكن هذه هى نهاية حياته المهنيه والاجتماعيه...بعد ان كان مهندسا محترما فى تلك الشركه الكبرى التى يعمل بها وله كل الاحترام يضطر الان لان يتعامل مع تلك الفئه الدنيئه من القتله واللصوص والنصابين؟؟؟
لايستطيع ان يصدق عينيه فيما يراه ...هو الشاب المسالم جدا منذ كان طالبا فى كليته...لم يتورط فى اى شجار عادى حتى.....يقف الان متهماً......!!!
استند برأسه على الحائط خلفه واغلق عينيه ....لابد وانه يرتعد ....لقد كان حقا فى قمة الخوف....فوالده المهندس حمدى لم يكن هو الاخر رجل مشاكس....او حتى اجتماعى.... علاوة على انه رجل هادئ قليل الكلام...بشكل كبير فتربى سامح على مبدأ واحد..... "اهتم بشئونى ...وشئونى فقط"....عاش طوال خمس سنوات فى شركته فى حاله.....لا يعترض.....لا يعارض.....قد يرى البعض هذا جبناً......وقد يراه الاخرون انزواءً....ولكن الاكيد انه على قدر مرور خمس سنوات فى عمله الا انه لم يكتسب المهارة الاجتماعيه المطلوبه فى التعامل مع مثل هذا الموقف....
افاق على كلمات حاتم وهو يقول :اليس كذلك يا سامح؟؟
فتح عينيه واعتدل فى وقفته وقال بيأس شديد :هه....ماذا ؟؟لم اسمعك جيدا يا حاتم...!!
فربت حاتم على كتفه وقال :كنت اقول انك ستدخل بمفردك ...فغير مسموح لاى منا ان يدخل معك...فلا تخف باذن الله ...ولن يمر اليوم الا وسنكون قد وكلنا المحامى ....لقد اعطانى صديقى "عبد الله حسن" تذكره!!! رقم عمه المحامى الكبير "مجدى حافظ"وباذن الله خيرا...
هز المهندس حمدى راسه قائلا بعد صمت نصف ساعة كامله ."مجدى حافظ"؟؟؟؟
حقاً....انه محامى متمكن وقدير واسمه يتردد كثيرا .....
سرت الرعشه الخفيفه فى كل اوصال سامح مره اخرى....وشعر ببرودة تسرى فى كل جسده...
وابتلع كلماته وغمغم بشئ غير مفهوم....ثم قال وهو يتنهد : ربنا يسهل باذن الله.!!
وحان موعد العرض على وكيل النيابه..........
دخل سامح يجر قدميه ويطأطأ راسه وينظر بقلق فيما حوله.....دخل الغرفه..........واغلق الباب
تصبب عرقا وهو يقف امام وكيل النيابه والذى شكله يوحى بانه يكاد يصغره بعشر سنوات كامله .
قال وكيل النيابه بصوت جدى ومرعب تدرب عليه بالطبع مئات المرات :اسمك....سنك .....وعنوانك؟؟
اخبره سامح بما يريد ان يعرفه ....ومد يده فى جيبه ليبحث عن منديل ورقى يمسح بع جبينه فما كان من وكيل النيابه الا ان صرخ فيه بقوه وقال :طلع ايدك من جيبك ..واقف عدل قدامى...انت واقف فى نيابه مش على الرصيف....!!!
فتح سامح عينيه عن آخرهما.....فهذه اول مرة يحدثه احدا بها الاسلوب و يجد نفسه يعامل بكل هذه الاستهانه....
تردد وقال :انا كنت اخرج منديــ..........
قاطعه قائلاومتأففا : باقولك ايه ...هاتحكيلى قصه؟؟ اقف عدل ......وجاوب على الاسئله....خلينا نخلص ...
اسقط فى يده.....ووقف معتدلا طوال الوقت ......اجاب جميع الاسئله....وهو يتوقع ان تكون الايام القادمه اشد سوءً.....فهذه البدايه اليوم والغير مبشره........مجرد بداية فقط.
**************************************************
دق هاتف ماجد المحمول.....وهو يقود سيارته صباحا فى طريقه الى شركته ...وضع السماعه اللاسلكيه فى اذنه واجاب المتصل وهو يرحب به:صباح الفل يا باشـــــــــا ....اخبارى ايه عندك؟؟
اجابه المتصل :كله تمام الاوراق جاهزه من امبارح....
ضحك ماجد وقال :والله انت راجل يعتمد عليك يا كمال....الباشا بتاعنا هايفرح اوى للاخبار دى...
واغلق الهاتف واعاد الاتصال بشريكه فى قطر ..
قال بصوت مرح :باشاااااااااااا.......اخبار رائعه..
فاجابه الصوت من الناحيه الاخرى : الورق خلص؟؟ الشحنه قادمه يا ماجد ولا اريد مشاكل مع الجمارك هذه المره....
قال ماجد :لا تقلق يا نبيل كل شئ تمام....
استدك نبيل فى حديثه وقال : ما اخبار الفتاه التى اخبرتنى عنها يا ماجد......هل عرضت عليها الموضوع؟؟
ضحك ماجد بصوت عميق وقال :ساااااااااره.....دى بنت روعه....هاتحب تفكيرها اوى يا نبيل ..حقيقى تنفع معانا جداااااااا...ولكن المشكله انها لا تزال فى الكليه...
ضحك نبيل وقال :كليه ...!!! ومن امتى دى كانت مشكله؟؟ اخلص يا ماجد انا جاى مصر على الاربعاء.....ظبط لى ميعاد عشان اشوفها.....اوك..!!سلام
ابتسم ماجد ابتسامة ذات مغزى.....فمجرد ذكر اسم ساره يجعله يبتسم......هى بالفعل مجرد فتاه فى قائمة دسمه من قوائم الفتيات الاتى يعرفهن...ولكنها جريئه جدا.....لم تتعبه ليتعرف عليها ومع ذلك تراوغه فى الحديث بذكاء يعجبه.....كم يعشق حاله التشويق هذه.....وساره تتفنن فى وضعه فى تلك الحاله طيلة جلستها معه.....
كان قد وصل الى مقر الشركه .....وما ان دلف الى مكتبه حتى اتصل بساره على الفور ودون تفكير...فلابد من تدبير موعد معها قبل ان تقابل شريكه نبيل حتى يفهما ما المطلوب منها بالضبط...وهى حجة ماكره ايضا كى يراها قبل الموعد الذى حدداه فى مقابلتهم السابقه....
وما ان دق هاتف ساره باسم ماجد ............دقه واحده ولم تكتمل الدقه الثانيه ختى اتاه صوتها متثائبا..... كسولا...هادئا.....صوتها وهى مستيقظة لتوها.....
قالت بدلال مصطنع يزيد من رقتها ويضيف على صوتها سحرا من نوع آخر :هااااااااى ماجد صباح الخير...!!
قال بهدوء شديد يكاد يهمس فى اذنها :صباااااح الجمال يا جميل يا كسلان...
ضحكت بعفوية لاول مره وهى تقول:كسلانه ايه بس احنا الفجر......
رد عليا مسرعا بتعجب : دى تسعه يا كسلانه ...بس واااااااو ايه دة؟؟؟مش ممكن يا ساره....معقووووووول
قالت بسرعه :ايه؟؟ فى ايه؟؟
قال فى خبث :الضحكه دى جديده...اول مره اسمعها بجد تحفه....
اعتدلت فى جلستها وقالت بعد ان افاقت قليلا : والله انت ال تحفه يا ماجد ....بتكلمنى عشان تعاكسنى حضرتك؟؟
ضحك وضحك وضحك..ولم يتوقف عن الضحك الا بعد ان سعل من كثرة الضحك
قال ضاحكا : اعاكسك...!!! اتفقنا...تعالى قابلينى عشان اعرف اعاكسك كويس ....وبعدين اعاكسك ايه وانتى لسه صاحيه كده..!!.اقولك ايه العينين المقفله دى....!!!
ردت عليه بضحكة طويله قائله : مالها العنين المقفله بقى؟؟ وانت تطول؟؟
كان الحوار كله من هذه النوعيه...وانتهى بتحديد ميعاد قريب جدا كما توقعت ساره...او كما خططت....
اغلقت الهاتف مه ماجد بعد نصف ساعة قضياها يتحدثون فى لا شئ محدد........يضحكون على كل شئ.........فى تفاهة وفراغ وسماجة لا نهاية لها....
لم تنهض ساره من فراشها بعد.....امسكت هاتفها وبحثت عن رقم حاتم.....اضافته فى مجموعه خصصتها لاسمه فقط.........اضافت نغمة مميزة له.........اضافت صورة لقلوب حمراء نابضه لاسمه...
دق قلبها سريعا وهى تفكر ان تتصل به.........فركت عيناها بكسل ثم جلست على حافة الفراش....
وضعت الهاتف على الوساده........امسكت به مره اخرى وطالعت الرقم.........اعادت الهاتف فوق المنضده.........ثم التقتطه سريعا وهى تتردد فى ان تضغط زر الاتصال............وبسرعه ابعدته عن يدها ....هزت راسها فى عصبيه........فركت وجهها بيدها .....ثم شردت قليلا......وعادت لتجذب الهاتف وتحتضنه بين كفيها.........نظرت للشاشه المدون عليه رقم واسم حاتم......
تأففت بصوت مسموع ....فهذه اول مره تتردد فى قرار........ليست من هذه النوعيه.....دائما تعرف ماذا تريد وتفعله دون تفكير..........لماذا التردد حينما يكون الموضوع يخص حاتم؟؟
لكم تكره ان تشعر بالضعف هكذا...ولكنها ايضا تشعر بشئ رائع انها تضعف امام حاتم.........قد يكون هو الانسان الوحيد الذى عشقت ضعفها امامه....وضعف قلبها نحوه...
ان ترددها هذا يعود لانها لا تريد ان تفسد الفرصه التى اتيحت لها وقدمت بين يديها على طبق من الذهب ودون عناء.........فقد حصلت على رقم هاتفه بسهوله لا مثيل لها....ولكن هل يا ترى محادثته على الهاتف ستكون بهذا اليسر؟؟
لن تعرف الا اذا اتصلت به....وبالفعل امسكت هاتفها هذه المره وقد قررت ان تحدثه.......عسى ارتاحت قليلا من تفكيرها.....وآتاها صوت الدقات من السماعه يضرب على اوتار قلبها....يزيد من نبضاته....دقات متواصله....دقات طالت دون جواب........دقات ما اخمدت معها حماستها.....ولكن بالاحرى اشعلتها اكثر.....نعم فهى لن ترضى بهذه النتيجه دون اعادة محاولات....فحاتم يستحق عناء كل المحاولات بالقطع.........
*************************************************
كانت الليله السابقه حافلة بالاحداث .....خاصة على الطريق الدائرى وعند مدخل المستشفى الحكومى القريب .....فقد جلست الاستاذه نوال على حافة الرصيف امام باب مستشفى هليوبليس دون مراعاة لمركزها او لاتساخ ملابسها .....تغطى وجهها بكلتا يديها....وهى تهز نفسها للامام وللخلف فى حركة عصبيه غير اراديه.....وهو تغمغم وتقول :نسرين يا بنتى.....ياحبيبتى ...قلبى عليكى اتحرق يا قلب امك....يا حته من جوايا يا بنتى....يا حبيبتىىىىى ...يا حبيبتىىىىىى
ثم انهارت تبكى وقد راتفع صوتها بالنحيب والعويل مرددة اسم ابنتها ......ومن حولها وقف جيرانها فى العماره ...وبعض الشهود على الحادثه.....وقد امتلاءت الساحه باصوات البكاء والنحيب والحديث والحوارات الصاخبه....
ثم شعرت بيد تهزها ...وشخص يمسك بيدها لتنهض مع على الارض ....نظرت فوجدت عمرو ابنها الاكبر يقول لها :قومى يا ست الكل .....
وقفت وهى لا تقوى على الاعتدال وانهارت وارتمت بين احضانه وظلت تردد كلمات غير مترابطه :عمروو...نسرين اختك....راحت ....ماتت....ابوك راح...كل حاجه راحت..يا حبيبى يابنى...
ومن خلفها سمعت صوت "هند"زوجة عمرو وهى تربت على كتفها و تقول لها من بين دموعها :شدى حيلك يا ماما ...شدى حيلك
مرت لحظات ووقفت سيارة فاخره امام الباب الخلفى للمستشفى والمخصص للطوارئ وهبطت منه سيده تكاد تنكفئ على وجهها من كثرة البكاء....تحتضن حقيبتها الجلديه الفاخره وتقول : وائل........وائل يا بنى ....يا حبيبى.....
وتدفع الناس لتدخل الى الطوارئ والتى اكتظت بالاطباء والممرضات
ودخلت السيده يتبعها زوجها وقد اصفر وجهه وامتقع...ووقف يصرخ فى الاطباء ويقول :عايز حد يكلمنى...........حد يقولى ابنى فين؟؟؟
وامسك بطبيب من الاطباء وظل يهدده ويكاد ان يضربه وهو يطالبه باخباره اى شئ عن ابنه الذى تم نقله الى المستشفى فى حادثة الطريق الدائرى ..
اخبره الطبيب: هناك سيارتان تهشمتا تماما فى الحادث وقد توفى شابان وفتاه....وهناك اثنين آخرين وفتاه اصاباتهما بالغه ....
فقال الرجل :وائل ابنى؟؟ كيف هو؟؟ سانقله فورا من هذه المستشفى الفوضى سانقله الى مستشفيات الجيش الخاصه بنا....اريد مديرك الان.....ولن اسمح باى تهاونـــــــ.......
قاطعه الطبيب بحده قائلا:يا سيدى نحن نعمل ما فى وسعنا ... عندك مدير المستشفى اطلع عنده فوق وسيبنا نشوف شغلنا....
ثم تركه ودخل الى الغرفه المغلقه.......فاسرع الرجل يبحث عن مدير المستشفى فى حين وقفت الام محتضنه حقيبتها امام الباب المغلق لا تتحرك.........
وقف رامى وسط هذه التعقيدات والهرج والفوضى لا يجد من يحدثه.....تكاد قدماه لا تقويان على حمله.....هل يعقل هذا؟؟
فى لحظة واحده يفقد شقيقته الصغرى الحبيبه....
فبعد ان اتصل به شخص غريب من هاتف نسرين يخبره ان صاحبة هذا الهاتف قد توفيت فى حادث على الطريق واسرع هو ووالدته لمكان الحادث فعرف ان الجميع تم نقلهم الى المستشفى ومنذ دخل الى الطوارئ وهو لا يستطيع ان يعرف اى شئ......فداخل الحجره المغلقه بباب خشبى كبيركان الاطباء والممرضات يحاولون انقاذ ما يمكن انقاذه....
ساعتين كاملتين حتى خرج طبيب يطلب من اهالى الضحايا التعرف عليهم....
دخل رامى مرتعشا....باكيا منهارا....وبجواره وقفت والدة وائل وبعض الاشخاص الاخرون..
كانت الدماء تغطى كل شئ ارض الغرفه.....الملاءات....الاسره. ..ملابس الاطباء والممرضات...
وما ان دلف الطبيب ليتحدث مع الاهالى ويخبرهم .....الا وارتفع الصراخ..........وساد البكاء والعويل.........
خرج رامى من الحجره شاحبا.......متكئا على الجدار....فاقبل عليه عمرو ....يسنده...فسمعه يقول من بين دموعه :نسرين.......!! نسرين يا عمرو......مش قادر اشوفها كده....مش عارف هاتقدر تمشى تانى ولا لاء.....
احتضنه عمرو وقال :الحمد لله .الحمد لله.........يا امى الحمد لله ....الحمد لله......
ومن خلفه حضر الرجل والد وائل يهز زوجته من كتفها ويقول :لا تقلقى يا تحيه...كلمت المدير وهاننقل الولد على مستشفى تانيه غير دى خالص.....انا مش هاسكت....ده ابن لواء جيش مش اى حاجه....
فالتفتت له والدموع تغرق عيناها وقالت من بصوت مرتجف :ابن اللواء مات يا سيادة اللواء...
ابنى مات .............وائل مااااااااات .....ابنى ماااااااااااات
ووقعت على الارض.....فى حين جلس هو بجوارها على الارض هو الاخر...وانهارت تلك اللهجه المتعاليه ....وذابت تلك النظرات القاسيه....وهدأ الصوت العالى تماما .....فلم ينفعه انه لواء........ومن حوله تعالت كلمة واحده تردد صداها فى اركان الطوارئ "انا لله وانا اليه راجعون"
************************************************
فتحت هيام عينيها على صوت محمد ابن شقيقتها حنان وهو يجلس على ارض الحجرة يعبث فى احذيتها المبعثره هنا وهناك..........ويدق بالاحذية على البلاط....
التفتت له وقالت بكسل تخالطه العصبيه :محمددددددد ولد بطل دوشه ...يلا روح العب عند ماما..
فلم يجيبها بل قذف عليها الحذاء وهو يضحك ....
فقالت له :تؤتؤ عيب يا محمد....
ثم لاحظت بللاً على الملاءه وعلى وجهها..فاخذت تتشمم البلل وهى تتوجس خيفة ان يكون محمد قد فعلها فى الحذاء هذه المره....فالمره السابقه فعلها فوق فستانها الجديد والذى كانت قد انتهت للتو من كيه......
فاعتدلت وقالت له :ايه ده ؟؟؟ ايه القرف ده؟؟
ضحك الطفل الصغير وهو يعيد قذف حزاء آخر عليها
فجلست وقالت بصوت عالى :ماااااااااااااااااااااام� �اااااااااااااااااااا يا حنااااااااااااااااااااااا اان
وعلى السرير المقابل كانت جدتها تغط فى النوم ففتحت عينها بفزع وقالت :ايه...خير خير....حصل ايه؟؟
لم تجبها هيام بل اكملت صراخها وهى تنادى والدتها وشقيقتها بدون اى اكتراث وهى تقول اوووووووووف يع يععععع
هرولت والدتها تدخل الحجره وهى تحمل فى يدها ملابس لمحمد وهى تقول :ماذا حدث يا هيام اتستيقظين على الصراخ؟؟
تاففت وقالت وهى تشير لمحمد : وحد يصحى على القرف ده على الصبح...ايه ده؟؟عايزه اعرف حالا ...دى ميه ولا ايه؟؟؟
ضحكت والدتها بشده وهى تقول لمحمد :اخص يا ميدو...كده؟؟هيا لتستحم ....يا شقى..
صرخت هيام وقالت بعصبيه وتقزز وهى تهرول لتخرج من الحجرة مسرعه :لالالالاء سيبولى الحمام بقى....يعععععععع
وقفت حنان نتظر اليها وهى تضع يدها فى وسطها وتضحك بسخريه وتقول :هه...وقرف ايه يا ست هيام؟؟؟
التفتت اليها هيام و صرخت فى وجهها :الا تستطيعى ان تهتمى بشئونك لدقيقه واحده؟
تحولت حنان الى الشراسه فى لحظه حين قالت بعنف : ابنى من شأنى ....ثم من اعطاكى الحق لتصرخى بوجهه هكذا؟؟انا امه يا هيام هانم....مش انتى.....
قالت هيام وهى تدخل الحجرة مره اخرى لتخطف المنشفه الخاصه بها من فوق حافة السرير :حاولى ان تربيه طالما انك امه ....بدلا من اسلوبك السلبى معه هذا....
لم تدرى هيام الا انها تسقط فوق حافة السرير بعد ان دفعتها حنان بعنف شديد وهى تقول :والله ماعايز يتربى غيرك يا ..........وسبتها بلفظ يدل على عدم الحياء ........
نهضت الجده تحاول ان تفض بينهم هذا الاشتباك...فلم تستطع فظلت تصرخ وتنادى ككل يوم :يا أماااااااااااال انتى يا اماااااااااااااااال حوشى.....حوشى هايموتوا بعض...
ولكن لا امال حضرت لتفض الاشتباك....ولا تغير شئ منذ عام ..........
نعم كانت هذه عادة الصباح فى بيت هيام .....منذ اقامت حنان فى المنزل وتحول الى ساحة حرب لا تهدأ....ولكن هيام تعرف كيف تغضبها ...وكيف تثير حنقها....وكيف تضغط على اعصابها بكلمات مستفزه ومهينه.........فيكفيها ان تقول لها :ليه الحق ان طلقك....فمن يستطيع ان يعيش مع زوجة معقدة مثلك؟؟
وتهدأ الحرب كما اشتعلت الى ان تبدأ مره اخرى .............وهكذا
ولكن مالا يهدأ قطعا......النيران التى تثيرها هيام فى صدر شقيقتها.....
***********************************************
جلست هدير فى ساحة الجامعه...وعيونها تبحث عن باسم الذى لم يحضر كما توقعت منه ان يفعل .....او كما تمنت.....حضرت غاده وساره ولميس وهيام........ولم يظهر اى من الشباب اليوم....
كانت الظروف سانحه للميس التى انتحت بغاده جانبا قائلة لها :غاده ....تعرفى هيام قالت ايه عليكى امبارح؟؟
هزت غاده كتفيها وهى تقرض فى اظافرها كعادتها وقالت :هاه....ماذا قالت؟؟
قالت لميس بخبث :انك انت التى سرقتى الخاتم من منزلى....تصورى؟؟؟؟؟
قطبت غاده حاجبيها وقالت بغضب :ايه؟؟؟؟انا؟؟؟؟اما دى صحيح حقيره...!!وانا ال فاكراها صاحبتى؟؟
فقالت لها لميس بحب مصطنع :معلش يا دودو انا باقولك بس عشان تاخدى بالك منها ...انا فعلا اكتشفت انها حقيره....وليس بعيد ان تكون هى التى سرقت الخاتم وتحاول ان تلصق التهمه باى شخص....
ثم قالت لها :ساتحدث معها لتعرف اننى لا اقبل اسلوبها معك يا دودو ابدااااا....ولا تعلمينها اننى اخبرتك...اتفقنا؟؟
اعادت غاده اصبعها فى فمها واعادت تقرض فيه وهى تهز راسها موافقه على كلام لميس والتى هى الاخرى ابتسمت ابتسامة رضا وهى ترى ان خطتها بدأت تنجح فهاهى تفرق المجموعه وقتها فقط ستظهر السارقه بخطأ غير محسوب....همذا تظن لميس....
نادت لميس على هيام تريد ان تتحدث معها على انفراد
فى حين جلست غاده مع ساره وهدير تخبرهم بما قالته لميس لها عن لسان هيام....
رفعت ساره حاجبيها وهزت راسها وقالت :هى قالت ان هيام من اتهمتك؟؟؟ غريبه هيام حدثتنى بالامس ةاخبرتنى ان لميس تتهمنى انا ....تخيلوا؟؟؟؟
ثم نهضت ساره وقالت بعنف :يا بنات لميس تلعب لعبه قذرة ويبدو لى ان ليس هناك خاتم قد سرق من الاساس...وهذه محاوله واضحه لتفرقنا وتصبح هى فقط محور المجموعه.....تؤتؤتؤ دى حركات سيكوباتيه واضحه جداااااااااا...
كانت لميس تخبر هيام بان غاده تتهمها بسرقة الخاتم وانها ليست اول مره تثير الاتهام ضددها
ثارت هيام بغضب وقالت :انا...؟؟؟؟ لاء بقى دى اكيد اتجننت ....واضح انها غاده طبعا طالما توزع الاتهامات هكذا...........وانا من ظننتها صديقتى؟؟؟؟
عادت الفتاتين الى المجموعه الجالسه.........
وقفت ساره تقول للميس بسخريه :ها يا لميس هل وجدتى الخاتم المسروق منك؟؟
لم تتوقع لميس هذا السؤال .....بل لم تحسب اساسا حساب جرأة ساره ....فتلعثمت وقالت بمرح مصطنع :خاتم ايه؟؟؟؟ أأه الخاتم ....لاء والله يا ســـــــا....
قاطعتها ساره بعنف وقالت :عيب يا لميس.....لما تحاولى تتهمى اصحابك بسرقه شئ من بيتك واضح انه لم يسرق اساسا......
فتحت البنات عيونهم وسرت الهمهمات بينهم ...
اندهشت لميس لكلمات ساره وقالت :انااااا ....انا لم اتهم احدا......
قالت ساره بل اتهمتينى واخبرتى هيام بذلك.....
ثم اخبرتى غاده ان هيام تتهمها والله اعلم ماذا اخبرتى هيام الان.؟؟؟؟
شهقت هيام وهى تقول للميس... يعنى غاده لم تتهمنى؟؟
تعالت صيحات غاده :انا........؟؟؟لم يحدث والله...ماهذا يا لميس؟؟؟ماذا تحاولى ان تفعلى ؟؟؟
تلعثمت لميس.........ترددت .......احتارت ......اسقط فى يدها وهى تكشف امامهن
الان فشلت خطتها بكل بساطه ......ولن تستطيع ان تعرف من سارقة الخاتم ابدا........ضاع الخاتم ...كما ضاعت صديقاتها منها بتلك المحاولات الغير محسوبة منها.....
صرخت ساره فى وجهها وقالت :لم اكن اتخيل انك بهذه الحقاره....لماذا يا لميس؟؟
نحن نحبك ولم يكن هناك اى داعى لهذه المحاولات لتحظى باهتمامنا .....ماذا ستجنين حين تظهرينا بمظهر السارقات؟؟؟
وتركتها وقالت : لم اكن اتوقع هذا منك ابدااااااااا......هيا يا بنات ....
وتركوها تقف بمفردها تحترق غيظا لا تعرف ماذا تفعل ..........لقد انقلبت الخطه عليها...والان لا سبيل لعودة الامور الى سابقتها.....وبذكاء ساره استطاعت ان تحظى بكل شئ...........كعادتها لا تترك شئ يعجبها يضيع من بين يديها بسهوله .......لابد وان تحصل عليه مهما كلف الامر وهاهى تحصل على
الخاتم الذهبى.........وشلة الصديقات.....وظهرت بمظهر القويه المدافعه عن حقوقهن....
يالك من ماكرة حقا يا ساره....
ترى ماذا ستقول هدير وباقى الصديقات ان علمن انك انت التى سرقت الخاتم؟؟؟
يتـــــــــــــــــــبع باذن الله
جزاك الله خيرا اخي محمد
علي الحلقه الممتعه
ونحن في انتظار البقيه
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الحلقه التاسعه عشـــــــــــــــــــــر
بقلم \يمنى حسن حافظ
كان النهار يكاد ان ينتصف وقد جلس باسم فى حجرة والدته على طرف الفراش يراقبها وهى تلملم الاوراق الخاصه بها وتدسها بسرعه بداخل حقيبة جلديه صغيره وتعد اوراق بعض العملات النقديه التى غيرتها من الصرافه ..
ومن حولها ثلاث حقائب للسفر اكتظت كل منهما بالملابس .........وهى تدورحول نفسها وتنهمك فى ترتيب كل شئ
ولم يستطيع باسم ان يكتم غيظه وهو يرى فرحتها الشديده ....انها اخيرا ستسافر وتحقق الحلم الذى عاشت سنوات تحلم به
ولم تفكر للحظة واحده فيه........
ماذا سيفعل فى البيت وحيدا؟؟؟
ماذا سيكون مصيره ان تعب او شعر بالقلق او حتى لم يستطع ان يستيقظ فى موعده للكليه.!!!
تافف بصوت مسموع التفت على اثره والدته ثم قالت بحنان بالغ :مالك يا باسم حبيبى ؟؟
ولكنها لم تنتظر اجابته فقالت بسرعه :أه ....تذكرت ....هلا احضرت لى جواز السفر والتذكره من الصاله....ستجدهم فوق الكونصول !!
فنهض باسم بتكاسل شديد وهو يؤرجح يديه وعاد حاملا جواز السفر وهو يقلب فيه ....ثم ناوله لها وهو يقول :خلاص....مسافره الفجر؟؟
قالت له بفرحه غامره : نعم يا حبيبى ...أخيرا ....ولا تقلق ساحدثك بالهاتف كل اسبوع ..وسنكون على اتصال دائم ...
ضحك باسم بسخريه وقال بصوت خافت : كل اسبوع....والله كثير !!!
ثم اردف بصوت عالى :وبالنسبه لمصاريفى اليوميه ...فى حال اردت اى اموال يا امى...ماذا سافعل؟؟لا تعجبنى فكره الحواله هذه ....
قالت ببساطه :ساترك لك بعض النقود تكفيك لآخر الشهر ثم بعد انتهاء الشهر سارسل لك الحوالات بمبالغ تكفيك ...هذه انسب طريقه ....ولا تقلق...
هز راسه وقال : لا لست قلقا...ولم اقلق..!! انا لم اعد الطفل الصغير...كما انى تعودت على ان اعيش بمفردى منذ كنت فى الاعداديه....وانت فى عملك طوال النهار والليل .....ساتعامل مع اى شئ...لا تقلقى انت على...
قالت والدته بسرعه : لا حبيبى انا لست قلقه ....فانا اعلم جيدا انك رجل يعتمد عليه....
ثم اردفت وقالت :بالنسبه للطعام يا باسم ....السلطه اشتريها بالاسبوع .... وبالنسبه للطعام المطهى فى المنزل اعددت لك كميات كبيره وجمدتها....تستطيع ان تخرج كل يومين علبه وتعيد تسخينها ...ولا تنسى اعادتها الى الثلاجه حتى لا تفسد....وبعد ان تنتهى هذه الكميات ساوصى ام محمود التى ستنظف البيت بان تطهو لك كل اسبوع ....... واهتم بالفاكهه هذه الايام....كل اسبوع تستطيع ان تذهب عند محل العصير وتشترى علبه من سلطة الفواكه ...هذه ستكون ارخص ثمنا من ان تشترى انواع كثيره من الفاكهه وتفسد....والغسيل يا باسم ....كما علمتك الغساله الاوتوماتيكيه سهلة الاستخدام...فى حال تتعجل على شئ ..غير ذلك اترك الغسيل لام محمود .....هل هناك شئ آخر نسيته..!!
قال بيأس :لا ...لم تنس شيئاً...سوى ان تخبرينى ..ماذا افعل فى حال شعرت بافتقادى لكما..!!
تنبهت والدته لكلماته ولم ترغب فى ان تترك العنان لمشاعرها فقالت بجديه مفتعله :باسم ....مالك؟؟
ما عدت صغيرا على هذا الكلام....الموضوع كله يتلخص فى بضعة اشهر لا اكثر ومن ثم ستلحق بنا....فلم هذا القلق؟؟
ثم اردفت محاولة ان تخرج من الموضوع وهى تأخذ حقيبتها من فوق الفراش وتهم بالخروج من الحجره :هيا ..فالتتناول غذاءك وتخرج قليلا ...اذهب وقابل اصدقاءك لتعرف ما فاتك اليوم فى الجامعه ؟؟؟ انا الاخرى لابد وان اذهب للمستشفى للحصول على ورقه هامه ولاسلم باقى العهده...ساراك ليلا لا تنام قبل حضورى...ساحضر عشاء من الخارج ما رايك؟؟
قال بملل :نعم....وسأوصلك الى المطار بالسياره اليس كذلك؟؟
قالت بجديه : لقد رفعتها بالجراج تمهيدا لبيعها فى الصيف ....ثم ان مالوش لازمه المصاريف بنزين وصيانه....... وسيحضر التاكسى لتوصيلى للمطار..على الساعه الواحده ...ولا داعى لحضورك معى فلقد اتفقت على مبلغ للذهاب فقط ....يلا ..سلام.
فاجأها بقوله بحزم شديد : نعم ...فعلا لا داعى لذهابى لوداعك....عموما يا امى من فضلك اخبرى والدى بانى لن اسافر....وانى لن اترك مصر مهما حدث....
التفتت له بذهول شديد وقالت بصوت يكاد لا يظهر : ماذا؟؟
قال بغضب وقد انفجر بعد صمت دام ايام :لم ياخذ احدا راى فى هذا الموضوع...تستطيعون ان تقرروا ما هو مناسب لكما انت ووالدى ...ولكن لا تقررا بدلا منى ما هو مناسب او غير مناسب..لى!!
عادت الام لتدخل الحجره مره اخرى وهى تضع يدها على كتف باسم وتقول له : ما بك يا باسم؟؟ لم اعرف ان قرار سفرى سيغضبك هكذا...الم يكن هذا هو حلمنا ...بان نجتمع سويا كعائله مره اخرى؟؟؟ ليس المهم اين ولكن المهم ان نكون سويا....
هز باسم راسه وهو يقول بصوت متحشرج يغالب فيه الدموع : سويا...!!بعد كل هذه السنوات من الانشغال بجمع الاموال تذكرتى الان اننا لابد وان نكون سويا؟؟
لقد سافر والدى على اساس اننا سنلحق به سريعا ولم يحدث ذلك ...وحرمت منه رغما عن انفى وانا فى امس الحاجه لوجوده بجوارى ...والان ستتركينى وتسافرى له ..ويفترض بى ان الحق بكما ....ما هذا .....؟؟؟
تتعاملون معى على انى قطعه اثاث تحركونها كيفما تشاءون وتقررون وتخططون حياتى دون الرجوع الى....!!! .
قالت الام بلهجة دفاعيه : لا يا باسم ....كل ما نفعل من اجلك انت....ولمن نجمع المال؟؟ ولم نتغرب ونذهب هنا وهناك؟؟؟والدك يتحمل غربته بدوننا من اجلك.....
قاطعها باسم بقوله : ان كان هذا صحيحا ...فلا تسافرى..واخبرى والدى ان يعود لنا...ونعيش حياة عاديه مثل كل الناس....ارجوك يا امى...لمره واحده فكروا فى رغبتى ولا تفكرون فى تخطيط مستقبلى...
ظلت والدته تغمغم وتقول : الحياه فى مصر بقت صعبه ....المصاريف كثير....وبعدين اعمل ايه فى الاستقاله التى قدمتها من عملى ؟؟ وتذاكر السفر؟؟؟ والوظيفه التى تنتظرنى فى عمان؟؟
والــ.....
قاطعها بياس وقال وهو يخرج من الحجره متجها لباب الشقه : عندك حق .......... مع السلامه يا دكتوره..........وبالتوفيق...
وخرج......وهو يشعر ان لا فائده من مناقشة والدته وانه لن يفلح فى ان يجعلها تغير من رأيها .......فهاهى حياته الاسريه ايضا تنهار كما انهارت حياته العاطفيه فى لحظات.....فماذا تبقى له؟؟؟
.................................................. .............................
وقف رامى ينظر الى نسرين شقيقته بحزن شديد وهى ترقد فوق السرير الابيض وقد لف نصف جسدها بالشاش ...وقد تورم وجهها بشكل اضاع ملامحها تماما......كانت اصاباتها تبدو بالغه ولكنها بأمر الله لم تكن كذلك....
فقد شج جبينها قرب منابت الشعر....واصيبت بكدمات فى وجهها وشقت شفتاها ....فكانت تلك الكدمات سبب التورم........
وكسر ذراعها الايمن....وكسرت قدمها ....واصيبت بارتجاج بسيط بالمخ يسبب لها الدوار...الى جانب بعض الشروخ فى الحوض ستشفى من تلقاء نفسها بعد مرور الوقت اللازم عليها ....وكدمات شديده فى الكتف بسبب حزام الامان ..والذى انقذ حياتها على عكس وائل الذى تحطم قفصه الصدرى تماما من جراء الاصطدام بمقود السياره ...وطار جسده عابرا الزجاج الامامى .......وتوفى ...
كان هلع نسرين كبيرا........فقد كانت تصرخ من حين لآخر ...وتنهار باكية وهى تتألم تاره وتكرر كلمات غير مفهومه تارة اخرى...وتهذى باسم وائل من حين لاخر...
وبجوارها تجمع شقيقيها وزوجة شقيقها هند فى حين جلست ملاصقة لفراشها والدتها ...الاستاذه نوال..تبكى وتنوح وتتمتم بكلمات تندب فيها حظ ابنتها العثر....
كانت تجلس بجوار الفراش لا تريد ان تتحرك من مكانها او ان تتزحزح ...فقد كانت صدمتها كبيره حين وصلها خبر وفاه نسرين الكاذب....ولم تصدق نفسها حين اخبرها رامى ان نسرين مصابة فقط...وان الفتاه المتوفيه فتاة كانت فى السياره الاخرى....وكذلك حين قضت الليل بجوار باب حجرة الطوارئ حيث كان جسد نسرين يرقد فيه دون اى رعايه تذكر..وتتعالى صرخاتها وصرخات المصابين من داخلها طوال الليل.....
ولم تصدق نفسها حين تم نقل نسرين الى حجره عاديه حجرة تراصت فيها الاسرة ورقدت عليها الاجساد المريضه والمتهالكه فى عنبر كبير مشترك....
دلفت من باب الحجرة المفتوح ممرضة تمصمص شفتيها فى سخريه واضحه وهى تتسائل عن سبب استدعائها للمره الثالثه على التوال من قبل اهل نسرين...
فقالت الاستاذه نوال بعصبيه ولهجه آمره :ايه يا بنتى؟؟ فين حقنه المسكن؟؟بقالنا ساعه طالبينها..
وضعت الممرضه يدها فى وسطها وارتكنت بكتفها على الحائط وقالت :دى مستشفى يا حجه مش سوبر ماركت...يعنى فى نظام ...
هبت الاستاذه نوال واقفه وهى تصرخ فى وجهها وتقول :حجه؟؟ ايه حجه دى؟؟انا الاستاذه نوال
وسوبر ماركت ايه؟؟اتكلمى عدل بدل ما اضيع مستقبلك...
اعادت الفتاه مصمصة شفتيها وهى تقول بخبث:ومالو يا حجه ...سياتى الدكتور حالا...هو الوحيد المسئول عن صرف حقن المسكنات ...وابقى اشتكي له منى بقى......
وخرجت قبل ان يوجه لها اى من رامى وعمرو كلمة واحده .....خرجت مهرولة بلا اكتراث وتركتهم فى حالة ذهول...
ومع خروجها دخلت الى الحجره صديقة الاستاذه نوال ..استاذه جيهان ..وهى تكاد تنكفئ على وجهها وقد امتقع وشحب بشكل مبالغ فيه ...وضعت المنديل الورقى فوق انفها فى تقزز شديد ..وهى تنظر بتعجب لهذا العنبر الكبير وتهز راسها فى اسى وحزن وهى تنظر لنوال التى ما ان راتها الا وقد هبت واقفه وهى تفتح ذراعيها عن آخرهما وتقول بحزن :جيهاااااااااااان حبيبتى ...شوفتى ال جرالى يا جى جى؟؟؟
نسرين يا جيهان اتبهدلت خالص ....
وبجوار الحجره كانت الممرضات ...يضحكن ويتحدثن بلا اهتمام بانهن فى ردهات مستشفى
وقد استقبلن تلك الممرضه التى كانت منذ لحظات داخل الحجره .....
فقالت احداهن باهتمام : عايزه ايه تانى يا مها؟؟؟تتنقل حجرة مفرده برضو؟؟
قالت مها بسخريه :لاء ال ايه حقنه مسكن....قلت لها دى مستشفى مش سوبر ماركت ...يا حجه..
ضحكت الفتيات وقالت احداهن :وقالت لك هاتضيع مستقبلك برضو؟؟
قالت مها :طبعا ...ست مستفزه اوى..شوفتى الزياره ال جايالهم؟؟ دى ممثله ولا ايه؟؟؟
قالت ممرضة منهن :شكلهم مستوى عالى .....طيب كانت ربت بنتها...وادبتها احسن .....دول بيقولوا كان فى حبوب منع حمل فى شنطة يدها....ووزجاجة خمر وبلاوى سودا...
مصمصت الفتيات شفاهن وقالت احداهن :استغفر الله العظيم...بلاش افتراء حرام...كده بجد حرام.
قالت الفتاه :بنات نوباتجيه الليل هن من قلن ذلك ....ولست انا...وبعدين بلاش اسلوبك ده يا فاتن...
كاد الحديث ان ينقلب لمشاجره بينهن لولا صوت الطبيب يناديهن بصوت عالى فهرعت كل منهن الى مكانها المعتاد..وانفضت جلسة النميمه بينهن...
وفى الحجره لم تهدأ الاستاذه نوال وظلت تعيد وتكرر الحوار باستنكار شديد..وهى تقول :لاء يا عمرو ...لابد من تاديب تلك الفتاه ...ولابد من ان ننقل نسرين مستشفى آخر ....هنا لا يوجد اى اهتمام ...شوفتى يا جيهان البنت الممرضه قالت ايه؟؟؟
والتفتت الى رامى مكملة الحوار وقالت :ولا ايه يا رامى؟؟
فى حين شرد رامى....وهو لا يستطيع ان يمنع نفسه من التساؤل :ماذا كانت تفعل نسرين فى سيارة ذلك الشاب ؟؟وكيف واتتها الجرأه لتخرج معه ...ولا يستطيع ان يمنع نفسه من ان يحمل والدته ويحمل نفسه مسئولية ما حدث لنسرين...وما آلت اليه من تسيب كاد يودى بحياتها...
افاق على صوت والدته وهى تصرخ وتقول :رااامى رد وقول رايك ايه؟؟
فقال بصوت خافت وهو يهز راسه ويغمض عينيه :لاحول ولا قوة الا بالله ...لا اعرف يا امى......لا اعرف...
فقالت جيهان باهتمام :هدى نفسك يا نوال ...الحمد لله ان نسرين بخير والله انا كنت هاموت من الحزن ...دول قالوا انها....!! تؤتؤ الحمد لله...الحمد لله
فتحدثت هند بهدوء قائله : الحمد لله على كل شئ.....ولكن بعد اذنك يا امى...لى رأى فى هذا الموضوع..لابد من اخذ راى الطبيب المتخصص اولا قبل ان نفكر فى نقل نسرين الى اى مكان...
نظرت اليها استاذه نوال وكانها اول مره تلحظ وجودها...وكانها فجأه تذكرت ان هند هذه كانت السبب فى خروج ابنها الاكبر عن طوعها...وفى محاوله ايضا لتتباهى وتظهر قوتها امام صديقتها جيهان فاجابت هند بشئ من الجفاء والحده قائله وهى تشير اليها بيدها : معلش يا هند من فضلك ....انا لم اطلب رأيك واعتقد ان الموضوع عائلى وانا الان اتحدث مع اولادى....
ابتلعت هند باقى جملتها وارتبكت ثم وقفت وقالت فى ادب وهدوء : طبعا يا ماما ....انا آسفه ...بعد اذنكم ساذهب لأحضر بعض العصير لنسرين....
وهرعت تخرج من الحجره ...فى حين وقف عمرو قال لوالدته معاتبا : وماذا قالت هند؟ اهذا جزاؤها لاهتمامها يا امى؟؟
وخرج خلف زوجته والتى ترقرقت دمعة فى عينيها حاولت الا يراها زوجها وقالت له :لا تعاتب والدتك يا عمرو ..كفاها ما هى فيه....وبالتاكيد اعصابها لا تتحمل اى شئ .....ومعها كل الحق فانا لم يكن يصح لى ان اتدخل هكذا....وفى النهايه هى امك وفى مقام والدتى ايضا ...
ربت على كتفها وقال : بارك الله فيك يا حبيبتى .....تحرجينى بكرم اخلاقك دائما يا هند ...نعم الزوجه والله يشهد...وا..........
قاطعه صوت صرخه عاليه بصوت الاستاذه جيهان فى حين خرج رامى هلعاً من الحجره وهو يطلب طبيبا بسرعه ...
هرع الاثنان بسرعه داخل الحجره متوقعين ان يجدوا نسرين فى حالة سيئه ولكن كانت المفاجأه ..
كانت الاستاذه نوال هى التى سقطت من فوق كرسيها .....وجثمت على الارض فاقدة الوعى ...لا تتحرك....و انحنت فوقها جيهان وهى ترش على انفها من زجاجه العطر النفاذه الخاصه بها فى محولة منها لتجعليها تفيق.....ولكن لا فائده....ترى ماذا اصاب الاستاذه نوال؟؟؟
.................................................. .........................
فى قاعة الانتظار فى مكتب المحامى الشهير "مجدى حافظ" والذى يقع فى الدور الثانى بمبنى من مبانى منطقه العتبه الشهيره ....جلس حاتم هادئ يردد بعض الادعيه والاذكار فى حين جلس بجواره سامح الذى ظل يهز فى قدميه فى حركه عصبيه متواصله ...وهو ينظر للسقف الشاهق العلو شأنه شأن كل المبانى القدميه فى هذه المنطقه ....وبجوارهما كان المهندس حمدى يقلب فى بعض الاوراق التى تم ترتيبها بعنايه داخل مظروف كبير......
لحظات مرت ثقيله ...كان موعدهم فى تمام السابعه مساءً وما ان اشار عقرب الساعه الخشبيه الكبيره المعلقه على الجدار الى ان الساعه الان تمام السابعه ...فتح الباب الخشبى الضخم ذو الدلفتين والذى يقع خلفهما مكتب المحامى الكبير و خرج منه شاب رشيق يحمل الملفات ويبتسم وهو يقول للمهندس حمدى :تفضلوا ا\مجدى بانتظاركم ...
دلف الثلاثه الى ساحه المكتب الكبيروالواسع بشكل ملفت للنظر .... ونهض المحامى يستقبلهم عند الباب بوجه تملاؤه البشاشة وبكلمات الترحاب المريحه...وبابتسامة هادئه تجعل وجهه مألوف بشكل كبير.....
وطلب منهم ان يستريحوا على المقاعد الضخمه والمريحه امام مكتبه.... ثم عاد هو وجلس على كرسيه الجلدى ومن خلفه كانت اللوحه القرآنيه المكتوبه بالخط العربى الذهبى تغطى معظم مساحة الجدار الكبير.....وفى الجدار المجاور كان شباك خشبى ضخم يصل ارتفاعه الى المترين مفتوح على مصرعيه ...يطل على شرفه كبيرة بشكل عجيب تصل مساحتها الى ما يقرب نحو الخمسين مترا.... تزين حوافها أعمده جبسيه قصيره .....
وفى الحجره كان المكتب الخشبى الضخم .... وكانت الاوراق فوقه مرصوصه بعناية فائقه ....وعلى الجانب الايمن من المكتب تم وضع جهاز حاسوب ذو تقنيه حديثه.... والذى يكاد ظهوره وسط ذلك الديكور القديم يبدو وكانه لمحة من المستقبل وسط ماضى عتيق ..وانطلقت من سماعاته تلاوة هادئه لبعض آيات من القرآن الكريم بصوت الشيخ "محمد رفعت" وانتظر المحامى البشوش الوجه حتى انتهت الآيه التى تتلى ومن ثم اغلق الصوت قائلا:صدق الله العظيم....
ثم اردف بصوت هادئ :من اجمل الاصوات التى تريحنى عند سماع القران الكريم صوت محمد رفعت...يذكرنى بشهررمضان.
كان الاستقبال هادئ ومريح ومشجع فى نفس الوقت ...وجو المكتب ودود ودافئ..يدعوا للاسترخاء والراحه...
قدم حاتم نفسه للرجل : انا حاتم مدحت صديق لابن اخيك " عبد الله حسن" وقد رشح حضرتك لتتابع قضيتنا ...
فقال المحامى بسرعه وبلهجة رصينه :اهلا بك يا بنى...واهلا بكم جميعا ...خيرا ان شاء الله...
تكلم المهندس حمدى يروى ما حدث ....يكمل روايته كل من حاتم وسامح....
واجاب سامح على كل التساؤلات ودون الاستاذ مجدى كل هذه النقاط واطلع على الاوراق التى احضروها معهم ثم طمأنهم ان القضيه باذن الله يسيره جدا....
فقال بصوت واثق : لنتفق سويا ان اهم شئ الان هو سلامة الفتاه ...نعم مما ارى امامى فانها المخطئه ..عبورها من المكان الغيرمخصص ل عبور المشاه..... وكذلك من روايتك والتى حتما ستؤكدها تقارير الفحص الفنى للسياره ..ان الصدمه جاءت من يمين السياره وان السياره كانت فى الحاره السريعه فى يسار الطريق .....ولكن الان الفتاه هى المتضرر الاكبر ..أليس كذلك؟؟
هز كل من الجالسون رؤوسهم فى حين ضغط سامح على اسنانه وهو يهز قدميه ويقول : وانا لم اقصد ابدا هذا الضرر والله يشهد على قولى هذا...لقد فاجأتنى....
قال الاستاذ مجدى بهدوء : بالطبع يا بنى...ومن منا يقصد ان يسبب ضررا كهذا لاى شخص؟؟ ولكن قدر الله وما شاء فعل ....
اوالحمد لله فبعدما سمعت منكم ان من الواضح ان اهل الفتاه من اولاد البلد وشهامتهم وكرمهم هو ما انقذك من غدر الانتقام فى مثل هذه الحالات... ... من ناحيتى ساسعى لان اقابل والد الفتاه لتحديد مبلغ التعويض المناسب لعلاج الفتاه ....وعسى استطعت ان اقنع الرجل بسحب الاتهام الموجه لك والتنازل عن المحضر المحرر بشأنك......اولا لابد من ان تستصدر توكيل قضايا باسمى ساحضر معك باذن الله كل التحقيقات.......ولكن لكى تكن مستعدا لاى مفاجات هناك حق مدنى وحق جنائى وهذا الاخير يخص القضاء ولا تنازل فيه...حتى وان تنازل والد الفتاه....
توتر سامح وتلعثم وقال : بعد كل هذا سادخل السجن؟؟ سادفع التعويض وادخل السجن حتى بعد ان يتنازل والدها عن القضيه؟؟كيف ؟؟
قال الاستاذ مجدى بهدوءه المعتاد :لا يا بنى....لا تقلق ...القضيه سهله جدا ..وان وصلت لساحة المحكمه سيكون اسواء حكم فيها ثلاث اشهر مع ايقاف التنفيذ ..لكن دعنا لا نستبق الاحداث...ثم ان هذا اختبار من الله سبحانه وتعالى ولابد ان تقوى وتتشجع...قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا....
قال المهندس حمدى :ونعم بالله يا استاذ مجدى...نعم هو اختبار قاس ولكن باذن الله سنكون على قدره...
ثم اردف متحرجا :هل تستطيع ان تحدد لنا مبلغ الاتعاب وتقدير لمبلغ التعويض؟؟؟
ضحك الاستاذ مجدى وقال : يا سيدى لا تتعجل ...ولن نختلف باذن الله...خصوصا انى اعرفك منذ كنت طفلا صغيرا ..ولكن يبدوا انك كبرت وذاكرتك لم تعد كما كانت يا حمدى ام اقول حمدى صم...!!
نظرله المهندس حمدى بتعجب وحك راسه ورفع حاجبيه وقال :ياااااااه اتعرف انى لم اسمع هذا اللقب منذ سنوااااااات طوال..... منذ كنت فى مدرسة الخديويه ...معقوووووووول..!!!
قال الاستاذ مجدى ضاحكا ووضع يده فوق شاربه يخبئه ويقول ضاحكا : معقول طبعا اه يا راجل يا عجوز مش فاكرنى؟؟
ضحك المهندس حمدى وهو يقول بصوت عالى غير معهود منه : مجدى محمد حافظ ....مجااديدووووووو...!!
ثم نهض الرجلان واحتضنا بعضهما البعض بشده وهم يتذكرون ايام الطفوله والشقاوه وايام الدراسه واسماء المعلمين وقال الاستاذ مجدى لحمدى :الا زلت تستطيع ان تحفظ القصائد من اول مره لقرائتها كما كنت فى الماضى...
ثم التفت لسامح وقال : اتعرف ان والدك كان الوحيد الذى يستطيع ان يعيد القاء القصيده الجديده والتى ندرسها لاول مره قبل انتهاء وقت الحصه..!!
حتى اننا اسميناه حمدى صم ...
ضحك حمدى وقال :ياااااااه لم تعد الذاكره كما كانت ...اتذكر استاذ عبدالرؤوف معلم اللغه العربيه حين كان يتباهى بى امام طلاب السنوات الاكبر؟؟؟
قال مجدى :ياه يا حمدى...ايام لازالت ذكراها تثير البهجه فى قلبى ...ولكن عتابى عليك كبير...منذ ان تركت بيت جدى انا واسرتى فى السيده زينب وانتقلنا لمنزلنا بالعتبه لم تزرنى وانقطعت كل صلاتنا ...ايه..ماكانتش عشره تخته واحده ولا ايه؟؟؟
ضحك حاتم وهو ينظر لسامح الذى ابتسم رغما عنه لرؤية والده والمحامى يتحدثون كصديقين حميمين ...ويتمازحون بشان الشعر الابيض الذى زحف على ما تبقى من شعيرات راس كل منهما
ثم قال وهويرسم ابتسامه هادئه : ولكن لا علاقه للمعرفه بالعمل اليس كذلك يا استاذ مجدى؟؟
ضحك استاذ مجدى وقال :داخل جد يا حاتم..!! عموما لا تقلق كل المصاريف والرسوم التى ستدفع لاستخراج اوراق او ماشابه سادونها بالورقه والقلم وهذه عادتى ...وعلى راى امى رحمها الله "ان كنتم اخوات ..اتحاسبوا " فلا تقلق ساحصل منكم هذه المصاريف اولا باول اتفقنا..؟؟
وبالنسبه لاتعابى ساترك لك يا حمدى تقديرها وتحسب فيها عزومه كباب وكفته من عند ابو رامى ايه رايك؟؟
ضحك الجميع ....وقد استراحت قلوبهم من عبارات الاستاذ مجدى...الودوده وبث فيهم بطريقته الراحه والطمأنينه ....وغادروا المكتب وقد حل الامل مكان التوتر والخوف ....
ودق هاتف حاتم اثناء خروجهم من باب الشقه الكبير والمعلق فوقه لافتة خشبيه قديمه تحمل اسم المحامى مجدى حافظ
لم يكن حاتم سيجيب حيث المتصل رقم غير مسجل على هاتفه ولكن فى النهايه اجاب على الهاتف ...اجاب بعبارات مقتضبه وسريعه على محدثه ....ثم انشغل عقله حقا.... فلم يعد يسمع اى من النقاشات التى تدور بين المهندس حمدى وسامح ...لانه ببساطه لم يكن يستطع ان يمنع نفسه فى ان يفكر ....فهناك موضوع جديد اصبح يتحل حيزا ضخما فى تفكيره....
علاوة على مشكلة نوران التى لا تزال معلقه و لم تحل بعد....وهو لم ينسى ابدا ...
وكيف ينسى ..؟؟
نعم لا يستطيع ان ينسى اى شئ يخص نوران...خاصه انها تشغل باله كثيرا هذه الايام !!
كان يشعر بمشاعر الغضب تكتنفه كلما تذكر انها وقفت امام ذلك الضابط الفظ يجادلها ويعرض عليها ذلك العرض القذر .......ويحاول ان يورطها فى مشكله كبيره....
والان موضوع المكالمه ايضا....يالها من ايام تحوى فى جوانبها الكثير من الاحداث .....
.................................................. .........................................
جلست ساره فوق سريرها...بعد ان رحلت سماح الى المركز التعليمى الذى تحصل فيه على درسها اليومى ليلا ..ذلك لانها فى الثانويه العامه وكما جرت العاده لابد ان تحصل على مساعدة خارجيه فى المناهج.. ......خلت الحجره على ساره اخيرا .... فاخرجت تلك الحقيبه على شكل خزانه الصغيره من دولابها ...وادارت القرص بارقام تحفظها جيدا....فتحت الحقيبه وبداخلها ظهرت المحتويات الثمينه التى تخزنها فيها ...ذلك الخاتم الذهبى البراق الخاص بوالدة لميس....تلك قطعة حلى غير حقيقيه ولكنها تقليد لماركة عالميه.....هذه مذكرات فى دفتر صغير يحمل اسم "دينا" ....هذه ميدالية فضيه تحمل حرف كبيرا باللغه الانجليزيه...تلك لعبة على شكل دب صغير متقن الصنع .....ذلك هاتف محمول من نوع غالى ....هذا قلم حبر من ماركة عالميه معروفه ...وهذا اطار ذهبى صغيرمنقوش عليه رسومات بالغة الرقه وصغيرة الحجم ...وتلك نظارة شمسيه من ماركه معروفه .....هذا الى جانب ثلاث تماثيل كريستاليه صغيره ....
كانت ساره تقلب الاشياء بين يديها بحذر وحرص شديدين....وبقطعة من القماش تنظف قطعة قطعه بعناية فائقه...ثم تعيد وضعها بداخل الصندوق مره اخرى....
انه كنزها التى تخبئه فى آخر ارفف دولابها...فلا يستطيع ان يجده احد بسهوله....لم تكن ساره تعرف حقا لماذا تنتابها الرغبه الشديده فى امتلاك مثل هذه الاشياء والتى لا تخصها ....ولكنها تعلم جيدا انها حين ترى ما يعجبها لا تستطيع ان تحول تفكيرها عنه الا حين تحصل عليه..... وتضعه بداخل تلك الخزانه الخاصه بها ...والتى لا ترتاح الا بعد ان تطمئن عليها فى دولابها.....ولم يكن هذا الموضوع يسبب لها تأنيبا للضمير من اى نوع.....
اقتحمت والدتها الحجره بحركه سريعه لتعطيها ذلك الفستان الذى احضره صبى المغسله للتو بعد ان تم كيه ووضعه فى كيس بلاستيكى بعنايه .....ارتبكت ساره واسرعت تغلق الخزانه ....
وقفت والدتها تتعجب وتقول : الفستان يا ساره....عندك فرح ولا ايه؟؟
ثم لفت نظرها تلك الحقيبه الغريبه فقالت بتعجب وهى تعلق الفستان بعنايه على حافة الدولاب :ايه الحاجات دى؟؟
لملمت ساره اشياؤها بسرعه ونهضت تضع الحقيبه فى مكانها وهى تقول لوالدتها بتحدى :منذ متى تسالين عن خصوصياتى؟؟ انها حقيبة الاكسسوارات الخاصه بى...ومن فضلك لا تقتحمى الحجرة مره اخرى بهذا الشكل....
رفعت والدتها حاجبيها وقالت بتعجب :سااااااااااااااره؟؟ جرالك ايه؟؟
ثم صمتت وقالت بخبث :اها.....اما زلت غاضبة منى بسبب مناقشتى السابقه معك؟؟
وجدتها ساره فرصة لكى تشتت انتباه والدتها عن ذلك الصندوق فقالت بتعجب مفتعل : اخيرا انتبهتى لذلك؟؟؟ لقد تغيرتى كثيرا يا امى.....
احتضنتها والدتها بشده وقبلت راسها وجلست متكئه بجوارها وقالت :والله يا حبيبتى بسبب حبى الشديد لك وانت تعلمين ذلك....لا احتمل ان اراك تضيعين مستقبلك مع شاب تحبينه فتجدى نفسك تعيشين تعاسه بسبب عدم توافر المال ...لا تصدقى تلك المقوله الحمقاء ان المال لا يشترى السعاده...بل يشتريها كما يشترى اى شئ تتخيلينه..
زفرت ساره بضيق فى وجه امها وقالت :والحب؟؟ ايشترى الحب يا امى؟؟
قالت امها بثقه :والحب يا ساره........اكان اى اثنين يستطيعون ان يظلوا على عهود الحب لولا وجود المال الذى يدعم تلك العلاقه؟؟
المال يشترى تلك الورود التى يهديها الاحباب لبعضهم ...يشترى الهدايا والنزهات الرومانسيه ....يشترى الفساتين الجديده والحلى البراقه التى تجعل المراه جميله فى عيون حبيبها طوال الوقت...
ثم امسكت بخصلات شعر ساره الملونه حديثا وقالت مردفه : ويدفع ثمن الصبغه والكوافير و تانقك وتألقك هذا...الذى يذهل العيون ويخطفها...
فاجاتها ساره بسؤال عفوى حين قالت : الم تحبى والدى ؟؟؟
لقد اخبرتنى من قبل انه الرجل الوحيد الذى احبه قلبك...فلماذا تركتيه؟؟؟
حدقت الام بوجه ابنتها وقالت بتعجب :وايه ال فكرك بالموضوع ده ؟؟
ثم قالت الام بصوت متحشرج : لا تخطئى ...فلم اتركه يا ساره...هو من تخلى عنا بكل نداله ....اياكى ان تغلطى غلطتى....لا تسلمى قلبك لاى رجل كان.... فيلعب به ويحرقه...تزوجى من يحبك ....لا تتزوجى ممن تحبيه....
تهدج صوت ساره وهى تقول بيأس : لن اعيش حياتى مثلك ...قلبى معلق بحب رجل وتنتهى حياتى بان اتزوج من رجل آخر ...كيف تفعلين ذلك؟؟
نهضت الام وهى تصرخ بعصبيه مفاجأة فى وجه ابنتها : وماذا كان بيدى ان افعل؟؟؟ ان اركع عند قدمة واتشبث به وارجوه الا يتركنى؟؟؟
لا تتحاذقى معة....لا تحاولى ان تعاقبينى على ترك والدك لنا....فلم يكن بيدى شئ لم افعله....لقد حاولت كثيرا ولكنه لم يرد ان يعيش معنا....
نهضت ساره تخطف الفستان من فوق الشماعه وهى تغير ملابسها بعصبيه وهى تتافف من حديث والدتها ...
والتى كانت لا تزال بالحجره تكمل حديثها باصرار وهى تقول :ولا تحاولى ان تعبثى فى مواضيع قديمه اصبحت فى الماضى الان....ستندمين يا ساره....عيشى حياتك مثلما اعيشها ... يوم بيوم....لا تفكرى فى امور لا نهاية لها .....اخاف عليكى....ان تجرحى وتعيشين بكرامة مكسوره..........
كانت امها تتحدث و ساره تنهى ارتداء فستانها الاسود بدون اكمام والمطرز ببعض الحلى الفضيه ....ويضيق عند الخصر وينسدل الى ان يغطى الركبه ....... وتقف امام المرأه...تهندم من فستانها و تضع لمسات من الماكياج على وجهها وفوق عينيها .....وترتب خصلات شعرها بطريقة جذابة وترش العطربسخاء حتى على خصلات شعرها ....وترتدى قطع الحلى البراقه ....وبسرعه قاطعت والدتها وهى تقول فى تافف : اطمئنى ...لست بلهاء....ساعيش حياتى ...يوم بيوم مثلما طلبتى منى.....
ثم خطف حقيبتها من فوق الكرسى ...وافرغت محتوياتها فوق السرير واعادتها مره اخرى فى حقيبة فضية اللون اصغر حجما لامعة ذات يد قصيره ..... واخرجت حذاؤها الفضى اللامع ذو الكعب العالى والشريط الفضى الملتف حول القدم صاعدا حتى يصل الى اسفل الركبة قليلا....
وأسرع الخطى مهروله خارج الحجره .......ومنها الى باب الشقه ....وهى تقول : لا تقلقى ...
ومن خلفها خرجت والدتها وهى تقول :على فين كده؟؟
قالت بصوت واثق :لمقابلة هامه قد تغير مجرى حياتى....
ثم غمزت لها وقالت :مقابله عمل فى فندق كبير ...
شهقت الام وقالت : فندق؟؟؟ عمل ايه؟؟؟
قالت ساره :شغل يا ماما مع ماجد....صاحب الشركه والمال ....مش هو ده ال انتى عايزاه؟؟؟
تردد الام قليلا وهى تفكر ثم قالت :ساره...خلى بالك من نفسك يا حبيبتى ...
وبصوت اغلاق باب الشقه انتهت المناقشه ....
وعلى درجات السلم كان عقل ساره مشغولا.....ليس بمقابلتها لماجد ....فهى واثقة انها ستنجح فى الحصول على ما تريد فقط بمظهرها واسلوبها الذى تتقنه ....
ولكن كانت تفكر فى حاتم ....وقد قررت ان تتصل به مره اخرى وان تحاول ان تراه قريبا وانتحصل على قلبه....نعم ستحصل على قلبه مهما كلفها الامر.....
وبالفعل وهى تقفز على الدرج كانت قد اتصلت برقم حاتم....
وقبل ان تصل الى باب سيارتها اتاها صوته يقول فى هدوء :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تلعثمت...دق قلبها....خفق بشده ...فاجابت بصوت مرتجف لم تستطع ان تتحكم فيه وقالت بدون تفكير :وعليكم السلام يا حاتم....انا ساره
اتاها صوته متسائلا :ساره...!!
ثم اردف وقد تذكر من تكون : نعم.. ساره صديقة هدير ....نعم خير ان شاء الله ...
لم تأخذ ساره وقتا فى التفكير هذه المره بل قالت بسرعه وبصوت استطاعت ان تغير فيه ليبدو يائسا وبائسا :حاتم ...اريد ان اتحدث معك بشان موضوع خاص
فقال بسرعه وبحسم :انا الان مشغول مع بعض اقاربى يا ساره ...ولن استطيع ان اتحدث معك ..
صمتت لبرهه وقد لمعت فى عقلها فكره قد تغير مسار كل شئ ...فقالت بلهجه بها اهتمام مصطنع :الموضوع يخصك ايضا يا حاتم ...او بالاصح يخص هدير....ولذلك لم استطع ان احدثك فيه امام هدير......
صمت حاتم ..يبدو انه يفكر وقال بصوت مترقب :اى موضوع تقصدين..!!
فقالت وقد علمت جيدا انها قد حازت على كامل اهتمامه : موضوع اعلم جيدا انك لابد وان تعلمه ....كما انه لن يصلح لان اذكره لك فى الهاتف ....لابد ان اقابلك...فى اى مكان...فلا اريد ان اتحدث فى وجود هديرايضا...فما قولك؟؟
قالتها وقد ارتسمت ابتسامة خبيثه فوق شفتاها ولمعت عيناها ...وهى تنتظر كلمة واحده وهى تعلم جيدا انها ستحصل عليها ....كلمة "نعم ساقابلك"....ولكن بدلا منها حصلت على كلمة اخرى اثارت فرحتها ....واضافت بهجة وبريق خاص الى عينيها .....فقد اخبرها حاتم انه سيتصل بها فى اقرب وقت ليتحدثا ...
فهل سيتصل بها حقاً؟؟؟؟
.................................................. ..................
فى قاعة الفندق الشهير ...جلس ماجد مرتديا حلته الانيقه ذات الماركه العالميه ...والتى تليق بالسهرات... وقد فاحت من جنباتها رائحة العطر الرجالى الشهير..والغالى الثمن ايضا
وقد عقد رابطة العنق الحمراء اللون ذات الخطوط الرفيعه السوداء....
جلس واضعا ساق فوق الاخرى فى تعالى وغطرسة يشتهر بها معظم رواد ذلك الفندق...فهو فندق لرجال الاعمال والمستشمرين ذوى العيار الثقيل فى الاقتصاد.....
كان يعبث فى ازرار هاتفه المحمول ذو التقنية حديثه وهو يقرا بريده الالكترونى عليه....ثم دق الهاتف .....كان ا\نبيل شريك ماجد هو المتصل
فاجابه بصوت مرح قائلا: نبيل باشا.........منتظرك تحت من سبعه ونصف ....
فجاءه صوت نبيل معاتبا :محدش قال يعنى.....كنت كلمتنى يا ماجد..!!! ها البنت وصلت؟؟
قال ماجد بثقه :على وصول يا نبيل ...لا تقلق.....كله تمام انا فهمتها انها مقابله شغل لتعيينها تحت التدريب... فى فرع الشركه بمصر ...وانى اختاراتها لذلك لاننا نحتاج لترجمة العقود والوظيفه تتطلب اجاده تامه للغه الانجليزيه...
قال نبيل :كده تمام اوى ...حضرت الاوراق الخاصه بالجمارك كلها ؟؟
اجاب ماجد بصوت شهقه خافته وقال : البنت وصلت ...دى قمر يا نبيل فى السواريه...لا حقيقى جميله اوى...
ضحك نبيل بصوت متقاطع بين ضحكات وسعال من جراء تدخين السيجار وقال : كل مره تقول كده ...انت كل واحده تشوفها تتهبل كده ...!!
وضحك ماجد وهو يغلق الهاتف وينهض ليستقبل ساره التى خطت بدلال مبالغ فيه ...وهى تمرر يدها بين خصلات شعرها المصبوغ والذى اضافت الخصلات الحمراء بين الشعر الاسود بريقا ناريا مثيرا .........
اطلق ماجد صفيرا طويلا وهو يتامل ساره بكل جرأه ووقاحه ويقول : قمررررر....لاء بجد قمررر
والتى قالت ضاحكة بدلال ماكر :تؤتؤ عينك ....دى مقابلة شغل ولا ايه؟؟
قال بجديه مصطنعه :لاء طبعا ........شغل ......
ثم اردف ضاحكا :ولا ايه؟؟؟
ضحك الاثنا لهذه الدعابه السمجه ثم اشار لها ماجد بيده ان تتقدمه نحو البوابة الزجاجيه الخاصه بالمطعم الفاخر للفندق....وخطا خلفها وهو لا ينفك يراقبها وينظر اليها بكل فظاظه....
سحب لها الكرسى الفخم......جلست بدلال ...وجلس امامها وعلى المائدة لاحظت ساره تلك الللوحه المعدنيه الصغيره التى كتب عليها "محجوزه "
فاشارت اليها وقالت :وكمان عامل حجز ...لا واضح ان ا\نبيل راجل مهم اوى...اهم منك شخصياً..
ضحك بصوت عالى وملفت وقال : طبعا ....له النسبه الاكبر فى الشراكه...وكل شئ فى الشركه يعود لاوامره ...ولكن احذرى منه لانه جدى جدا....مختلف عنى تماما ....
واريد ان اذكرك بما اخبرتك من قبل ...يحب ان يتناقش ..ولا يحب ان يشعر ان من امامه يوافق على كلماته دون اقتناع...تفكيره مثل الاجانب بشكل كبير..وايضــ..........
قاطعه صوت نبيل يقول :مساء الخير ...
هب ماجد واقفا وقد صافح السيد نبيل بحراره وهو يقدم له ساره والتى مدت يدها هى الاخرى لتصافح الاستاذ نبيل وهى تبتسم ابتسامه ساحره....
جلس الثلاثه حول المائده ولكن بالقطع كانت ساره هى النجمة الخاصه لهذا التجمع....
تحدث نبيل بعد ان اشعل السيجار الخاص به ...هو يرشف من كوب العصير الذى وضع امامه ......وتحدث ماجد وهو يختلس النظرات الخبيثه لساره كل لحظه .....لكن كان لحديث ساره المرح النصيب الاكبر.....فقد اتقنت فن الحديث المنمق واضافة السحر والغموض للعبارات مما اضفى عليها رونقا بسحرخاص.... حتى ان الاستاذ نبيل قال وهو يصفق لها فى حركة مسرحيه :برافووو يا ساره....لقد اعجبنى تفكيرك جدا...لك اسلوب فى الحوار رائع....
ثم التفت لماجد وقال :كم المرتب المخصص لساره يا ماجد؟؟
فقال ماجد بفخر :الفين وخمسمائة جنيه يا فندم....
فقالت بسرعه وهى ترشف العصير برقه مبالغ فيها : وهو انا لسه وافقت؟؟؟
قال نبيل سازيد عليه الفا اخرى...وهذا مؤقت يا ساره الى ان تنهى دراستك وتثبتى معنا ...ما رايك؟؟
قالت ساره بدلال:كما ترى ا\نبيل.....لا استطيع ان ارفض طلبك .....متى سابدأ؟؟
قال ماجد بسرعه :من بكره لو تحبى.....
فقال نبيل مقاطعا : بعد عشرة ايام ...سيكون اول الشهروهذا انسب وقت حتى تستطيعى ان ترتبى نفسك .....ونجهز نحن المكتب الخاص بك ....
ثم اخرج شيكا بمبلغ خمسة الاف جنيها واعطاه لماجد وقال :اصرف الشيك ده لساره ..
ثم التفت لها وقال :لشراء بعض الملابس الخاصه للعمل فكما تعرفين نظام الملابس فى الشركه فورمال اوك...تاييرات او بدل...
ضحكت ساره وهى تتمايل وتقول :رسمى يعنى....اوك
وتم تقديم العشاء الفاخر للثلاث افراد وقد كانت ساره تحرص ان تأكل بكل رقه وعنايه....وهى تتبادل الحديث الودى مع الرجلين بشكل جعلها تبدو وكانها المسيطره على الحديث....
وما انتهى العشاء بقليل الا و قد نهضت واستاذنت الرجلان فى الرحيل وهى تصمم الا يوصلها اى منهما وان معها سيارتها الخاصه ...وكررت العباره اكثر من مره لتاكيد انها لديها سيارتها ...
فما كان من نبيل الا ان قال لها :ساصرف لك ايضا بدل لمصاريف سيارتك يا ساره ...فلا يصح ان تستهلكيها فى العمل .....
قالت ساره بابتسامة جذابه وهى تمد يدها لمصافحته : اوك مستر نبيل ...واضافت عبارة انجليزيه بلهجة مدروسه .... معناها انها يسعدها العمل معه....
وما ان نهضت حتى تابعها الاثنان ببصرهما وقال نبيل :فيها حاجه البنت دى...شكلها مألوف جدا
قال ماجد بابتسامه بلهاء : نعم حبوبه وتلقائيه .....اليست كما وصفتها لك ؟؟
قاطعه نبيل حازما :لاء يا اخى مش كده...ولكنها تبدو لى مألوفه بشكل عجيب ...وكانى رايتها فى مكان ما من قبل ...!!!
ضحك ماجد وقال :ايوه ايوه ..نفس الاحساس ده جالى اول مره شوفتها لما كانـ............
قاطعه نبيل بعصبيه وقال :لاء يا ماجد.....لم يكن وجهها غريبا ابدا حتى مع خفوت الضوء وعدم وضوح الرؤيه فى المكان ...لكنى مصمم انها مألوفه جدا....ترى اين رايت وجهها من قبل؟؟؟؟؟؟؟
.................................................. .....................................
جلست لميس فى حجرة نومها تتقلب على فراشها كثيرا ....فلم يغمض لها جفن منذ دخلت الى فراشها حتى صارت الساعه الواحده بعد منتصف الليل ....جلست وقد وضعت الوساده خلف راسها واستندت عليها فى تكاسل ....و ظلت تفرك فى يديها بشكل عصبى ...وتتأفف بصوت مسموع .....فقد كانت تشعر بالغيظ الشديد من تصرف ساره معها..كيف ستواجه صديقاتها ؟؟؟
الان ضاع الخاتم وضاعت صديقاتها منها....كيف سيكون يومها غدا فى الجامعه؟؟
قررت انها لن تذهب .....ثم اخذتها الكرامه وقالت :بل سأذهب ...لن اختبئ فى المنزل وكأنى لصه..
ظلت الافكار تدور فى راسها والقرارات تتارجح ذهابا وايابا ما بين الذهاب للكليه وبين الجلوس فى المنزل ...
حتى فاجأتها دقات الهاتف الذى لم يدق منذ حدث ما حدث ......
كانت هيام المتصله...
اجابتها لميس بصوت حاولت ان يبدو عاديا وقالت بلا اهتمام :هاى هيام....اخبارك ايه؟؟
كانت هيام تجيبها بتعجب وهى تقول :كويسه...وانت اخبارك ايه
؟؟ها هاتعملى ايه يا لميس؟؟
اجابتها لميس بسرعه : باعمل شات على النت ...وانتى؟؟؟
ترددت هيام وهى غير مصدقه ان لميس لا تهتم بما حدث فى الكليه ....
فقالت لها بحذر :اممم اشاهد فيلم اجنبى تحفه ....ولكن يا لميس عادى كده؟؟ مش فاهماكى ....مش زعلانه او مكسوفه اومتــ.........
اجابتها لميس بثقه وغرور شديدين وعصبيه لم تستطع ان تخفيها : من ايه؟؟ ساره ومحاولتها المكشوفه لتكسب ثقتكم على حسابى؟؟؟
يااااه دانا اساسا نسيت ولا افكر فى الموضوع نهائيا.....
يا هيام انا لا يهزنى تلك المحاولات الخائبه والمكشوفه من ساره....هذه هى ساره...واسلوبها المعتاد لابد ان تجمع حولها الجميع وان تكون هى اساس ومحور كل الامور...ولن اسمح لها بان تفعل ...وسترين ماذا سافعل لارد لها تلك المحاوله الرخيصه لاظهارى بمظهر الكاذبه.....
ضحكت هيام بصوت عالى وهى تقول ممازحة لميس :ايوه يا واد يا لميس يا معلم....شكلها هاتبقى حريقه .....
فى حين ضحكت لميس ضحكة غيظ وقالت :حريقه؟؟؟دى اقل كلمه ممكن تتقال....ساجعل من ساره عبره لكل من تسول له نفسه ان يتذاكى او يتطاول على...حان الوقت لان تشاهد ساحة الجامعه ساره وهى تهان .....حان الوقت لان يصبح هناك من يرد لها الصفعه باقوى منها كنوع من التغير.....
واغلقت كلا من الفتاتين الهاتف بعد ان توعدت لميس وهددت ....وبعد ان ضحكت هيام واشعلت الحماسه فى قلب صديقتها....
ما ان اغلقت هيام الهاتف حتى وجدت حنان شقيقتها تقف فوق راسها وهى تقول بلهجة ساخره مستفزه : ايه مكالمات نص الليل دى؟؟ وعلى الهاتف المحمول كمان؟؟ واضح ان فلوسك كتير اوى....
نظرت لها هيام نظره تحقير من الشأن وقالت بصوت ساخر :هه....بفلوسى....بمصروفى....وحر مالى ....لا صدقه من حد ولا حد بيصرف عليا شفقه....
فتحت حنان عينيها وقد جحظتا بشكل غريب وهى تقول بصوت صارخ :قصدك ايه يا هيااااام بالكلام ده ؟؟قصدك ايه؟؟
ضحكت هيام وهى تشير بهاتفها المحمول لشقيقتها :قصدى ايه؟؟ قصدى انك تخليكى فى حالك شويه وبلاش تركزى معايا خالص....بلاش انا يا حنان...كله الا انا ..ماشى يا ماما...
لم تستطع حنان ان تكبح جماح غيظها وعصبيتها فظلت تصرخ وهى تسب شقيقيتها بالفاظ قاسيه انها عديمة التربيه وليست فتاه محترمه...وانها حقيره ...اسمعتها قائمة من الالفاظ النابيه والقذره..
وعلى صوتها خرج والديهما وهو قول لحنان : ما هذا ؟؟؟ هل جننت يا حنان تسبين شقيقتك بهذه الالفاظ؟؟اين سمعتى هذه الكلمات ؟؟؟ لم تصدر يوما منى او من امك يوما... يبدو انك حقا جننتى....!!!
فى حين خرجت الام تهرول وهى تمسك فى يدها قطعة ملابس للطفل الصغير وعلى كتفها المنشفه الملونه وهى تقول بفزع : فى ايه؟؟ ايه ده؟؟ حنااااااان ...صوتك...... حرام عليكى فضحتينا فى العماره كل يوم خناقه ...كل يوم فضيحه....حرام عليكى حرام....الناس تقول ايه الوقت متأخر وصوتك عالى ؟؟
فى حين وقفت حنان بينهم تصك وجهها بحركه هستيريه وهى تهرول على حجرتها وتقول :الناس؟؟ وانا ... انا..؟؟
كل مره يكون الخطا خطئى انا ؟؟ كل ده عشان ايه؟؟ عشان مطلقه؟؟؟
يارب اموت....يارب اموووت عشان ترتاحوا ....يارب خدنى....
فى حين اسرعت هيام نحو والدتها تقول لها :انا تعبت....لا استطيع التعامل معها ...لا تتركنى فى حالى وتتدخل فى كل صغيره وكبيره وتافهه....لقد اختنقت من تدخلها يا امى...
قالت كلماتها واختطفت هاتفها المحمول واسرعت نحو باب حجره نومها وقالت : لابد ان انام فعندى كليه غدا باكر ... حتى لا اتأخر عن المحاضرات مثل كل يوم .... بسبب مشاكل حنان....
ودخلت حجرتها هى الاخرى تاركه والديها ينظرون باسى وحزن لبعضهما البعض ...ففى كل الاحوال ابنتهما الكبرى تعانى من مشكلة فى التاقلم مع وضعها الجديد كأمراه مطلقه ...وهذا اللقب اصبح ويؤثر على حالتها النفسيه بشكل كبير ويبدو ان الموضوع يزداد و يتفاقم مع الايام.....
ولا احد يستطيع ان يحل تلك المشكله سوى شخص واحد ...حنان...
فكيف تحل حنان مشكلتها وهى لا تستطيع التاقلم معها حتى الان؟؟؟؟
.................................................. ...............
يتبـــــــــــــــــــع باذن الله
جزاك الله الف خير علي الحلقه الممتعه
ونحن في انتظار البقيه
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)