حلقه بجد تحفه
تسلم الايادي
جزاك الله الف خير
الحلقــــــــــــــــــــ ه العشــــــــــــــرون
بقلم \يمنى حسن حافظ
فتحت غاده عيناها على صوت والدها الغليظ وهو يسب اخاها...... فهبت فزعه وهرولت خارج الحجره لتجد والدها ينهال ضرباً على اخاها بكلتا يديه فتدخلت وهى تصرخ بصوت عال وتضع جسدها حائلا بين والدها وبين اخوها الذى تكوم فى الارض وقد تجمدت الدموع فى عينيه..فى حين توقفت يد والدها عن الضرب وهو ينظر اليها متعجبا فقد ذكره موقفها بموقف زوجته حين كانت تقف دائما حائلا بينه وبين اولادها حين كان يضربهم بقسوه ....
ناداها بإسم والدتها وهو يقول :وسعى من وشى يا وداد بدل ما اضربك انتى كمان.....
ثم افاق ونظر اليها مجددا وقال :غاده..!! واقفه بتعملى ايه هنا يا........؟؟ هاضربك ..والله لاموتك...
دفعته غاده بكل ضيق وهى تصرخ فى وجهه وتقول :كفاااااايه ...حرام عليك....
فسقط جالسا على مقعده وهو يتمتم بكلمات غير مترابطه....ثم قال لها وكأن شيئا من المعركة السابقه لم يحدث :عايز آكل ...هاتى شاى وشوفى حتتين فحم عندك فى المطبخ وولعيهم....
التفتت غاده لشقيقها ومسحت على راسه وابتسمت وقالت بهمس: خذ من حقيبتى عشرين جنيها وقسمها بينك وبين اخواتك ....هيا الى المدرسه ...ولا يهمك منه شيئاً...
فابتسم الطفل الصغير وقال لها :ربنا يخليكى لينا يا غاده يا اختى....
وهرول يجرى مسرعا الى الحجره ...مبتعدا عن عيون والده فى حين نظرت هى لوالدها الذى انشغل بالعبث فى الشيشه الخاصه به وقلبت شفتيها فى حنق وغضب ....ثم دخلت الى المطبخ لتحضر له الطعام وكوب الشاى واحضرت له قطعتين من الفحم من الجوال الكبير الموضوع تحت الحوض واشعلتهما حتى اصبحتا جمرتين ....وخرجت لوالدها ووضعت الجمر فوق الشيشه وغادرت المكان الممتلئ بالدخان الخانق .....وهى تنظر اليه فى صمت.....
ارتدت ملابسها فى صمت....... وهرولت تخرج من المنزل فى صمت ...أغلقت الباب بقوة من خلفها.......
كانت لا تزال تفكر فى امر والدها وما يفعله كل يوم .....ومعاملته القاسيه لها ولاخوانها.... حين أفاقت على كلمات شاب يقطع طريقها ..و يقف امامها ويقول : يعنى طنشتنى يا جميل ...!!!
شهقت غاده وهى ترفع حاجبيها وتلعثمت و قالت وهى تستجمع قواها : معتز ....!!! ابدا.....لكنى كنت افكر..وكنت ساتصل بك ...الموضوع صعب .....
قال وهو يميل عليها بحركة مستفزه :هو ايه ال صعب يا حلوه؟؟ الكلام ده كان قبل ما تاخدى الفلوس....ولا نسيتى؟؟؟
قالت له بصوت حازم :من فضلك....اخفض صوتك ....هذه منطقة سكنى ولا اريد ان يأخذ الجيران فكرة سيئه عنى .
ضحك معتز وهو يقول :لاء يا بت ...عليا انا...المهم خلصينى وقولى امتى انا مش فاضى للكلام ده...
قالت له : اتستطيع ان تضمن لى ان احداً لن يعرف؟؟
قال وهو يهز رقبته ويضع يده عليها : برقبتى....الا الناس بتوعى....اعتبرى نفسك حمايه...
قالت فى قلق وهى تقضم اظافرها بحركة عصبيه وتنظر حولها :اتفقنا على الفين جنيه....واخذت منهم خمسمائه .....متى سأحصل على باقى المبلغ؟؟
قال بسرعه :نفذى واستلمى الباقى...وياريت فى اسرع وقت ....
هزت راسها وقالت :حاضر ....حاضر اليوم ليلا...ايوافقك
هم معتز بالرحيل الا انه تراجع مره اخرى وقال لها : لو مش هاتقدرى هاتى الفلوس واشوف غيرك.....انا مش عايزتردد....خلصى وكلمينى.....
هزت راسها وقالت بضيق : قولتلك حاضر ...سيبنى اروح جامعتى ...اوووف
واسرعت تهرب منه وهى تشير للسياره الاجره وتركبها وتختلس النظرات لترى معتز الذى وقف يلوح لها ببلاهه....فى حين اسرعت نبضات قلبها تخفق بشده...وباضطراب...
وهى تفكر بعمق فى طلبه والذى سيجعل الاموال تنهال عليها كما يبدو ....انه يطلب منها طلب ليس بصعب ولكن فى نفس الوقت سيصبح موقفها خطيران اكتشف احدا ما تنوى ان تفعله و ستكون فى مأزق كبير ....بل ستكون مصيبه ان صح القول ..........
ولكن ان اتمت المطلوب منها ستنعم بالاموال الكثيره لتصرف على اخواتها .......وتغدق على نفسها بالملابس وتشترى ما يحلو لها ولاخواتها الصغار......
اتقبل؟؟؟
اترفض؟؟
ترى اسيتركها معتز هذا فى حالها ان رفضت تنفيذ مطلبه؟؟
هذا هو سر توترها وخوفها من اتخاذ القرار بشأن هذا الموضوع ؟؟
.................................................. ...............
استيقظ باسم دون الحاجه لصوت المنبه عكس كل يوم.....فقد كان صوت الة التنبيه المتواصله التى انطلقت فى الشارع اسفل نافذة حجرته كفيله بايقاظ الحى باكمله.....
تحرك فى فراشه بكسل وتململ....
نهض بتكاسل ....خرج من باب غرفته ....وبتلقائيه ذهب نحو غرفة والدته ....فتح الباب والقى عليها نظرة سريعه ...هم باغلاق الباب لولا ان شيئا ما جذبه ليدخل ....فجلس على الفراش...جذب قطعة الملابس التى تخص والدته و الملقاه فوق الفراش..وبعفوية تشمم رائحتها...وتذكر والدته...
وبغضب القى بالملابس بعيدا ونهض يخرج من الحجره وهو يتمتم بكلمات عن الغربه والسفر الى بلاد بعيده ...
انتهى من حمامه ....وارتدى ملابسه على عجل وكانه لا يطيق الانتظار فى المنزل الفارغ بمفرده...وجذب الجيتار الخاص به ....وانطلق يبحث عن وسيلة مواصلات ليقفز فيها متجها الى الجامعه...
فاليوم سيتكلم مع هدير .....نعم
لقد قرر ان يتجه اتجاها آخر غير اتجاه الحب الذى اصبحت هدير ترفضه الان....
سيتحدث معها بحجة انه مجرد صديق......نعم صديق ومن حق الاصدقاء ان يتحدثوا وان يفضون لبعضهم البعض بالاسرار والمشكلات.....
لابد ان تحدثه هدير.....والا فمن غيرها سيتحدث اليه؟؟
يعجبه عقلها..وهدوئها ورزانتها......
لقد حاول الاتصال بها مرارا ولكن لا تجيبه...
وحتى ساره منشغله الان عنه ...لم تعد قصته مع هدير محور اهتمام احد...
هكذا اصدقاءه...يوم يهتمون لاقصى درجه ........وايام لا يشعرون حتى بغيابه.....
يالها من صداقة عجيبه.....ان كانت تسمى صداقه....افاق من افكاره وهو يراقب سيارة الاجره الفارغه والتى تقترب من مكان وقفته....وبدون تردد اشار اليها ...وقفز بداخلها ....وما ان جلس حتىدق هاتفه المحمول برقم ساره.....
اجاب عليها وهو متلئ بالغضب من تجاهلها مكالماته اليومين السابقين فكان صوته حادا وهو يقول بسخريه : نعم....خير....اخيرا افتكرتينى؟؟
فجاءه الصوت الناعم والهادئ الذى يمتص كل هذا الغضب حين قالت ساره بهدوء: باسومه ازيك يا قمر....والله وحشتنى مووووووت يا سمسم....اخبارك ايه؟؟
فكانت اجابته هادئه حين قال: كول ..عايش ...نو نيوز مفيش جديد يا ساره...
قالت بحنان مصطنع : ماما سافرت خلاص؟؟
قال محاولا اضفاء السخريه على الحديث : اها امى مسافره وهاعمل حفله ....
ضحكت وقالت بخبث :وابقى اعزمنى .....اخبار موضوع هدير ايه؟؟
قال بيأس: لا جديد ....مش بترد عليا خالص انا هاتجنن...
قالت ساره بحماس شديد : سوف اخدمك خدمة العمر يا باسم ....ساجعل هدير تتحدث معك....وتقابلك....وتيجى لحد عندك كمان ....
قال بيأس : سمعت الكلام ده عشرين مره قبل كده.....انتى كلام ...كلام ..ومفيش فعل يا ساره...
ضحكت ساره بدلال فائق وضغطت على الحروف وهى تنطق اسم باسم وقالت : باسم ...تفتكر ساره ما تقدرش تنفذ؟؟ ايه رايك..لو ما حصلش هادفعلك مائة جنيه رهان ....لا مائه وخمسون جنيها ما رايك؟لكن اسمع ما ساقول ونفذ بالتفصيل اوك؟؟
قال : ها قولى يا مصيبه .....لما اشوف......
قالت بخبث شديد : اسمع .....
وكانت بالفعل كلماتها وتخطيطها اكثر حقارة مما قد يتخيل البعض......
ترى ماذا ستفعل ساره...
.................................................. ...................................
تقلبت نوران فى فراشها ....وغطت راسها وهى تغلق عيناها فى محاولة منها للنوم....
الا ان الحركه والنشاط الذى يدب فى اركان المنزل شأن كل يوم صباحا جعلت مواصلة النوم مطلب صعب حقاً....
خاصة حين ازاحت ندى الغطاء من على وجهها وسارعت بتقبيلها فى جبهتها وهى تقول مازحه :صباح الكسل يا نوران يا عسل ....
ابتسمت نوران وهى تدفع الغطاء بعيدا وتقول فى كسل :لم يغمض لى جفن منذ صلاة الفجر يا ندى....ثم ان لا محاضرات اليوم....فما الداعى للنهوض مبكرا؟؟
ضحكت ندى وهى تقف امام المرأه لتضبط الحجاب الرقيق الالوان الذى ترتديه وقالت : استيقظى مبكرا لاجل المسانده النفسيه لشقيقتك التى تتمنى لو قضيت اليوم فى الفراش ولكنى مضطره للتلبية نداء الواجب والذهاب مبكرا للمدرسه .....
فركت نوران عينيها وقالت :امممم حاضر يا ميس ندى....مساندة ومشاركه وتحية العلم كمان .... قاطع حوارهما المازح صوت والدتها تقول : بسم الله ماشاء الله ...جايبن الحلاوه دى منين يا بنات؟
فضحكت ندى برقه وتلتفت وهى تقبل والدتها وتقول : من امنا طبعاً يا ست الكل ....
فى حين سمعت صوت والدها الحاج عبد الرحمن الذى وقف عند باب الغرفه المفتوحه يقول بلهجة ضاحكه : يعنى طلعت من المولد بلا حمص يا عم عبد الرحمن.....
فقبلت ندى يد والدها وهى تقول له : والله ولا اقدر على زعلك يا ابويا الحاج عبد الرحمن ...
فى حين هبت نوران تتجه نحو والدها وهى تتعلق برقبته وتقول : انا شبهك يا حاج حتى شوف كده...
ضحك والدهما ضحكة عاليه وهو يربت على رأس نوران ويقول لزوجته : ارأيت يا حاجه كيف ان انجاب البنات نعمة ..!!!
ضحكت الوالده وهى تقول : طبعا يا حاج.....
وخرجت من الحجره وهى تنادى على هنا وملك وتطلب منهن الانتهاء من شرب كوب اللبن ...
فى حين اخذت نوران المنشفه الخاصه بها وخرجت من الحجره .....وهى تقول : طار النوم ....
فضحك والدها ...ثم التفت الى ندى وقد ارتسمت الجديه على ملامح وجهه وقال : ندى ما اخبار الناظره التى اصيبت ابنتها بحادث السياره؟؟
قالت ندى وقد تذكرت كيف ان الجميع ظن ان نسرين قد توفيت : الحمد لله يا والدى...لقد اطمأننا عليها بالهاتف من الاستاذه جيهان ....وحين يسمح بالزياره سنزورها باذن الله...
هز والدها راسه وقال : طبعا واجب لابد منه...... اللهم عافها واعفوا عنها وصبرها على ما ابتليتها به....
ثم اردف قائلا وهو يبتسم بفخر لابنته : وما اخبار الاستاذه ندى مشرفة اللغه الانجليزيه للمرحله الابتدائيه بالمدرسه؟؟
ضحكت ندى وقالت :مشرفه المرحله ..!!! هكذا مره واحده....؟؟
قال والدها :طبعا ........
فابتسمت ندى وقالت : الحمد لله يا والدى ....لا تقلق انا ابنة ابى ....
قال والدها بفخر : بارك الله فيك يا ندى ......بالمناسبه اتحدثت معك نوران عن ما يزعجها؟؟ ان لها اربعة ايام الان لا تذهب لجامعها ...وهذا امر غريب....
قالت له ندى : لا يا والدى ولكنها اخبرتنى ان بسبب احداث المظاهرات بالكليه فقد طلب منهم الاساتذه بالجامعه اخذ اجازه حتى نهاية الاسبوع وسيبدأ الانتظام فى الدراسه من يوم السبت باذن الله ...
تنهد الحاج عبد الرحمن وهو يقول : خيرا باذن الله .....هيا الى عملك حتى لا تتأخرى وساوصل انا هنا وملك الى مدرستهم ....
خرجت ندى بعد ان لملمت اوراقها ...وقبلت والديها وتوجهت الى المدرسه بكل همة ونشاط......... فلها يومان الان تزاول مهامها كمدرسه ومهامها الاخرى كمديرة مسئوله عن قسم اللغه الانجليزيه بالمرحله الابتدائيه بعد ان اوكلت لها هذه المهمه الاستاذه جيهان والتى قد قدمت على اجازه ثلاث ايام حتى تكون بجوار صديقتها الاستاذه نوال فى مصيبتها.....
وما ان دخلت الى حجرة المدرسات بعد ان وزعت الخطه الخاصه بالمنهج لهذا اليوم على المدرسات لتقوم بتحضير الدرس الخاص بها للحصه القادمه ......حتى فوجئت بالاستاذه زينب تقف عند باب الحجره وهى تلهث وتقول بصوتها المتهدج :ندى.......ندى تعالى بسرعه ..ا\الهام صفوت صاحبة المدرسه تطلبك فى مكتبها...
تعجبت ندى ولكنها تحركت بسرعه وهى تخطو فى الممر المؤدى الى منطقة الاداره وتلاحقها زينب وهى تقول لها : ياترى عايزاكى فى ايه؟؟ ربنا يستر ...دى عمرها ما طلبت حد بالاسم الا لو كان فى حاجه كبيره اوى.....يكون ايه ال حصل يا ندى؟؟
فى حين ابتسمت ندى وقالت : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ......
فقالت زينب بخبث: واضح ان الموضوع كبير..احتمال ولى امر قدم شكوى فى حقك؟؟
قالت ندى بهدوء : الله اعلم....سنعرف الان...
وصلت ندى الى الاداره وتلحق بها استاذه زينب وعند سكرتيرة مكتب السيده الهام وقفن فى حين قالت السكرتيره بجديه : من منكن ا\ندى عبد الرحمن؟؟
تقدمت ندى فقالت لها انتظرى لحظه سابلغ ا\الهام بحضورك..
وبالفعل لم يمضى على دخولها الى المكتب وخروجها منه اكثر من لحظات ...اشارت لندى بالدخول.....
ودخلت ندى واغلق باب المكتب من خلفها ووقفت الاستاذة زينب تحك راسها وهى تشير للسكرتيره بيدها وتهمس وتقول : ماتعرفيش عايزاها ليه؟؟
فى حين لم ترد عليها السكرتيره باكثر من نظرة تعجب ..فقالت مره اخرى بشغف وحب استطلاع واضح : ها؟؟ الموضوع مشكله ولا ايه؟؟
بادرتها السكرتيره بنظرة بارده ثم قالت بحزم : اعتقد ان وجودك لا داعى له ...لا تعطلى نفسك وتضيعى وقت المدرسه ...مع السلامه
وقد كان....فتحركت زينب وهى تنظر لها بغيظ ...وبسرعه كانت قد ضغطت ازرار الهاتف المحمول برقم الاستاذه جيهان لتبلغها بما حدث....
ترى ماذا تريد مالكةالمدرسه من ندى؟؟؟
.................................................. ......................
استيقظت لميس صباحا ..وقد اعدت ملابسها من الليله السابقه ....ذلك البنطال الضيق الجديد وهذا البودى الزاهى الالون ذو الفتحه الواسعه عند الرقبه ....وشعرها ستتركه منسدلا ...وستضع من علبة المساحيق التى تحتفظ بها للمناسبات الخاصه فقط ...فاليوم غير كل يوم .....ستذهب الى الجامعه لتضع الحدود لساره المغروره.....ولن تتهاون معها فى اى شئ من الان وصاعدا..... ستعلن للجميع انها من ستكسر انف ساره وتعيدها لارض الواقع وتذكرها بانها مجرد فتاة تافهه لا اكثر....وان لزم الامر اتهمتها بكل جراه بانها سارقه ......وان لزم الامر ايضا ستفتعل موقفا يضع ساره فى موقف حرج امام الجميع.....فهى تكره غطرستها وتعاليها ...وتباهيها ...ومحاولتها للسيطره على مجريات الاحداث بحيث تظهر دائما بمظهر القائده والمسيطره.....
ما ان اكملت ارتداء ملابسها ورشت دفعات مكثفه من العطر ...وارتدت كم لا بأس به من الحلى الذهبيه ....ودست هاتفها المحمول فى حقيبتها وفتحت باب غرفتها مستعده للانطلاق...
حتى سمعت صوت والدها يحدث والدتها بحده وهو يقول بصوت عال : انا متأكد من كلامى جدا...والتعاقد ده مش ممكن يتم ابدا....
فى حين صرخت والدتها بصوت حاد وقالت : مش بأمرك....دى شركتى وانا حره ...ماتعملش فيها محامى عليا انا ....
هرولت لميس الى حجرة والديها بفزع فهى لم تسمع مناقشات والديها عاليه بهذا الشكل....
وقفت امام باب الحجره وقالت بصوت قلق : بابا.........ماما......ماذا حدث؟؟
التفت الاثنان نحوها وقالا بصوت واحد وبعصبيه واضحه :لا شئ...
لم تستطع لميس ان تخفى فزعها....فهى لم تسمع والدتها تتحدث بهذه الحده منذ سنوات طويله....الاحرى انها لم تسمع اى من الحوارات بين والديها منذ سنوات فلكل منهما موعد عوده مختلف ....وحتى ايام العطلات لا تتوافق .....ونادرا ان حدث ان تجمعوا فى نقاش ما....وفى اغلب الاوقات كل منهما يجلس على جهاز الحاسوب المحمول الخاص به دون اى مناقشات جاده....
اللهم الا فى الاجازه السنويه والتى لا تكاد تكمل الاسبوع حين يسافروا جميعا الى الساحل الشمالى حيث الشاليه الخاص بهم فى مارينا ...وحتى فى هذا الوقت لا توجد بينهم اى احتكاك يذكر فكل يقضى وقته بطريقته الخاصه.....
اذن الموضوع حقا قوى وخطير...
افاقت من شرودها على صوت والدها يقول :الظاهر انك نسيتى نفسك يا هانم....
فى حين جلست والدتها على المقعد المقابل للمرآه فى عدم اهتمام وهى تكمل وضع زينتها ......
ومدت يدها لتفتح علبة المجوهرات الخاصه بها وتقلب فى القطع الذهبيه بسرعه باحثة عن قطعه محدده....
وقفت لميس مشدوهة وفزعه بحق...فوالدها صوته مخيف جدا.....
لم تسمع منه هذه اللهجه الا مرات قليله حين يتحدث فى الهاتف بعصبيه فى محادثات العمل...
قالت والدتها بمنتهى الهدوء : الله ....فين الخاتم الجديد ...والانسيال الكارتييه....معاكى يا لولو؟؟
تدخل والد لميس فى الحوار بصوت عال وقال : انا باتكلم يا هانم...انتى بتتجاهلينى؟؟
قالت فى هدوء :وانا خلصت كلامى .....باقولك ايه يا جمال احنا اتفقنا من الاول محدش يتدخل فى شغل حد....مش عاجبك فى ايه ا\مختار راجل محترم وشركته كبيره...
رد عليها بانفعال شديد : وحرامى كبير كماااااااان ...انا عارف باقولك ايه .....شغله كله مشكوك فى امره.... وليه ملف فى الرقابه الاداريه ....ليه تورطى شركتك مع حد سمعته كده؟؟
تأففت زوجته وقالت بحده : يعنى خايف عليا...ولا على سمعتك بصفتك المحامى المشهور ا\جمال ابو سيف؟؟
قذف الرجل زوجته بالجريده التى كانت بجواره وقال لها : والا تخافى انت على سمعتك وسمعة زوجك من الدخول فى تلك الصفقه المشبوهه؟؟
كانت المناقشه وصلت لاقصاها من الصراخ والصوت العالى فى حين انكمشت لميس وهى مستنده على الجدار تراقب وجهى والديها وقد ظهرت امارات الغضب على كلايهما بشكل افزعهها....
قاطع المشاجره صوت جرس باب الشقه ....
وقفت لميس لحظات لا تعرف اتذهب لتفتح الباب ام تنتظر عسى انتبه والديها لما يفعلانه....
وفجأه تحول الصوت الى طرقات عنيفه ودقات متلاحقه مع صوت متواصل من الجرس ينذر بشئ غير عادى ..........
انتفضت الزوجه من فوق مقعدها فى حين خرج الزوج يهرول نحو باب الشقه وهو يقول بغضب سابا من يقف خلف الباب : مين الــ........... ال معندوش ذوق ده على الصبح؟؟؟
وفتح الباب بعنف .....
شهقت الام............وصرخت لميس
فقد كان ياسر شقيق لميس محمولا بين يدى اثنين من الشباب الغرباء ويساعدهم بواب العماره ودخلوا به نحو اقرب مقعد ...ليرقدونه ويحاولون افاقته بشتى الطرق....
ظلت والدته تصرخ وتقول بشكل متكرر غير واعى :ماذا حدث؟؟ ماذا به؟؟؟؟ ماذا حدث ....ياسر ؟؟؟ ياسر يا جمال ...ياسر....
فى حين وقف والد لميس فى حاله من الذعر الشديد وهو يمسك بذراع احد الشباب ويقول
فى لهجة اقرب الى الاستجواب: اسمك ايه يا بنى انت؟؟ جراله ايه؟؟ حادثه؟؟ اغمى عليه؟؟ انطق ؟؟شرب حاجه ؟؟
قال الشاب وهو يسحب ذراعه بعنف ويشير نحو بواب العماره : صلى على النبى يا عم ....انا لا اعرفه اساسا ..... لقد طلب منا هذا الرجل مساعدته فى حمل الشاب المريض...
فالتفت جمال نحو بواب العماره وقال بسرعه : ماذا حدث يا رضا؟؟؟
وقبل ان يفتح رضا فاه ليخبره بما حدث كان الشابين قد انطلقا مغادرين المكان سريعا وهم يتعجبون من اسلوب والد ياسر...
قال رضا بلهجته القرويه الغير واضحه انه وجد ياسر مستلقى فى السياره دون حراك ويبدو انه كان بداخل السياره منذ الليل .....
لم تتمالك الام نفسها ان قالت فى دهشه ممزوجه بالفزع : منذ الليل؟؟؟؟
فى حين التفت والده اليها وقال بصوت غليظ متوعدا : اتفضلى يا هانم ....لم ينم ابننا ليلته فى البيت وانت امه لا تدركين حتى.....!!
بكت الام وهى تصرخ فى وجه زوجها متهمة اياه بالتقصير فى حق ابنهما لانه لا يزال يقف امامها يتحدث دون مراعاة لحالة ابنهما الغائب عن الوعى..... والى الان لم يفهم اى منهم ماذا اصابه ...!!!
ترى ماذا اصاب ياسر...!!
.................................................. .....................................
جلس الحاج منصور بجوار فراش ابنته نجاح يقرا فى المصحف بصوت هادئ ..... فى حين كانت الممرضات تتابعن اعمالهن بهمة وسرعه لتجهيز الفتاه لدخول حجرة العمليات لاجراء العمليه الخاصه بكتفها ....والتى تأجلت من قبل ....
دخل الطبيب المسئول عن العمليه يطمئن على حالة مريضته ....ومن خلفه كان سعيد وشعبان يدلفون الحجره ايضا للتحدث معه لسؤاله عن حالتة نجاح....
وقف الاربعة رجال حول فراش الفتاه وقد شرح لهم الطبيب ما سيتم اجراؤه بالضبط وطمأنهم لان الحاله باذن ......
وبالفعل تم نقل نجاح من فوق سريرها بعنايه للترولى الخاص بحجرة الجراحه بعد ان ساعدتها الممرضات فى ارتداء الرداء الخاص بالعمليات ...ووقف والدها بجوار السرير الذى بدا بالتحرك مغادرا الحجره وبحنان وبحركة عفويه مد يده ليتم اغلاق فتحة الرداء الواسعه ويشد الغطاء عليها
يحاول ان يغطى جسد ابنته حتى لا ينكشف امام الاعين وهى فى طريقها للجراحه.....
فى حين نظرت الفتاه لوالدها وامسكت يده بيدها المتورمه وقالت له بصوت خافت وبدموعها المنسابه : ادعو لى يا والدى ...انى خائفه ...
قبلها الحاج منصور وقال بهمس : اذهبى حبيبتى فان الله معك ....لقد طمأننى الطبيب يا نجاح وباذن الله ستكونى بخير.....و.....
تهدج صوته وخفت وتنهد بقوه واكمل كلماته : اذكرى الله.....اذكرى الله
فى حين اسرع الترولى فى عبور طرقات المستشفى ذهب الوالد ليتوضأ ليعود ويصلى ركعتين لله..ويدعوه ان يخفف عن ابنته المها.. .
جلس داخل الحجره الفارغه..والتى فتح بابها .... يراقب سعيد وشعبان وهم يتكلمون سويا تاره ...وينشغل بحديث الممرضات فى الردهه تارة اخرى..يراقب الساعه التى تمر ببطء...يتحرك بدون هدف فى قلق وانتظار......دق هاتفه المحمول ......دق باصرار وبرقم غريب ......
اجاب الوالد بكلمة مقتضبه : السلام عليكم ....
وجاء الصوت الهادئ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا حاج منصور .....اعرفك بنفسى ...انا مجدى حافظ المحامى والموكل من قبل مهندس سامح .....
اجابه الرجل ببعض الضيق : اهلا بك ...خيرا باذن الله؟
عاجله الرجل بسرعه وقال : قبل اى شئ ....اريد الاطمئنان على ابنتك منك....واعلم اننا
نذكرها فى الدعاء ...طمئنك الله عليها....أتم لها السلامه فى جراحة اليوم باذن الله .....
تعجب الحاج منصور من اسلوب الرجل ومن درايته بميعاد جراحة اليوم فقال : جزاك الله خيرا ...
فما كان من الاستاذ مجدى الا ان قال بلهجة استئذان : استسمحك فى ان ارك شخصيا لبضع دقائق انا بالفعل موجود فى بهو المستشفى ....ولكن فضلت ان اتصل بك اولا .....
هز الحاج منصور راسه وقال بحزم : اعتقد ان اليوم غير مناسب ...ولست فى حاله تسمح باى مقابلات...واسـ.........
ثم صمت و تردد قليلا وقال : مادمت فى المستشفى بالفعل ...فالتتفضل ...ولكن اعذرنى لن استطيع ان اتحدث فى اى شئ و.......
فقاطعه ا\مجدى بسرعه : طبعا طبعا .....لا مجال للحديث قبل ان نطمئن على ابنتنا باذن الله..
وبالفعل ابلغه الحاج منصور برقم الحجره .....ووقف امام باب الغرفه فى انتظاره ولم يبلغ اى من سعيد او شعبان......
وظهر الرجل ....حاملا صندوق متوسط الحجم من الشيكولاته وتقدم بهدوء نحو الحاج منصور بابتسامة ود وصافحه بحراره وهو يقدم نفسه ويقدم له الشيكولاته ...وقال له : اعتقد انك لن تحرجنى وترفض هديتى..!!!
تردد الحاج منصور ثم مد يه واخذ علبة الحلوى وهو يقول : سلمت يداك يا سيد مجدى ...تفضل..
قال ا\مجدى بجديه : انا هنا اليوم فقط للاطمئنان على حالة ابنتك ...ولأطمئنك بشأن د\طارق بسيونى جراح العظام الذى يجرى الجراحه لها الان ....انه طبيب ممتاز وذو سمعة طيبه وقد قابلته منذ قليل واطمأننت بنفسى عن الحاله ....
رفع الحاج منصورحاجبيه وحك راسه فى تعجب وقال : فعلا؟؟...شكرا لك ا\مجدى...لا داعى لكل ذلك ....
لمح بعينيه سعيد وشعبان يهمان بالنهوض والقدوم نحوه فاشار لهم بيده ان يظلا فى مكانهم ...ودخل مع الاستاذ مجدى الى الحجره واغلق الباب واشار له بالجلوس ثم بدا بالتحدث فقال : ا\مجدى زيارتك مشكور عليها ..ومشكور ايضا ا\حاتم لسؤاله المتكرر عن حالة نجاح ...ولكنك بالتاكيد تعلم ان الموقف حساس جدا فارجوك الا تضعنى فى حرج ....لقد قررت انى لا اريد تعويض واننى راض بقضاء الله ...ولكنـ...
هز ا\مجدى راسه متفهما وقال مقاطعا اياه بسرعه : ونعم بالله يا حاج ....و بالتأكيد انا لست هنا لاضعك فى اى نوع من انواع الحرج وكفاك ما انت فيه ..........و يشهد الله اننى لم آت اليوم للحديث فى اى من هذه الامور ...
صمت الحاج منصور وهو يتطلع الى وجة الاستاذ مجدى بتعجب ..ثم قال : يا اخ مجدى ان كنت تريد الحديث فى موضوع التنازل فهذا ايضا ليس وقته ولا مجاله....دعونى اطمئن على ابنتى اولا...
قلب الاستاذ مجدى كفيه وقال : لا حول ولا قوة الا بالله ...اقسمت لك اننى لم آت للحديث فى اى من هذه الامور...انا هنا اليوم فقط للاطمئنان على الفتاه ....
قاطعه الحاج منصور وقال بحرج شديد : لا تؤاخذنى ...يا سيد مجدى .... فالله يعلم ما انا به اليوم
ربت الاستاذ مجدى على كتف الرجل وهم بالنهوض وقال : اعانك الله وطمئنك عليها باذن الله ..استاذنك حتى لا اطيل عليك...
نهض الحاج منصور متكئا على مسند المقعد وصافح يد المحامى الممدوده امامه وهو لا يزال يفكر فى مدى صدقه وجديته ...ولم يستطع ان يمنع نفسه من التفكير فى ان هناك سرا ما وراء هذه الزياره وانها ليست فقط الاطمئنان على صحة ابنته كما ادعى هذا المحامى ....
وما ان خرج الرجلان من الحجره حتى هرع سعيد وشعبان نحو الحاج منصور ....
ودعه والتفت اليهما ...فقد كان الفضول يستبد بهم ...وانهالوا بالاسئله عن سر هذه الزياره وعن صاحبها ....فاخبرهم .....
فقال سعيد بغضب : يعنى بيعرفونا انهم معاهم محامى وهم الجناه ...بيهددونا ولا ايه؟؟ ماهذا الاستخفاف بارواح البشر؟؟
قاطعة الحاج منصور وقال بحزم : سعيد .....! لا يوجد تهديد ولا استخفاف...
حتى ان الرجل لم يتكلم فى اى شئ يخص الحادثه اواى شئ عن التنازل او التعويض...
فقال شعبان بسخط : كمااااااان؟؟ فيم كانت زيارته اذن؟؟ ليتأكد اننا لن نطالبهم بمصاريف العمليات ونفقات العلاج؟؟
ثم هم بالتحرك مبتعدا وهو يقول :ما هذا الاستفزاز...لا ...ساذهب والحق به وساتحدث معه وسأوقفه عند حده..... ليعرف مع من يتعامل .....وكيــ....
امسك به الحاج منصور وهو ينظر اليه بغضب ويقول :الا تحترم كلمة والدك يا شعبان؟؟ من اذن لك بالتصرف وباتخاذ القرار فى التحدث اليه؟؟؟ ثم ما هذا الاسلوب الهمجى ...
ربت سعيد على كتف عمه وقال : سامح شعبان يا حاج...لم يكن يقصد ان يتجاوزك فى التصرف...ولكن زيارة هذا المحامى غير طبيعيه ...الا ان كان عرض عليك دفع جزء من المصاريف....وانت بالطبع رفضت..
تأفف الرجل الكبير من اسلوب الشابين وقال بغضب : وهل سنقبل العوض؟؟ والا يكفى ما دفعوه من مصاريف فى المستشفى السابقه....!!!
لا اريد ان اسمعكما تتحدثان بهذه اللهجه مره اخرى....الى الان لم يحدث ما يجعلنا نسئ الظن ...صبرا حتى تتضح النوايا...
قاطعه سعيد وقال : الى متى الصبر؟؟ الى ان يستغل هذا المحامى صمتنا وخوفنا على نجاح وانشغالنا بعملياتها ويقوم بخدعة ما؟؟
قال الحاج منصور بحزم شديد : اى خدعه؟؟؟ ان كنا اخبرناهم باننا لا نريد منهم اى شئ.....ثم اننى والدها... ... وقادر ان اتكلف بعلاجها ...وهذا امر الله ولا اعتراض....وقادر باذن الله ان اتعامل مع الف محامى طالما ان الحق معى ....
انا المسئول عن هذا الامر...وانا الوحيد الذى ساقوم بالتعامل مع هذا الموضوع....ولا اريد اية تصرفات غير مسئوله من اى منكما ......وهذا حكمى وسار عليكما ...اتسمعون؟؟
نظر الشابان لبعضهما وهزا رأسيهما وقالا : امرك يا حاج..
ثم نظرالرجل مطولا الى سعيد وقال له بعد تردد دام لحظات :تعالى معى يا سعيد اريدك فى شئ...!!
ودخل به الغرفه واغلق الباب تاركا شعبان يقف بالخارج ما بين قلق وغضب وحنق....
وما ان دخلا الحجره حتى التفت الى سعيد ابن اخيه وقال له بلهجة حازمه : سعيد...اسمع ما ساقول ولا اريد منك اى اعتراض ....
تعجب سعيد ونظر لعمه بترقب وقال: خير يا حاج...
قال الحاج منصور بصوت عميق : يا ابنى كل شئ نصيب....وانت الان تعلم جيدا ان نجاح اصبحت فى حاله قد لا تجعلها قادره على الحركه بشكل طبيعى..والله اعلم...ما ينتظرنا بعد العمليات وفترة العلاج التى اخبرنى الطبيب انها قد تصل الى العام...
وضع سعيد يده على كتف عمه وقال : ماذا تقول يا عمى؟؟ما قصدك؟
قال الرجل بحزم : سعيد ...انت فى حل من الفاتحه التى قرأناها ..واعتبر الخطبة كأن لم تكن...وصدقنى لن اغضب اواتـــ......
قاطعه سعيد بغضب :ماذا؟؟ ماهذا الكلام يا عمى؟؟ نجاح ابنة عمى قبل ان تكن خطيبتى..ثم اننى رجل لا انقض عهدا ولا اتراجع ولا اتـــ...
قال الحاج منصور :يابنى هذا امر الله ....وكل شئ قسمة ونصيب...وساتفهم جيدا انك قد لا تريد ان تربط حياتك بها بعد اصابتها وانــ.....
وضع سعيد يديه فوق كتفى عمه وقال مقاطعا اياه بحزم :اى رجل هذا الذى يترك خطيبته بسبب تعرضها لحادث؟؟
اان كنت انا المصاب اكانت لتتركنى؟؟ لم تربنى على الخسه والندالة يا حاج منصور...بل انى كنت ساطلب منك ان نعقد القرآن فى اقرب وقت فتصبح زوجتى وفى رقبتى ليوم الدين...
اشار له عمه بان ينهى الحديث وقال:لا تتعجل اى قرارات...فكرجيدا يا سعيد...ولا تهتم لكلام اى شخص ....فانا الذى احلك من الخطبه وليس انت الذى تتركها.....
حاول سعيد ان يتكلم الا ان الحاج الكبير رفع يده مشيرا له بان يصمت ثم اردف قائلا : الان اتركنى يا سعيد قليلا اريد ان اصلى ركعتين لله ....
خرج سعيد واغلق الباب من خلفه ....تاركا عمه وقد ترقرقت دمعة بين جفنيه خوفا على ابنته وفخرا بابن اخيه ...... وبدأ يصلى لله .....فلا ملجأ له سوى بابه ....عسى فرج الله عنه كربته.......وطمأنه على ابنته.......
.................................................. ...........................
رقدت الاستاذة نوال على فراش ابيض ..ومن حولها وقف ولديها وصديقتها ا\جيهان تربت على كتفها بحنان...
دخل الى الحجره طبيب شاب يحمل بين يديه اوراق تحليلات فى ملف يحمل اسم الاستاذه نوال.. ...نظر الى التجمع الذى حولها وقال بلهجة الاطباء المعتاده : لا اريد كل هذا العدد من الزائرين....ممنوع الضغط العصبى من اى نوع يا جماعه...
قال رامى بلهفه : ارجوك يا دكتور نريد الاطمئنان عليها ...فما سبب الاغماءه ونزيف الانف الغزير هذا غيرطـبيعـ.....
هز الطبيب راسه فى ثقه : بالطبع ....ولكن هذا التجمع لن يفيدها...خاصة انها على ما يبدو من النوع الذى يجزع بسرعه...
هز عمرو راسه وقال : ولكن يا دكتورامى لم تكن مريضة سكر او ضغط او قلب حتى تصاب بتلك النوبه ...
اخرج الطبيب التحليلات وقرأها وقال : موضوع حادثة ابنتها كان تأثيره شديد عليها ....السكر معدله خمسمائه ...اتدرى مامعنى ذلك؟؟
هذا المعدل عالى جدا....واحمدوا الله انها نزفت من انفها... فحين يرتفع الضغط بهذا الشكل قد يحدث نزيف بالمخ لولا رحمة الله بان انفجرت الشعيرات الدمويه الدقيقه بالانف اولا.....أزمه بسيطه باذن الله ...
قاطعته الاستاذه جيهان وقالت بجزع : ازمه قلبيه؟؟ يا حبيبتى يا نوال
اشار اليها الطبيب وهو يهز راسه ويقول :ليست ازمه قلبيه ..ولكن اهمال العلاج بالتأكيد يؤدى الى حدوثها....واعتقد ان لابد من اجراء بعض الفحوصات الهامه منها رسم قلب وقياس النشاط الكهربائى للقلب...كما يجب متابعة السكر متابعه جيده....
تحدثت الاستاذة نوال لاول مره منذ حدث ما حدث وقالت للطبيب بوهن وضعف حاولت ان تتمادى فيه : يعنى حالتى خطر يا دكتور؟؟ هاعيش لحد امتى؟؟
ضحك الطبيب وقال وهو يهم بمغادرة الحجره : شدى حيلك يا هانم...الموضوع بسيط وباذن الله بالمتابعه سيتم السيطره عليه...
ساعطيك ارقام هاتف لعيادة طبيب باطنى ومتخصص للمتابعه معه ...وارجوك الابتعاد كليا عن الشد العصبى والتوتر....
خرج الطبيب ...فى حين التفتت نوال لولديها وقالت : التفوا حولى ...اريد ان اراكم ولو لآخر مره...
فقال عمرو مازحا معها : لا يا ست الكل ...آخر مره ايه ...ربنا يمد فى عمرك يا امى....
قالت بوهن :ما انت سمعت الدكتور..... الضغط والسكر والقلب
فقالت ا\جيهان : وبعدين يا نونه بلاش اكتئاب بقى....الدكتور قال نو ستريس ....بى سترونج يا روحى.....عشان نسرين
فتحت نوال عينيها وكأنها تذكرت فجأه ما حدث لنسرين ..وحاولت النهوض ولكنها شعرت بالضعف الشديد ...
وبسرعه وجدت يدا تمتد بالوساده لتضعها خلف راسها تماما...كانت يد هند زوجة عمرو ...فعدلت من وضع الوساده وقبلت الاستاذه نوال فى جبينها وقالت : الف سلامه عليكى يا ماما ...
نظرت نوال اليها وقالت بفتور : امم الله يسلمك .....
قال عمرولوالدته : لقد سهرت هند طوال الليل بجوارك يا امى ولم تتركك لحظه ....
قالت السيده نوال بتعجب مصطنع : ياه؟؟ حقيقى؟؟ وليه التعب ده؟؟
قالت هند بحرج : تعب ؟؟ ربنا يطمنا عليكى يا ماما ...لقد اطمئننت على نسرين قبل قليل وهى نائمه الان...وسمعتهم يتحدثون عن ذهابها للاشعه مره اخرى ...وانــ....
قاطعتها الاستاذه نوال وقد بدا صوتها اعلى وحالتها فى تحسن والتفتت الى رامى وقالت له :اذهب لترى ما تتحدث عنه...
والتفتت الى صديقتها جيهان وقبلتها وقالت : كتر خيرك يا حبيبتى....انت حقا نعم الصديقه ....
ثم صمتت قليلا وقالت : جيهان ...ما اخبار المدرسه؟؟ لم لم يزرنى احدا الى الان؟؟ هل اتصلت ا\الهام؟؟او حتى ارسلت زهورا؟؟
تعجبت هند من حديث الاستاذه نوال.....فكيف تفكر الان فى من زارها ومن لم يزرها..ومن ارسل الزهور ومن اتصل بها....
انها حتما امراه غريبه....ولكن لابد ان تحاول هند ان تتعامل معها...اكراما لزوجها ....
فهل ستستطيع؟؟؟
.................................................. ........................................
وقفت هدير عند باب حجرة حاتم تحدثه وهو يكمل ارتداء رابطة العنق الجديده وهى تقول له : ثم ماذا قال ايضا ا\مجدى عن عمو حمدى؟؟
ياه يا حاتم لقد شوقتنى لان اراه يبدو انه حقا رجل محترم...
هز حاتم راسه وقال بصوت يملؤه الاعجاب : ماشاء الله عليه يا هدير....رجل وقور نحسبه على خير وباذن الله ستسوى مسالة الحادثه بشكل قانونى جيد والاهم من كل ذلك بشكل دينى سليم....
ثم صمت وقد سرح خياله للحظات فى تلك المكالمه من سارة...وتذكر كلماتها بشان موضوع يتعلق بهدير.....
التفت حاتم لشقيقته وقال لها فجأه :هدير.....تعلمين انى اثق بك...وانى واثق ايضا انك لا تخفين عنى اى شئ...اليس كذلك؟
بهتت هدير من حديث حاتم المفاجئ ولكنها قالت بثقه : اقسم بالله يا حاتم انى لا اخفى عنك شيئا وان كنت تتحدث عن موضوع "باسم" ..أوعن اى موضوع آخر ...لا اسرار لدى اخاف ان اطلعك عليها...والله يعلم انى صادقه...
تحرك حاتم نحو شقيقته وطبع قبلة على راسها وقال وهو يربت على كتفها : لقد اردت فقط ان اطمئن عليك يا حبيبتى....فانا مقصر معك هذه الايام بسبب انشغالى .....فما عدنا نجلس ونحكى سويا ...اوعدك ان افرغ لك نفسى تماما وساخذك لنزهه قريبا كما تعودنا مارايك؟؟
وقفت هدير امامه تعدل من رابطة العنق وهى تقول : كان الله فى عونك يا حاتم...ولكن لا اريد ان اثقل عليك .....تتذكر الموضوع الخاص بنوران ؟؟
ان لها اربعة ايام لا تذهب الى الكليه وقد اغلقت هاتفها تماما....واشعر انا بتقصيرى تجاهها ...لا اعرف ماذا افعل لاساعدها...وقد اقحمتك انت ايضا فى الموضوع ولا اعرف ماذا تستطيع ان تفعل...!!!
شعر حاتم بالحزن وبالغضب يجتاحه حين تذكر هذا الموضوع....فالموضوع لا يفارقه ويفكر به معظم الوقت محاولا ايجاد حل نهائى وجذرى بدون ان يعرض نوران لاى اذى....
فقال: باذن الله سأجد حلاً....حاولى ان تتحدثى معها وان تكونى بجوارها هذه الايام ....واخبريها ان فرج الله قريب....
ومن خلفهما سمعا صوت والدهما يقول : صباح الخير ...ما هذا النشاط ؟؟
ضحك حاتم وقال : اى نشاط يا والدى ..... الساعه تقترب من الثامنه ولابد ان اسرع والا ساصل متأخرا ...
قال والده وهو يمد له يده بمفاتيح السياره ويبتسم : اعتقد انك لو ركبت الصاروخ الخاص بى ستصل فى موعدك ....
ضحك حاتم وهو يأخذ المفاتيح من والده وقال: شكرا يا ابى ...ولكن الن تذهب الى عملك اليوم؟؟
قال والده بكسل : اجااااااازه.....ثم ان اليوم الخميس وستأتى عمتك منيره وتجمع العائله الساهر...
شهقت هدير وقالت :الخميس؟؟؟؟ مر الاسبوع بهذه السرعه؟؟؟؟
ضحك والدها وقال : لاحول ولا قوة الا بالله ....هدير عندها أعراض شيخوخه مبكره ....
ذكرتنى بجدتى رحمها الله حين كانت تسالنى اكثر من عشر مرات فى اليوم الواحد : هو النهارده ايه فى ايام ربنا؟؟
وحين اخبرها باليوم تشهق وتقول : حقيقى؟؟ الاسبوع فات اوام كده يا ولاد؟؟
يبدو انك ورثت عنها هذه العاده يا دودو ...
ضحكت هديروقالت : لابد ان اسرع حتى لا اتأخر على المحاضرات انا الاخرى......
فى حين هرول حاتم لوالدته الى وقفت كعادتها فى المطبخ...تعد الشاى والافطار .... قبلها وهو يمازحها ويزيل غطاء الانيه الموضوعه على الموقد ويقول : اعتقد ان اليوم يوم الوليمه العظيمه ....ياترى مم تتكون قائمة اليوم؟؟
ضحكت والدته وقالت : عمتك منيره طلبت كشرى بالعدس الاصفر ...ايه رأيك؟؟
قال حاتم وهو يقبل والدته : الله ....الله ....والبروتين يا ست الكل؟؟
قالت والدته : بروتين نباتى ....نرتاح شويه من اللحوم ولا ايه...!!!
رد عليها وهو يهرول يخرج من المطبخ ويقول : كله من ايديك جميل....وكلها نعمة ربنا.. الحمد لله
وأسرع يفتح باب الشقه ويقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
وهرول يقفز السلالم وصولا للسياره وهو يدعوا الله الا يتأخر على عمله لان اليوم لديه اجتماع هام الساعه الحادية عشر ولابد من تحضير الاوراق الخاصه به......
وذهب الى عمله ........
وانشغل طوال النهار ......
ودخل الى الاجتماع الخاص...وكالعاده كان حاتم على قدر كبير من الحنكه والتالق بشكل اثار غيظ الاستاذ الايمن وككل اجتماع وبشكل يقترب لان يصبح عاده ......حين ينال حاتم المديح من الحاضرين ...لابد ان ينال كلاما سخيفا يحمل معانى خفيه من الاستاذ ايمن...ولكن ما عادت تلك الكلمات الممتلئه بالغيره تشغل باله.....
فاصبح يقابل الكلمات ببرود تام ....ينشغل بان يلملم اوراقه وهو يرد على ا\ ايمن بكلمات مقتضبه...ثم يتركه ويسارع بالعوده الى المكتب لانهاء باقى اعماله ......
وهذا ماحدث .....
عاد حاتم الى مكتبه وما ان هم بفتح الباب حتى ابلغته السكرتيره بان هناك ضيفا ينتظره بالداخل ....فتح باب المكتب مسرعا ..وما ان فتح الباب حتى وقعت عيناه على ذلك الضيف الذى يحتل الكرسى المقابل لمكتبه .......ضيفا لم يكن يتوقع ان يراه فى الشركه ....ولا يصح ان يتواجد فى مكان عمله....
كان هذا الضيف .....ســـــــــــــــــاره... ...
نعم ساره بشحمها ولحمها تضع ساقا فوق الاخرى وتنظر له بنظرتها الخبيثه وابتسامتها المصطنعه تلوح له بيدها فى دلال ......وترفع خصلات شعرها الملونه بخفه وتقول بصوت اقرب للهمس : هاى حاتم.....
كيف عرفت مكان عمله؟؟
كيف استطاعت ان تاتى الى مقر الشركه بكل جرأه..وتصعد الى الدور الذى يوجد فيه مكتب حاتم....وان تدخل وتجلس وتنتظره ....!!!!!
يالها من فتاة حمقاء......او ان صح القول فتاة بلا حياء....
ترى ماذا تريد ساره من حاتم؟؟؟
.................................................. ....................
يتـــــــــــــــــــــبع بإذن الله
حلقه بجد تحفه
تسلم الايادي
جزاك الله الف خير
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الحلقه الحادية والعشرون
بقلم\يمنى حسن حافظ
فتح ياسر عينيه بصعوبة بالغه ......مد يده نحو رأسه ....وتأوه بصوت خافت .....
ومن حوله التف كل من والدته وقد ارتسمت ملامح الخوف على قسماتها....وارتفع حاجبى والده وهو ينظر اليه ببعض التشكك المختلط بالقلق ...
اما بجواره فقد جلست لميس تنظر اليه بعيون دامعه ....وتوتر شديد....
ارتفع صوت طبيب الطوارئ بالمستشفى الذى ظل يفحص ياسر ويتحسس اماكن فى راسه ليتاكد من عدم وجود جروح او تورمات نتيجه تعرضه لضربة او ماشابه ...وما ان افاق حتى بدأ يختبر ذاكرته ببعض الاسئله البسيطه عن اسمه وتاريخ اليوم ....وهو يفتح عينيه وينظر الى حركتهما....ويضغط على اماكن معينة فى يده وساقه ليختبر اعصابه ...
اما ياسر فقد كان متعجبا.........متسائلا.......
ياسر : انا فين؟؟ايه ال حصل ؟؟
شهقت والدته وهى تبكى ....وتقول :يا حبيبى..... دكتور ...ابنى ماله؟؟
فى حين قاطعها والده وقال بعنف وحده : اصبرى شويه يا مدام....سيبى الدكتور يشوف شغله...
وقف الطبيب يكمل الفحص ويوالى اصدار التعليمات للممرضات من حوله بتحويله الى قسم الاشعه واجراء اشعه مقطعيه على المخ فورا ....لبيان ما اذا كان يعانى من ارتجاج او نزيف ...
وسحب عينة دم للتحليل ....
وتم نقل ياسر الى ارجاء المستشفى لانهاء الفحوصات اللازمه فى حين انتظر والديه وشقيقته فى ردهة الانتظار .....
ساعتين واكثر ولم تظهر اى نتائج ..........ساعتين واكثر ولم يسمع اى منهم كلمة واحده تطمئنهم على ابنهم.....ولكن طلب منهم دفع مبلغ طائل تحت الحساب ....
ساعتين ...كان منهما ان يستثيرا غضب والد ياسر وتحرق اعصاب والدته ....
الى ان ظهر الطبيب ............اخيرا بوجهه المتجهم ونظرته الجاده ......
قال بسرعه وجديه ولهجة علميه متيقنه : ياسر يعانى من آثار مخدر شديد....ويفضل ان ينتظر تحت الرعايه والملاحظه يومين ....وتـــ
قاطعه والده بغلظه : مخدر؟؟؟؟ مخدر ايه يا دكتور ؟؟ انت تقصد ايه بالظبط؟؟سامعه يا هانم...مخدرات ..
فى حين انهارت والدته تبكى وتغمغم وتحدث نفسها .....وتستند على كتف لميس التى انسابت دموعها دون ان تفتح فمها بكلمه واحده...فما يحدث حولها كثير وكبير جدا عليها ان تتحمله....
.................................................. ..........................
جلس ماجد فى مكتبه الفخم يراجع بعض الاوراق حين دق هاتفه بتلك النغمه الراقصه فمد يده وهو يهز راسه مع النغمات ويرى اسم المتصل فيسارع بالاجابه وهو يقول فى لهفه : اهلالالالا نبيل باشا......دى قطر نورت يا باشا...
ضحك نبيل وهو يقول :نصاب طول عمرك يا ماجد...بس عجبنى شغل الجمارك المره دى ..بجد تستاهل مكافأه...
مد ماجد قدميه اسفل المكتب عن آخرهما وداعب ازرار الكومبيوتر المفتوح امامه وقد ارتسمت ابتسامة فخر ورضا على شفتيه .....وهز راسه وهو يستمتع بكلمات المدح والتى نادرا ما يتلقاها من شريكه نبيل....
قال بهدوء :ال تأمر بيه حضرتك...المهم الموضوع الجديد الخاص بالقطع المشحونه من مصنع الصين اخباره ايه؟؟
حماد كلمنى من فرعنا فى دبى ..والتأخير من عندهم ...كلمهم يا نبيل واستعجلهم بقى...!!
ضحك نبيل ضحكة متواصله وقال بسخريه : بتاع شغل اوى يا سى ماجد ..!!! اخبار مصر ايه وناس مصر وبنات مصر ؟؟ قول يا ابو قلب حنين..!!
ضحك ماجد وهو يسعل من كثرة الضحك وقال :اجمل حاجه بنات مصر والله ...ربنا يهدينى بقى...
قال نبيل بلهجة مازحه : ربنا يهدك يا شيخ .....المهم...باقى كام يوم والبنت بتاعتك تستلم الشغل وخلى بالك امتحانات الجامعه على الابواب شوف هاتظبط الموضوع ده ازاى و حاول كمان تخلص جوازسفرها فى اقرب وقت....
قال ماجد: لا تقلق اعتقد من معرفتى بساره اننى بمجرد ذكر موضوع السفر ستسارع هى بنفسها لانهاء الاجراءات...ثم ان دبى فى الصيف موضوع آخر و لن يفوتنى ذكر مهرجان السياحه هناك .
اطمئن صوت نبيل وقال : كده تمام اوى...وبمجرد استلامها العمل واثبات جديتها فى الشغل معانا ...ابعتلى نسخه كاملة من ورقها بفاكس فى اقرب وقت ...يلا سلام يا ماجد...اشوفك اون لاين بقى..
اغلق ماجد الهاتف مع ا\نبيل وهو سعيد جدا فموعد استلام ساره للعمل معه فى الشركه قد اقترب..وهذه فرصه كبيره ليتصل بها وليطلب مقابلتها ....بل وليخرج معها لعمل تسوق لشراء البدل والتاييرات الرسميه الخاصه بالعمل وبالطبع ستسنح له الفرصه لتاملها مليا..وعن قرب..وهى فرصه لن يفوتها رجل مثله...
وفى سرعه كان رقم ساره ظاهرا على شاشة جهاز ماجد المحمول وهو يتصل بها....ودق مرات عديده ولكن لم ترد ساره لانها ببساطه كانت فى هذا الوقت تجلس فى مكتب حاتم وقد وضعت الهاتف على الوضع الصامت حتى تتفرغ تماما لما دبرت له.....
وللعجب كان ماجد هو ايضا يدبر لها شيئا....وقد عقد العزم وصمم وواصل محاولاته الاتصال بها...دون ملل....
.................................................. ...................
فى الحجره التى ترقد فيها نسرين وقف رامى وشقيقه عمرو بجوار فراش شقيقتهما فى حين جلس الضابط المسئول لأخذ اقوال نسرين فيما يتعلق بالحادثه....
كانت نسرين فى حاله من التوتر الشديد...وقد تهدجت انفاسها وتحدثت بصعوبه ....
حين سالها الضابط المسئول عن وائل..وعن صلتها به....
صمتت طويلا وانهارت باكيه ثم قالت بصوت خافت : لقد كان خطيبى....
حاول الضابط ان يستفسر حيث لم يسمع كلماتها فقال : معلش ...ما صلته بالضبط؟؟
قالت مره اخرى بصوت اعلى نوعا ما :لقد كان خطيبى ....
نظر شقيقاها نظرات تعجب مطوله لبعضهما البعض ثم مالبث رامى ان اطرق براسه ارضا وهو يصر على اسنانه بغضب ....
فى حين اكمل الضابط التحقيق لمعرفة اسباب وقوع الحادث واطلع نسرين على اقوال بعض الشهود بان وائل كان مسرعا بشكل جنونى وانه المتسبب فى تلك الكارثه التى راح ضحيتها هو وآخرون ابرياء .....
الا ان نسرين تذكرت الحادث وكأن الحادث يعيد تكرار نفسه فى مخيلتها مرات ومرات ومرات حتى كاد عقلها ان ينفجر ...وتذكرت لمحات خاطفه رؤيتها لجسد وائل المغطى بالدماء.... وكيف حاول الناس اخراجها من السياره ....الالم الشديده فى كل جزء من انحاء جسدها.....سمعتهم يطلبون تغطية الجثث باوراق الجرائد...صراخ وعويل واصوات كثيره متداخله .....قبل ان تصاب نسرين بالاغماء ....شعرت بالاختناق .... اصابتها حاله من الهيستيريا ....تلمست وجهها المصاب بحركة لا شعوريه ....وظلت تصرخ وتبكى وهو تقول : لا اتذكر ....لا اتذكر...وائل مات.....لقد تشوه وجهى ....لا اصدق ...لا اصدق
وعلى صوتها دخلت الممرضه المسئوله عن حالتها وحاولت تهدئتها وفى حين لملم الضابط ومن معه اوراق التحقيق وغادروا الحجره تاركين الطبيب الذى دلف الحجره يقوم بمهمته....
ومع الطبيب وقف عمرو يطمئن على حالة شقيقته ....التى انهارت تماما ......وحدها تعلم ماذا كان وائل يمثل لها .......
.................................................. ................................
كان اليوم هادئ جدا فى كلية الآداب .... ذهبت هديرصباحا وقابلت هيام وغاده وساره....وبعد ساعه واحده قضتها ساره بين جدران الجامعه امضت نصفها مع هدير تحدثها على انفراد ....فى محاوله لمعرفة معلومات اكثر عن شقيقها ....و عن الشركه التى يعمل بها حاتم ..رحلت..!!
رحلت متعللة بسبب يتعلق بوالدتها فى ظرف عائلى ......وهو بالطبع كذبه فقد كانت متوجهه فى طريقها لشركة حاتم ....
ومر الوقت وكاد النهار ان ينتصف ولم تظهر لميس بعد ...فقامت هيام بالاتصال بها ...وعرفت منها قصة ما حدث لياسر شقيقها وانه قد تم نقله للمستشفى ....وان هذا سبب عدم قدومها للجامعه ...وتنفيذها ما اتفقت عليه مع هيام فى محادثتهم الهاتفيه السابقه .....
اما غاده فقد ظلت تقضم فى اظافرها طوال الوقت وهى شاردة غير مكترثة بموعد المحاضرات ...ثم مالبثت ان تحدثت فى الهاتف المحمول الخاص بها مكالمه قصيره ثم ودعت صديقاتها ورحلت هى الاخرى.....
كان يبدو يوما عجيبا ....مملا....لولا ما حدث قبل نهايته من باسم.....
فقد حضر باسم مع شلة اصدقاؤه من كليتهم الى كلية آداب ....هذا ميلودى وهذا وليد ...وآخرون يرافقهونهم ...والغريب انه لم يحاول ان يتحدث مع هدير او ان ينظر حتى نحوها .....بل توجه نحو شلة من فتيات قسم اللغه الفرنسيه والمعروف عنهن التسيب ... ووقف معهن يمازحهن بصوت مرتفع حتى انه هرول خلف احداهن لانها خطفت اوراقا كان يلفها ويضعها فى الجيب الخلفى لبنطاله .....
جرى خلفها وهى تحاول الهروب منه ...وهى تطلق ضحكات مستهتره ...ومن خلفه وقف الجميع فى الشله ينظرون نحوهم وعلى وجوههم ارتسمت تلك الابتسامة البلهاء.....
ظلت الفتاه تحاورة وتناوره وتحاول الاختباء خلف هذا وذاك وبين هذه وتلك...ولكن باسم استطاع ان يلحق بها وان ياخذ منها اوراقه....
وتعالت الصيحات والضحكات والمزحات السخيفه ....ثم مالبث الجميع ان التفوا حول باسم يحاولن رؤية تلك الاوراق التى كانت منذ لحظات مثار جلبه ...فقد اخبر الجميع انها كلمات لاغنيه جديده من تأليف باسم وتلحينه ...
جلس على طرف الرصيف وبدأ فى العزف على الجيتار ....وانسابت الكلمات مختلطة بالالحان ...ممتزجة بآهات الشباب والفتيات من حوله...
سبتينى ليه؟؟ وانا ال طول عمرى بحبك
بعتينى ليه؟؟ انا عايش وباموت ف حبك...
ارجعيلى.....واسمعيلى....هاقول� � ايه... بحبك ..آه... آه بحبك....
كلمات غير منظمه...ولحن ضعيف ...وصوت مرتعش...وعيون شارده...
والعجيب ان الجميع ابدى اعجابه بالاغنيه ....
ومن بعيد كانت هدير تشاهد ما يحدث...وتحدث نفسها...
ايعقل ان يكون هذا هو من حبه قلبها؟؟
اهذا هو من وافقت ان تكسر كل القواعد من اجله؟؟
اهو بهذا القدر من السطحيه؟؟
ماذا رأت فيه يختلف عن باقى شباب الجامعه المستهتر؟؟
لم تكن هدير تتوقع منه الكثير خاصة بعد مواقفه المتكرره معها....ولكن اهتزاز صورته فى عيونها افقدها الكثير من الامل ..واصابها بالاحباط والحزن....
ولتمنع نفسها من المشاهده...........ولتخرج نفسها من حيز الضيق والملل الذى قد يدفعها لفعل ما وعدت نفسها بالا تفعله.....ولتهرب من مكان تواجد باسم فلا ترى تلك الصوره الغريبه عليها منه...
تحركت نحو الدرج...صاعدة السلالم المؤديه لحجرة المعيده الخاصه بمادة الشعر لتستفسر منها عن بعض النقاط فى دروسها....
ومن خلفها كانت عيون باسم الحزينه تتابعها باصرار وبتعجب....
نعم هذا ما اخبرته ساره ان يفعله....الا يهتم بهدير وان يحاول استثارة غيرتها ...وان يظل امامها معظم الوقت هذا اليوم ....ولكن دون ان يطاردها او ان يحاول مكالمتها ...ولكن ..!!!
لماذا لم تبد هدير اى اهتمام؟؟؟
فما كان منه الا ان اتصل بساره.....
وبعد دقات طويله وممله اجابته بصوتها المرح: هاى باسم...ازيك يا روميو..!!
باسم: روميو ايه...اهى ولا اهتمت اساسا...وبعدين يا ساره؟؟
قالت بثقه : اتقل.......خلاص فاضل آخر حاجه ويوم كمان وتبقى عندك...فاكر ال اتفقنا عليه؟؟
قال باسم بيأس وملل : ايوه ...آدينى بانفذ الاتفاق...لما اشوف آخرتها ايه يا ساره ...
ضحكت بدلال وقالت: آخرتها ...؟؟ عيب يا باسم ده انا ساره مش اى حد ...يلا سلام معايا مكالمه على الانتظار....
واغلقت الهاتف معه فى حين تحرك هو نحو اصدقاؤه ...وعيونه تبحث عن هدير...
وما ان ظهرت ...حتى تهلل وجهه ....ثم فجأه هب واقفا وهو يترنح...وترك الجيتار يسقط منه ارضا ....ومد يديه ليستند على كتف وليد الذى كان يقف امامه ....وفى الم امسك رقبته وقد جحظت عبناه بشكل غريب ومخيف وتأوه ثم قال بصوت متألم ...مخنوق...........آآآآه مش قادر اتنفس....آآآآآآآآآآآآه مش قادر.........آآآآآه
ثم سقط على الارض ...ابتسم وليد وهو يشير لميلودى ...ظناً منهما ان باسم يمزح ...ولكن حين رقد على الارض دون حراك ....توقفت الضحكات .....لحظات ثم سادت الفوضى....
تجمع الطلبه حوله... فى حالة فزع ....وما هى الا لحظات ...وكان الطلبه يتعاونون فى حمله والهرولة به نحو حجرة الطبيب فى الجامعه .....ظل الجميع يتحدث عن ما حدث ....وتوالت
الوحيده التى لم تشاركهم احاديثهم.........والوحيده التى شاهدت ما حدث وتقطع قلبها ....
كانت هدير........وانشغل عقلها بما حدث.......انشغل قلبها اكثر....
فقد كان كل ما تفكر به منذ ما حدث الى ان عادت الى منزلها ...هو باسم...والاطمئنان عليه...ولكن ترى ما هى حقيقة ما حدث؟؟؟؟؟؟؟
.................................................. ........................................
فى البهو الفاخر للمستشفى الذى يرقد فيها ياسر وقف الطبيب وهو يبتسم لوالدي ياسر ويقول :لا يا فندم ... الموضوع مش كده خالص....لقد تعرض ابنكم لعملية سرقه ..واستخدم فيها اللصوص نوع من المخدر الذى يعمل عن طريق الاستنشاق....عمليه شائعه هذه الايام...ولكن يجب ان يظل المصاب معنا حتى يتخلص جسمه من كل آثار المخدر ويتعافى تماما...
زفر والد ياسر فى ارتياح .......فى حين انتحبت والدته بصوت مسموع حاولت جاهدة الا يظهر وهى تقول : متى نستطيع ان نراه وان نطمئن عليه؟؟؟
فى حين قال والده بسرعه :سأدفع المبلغ الخاص بحجزالحجرة الخاصه له فورا..
وفى دقائق كان ياسر فوق فراشه الابيض فى حجرته ...ومن حوله والدته ووالده وشقيقته ....
تسائل والده عن ماحدث له بالضبط...فاقلق يستبد بهما منذ الصباح حين دخل بواب العماره حاملا ياسر بين ذراعيه فاقد الوعى تماما.........
وبدا ياسر بالتحدث ...بوهن ....: ما استطيع تذكره اننى كنت جالس فى سيارتى تحت العماره وكنت الملم اشيائى من الحاسوب النقال والمحمول ...حين دقت على النافذة فتاة تبكى وتطلب منى مساعدتها لان حقيبتها سرقت منها ...و...و..لا اذكر ..
قال والده بغضب شديد : حركه معروفه جدا.....وقديمه ...وطبعا رشت المخدر على وجهك....ومن معها سرقوك بمنتهى البساطه....
تأوهت والدته وقالت بحده : وفين البواب اليس هو حارس العقار؟؟ كيف يحدث هذا لابنى....مفيش امان يا جمال كده..!!
قالت لميس بذعر شديد وقد شحب وجهها بشده : أأأنا مش ....مصدقه...سلامتك يا ياسر...
فى حين قال شقيقها بخفوت : الله يسلمك يا لولو
دخلت الممرضه تبتسم وهى تحمل فى يدها كيس من اكياس المستشفى وضع فيه الملابس التى كان يرتديها ياسر بعد ان ارتدى الرداء الخاص بالمستشفى لعمل الاشعه....
مدت لميس يدها لتأخذ الملابس ولكن الكيس سقط منها مصدرا صوت معدنى مكتوم....
فمدت يدها بعفويه وهى تقول ..:ايه ده؟ المفاتيح ولا ايه؟؟
فى حين انتفض ياسر بسرعه وقال مادا يديه لها وقال بتوتر : اعطنى هذا الكيس.....انها المفاتيح بالتاكيد
ولكن كانت يد لميس اسرع حين أخرجت من الكيس ميدالية المفاتيح الخاصه بياسر وقد تعلق بها قطعة من الحلى الذهبيه الخاصه بوالدتها .....
وارتخت عضلات ياسر واشاح بوجهه وهو يعض على شفتيه بشده....
فى حين شحب وجه والدته وهزت راسها غير مستوعبه لما يحدث .........وارتسمت امارات البلاهه على وجه لميس....الوحيد الذى تحرك من مكانه هو والد ياسر...ا\جمال المحامى المشهور...
مد يده وقبض بغضب وشده على قطعة الحلى وهو ينظر نحو ابنه الراقد ممددا على الفراش ....فهذه القطعه بالذات...كانت هدية منه لزوجته.....وليس هناك اى تفسير لوجودهما بين طيات ملابس ابنه الا انه ........
نعم انه سرقها....
مصيبة اخرى تضاف الى قائمة المصائب التى بدأت تلاحقه هذه الايام....مصيبه كان لابد له ان يتوقعها منذ غفل عن اولاده....ولكن ياااااااااه لو انه انتبه ؟؟
ما يحدث الان امامه دلاله قويه حيث لاتفقد كلمة .."لواننى " كل معانيها...
.................................................. .........................
ترجلت غاده من سيارة الاجره التى كانت تستقلها ووقفت امام المكتب الخاص بالنسخ الذى تعمل فيه ....فبعد ان اتصل بها معتز فى الجامعه صباحا كان لابد ان تقوم بتنفيذ ما يريده منها اليوم........
خطت خطوات واثقه نحو الداخل...فاستقبلها الموجودين بالتحيات ...وقفز احدهم من مكانه وتقدم نحوها بقطعة من شطيره يتناولها وقدمها لها قائلا: قضمة فووووول ...واحلى صباح يا غاده..احتفالا بيكى ...شوفتى الكرم بقى..!!
ضحكت غاده وقالت بصوتها العالى المعتاد :يععع انا آكل فول يا محمود؟؟ والكرواسون مين ياكله؟؟
ضحك الموجودين وقالت احدى الفتيات :طبعا... غاده تاكل كورواسون...وخلينا احنا فى الفول بقى..
وتمازح الجميع بمزاحات وضحكات وتعليقات....شاركتهم فيها غاده الا ان عقلها كان لا يزال مشغولا..
فتوجهت الى المكتب الذى تتشاركه مع اثنين من زميلاتها وبدات فى العمل المكلفه به على جهاز الكومبيوتر....ساعات مضت....دخل عشرات من المتعاملين مع المكتب ...لاستلام وتسليم الاوراق والنسخ...
وحان وقت راحة الغدا حيث يغلق المكتب ابوابه من الساعه الثالثه حتى الخامسة ...ويسمح للعاملين بالخروج لتناول الطعام او الارسال فى طلبه من الخارج ليتشاركوا جميعا فى ثمنه وتناوله....
وانتهت فترة الراحه....
كانت غاده فى حاله شديده من التوتر....فهى على وشك الاقدام على عمل صعب...عمل مخيف...
فزفرت وقالت بصوت مسموع : آآآآه اخيرا انتهيت....
قالت لها منى التى جلست بجوارها بصوت ضاحك : ماشاء الله...يااااه ايه السرعه دى...!! أدى فوائد الكرواسون يا ولاد بانت اهى ....
ضحك الجميع وقال طاهر : ياااااه دانا كان فاضلى سطرين ....واخلص انا كمان
ضحكت غاده وهى تقول له : سانتظرك ونسلم الشغل سوا ايه رايك ..!!
ابتسم طاهروغمز بعينه وقال بصوت خافت لمحمود : شايف يا عم ..باقولك بتحبنى مش مصدق..
وحيث ان النظام فى المكتب معروف الخطوات للجميع والتى هى ..ان عند انهاء احدا لما يقوم بكتابته من موضوعات يسلم الاوراق برقم متسلسل لتوضع فى ادراج مخصصه لذلك ..و ان ينقل الموضوع من على جهاز الكومبيوتر الخاص بالشخص الذى يعمل على النقل والنسخ ...لتوضع على فلاشه ويتم تسليمها الى ا\خالد مدير المكان الذى يستلم الاعمال ويقوم بنسخها هو بنفسه على جهاز الكومبيوتر الرئيسى والذى يحتفظ به فى مكتبه حيث انه هو الوحيد الذى لديه القدره على الولوج الى بياناته لانه الوحيد الذى يعرف كلمة المرور ... و لان ايضاً التساهل وعدم الاهتمام كانا من اهم صفات ا\خالد فكان يترك الجهاز مفتوحا ....وكان معظم الوقت ينشغل بتلك المحادثات الهاتفيه الحميميه الخافته والتى واضح انها من امرأه.....فما ان يدخل اى من الموظفين ..فيتسلل هو الى الشرفه ...تاركا المكتب ...
فيقوم معظم الموظفين بنقل المعلومات الى الجهاز بانفسهم ...وهو ما تمنت غاده ان يحدث معها ....وحدث..!!!
فما ان دخلت هى وطاهر الى مكتب المدير حتى اشار اليهم بان ينهوا ما سيفعلونه واشار لهم وهو يهمس : انا فى الشرفه لدقائق لان معى مكالمه هامه من عميل مهم ...
بدا طاهر فى وضع عمله عن طريق فلاشه صغيره ..وفى اثناء عمله على الجهاز خرجت غاده وتوجهت للخارج بحجة ان هاتفها المحمول يدق....
ولم تدخل الا حين خرج طاهر .....وبسرعه شديده ادت المطلوب منها والغريب ان احدا لم يلتفت لما تفعله...
حين اخذت النسخه الكامله من رسالة الدكتوراه الخاصه بتلك الشابه والتى حددها لها معتز بالاسم... على تلك الفلاشه التى خبأتها فى طيات ملابسها .....
ومن طيات ملابسها ايضا اخرجت الفلاشه الاخرى التى اعطاها لها معتز وما ان اوصلتها بالجهاز حتى بدات تظهر علامات غريبه على الشاشه.....
فقد بدا الفيروس الذى زرعته فى الجهاز فى العمل بتدمير البيانات الموجوده على الجهاز....
وفى هدوء ....تحركت نحو الشرفه تحدث ا\خالد وتقول بابتسامه وتمد يدها بالفلاشه الخاصه بالمكتب : لقد انهيت وضع النسخه الخاصى بى كما فعل طاهر ....اى اوامر تانيه؟؟
هز لها خالد راسه ..ثم وضع يده فوق الهاتف وهو يهمس لها ويقول لها وهو يتناول منها الفلاشه : تسلم ايدك يا قمر....كده تمام
التفتت وقد ارتسمت ابتسامة واسعه فوق شفتيها...فهى تعلم جيدا ان هذا بالضبط ما كان سيقوله لها خالد........وخرجت من المكتب ..وارسلت رساله فارغه لمعتز كما طلب منها ان تفعل بمجرد انهاء المطلوب..... قضت بعض الوقت فى المزاح مع زميلاتها ...وتعمدت ان تقضى وقتا طويلا معهم ...ما هى الا دقائق معدوده ....وانقطع التيار الكهربائى ...محدثا هدوء غريبا على المكان الذى كان منذ لحظات تنبعث من كل اجهزته تلك الذبذبات المزعجه من الة التصوير الضوئى الى جانب الاغانى التى يستمع اليها العاملين فى المكان...شهقت منى وقالت : يااااااااه ...ده وقته؟؟ كنت فى آخر الورقه...
فى حين قال محمود يمازحها : ولحقتى تحفظيه؟؟؟ ولا طار الشغل..!!
قالت بيأس : لاء طبعا ....طار....هاكتب ده كله تااااااااااااانى؟؟
طال الوقت...لم يعود التيار الكهربى.....خرج ا\خالد وقد تعجب من الامر.....خطا خارج المكتب الى الشارع....
ثم عاد مسرعا يتصل بشكاوى الكهرباء....وهو يتمتم بغضب ...
فقد كان الصندوق الخاص بالتيار الكهربائى الخاص بالعماره التى يقع اسفلها مكتب الكومبيوتر مفتوح....وقد تصاعدت منه الادخنه ....
تم اصلاح العطل......بعد ساعة ونصف....وكانت المفاجأه التى نتنظر ا\خالد...
ان معظم البيانات التى كانت على جهازه الخاص قد تبخرت......
والاعتقاد الذى سيسود ان ذلك بفعل التغير المفاجئ فى التيار الكهربائى...ولكن لن يشكل ابدا اى شخص ان ما حدث كان بفعل فاعل ....وبتخطيط ومساعدة معتز لغاده....حين عبث فى صندوق الكهرباء وهو يعلم جيدا ما سيفعله....
وتم المطلوب .............
يالها من مخططات غريبه وحقيره ....ومرعبه اقحمت غاده نفسها فيها حين وافقت على ان تسرق تلك البيانات.....ترى هل انتهت المساله عند هذا الحد؟؟
.................................................. .............................
ووقف رامى مع الضابط امام باب الغرفه وقال له : عذرا ..فكما ترى حالتها النفسيه غير مستقره تماما واعتقد ان اقولها لن تفيد فى شئ الان...
هز الضابط راسه وقال :آسف لما ساقول ولكن بعض الشهود اشاروا الى وجود بعض زجاجات الخمر فى السياره كما ان المعاينه اثبتت وجود الزجاجات الفارغه بالسياره ...و..
قاطعه رامى بحده وهو يقول : ماذا؟؟ ماذا تقصد بالضبط؟؟؟ ثم انها مجرد مصابه ولم تكن هى من تقود السياره...وقائد السياره قد توفى فماذا سفيد هذا التحقيق؟؟؟
قال الضابط بجديه شديده :لقد كان خطيب شقيقتك يقود بسرعة جنونيه وبشهادة الشهود هو المتسبب فى الحادث بالاساس ...والذى نجم عنه وفاة شخصين فى السياره الاخرى زوجة حامل فى شهرها الثالث....كما توفى شقيقها و اصيب كل من زوجها وشقيقها الاخر بإصابات اقل ما يقال عنها خطيره....ويجب علينا ان نكمل التحقيقات وان نستمع لاقوال الجميع .....هذ حقهم..
صمت رامى قليلا ثم قال بهدوء :نعم بالطبع....وانا لا اقصد ان اتدخل فى عملك يا حضرة الضابط ولكن اريد ان اطمئن اولا على صحة شقيقتى ...وان..
قاطعه الضابط : معك الحق وانا لم احضر اليوم الا بعد ان اقر الطبيب ان حالتها تسمح باجراء الحديث معها ....عموما ساعود لاحقا لاستكمال الاقوال ....سلام عليكم
رد رامى بصوت خافت : وعليكم السلام...
ثم وقف قليلا وقد شرد فى حديث الضابط عن الحادث....وفجأه قفز من مكانه متجها للحجره التى ترقد فيها والدته ....وحين وصل الى هناك كان عمرو هو الاخر يقف بجوار الفراش ...لا يعرف رامى متى غادر عمرو حجرة نسرين ...!!
.فيبدو ان شروده جعله لا يراه وهو يغادرها امامه....
ولكن لم يكن هذا هو المهم ....فالمهم ما سمع والدته تقوله بثقه لعمرو : ايوة يا حبيبى....خطيبها طبعا امال ايه؟؟ طلبها منى وقرينا الفاتحه...وكان هايلبس الدبل على الصيف....
وما ان ظهر امامها رامى حتى قالت بسرعه موجهه الحديث لرامى : صح يا رامى؟؟
نظر اليها رامى طويلا ....وظلت هى تنظر اليه كمن ترجوه بنظراتها الا يكذبها ....
وهو يعرف جيدا انها تهتم بشده الا تسنح الفرصه لعمرو بان يلومها او ان يتدخل فى شأن نسرين حين يعرف ان لا اساس من الصحه لموضوع الخطبه هذا .... كما تخاف ان تهتز هيبتها امام هند زوجة عمرو ...فشكلها وهيبتها وكيانها اهم شئ فى هذا الامر...
ظل رامى صامتا لا يتحدث......وتقدم بهدوء وجلس على طرف الفراش امامها...ينظر اليها نظرات عتاب طويله....يعاتب نفسه اكثر ويلوم على ضعف شخصيته مع والدته ومع شقيقته...يتمنى لو انه ثار عليهما منذ زمن....ولكن....هذا عقابه ...فهو مسئول عما حدث اكثر من والدته ...حين صمت وهو يرى الخطأ....ويتشاغل عنه....
زفر فى ضيق وهم بالحديث وقبل ان يتكلم لاحقته والدته بسرعه واضافت : حتى رامى هو كمان خلاص هايخطب قريب اوى... بنت زى القمر مدرسه زميلته اسمها ندى ... وانا قولت نخلى الخطوبتين مع بعض وتبقى الفرحه الكبيره بقى ولكن ...امر الله سبق....
فقالت جيهان صديقتها وقد فهمت الامروحاولت ان تقف بجوار صديقتها وان تدعمها فى كذبتها : والله كان ولد ممتاز ....وابن ناس محترمين جدا...ربنا يرحمه ...ويصبر نسرين..
فاردف عمرو وقال بجديه : طالما ان الموضوع كذلك ...اذن فالعزاء واجب يا امى ....
حدقت نوال بدهشه وتأتأت ...وخرجت كلماتها غير مفهومه ...ثم ساد الصمت ...لم يقطعه سوى ضحكة خافته بسخريه انطلقت من بين شفتى رامى ...الذى هب واقفا متأففا مما يحدث حوله ...فنظر اليه الجميع بتعجب ....وفى لحظة سريعه جدا انهارت نوال وامسكت بقلبها فى الم مصطنع وبدأت تتباكى بصوت مسموع ...وهى تغمغم وتقول : يا حبيبتى يا نسرين مالحقتيش تفرحى بخطيبك ....زمانهم هايقولوا وشك وحش على ابنهم ....آآآآه
فمدت هند يدها لتربت على كتفها وهى تقول : كلها اعمار يا ست الكل ...بلاش انفعال ....والحمد لله على كل شئ...طمانك الله عليها وفرحك بها باذن الله.
ونهض عمرو يحتضن والدته ويطوقها بذراعيه وهو يقول لها : كفايه يا امى....ارجوك...الطبيب قال لا ضغوط ولا انفعالات....شدى حيلك شويه...
فى حين قالت أ\جيهان بوقار مصطنع :اعتقد يا عمرو بلاش موضوع العزاء ده ..ومحدش هايعتب عليكم كفايه ال انتوا فيه يا حبيبى...خصوصا بعد تعب ماما...
فاردفت أ\نوال وقالت بسرعه : طبعا بلاش ...وكمان بلاش حد يجيب سيرة الموضوع ده لنسرين ...هه..بلاش يا حبيبى..!!
وظلت كلا من السيدتين تتوالى فى تقديم الاعذار والتفسيرات حتى يقتنع عمرو بعدم ذهابة للعزاء فى حين شرد رامى مره اخرى وبالرغم من انه كان ينتظر موافقة والدته على خطبة ندى...وبرغم من ان هذا الحلم اصبح نوعا ما الان متاحا .... الا انه لم يشعر بالفرح او السعاده....فهو لم يعد يصدق ما تقوله والدته .....ورغما عنه قارن بين ادب ندى وحياؤها وبين قلة عقل نسرين وطيشها...وبالطبع كانت المقارنه محسومه.....
.................................................. ............................
كما ان مقارنة نسرين بندى ظالمة لندى....فكذلك مقارنة ساره بنوران وخاصة فى حياء الاخيره ظلم لنوران ....
فحين تستحى نوران من ان ترفع عينيها وتنظر لوجه حاتم مهما كان الموقف فان ساره لم تفعل ...
حين جلست امام حاتم فى مكتبه بالشركه...وظلت تحدق بعينيه فى اصرار اثار حفيظة حاتم وضايقه...
نعم حاتم الان اصبح شخصا غير الذى كانه ايام الجامعه الا انه لا يزال يعرف جيدا ماذا تفعل الفتيات لتطوق الشباب وتضيق عليهم الخناق ...ويعرف جيدا حركات الفتاه التى تريد ان تنصب فخا لشاب....فمن اكثر خبرة منه؟؟
فقد عاش تلك المواقف مرارا وتكرارا...لكن ما اختلف الان انه اصبح يعرف كيف يضع الحدود لمن تتجاوزها ...ولم يعد ذلك الشاب المستهتر والذى يطير فرحا حين يرى الاعجاب فى عيون الفتيات.....
منذ دخل حاتم مكتبه ووقعت عيناه على ساره وهى لا تنفك تقول ان لديها موضوعين هامين تريد عرضهما على حاتم
ولكن لمدة تجاوزت الربع ساعه لم تبدأ الحديث او الاشاره الى اى من هذين الموضوعين ...وفجأه دلف الحجره استاذ ايمن وهو يمسك بيده ملفا كبيرا ويقول بجديه : حاتم الورق ده ناقص ورقـــة الاستلام والـ......
آه عذراً لم اعرف ان لديك زوار....
نظرت اليه ساره بطرف عينيها حين اومأ برأسه لها وهو يحيها ....وحيته هى الاخرى بابتسامة من ابتساماتها الجذابه وقالت له بدلال: أهلا وسهلا ...ثم التفتت لحاتم وقالت بدهشة مصطنعه :يبدو اننى حضرت فى وقت غير مناسب ..لا اريد ان اعطلك يا استاذ حاتم..!!
هم حاتم بالحديث فى حين قال أ\ايمن بفضول وهو يبتسم بخبث ويغلق الملف ويضعه جانبا : ابدا ابدا .... هذا الموضوع من الممكن ان ينتظر ....لكن لحاتم لم يستقبل من قبل زوار فى مكتبه عسى كان سبب الزياره خيرا ...!!
قالت ساره بدلال: خير باذن الله ...شرفت بمعرفتك يا استاذ....؟؟؟
قال بسرعه : ايمن ...
قالت ساره : اهلا استاذ ايمن...
ثم هم بالانصراف وهو يغمز بعينه و يقول لحاتم الذى جلس يلملم اوراقه ويتظاهر بالانشغال الشديد تاركا ساره وايمن يتعارفان .....:اشوفك بعدين بقى يا حاتم ...هه..!!
وانصرف .....
لم يهتم حاتم كثيرا لتصرف ايمن ..فكما يعرفه ..فضولى وسخيف خاصة فيما يتعلق باى شئ يخص حاتم .....التفت فى جديه لساره التى عدلت من وضعها على المقعد بحيث واجهت حاتم ....وقال بصرامة مقصوده : خير يا ساره...!!اتمنى ان استطيع مساعدتك..!
قالت ساره برقه مبالغ فيها : اكيد يا حاتم ....محدش هايقدر يساعدنى غيرك...
بص بقى يا سيدى ..فى موضوعين واحد يخصنى والتانى يخص هدير...ابدا بأى واحد؟؟؟
هم ان يجيبها فلاحقته بقولها : هدير وموضوع الشاب صاحبها باسم...الــ......
قاطعها حاتم وقطب جبينه وقال ضيق :ساره..؟؟من فضلك انتقى الفاظك ...ثم اتعتقدين ان المكان مناسب للحديث عن هذه الامور؟؟
ابتسمت بخبث وقالت : طبعا لا...ولكنى احاول منذ فتره ان اراك وان احدثك ولكنك تتهرب منى يا حاتم ...واتصلت بك اكثر من مره وانتظرت مكالمتك ولكنك لم تتصل ...فماذا افعل ؟؟ حضرت اليك بنفسى بعد ان سألت هدير عن اسم شركتك ووصلت لرقم هاتف الشركه واتصلت بالاستقبال وعرفت منهم العنوان ..وجئت...واعلم ان المكان غير مناسب ..لكنــ.....
قال حاتم بتعجب: ولم كل هذا؟؟؟؟
قالت ساره وقد تصنعت البؤس والالم وقالت فى تردد :هدير يا حاتم...هدير هاتضيع نفسها ..حاولت كتيراً منعها ..لكن..
لم يستطع حاتم ان يمنع نفسه من ان يقلق وان يتوتر وبشده...فقال محاولا انهاء الحوار لان المكان بالفعل غير مناسب : حسناً يا ساره ساجلس واسمعك ...ولكن ليس هنا...
ابتسمت ساره بخبث ورضا وقالت بلهفة لم تستطع اخفاؤها : اوك حاتم...اليوم بعد ان تنهى عملك عصرا اتصل بى ...وسانتظرك فى سيلنترو كافيه ...أتعرفه؟؟
هز حاتم راسه وقال منهياً الحوار : اعرفه...ساتصل بك وآتى...
نهضت ومدت يدها لتصافح حاتم الا ان حاتم اشار اليها من بعيد وابتسم نصف ابتسامه وقال :انا لا اسلم يا ساره....
ضحكت بعصبيه فى محاوله لاخفاء حرجها وقالت : آه... انت متوضى؟؟
اوك حاتم ... سلام ..اشوفك كمان شويه ...
وخرجت تتهادى....ناشرة رائحة عطرها النفاذه فى ارجاء الدور ....
وهى لا تستطيع ان تمنع نفسها من الابتسام والشعور بالسعاده الغامره تلفها ...من مكتب حاتم حتى وصلت الى سيارتها اسفل الشركه .....فقد استطاعت ان تسترعى انتباه حاتم وان تأخذ منه موعدا تعلم جيدا انه لن يفوته خاصة انه يتعلق بهدير شقيقته ....بضعة ساعات وتلتقى به....ولكن ياترى ما المفاجأه التى تنتظر حاتم على يد ساره..؟؟
.................................................. .................................
دلفت ندى بهدوءها المعتاد الى مكتب مالكة المدرسه الفخم والمكيف..... كانت الاستاذه \حمديه
الموجهه العامه للغه الانجليزيه من قبل وزارة التربيه والتعليم تجلس قبالة المكتب..وهى ترتشف من فنجان القهوه .....فاشارت ا\الهام الى ندى بان تجلس ..
تقدمت وهى تقرا آيات القرآن فى سرها....
قالت لها ا\الهام : انت ندى....ندى عبد الرحمن؟؟
قالت ندى بثقه : نعم يا فندم ....
فنظرتا\الهام الى الموجهه الجالسه امامها وقالت وهى تناولها ملف بنى اللون : ايه رايك يا حمديه؟؟ ابلغها ..ام تبلغيها انت؟؟
نظرت ندى الى وجهيهما ثم قالت بشجاعه : خير يا فندم ....
قالت لها ا\حمديه بنوع من التسائل وهى تنظر للملف الذى فى يدها :كام سنه خبره يا ندى؟؟
قالت ندى :عشر سنوات ....ابتدائى ...و..
قطعتها ا\الهام وقالت بجديه : ما رايك فى الاسلوب التعليمى المتبع فى المدرسه والذى تقوم بتنفيذه ا\جيهان ؟
ترددت ندى للحظه ثم قالت : المناهج المختاره للغه الانجليزيه رائعه جدا ولكن اسلوب تناولها تقليدى نوعا ما ..لا يعطى فرصه كبيره للتلميذ ان يبدع...
ضحكت ا\الهام وقالت وهى تسند ظهرها بثقه على الكرسى الجلدى الضخم : وتفتكرى ده عيب مين؟؟ المدرسه ولا المدرسين ولا المديره المسئوله هن قسم اللغه الانجليزيه؟؟
ضحكت ا\حمديه وهى تتقول : لا..يا ا\ الهام ....كفايه اسئله محرجه
فاعتدلت الهام فى جلستها ومدت يدها لندى بكراسه من الكراسات الخاصه بالفصل الذى تدرس له ندى وقالت لها : اتعرفين كراسة من هذه؟؟
امسكت ندى الكراسه وقالت بعن ان قلبت فيها : بالطبع ...كراسة شهد محمد فصل ثالث ابتدائى
ماشاء الله ممتازه جدا ...ولكن هل هناك اى شكوى بخصوص هذه الكراسه ..؟؟
ابتسمت الاستاذه حمديه وهى تمد يدها تربت على كف ندى وقالت : دى حفيدتى يا ندى....
ابتسمت ندى وقالت : ماشاء الله بارك الله فيها ...
قالت ا\الهام بخبث : امامى عدة شكاوى مقدمه بحقك يا ندى...فما قولك؟
قالت ندى : استسمح سيادتك لان اطلع على الشكاوى ويعود لحضرتك التصرف بشان حقيقتها بالطبع ...
فقالت ا\حميده : مش تعرفى مين ال بيشتكيكى الاول؟؟ دول زملائك المدرسين..
تغير وجه ندى وهو تتعجب من الحديث...وقالت بحزن : زملائى؟؟
تدخلت ا\الهام فى الحديث وقالت لندى : اتعرفين يا ندى اننى قبل ان اصبح مالكه لهذه المدرسه كنت فى يوم من الايام أعمل بمكتب الوزير الخاص بالتربيه والتعليم..وان لى التعليم باعاً طويلا..
ومنذ افتتحت المدرسه ..ولم اشاهد طريقه تعليميه لافته للنظر قدر ما لفتت نظرى طريقتك مع الاطفال....
واظهرت مهاره يحسدك عليها الجميع عليها حين قررتى تعميم اسلوبك مع باقى الفصول ...
هزت ندى راسها وهى تحاول ان تفهم الحديث فلم تعد تفهم اهى فى مكتب مالكة المدرسه وان هناك اجتماعا بشانها لانها متهمه ام لانها جيده؟؟
قالت ا\الهام لندى : ا\حمديه تطلب منى تعيينك مشرفة اللغه الانجليزيه لمرحلة التعليم الابتدائى ...بينما يطالبنى بعض المعلمين بعقابك لتخطيك طريقة استاذة جيهان مديرتك...
تعجبت ندى ورفعت حاجبيها ثم قالت بهدوء : لم اخل باى قواعد او اتجاوز مديرتى حين حاولت ان افيد زملائى بطريقه وجدتها اسهل وأنفع للتلاميذ....فما نفع العلم ان احتفظت به لنفسى و لم أفد به الاخرين؟؟
امتدت المناقشه معها ساعه كامله....خرجت بعدها من المكتب وهى تشعر بالزهو والفخر بنفسها ...فقد سمعت مدحا كثيرا لم تسمعه من احد قبل ..
فلقد اثبتت ندى جديتها بشكل لافت للنظر ....و تغير كل شئ تماما فى يومين....
فاصبح الشرح أيسهل على التلاميذ وايسر تطبيقا للغه الانجليزيه وتحويل الموضوع الى لعبه فيتم فهم الفكره بسهوله وتثبت فى الاذهان بيسر.....حتى ان ا\الهام صفوت مالكة المدرسه عرضت على ندى ان ترقيها فى مكان لم يخطر ابدا ببالها....ولكن لكل مجتهد نصيب....
ترى ماذا ستفعل ا\جيهان حين تعلم؟؟
ترى ماذا سيصيب ا\نوال حين تفاجأ بالخبر؟؟
.................................................. ..................................
كانت الساعه تشير الى الرابعة عصرا حين مدت حنان يدها بالمفتاح لتفتح باب شقة والدها وتدخل فى هدوء......
وعلى اثر صوت غلق الباب هرعت والدتها و قد ارتسمت امارات القلق الشديد على وجهها ...
والتفتت اليهما الجده التى جلست فى كرسيها امام شاشة التلفاز ....وهى تمصمص شفتيها على حال حفيدتها....وتقول بحده : كنتى فين يا حنان ؟؟ امك ماتت من القلق عليكى...
فى حين قالت والدتها : لقد افزعتنى يا حنان....؟
قالت حنان بهدوء وبرود شديدين: لم؟؟ اليس من حقى ان اخرج...ام اننى حبيسة فى هذا المنزل؟؟
حدقت والدتها فيها وخرجت الكلمات متلعثمة على شفتيها :نعم؟؟ ماااا ممااااااذا؟؟
فى حين خبطت الجده بيديها على فخذيها فى حركة لا اراديه تشير الى الضيق الشديد....
تمالكت الام اعصابها وقالت بعصبيه : بنت يا حنان....بتتكلمى كده ليه؟؟ سايبه ولادك طول النهار ولا حتى قولتى رايحه فين وراجعه تقــ........
قاطعتها حنان بغلظه وهى تدخل نحو حجرتها : ايه؟؟؟؟ سيبونى فى حااااااااااااااالى بقى انا مخنوقه....
امسكت بها والدتها من ذراعها فسحبت حنان يدها بعنف وهى تصرخ فى والدتها : حرررررررررررررام عليكم بقى.....اموت روحى عشان ترتااااحوا...
ودخلت وهى تكمل وصلة حاره من الحوار اليائس والدعاء على نفسها بالموت ....تاركة والدتها تقف فى منتصف الصاله تتحدث الى نفسها....ومالبثت ان سقطت جالسة على الكرسى بجوار الجده ...التى ظلت تتمتم بالكلمات عن تربيه هذا الجيل ...وعن خيبة املها فى اولاد ابنها....وعلى اولاد حنان ....
وفى الحجره التى ارتطم بابها منذ لحظات كانت حنان ترمى بنفسها فوق الفراش وتدفن راسها فى وسادتها وهى تبكى بحرقة لا مثيل لها ....فقد علمت اليوم ما لم تكن تتخيل يوما ان يفعله زوجها السابق.....
لا زالت لا تصدق نفسها ........فبعد ان اختنقت من حياتها فى بيت والدها وقررت بالامس فقط ان تذهب لتحاول الاصلاح بينها وبين زوجها....معتمدة على مرات كثيره سابقه ..... تخاصموا فيها وتركت المنزل وبعد فتره ومهما طالت تعود الامور لطبيعتها ....حتى آخر مره حين سبت شقيقته ووصل الموقف الى انه طلقها فى لحظة غضب ....عاد بعد تدخل العائلتين ولاجل الاطفال وردها مره اخرى....
فلم هذه المره لم تفلح المحاولات للاصلاح؟؟
لذلك خرجت منذ الصباح الباكر متوجهه لمكان عمله ....
وقفت تحت العماره التى يقع فيها مكتبه....وانتظرت حتى ظهر ....ووقفت معه فى الشارع...
اعتذرت عن ما بدر منها تجاهه....وقالت له :اولادك يحتاجون الى والدهم...وانا الاخرى اريد العوده لحياتنا ولبيتنا ...
فقال بكل برود : فات الاوان....لم يعد لديك رصيد فى قلبى يا حنان ...
قالت باستعطاف شديد : لا...انت تحبنى....انت تذكر تماما ما مررنا به حتى نتزوج...
فقال : اهنتنى.......اهنتى امى المسكينه..........اهنت شقيقاتى....
فقالت بكبرياء مزيف: هم من ارادوا تغير قلبك تجاهى.....هم من خربوا بيتنا وحياتنا ...تدخلاتهم الغير مقبوله فى كل شئ وانـــ..
قاطعها بحده : حنااااان .....لقد اخترت طريقك.....واخترت انا ايضا طريقى....
قالت: لا تحاول ان تخدعنى....ان كنت بالفعل نسيتنى ......
مدت يدها لتمسك يده اليسرى واكملت حديثها وهى تبتسم : فماذا تفعل دبلة زواجنا فى يدك؟؟؟
ففاجأها بقوله : اتصورت اننى ساظل على عهد زواجنا بعد كل ما فعلت بى؟؟
اتتخيلين اننى رجل بدون كرامة يا حنان؟؟
لم تفهم فى البدايه..........لم تتخيل انها سمعت ما قاله.....لم تتخيل ان يتركها زوجها وابو اولادها الصغار.....
ويتزوج بغيرها....
وممن تزوج؟؟
صديقتها ....نجلاء
تلك الفتاه المطلقه التى اقتربت منها كثيرا ....وادخلتها هى بنفسها الى بيتها....والتى لطالما شكت لها من مشاكلها مع زوجها ....
تفاجأت الان انها اصبحت الزوجه الجديده لزوجها.....كما انها وافقت على ان تعيش مع والدته فى شقتها....لتراعيها فى كبر سنها....وهو ما رفضته تماما حنان ...حتى انها تذكر تماما انها قالت له : انى لست خادمه لامك....
كيف يتسرع ويزوج ...اهكذا يلقى بعشرة السنين وباطفاله فى الشارع؟؟
كيف يتركها تتذلل له هكذا مثلما حدث اليوم؟؟
كيف؟؟؟؟
وفى لحظه ذابت كل اقنعة الكرامه المزعومه .....والاصرار على ان الطلاق هو انسب الحلول لها ولاولادها....وتذكرت كم كان زوجها رجل شهم...
كريم.....محترم............مهذب....... .......مؤدب.. ........
فعلى قدر اهاناتها له ولاهله لم يمد يده ويصفعها..........لم يطردها من بيته......لم يتطاول عليها ..
صكت وجهها بيدها فى حزن وغضب وغيظ......
فقد ذاب آخر امل لها بان تتغير حياتها الكئيبه.....ضاعت احلامها بان تعود وان تصير ملكة فى بيت يخصها ....تبددت آمانيها بان يصلح ما ظلت لسنوات تفسده..............
.................................................. ........................
كانت ساره تجلس فى انتظار حاتم كما وعدها بالقدوم.....كانت فى قمة التوتر والاحساس بالخوف والقلق ..........والعجيب ان هذه المشاعر كلها كانت غريبه وجديده على ساره....التى اعتادت الشعور بالثقه المتناهيه.....الاقدام والتهور.....
دق هاتفها ليخرجها من شرودها ....كانت المكالمه من باسم .....واثناء المكالمه وردتها تنبيهات ان هناك مكالمة اخرى على الانتظار .....وكان هذا ماجد.....
فى لحظه تغير صوتها ....واجابت بكل مرح ومزاح ودلال : هاااااااى ماجد باشا....
ضحك ماجد مقهقها كعادته وهو يقول :" باشا" والله انت ال باشا ...
ضحكت ساره بدلال شديد وقالت متسائله بخبث : هاااااا؟؟ وحشتك؟؟؟
صمت ماجد للحظه ....ثم تنهد بصوت تعمد فيه ان يكون مسموعا وقال بشغف وصوت عميق : يااااااااه جداااااا...جدا
ثم اردف مسرعا : لسه ما فكرتيش؟؟
قالت ساره وهى تحاول ان تتذكر ما يتحدث عنه ماجد ...ولكنها لم تفهم فقالت بمرح مصطنع: لاء معنديش وقت افكر...
فقال ماجد بصوت يائس ومفتعلا الضيق : يااااه وانا ال قولت النهارده حاتحددى ميعاد الفرح..!!!
ضحكت ساره وزفرت بارتياح حين تبين لها ما يتحدث عنه ماجد وقالت مازحه : شكلى هاصدقك....وهاتصعب عليا وااوافق ...
ضحكا كثيرا......واكملا الحوار المعتاد...واتفقا على موعد للذهاب الى بعض محال منطقة المهندسين الفاخره لشراء الملابس الخاصه بالعمل لساره .....
على قدر ما اظهر ماجد لهفة للقاء ساره....الا ان ساره هى التى كانت اكثر لهفة ...ليس للاسباب التى يفكر فيها ماجد بالطبع...ولكن لانها ستخطوا خطوة اخرى الى هدفها الذى شغل بالها كثيرا....العمل ...والمكان الكبير والمحترم الذى ستعمل به.....المرتب الضخم.....المستقبل المفروش بالزهور والهدايا....طموح يتحقق.......طموح لا يحده شئ...
لمحت حاتم بطرف عيناها .....فدق قلبها بعنف....واغلقت هاتفها المحمول تماما ....والقت به فى حقيبة يدها والتفتت تراقبه....
خرج هو من سياره والده المتواضعه ...خرج تتابعه عيناها...فقد كان شابا رشيقا ...ممشوق القوام....وسيم بشكل كبير.....واضافت له تلك الحله الكحليه التى يرتديها وسامة على وسامته....
بخطوات واثقه....وبجديته ورزانته ....اسرت ساره....وكاد قلبها ان يتوقف من فرط الانفعال....حتى انها ارتبكت....واحمرت وجنتاها واشتعلتا حراره.....ولاول مرة فى حياتها لم تكن تفتعل المشاعر او تمثل الاحاسيس.....
تقدم حاتم بثقه حتى انها هبت واقفة ومدت يدها لتصافحه.....وتوقفت يدها فى نصف المسافه حين تذكرت ان حاتم لا يصافح....واعادتها بيأس مرة اخرى ...
وارتسمت اكبر ابتسامة رضا على شفتيها ....ولمعت عيناها بسعادة غامره.....فهاهو حاتم سيجلس بجوارها.....فقد رتبت جلوسها فى هذه المنضده بالذات حيث لا يوجد حولها الا الارائك المتلاصقه...فلن يجد حاتم بديلا للجلوس بجوارها......او هكذا ظنت..!!
تلفت حاتم حوله....ثم خطا خطوات نحو المقعد الموجود بعيدا وحمله.....ووضعه امام المنضده....
لم تصب بخيبة امل كبيره فيكفيها انه قد حضر بالفعل وانه الان امامها وجها لوجه....ياله من وسيم حقا...
اين كان يختفى هذا الرجل ؟؟؟
لم لم يظهر منذ سنوات حين كانت فى حاجة لمد يأخذ بيدها ويقودها فى تلك الحياه التى تحياها وحيده برغم من من يحيطونها هنا وهناك....
تنفست بعمق.....فما ستقوله الان يجب ان يقال بدقه شديده...فالخطاء قد يكلفها كل شئ ....قد يكلفها اغلى شئ.....قد يكلفها .....حاتم.....
.................................................. ...............................
يتبع باذن الله
حلقه ممتعه جدا اخي محمد
تسلم الايادي
جزاك الله كل خير
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الحلقه الثانيه والعشرين
بقلم \يمنى حسن حافظ
جلس والدا هيام يرشفان الشاى امام التلفاز وعلى الارض امامهما جلس الطفلين الصغيرين يلهوان ...فى حين تمددت السيده العجوز على الاريكه تنعس قليلا كعادتها بين الحين والاخر...
صدر صوت لمفاتيح تعبث بثقب الباب ...وما هى الا لحظات وكانت هيام تدخل من باب الشقه بعد يوم طويل يفترض ان تكون قد قضته فى الجامعه ......
فالتفت اليها والديها... فى حين قفز ابن شقيقتها الصغير محمد يمسك بملابسها ويقول فى شقاوه ..: هيام جت ....هيه... عايزحلوه...عايز بونى ...
ضحكت هيام وقبلت الصغير وقالت وهى تبحث عن شئ فى حقيبتها : اصبر يا عفريت شويه....
قال والدها معاتباً وهو ينظر الى ساعة الحائط : ما هذا التأخير يا هيام؟؟
فقالت بتردد مالبث ان تحول الى ثقه فى لحظات : محاضرة مهمه جدا تم تأجيل موعدها لآخر اليوم ...وانتهت فى وقت متأخر...
.ثم مدت يدها للطفل بقطعه من اللبان....فوضعها فى فمه بسرعه وهو يقفز ويجرى....
فى حين هبت والدتها وهى تقول : لا يا هيام....كده برضو؟؟؟ لبان لاء....بيبلعه ....
ثم هرولت تجرى خلف الصغير الذى ارتفع صوته يضحك ويقهقه من الداخل وهى تقول : تعالى هنا....هات اللبانه وخد بسكوته ...ولد يا ميدو...
تحركت الجده الراقده على الاريكه لتجلس ببطء وهى تتأفف من الضوضاء و تمصمص شفتيها وتقول بحسره: آآآآآخخخخ....الواحد مش شايف راحه فى بيتك يا بنى ....دوشه ووش طول النهار....
فضحك والد هيام وقال لوالدته : سامحينا يا امى....ارتاحى فى الداخل ... ولا تتعبى ظهرك بالنوم على هذه الاريكه الغير مريحه ...
فعبست فى وجهه وقالت وهى تشيح له بيدها :لاجوه ولا بره... الواحد كفايه عليه نوم لحد كده ...
فضحكت هيام وقبلت راس جدتها وقالت تداعبها : تعالى نامى جوا يا قمر؟؟
فدفعتها جدتها بعيدا وهى تقول بأشمئزاز شديد :اووووف..... ايه يا بنت ده؟؟؟
ريحتك سجاير كده ليه؟؟؟
فقالت هيام بسرعه وقد اصفر وجهها وهى تنظر الى والدها ثم الى جدتها : ايه؟؟ لاء....سجاير ايه؟؟ ...
ثم قالت بمرح مصطنع فى محاولة منها لانهاء الموقف : وانتى تعرفى ريحة السجاير منين يا تيته؟؟
ثم اردفت وهى تتشمم ملابسها بتعجب مفتعل..: آآآآه ..فعلاً...يبدو انها بسبب سائق التاكسى الذى كان يدخن....غير معقول.!!
ووضعت كشكول محاضراتها وحقيبتها على المنضده و هرعت نحو المطبخ وهى تقول : ها... اخبار الغداء؟؟
وما ان اختفت داخل المطبخ حتى فزفرت فى توتر وابتلعت لعابها بصعوبه...فقد كادت جدتها ان تضعها فى مصيبه كبرى....فهى بالفعل تفوح منها رائحة السجائر والتى كانت تدخنها اثناء جلستها مع ذلك الشاب....بعد موعد الكليه.....
ابتسمت وهى تتذكر كلامهما ...ومزاحهما....وشعرت لاول مره بالثقة فى نفسها .....فهذا الشاب بالذات كان يعجبها منذ وقت طويل .....ولكن..لم تاتيها الشجاعة ابدا لتعترف له....فقد كان بعيد المنال لوقت قريب ....
وكانت هى من ذلك النوع الفضولى العاشق لتقصى أخبار الجميع ....ومتابعة احوال العشاق فى الجامعه ولا تستطيع كبح جماح فضولها حين يكون الحديث عن الحكايات الرومانسيه بين طلاب الجامعه ..حتما لم تكن تكتفى بالمشاهده فقط ..فلديها اكثر من اسم مدرج فى قائمة هاتفها المحمول..لكن هذا الشاب مختلف تماما.....هذا الشاب لا يبادر الا بخطب ود الجميلات...الجميلات فقط....
ملاءت رئتيها بالهواء عن آخرهما ...ثم زفرت الهواء بصوت مسموع وهى ترسم ابتسامة بلهاء على شفتيها ..فهاهى الان انضمت بكل بساطه الى تلك القائمه ....ترى ماذا ستفعل لميس حين تسمع بهذه المفاجأه....وماذا ستفعل ساره حين تعرف هى الاخرى..!!!
نعم ...بالاخص ساره ....ذلك لان الشاب الذى كانت تجلس هيام معه ....شخص كانت ساره تهتم لأمره كثيرا .....بل كانت مرتبطة به .....نعم كانت تجلس مع ذلك المدعو وليد....
.................................................
وصلت العمه منيره الى بيت شقيقها فى الساعه الرابعة عصرا ...على عكس كل خميس حيث تصل مبكرا وقبل آذان الظهر .....ووقفت هى واولادها امام باب الشقه المفتوح... فى وصلة طويله من الترحاب الحار من مدحت وهناء ....
قبّلت هناء منيره قبلات ذات صوت رنان وهى تحتضنها وتقول : حمدا لله على سلامتك ...لقد اقلقتنا عليك يا منيره ....لم كل هذا التاخير ؟؟
دخلت منيره تجلس على الكرسى الاقرب للباب وهى تضع حقيبة يدها بجوارها ...وهى تقول باعياء : اقعد وآخذ نفسى يا هناء ....المشوار النهارده كان صعب اوى....
فى حين لحقت بها نهال بعد ان قبلت خالها وزوجته..ومن خلفها كريم واكرم حاملين حقيبة الملابس والكرتونه المعهوده...
فقال مدحت ممازحاً شقيقته الحبيبه :عندك تأخيراربع ساعات... ؟؟
فأجابته نهال بابتسامتها الودوده : عذراً يا خالى ...انا السبب .... كان عندى مقابلة عمل وانهيتها فى وقت متأخر.....
أخذها خالها تحت ذراعه بحنان وقال :بالتوفيق باذن الله ...سماح المره دى عشانك يا نهول..
فما كان من منيره الا ان قطبت جبينها وقالت: هكذا ؟؟؟.
فقالت نهال وهى تمازح والدتها : انا وخالو متفاهمين....اطلعى منها يا "منوووره"
ابتسمت ..هذا اللقب لطالما اضحكها ...ثم قالت بجديه : هو فى ايه النهارده يا مدحت...؟؟ الشوارع زحمه كده ليه....
قال شقيقها : حين تحين الساعه الثالثه ...تزدحم الشوارع بشده....هذا وقت انصراف الموظفين وخروج المدارس....ولكن تعرفى ان الشوارع اصبحت مزدحمه طوال النهار...وكل يوم...القاهره أوشكت على الانفجار.....
هزت منيره راسها ومصمصت شفتيها وقالت : آآآه صح عندك حق...دى بقت خنقه وزحمه...والا الاشارات والكبارى...يااااااه .!!!
تصدق الطريق من المحطه لحد هنا ...أخد وقت اطول من وقت السفر ...!!
ابتسمت هناء بعفويتها وقالت: ياااه ...!! حمداً لله على السلامه يا منيره ...
تدخل كريم فى الحوار بشقاوته المعهوده حين قال : هانعمل ايه بقى فى ست نهال وعمايلها يا خال هى السبب؟؟
قال اكرم يمازح شقيقته : نهال هى السبب .....احرموها من الغداءعقاباً لها ههههه
و اردف كريم ضاحكاً : نعمل ايه ؟؟ الايه هاتشتغل؟؟؟
ضحك الجميع فى حين قالت نهال وهى تشير اليه بيدها بحركة تتوعده : اصبرعليا ؟؟
فقالت منيره متوعده : ما كفايه يا ولاد بقى...اتلموا شويه.
ربت مدحت على كتف شقيقته وقطب جبينه بحركة مازحه للتؤامين واشار لهما يتوعدهما وقال
لاء...يا جدعان ...لنا كلام بعد الغذاء ..... لكن الان حان وقت الطعام ...انى اتضور جوعا يا منيره....
ابتسمت منيره رغما عن ضيقها من افعال محاولات ولديها قلب كل حديث الى مزاح فقالت وهى تضع يدها على بطن شقيقها : هيا يا هناء بسرعه...مدحت هاياكلنا ...
ضحك الجميع وقالت هناء: هيا ...الغداء اليوم كشرى بالعدس الاصفر....مارايك ؟؟
نهضت منيره متجهه نحو الحجره قائله : تسلميلى يا حبيبتى ....ياااااااااااه ......الله يرحمك يا امى ...كانت الاكله المفضله لديها...
ثم تلفتت وهى تتساءل :امال الولاد فين يا هناء؟؟
قالت هناء:حاتم على وصول ....اما هدير فموعدهــ.......
قاطع كلماتها طرقات ميزتها هناء جيدا ...فقالت وهى تتجه لتفتح الباب .. : هه...يبدو انها وصلت
فقفز كريم نحو الباب بسرعه قائلا :سافتح الباب لها .... جبنا فى سيرة القط....
وفتح الباب ......دخلت هدير بادية عليها إمارات الحيره.... فتفكيرها لا يزال معلقاً بباسم وبما حدث له اليوم ..
.لكن بمجرد ان رأت وجه كريم الذى فتح لها الباب وهو يحرك عينيه ويخرج لسانه بحركته الشهيره ... ضحكت و..هرولت لتحتضن عمتها التى اجلستها فى حجرها...وهزت ساقيها كمن يهدهد طفل صغيرقائله : وحشتينى يا دودو ...يا عكروته..
ضحك الجميع....وانفض كل منهم يقوم بعمل ما ...الشابان يدخلان الحقيبه الى الحجرة ....فى حين انشغل مدحت بفض الشريط الذى غلفت به الكرتونه..لفتحها و إفراغ محتوياتها.... ونهضت منيره لتغير ملابسها فى حين عادت هناء الى المطبخ وهى تقول : هيا بسرعه يا بنات ساعدونى...
كان الجميع مشغولا.....ولكن كان اكثرهم انشغالا ...وشرودا ...واستغراقا فى التفكير.... هدير....ترى كيف ستستطيع ان تمضى الساعات الباقيه فى النهار دون ان تفكر فى باسم؟؟؟؟
.................................................. ..................................
وقفت غاده وهى تقضم اظافرها بعصبيه امام محل المرطبات الشهير... حسب الاتفاق السابق مع معتز....والذى لم يكن قد وصل فى موعده بعد ...تلفتت يمينا ويسارا تبحث عنه كمن يبحث عن ابرة فى كومة قش...فكل هؤلاء الشباب يكتظون ويتسكعون امام المحل...فى سياراتهم اوعلى الارصفة المجاوره.....جميعهم متشابهون بدرجة محيره...نفس اسلوب الملابس وطريقة تصفيف الشعر ...ولا يختلفوا كثيرا عن زملاءها بالجامعه...
وضعت اصبعها الاصغر فى فمها...فما باله معتز ؟؟
وما هذا المكان المزدحم الذى سيقابلها فيه؟؟
مدت يدها داخل الحقيبه .... تتلمس الفلاشه التى ستسلمها له.... استندت بظهرها على السور المجاور للمحل ....ثم مدت يدها مره اخرى لتتأكد من وجود الفلاشه ....فبدونها لن تستلم باقى المبلغ المتفق عليه....
الف وخمسمائة جنيه....!!!
ياله من مبلغ ضخم ...ولكنها حتماً ستفعل به الكثير....
ستضع الفاً فى حسابها الذى انشاته منذ عام ونصف ...والذى اقترب الرصيد فيه الى العشرة الآف جنيهاً حتى الان ...وستدفع مقدما لشراء جهاز كومبيوتر لاشقاءها الصغار...فهذه الايام اصبحت مادة الحاسب الالى تدرس بالمدارس....ولكن تبا لوالدها الذى رفض شراء الجهاز متعللا بانه اضاعة للوقت ....
هزت راسها فى استهزاء صامت...فماذا يعرف ابوها غير الشيشه ومشاهدة التلفاز..!!
وحدها امها كانت حريصة على توفير كل شئ لهم ...ولكن اين هى الان...
كانت ذكرى امها كفيله بإثارة عاصفة من العواطف المتناقضة داخل صدرها الضيق...
العمل ....كان اروع فكرة واتتها على الاطلاق ...فهى دائما تعمل ولا تتوقف عن العمل ..ولا تتصور حياتها دونه ..تبيع هذا وتشترى ذلك ....اصبح عقلها يعمل كآله حاسبه...فى لحظه سريعه تستطيع ان تعرف كم سيكلفها هذا وكم سيدر عليها ذلك من ربح....!!
العمل وحده ما سيبقى لها......فلا سبيل امامها غيره ...فيكفيها ما اضاعه والدها من تجاره ..ثم متى القى بالا للمصاريف...؟؟
يكفيه ان يعيش حياته فى كسل وخمول دون اهتمام باى شئ...... وكان هذا سبب اساسى دفعها لان تدخر.. لتجد ما تستند عليه...وما يؤمن لها مستقبلا مختلفا....
فتعلمت كيف تحصل على الجنيهات بكل طريقه..وتعلمت كيف توفر فى مصاريفها...فلا بأس ان يدفع لها زميلها ثمن المرطبات فى الجامعه....او ان يدفع لها آخر تكاليف السياره الاجره....او حتى ان تقترض من زميلاتها الكتب والملازم وتصورها فى محل النسخ الذى تعمل فيه...بدون مقابل....
ولكنها حتما لا توفر فيما يخص اشقائها....فتغدق عليهم بدون حساب...فيكفيهم حرمانهم من امهم ...وما يلاقونه من قسوة اباهم....
دق هاتفها المحمول برقم غير مسجل....اعادها الى وقفتها التى طالت فى انتظار معتز .......همت ان تجيب لولا ان انقطع الاتصال ...تأففت ...فمن هذا السخيف الذى يتصل عليها بنصف رنه؟؟؟
ولكن سرعان ما حاولت اعادة الاتصال..حين اكتشفت ضعف الارسال فى الهاتف ..فحركت الهاتف يمينا ويسارا فى حركة طفوليه منها لتحسن اشارات الارسال...
ولكن لا فائده ...وتمنت الا تكون هذه المكالمه الهامه التى تنتظرها من مدام\نيفين التى تحاول اقناعها ببدء العمل معها .....كمندوبه لشركة ادوات تجميل اجنبيه معروفه......
تأففت...فالانتظار ممل جدا...وشردت قليلا فى افكارها ....ليت هذا العرض الجديد يدر عليها الكثير والكثير من المكاسب ...فى وقت قصير ....
فهى متحمسة جدا لانه عمل ممتع....ولن يضيع وقتها ولا يرتبط بمواعيد ثابته ....فما عليها الا عرض الكتالوجات الخاصه بالمنتاجات على صديقاتها ..وما اكثرهن....وعلى اصحاب محلات ادوات التجميل او الكوافيرات ...وما اكثر معارفها منهم ...ثم ابلاغ الطلبيات الخاصه لرئيستها المباشره بالهاتف ...والذهاب الى مقر الشركه يوم واحد فى الاسبوع لاستلام الطلبات وتسديد الحساب...والحصول على خصم 25% من اسعار البيع الى جانب العلاوات التى ترتفع بارتفاع نسبة الكميات ....بمجرد تسليم الزبائن تحصل على الربح ....عمل مريح وسهل وسريع ...ومربح ايضا ....
ليس كحال عملها فى مكتب الطباعه ...الذى قررت ان تنتهى منه بهذه الصفقه الكبيره مع معتز ....
وبالطبع كانت صفقه دسمه .....حصلت فيها على الفين من الجنيهات دفعة واحدة...ياله من مكسب سهل......
تأففت ...للمرة العاشرة على التوالى ..ثم بدات مره اخرى فى قضم اظافرها ....اعادت الاتصال بالرقم مره اخرى .... ولكن الهاتف الذى تحاول الاتصال به غير متاح ....اشترت كيس كبير من المقرمشات ....التهمته فى سرعه وعصبيه....قلبت فى الارقام باحثة عن رقم معتز هذه المره ...لقد تاخر نصف ساعه كامله ....واوشك قلبها ان ينفجر من التوتر ....واصابها الصداع ....
وقبل ان تتصل ......دق الهاتف بين يديها......فتحت الخط بسرعه لتجيب....وهى تتوقع ان يكون معتز يعتذر عن التاخير او حتى يخبرها بموعد جديد للتسليم....
اجابت بلهفة : الو....مين؟؟
الا ان الاتصال انقطع كالمرة السابقه....تاففت هذه المره بصوت مسموع....وهى تنظر للرقم بغيظ شديد فهى لا تحتمل هذا النوع من المضايقات الان....يكفيها ما هى فيه من توتر وقلق.......
اتعيد الاتصال ؟؟؟
لم تاخذ وقتا فى التفكير فهى تتمنى اى حدث يخرجها من مللها هذا ...وقد حدث..
حين سمعت من خلفها صوت معتز وهو يضحك بطريقته المعتاده ويقول : ايه يا بت الحلاوه دى......شغل عصابات اصلى....والله ولا المافيا يا عسل...
التفتت بغضب وهى تضغط على اسنانها وتقول : ايه بت دى..ما تحترم نفسك..!!
ضحك ضحكة عاليه بدون اكتراث وقال وهو يضم كفيه ويضعهما تحت ذقنه فى حركه مسرحيه ساخره : ومالو ...احترم نفسى ..حاضر ...ومنكم نستفيد يا ابله غاده ...حلوه ابله دى؟؟
ثم مد يده نحو حقيبة يدها يجذبها منها بحركه مازحه وهو يقول بهمس ويقترب منها :... هى البضاعه هنا....؟؟
ثم عاد للخلف وهو لا يقوى على ان يتمالك نفسه من الضحك وهو يرى انفعالات غاده وتعبيرات وجهها المندهشه ..
سارعت غاده باخراج الفلاشه وقبضت عليها فى يدها وقالت بحزم : باقولك ايه.....بلاش الاسلوب ده معايا ....هات باقى الفلوس ...وخدها ..
قطب معتز حاجبيه وقال : قاسيه ...وقويه....
ثم اردف وهو يقترب منها بفجاجه :وحلوه وانتى عصبيه...
نظرت غاده له بغضب وهمت ان ترد عليه الا انه عاجلها بلفافة من النقود .....وناولها اياها .....
اجذبت النقود منه بعنف الا انه عاد واخذاللفافه منها مره اخرى وقال : متأكده ان البيانات كلها هنا ؟؟
نظرت له بغضب : جرى ايه؟؟ طبعا متأكده ...وبعدين بقى ؟؟
فسحب ورقه بمبلغ مائة جنيه من بين النقود..وقال وهو يشير بها لغادة امام وجهها : ماشى ....دى بقى حلاوة شغل الكهربا يا ماما.....ولا ايه؟؟
نظرت له بتقزز ...ثم ناولته الفلاشه وقالت بسرعه : كده خلاص .... انسانى نهائى ...ولا اريد ان ارى وجهك او اسمع صوتك مره اخرى...
قال وهو يغمز بعينه فى خبث : والتانيه فين؟؟
قالت وقد اغتاظت من نفسها لانها لم تتذكرالفلاشة الاخرى الخاصه بالفيروس فمدت يدها تخرجها من الحقيبه وتعطيها له بقوة قائله: ها هى....؟؟
قال بابتسامة بلهاء :ليه بس القسوه دى يا ابله؟؟؟ عموما ....ماشى يا.....انتى قولتى اسمك ايه؟؟
ثم اطلق ضحكه سخيفه ...وتركها وعبر الطريق وانطلق يركب سيارة فاخره كانت تنتظره فى الاتجاه الاخر....
وضعت غاده المال فى حقيبتها واحتضنتها بشده ...ابله هذا المعتز؟؟
يعطيها مبلغ ضخم هكذا فى عرض الطريق وعلى مرأى ومسمع من كل هؤلاء؟؟
توجهت بسرعه نحو الطريق لتستقل سيارة اجره....فهى لن تجازف اليوم بركوب الميكروباص ومعها هذا المبلغ ....
ما ان قفزت فى السياره الاجره حتى لمحت امرأة تعبر الطريق بخطوات مالوفة لها ...وفى لحظه ظهر وجه والدتها يملاء مخيلتها ......نعم فقد رات امها تعبر الطريق........
.................................................. .........................
جلس حاتم وساره فى ذلك المقهى المعروف ..والمزدحم بالشباب ....وكانت كل خلية فى جسدها تنتفض...فهى مقبلة على قول كلمات لا بد ان تخرج واثقة وثابته والا ضاع كل شئ...ولكن كيف وهى تشعر بكل هذا التوتر ؟؟
قال حاتم بهدوءه المعتاد : كلى آذان صاغيه يا ساره....فيم كان بحثك عنى اليومين الماضيين؟؟
مد ساره يدها لترفع خصلات شعرها بطريقه مدروسه ....فتعود لتسقط على وجهها مره اخرى...فتنظر بدلال من بين خصلاتها الملونه ....فى حركة استعراضية خبيثه..وتقول بصوت اقرب الى الهمس : آسفه لانى حضرت الى مكان عملك...انا لا افعل هذا ..ولكن.... انا مكسوفه منك والله...
هز حاتم راسه بجديه وقال : حصل خير ...
قالت بسرعه : ارجوك لا تأخذ عنة فكره سيئه...وانــ
قاطعها وقال : لا بأس ...دعينا من هذا الان واخبرينى ما الموضوع بالضبط..!!
قالت ساره وقد امتلاءت ثقه بالنفس واسندت ظهرها ووضعت ساقا فوق الاخرى ..ونظرت فى عينى حاتم مباشرةً وقالت : بص يا سيدى....انا معروض عليا شغل فى شركه كبيره ...وطبعا انت اكيد عارف التلاعب والخداع فى ال حاجات ال زى دى .....
نظر اليها حاتم مندهشاً ومتعجبا....فما دفعه للحضور لمقابلتها اليوم لم يكن ابدا ليجلس ويتحدث معها بشأن حياتها ......بل كان دافعه خوفه على هدير ...وما قالته عن انها فى خطر...
قال حاتم بجديه وقد اعتدل فى جلسته : ساره....!!! كيف استطيع ان اساعدك فى هذا المــ...
قاطعته وبضحكات خافته : تقصد تقول "وانا مالى ومال شغلك" ..مش كده ؟؟؟
قال بسرعه : لا..اقصد انـ....
قاطعته مره اخرى : ولا يهمك ...انا...
وابتلعت كلماتها وصمتت حين وقف الجرسون مبتسماًعند المائده وبدأ فى وضع زجاجة الماء المعدنيه البارده والاكواب الزجاجيه النظيفه ....وقدم القائمه الخاصه بالطلبات لحاتم ..
فقال لساره : تشربى ايه؟؟
قالت بدلال : اى حاجه .....
بدون تفكير وبسرعه وبدون أخذ رايها طلب عصيرا ....واعاد القائمة للرجل ...
والتفت اليها فقالت بجديه : بص يا حاتم ...انا محتجالك جدا...
اطرق حاتم بوجهه ....وهز راسه ...وهو يحاول ان يفهم ما تقصد بالضبط
ابتسمت وقد اعجبت بنفسها حين لعبت بالكلمات ورأت توتر حاتم فقالت بجديه مره اخرى : اريد ان أعطيك اسم الشركه لتوصى احد اصدقاءك المشتغلين بالشئون القانونيه ان يسال عن بعض المعلومات عن المالك وعن انشطة الشركه ...وكذلك العقد الذى سأوقعه ...خصوصاً انى لا ازال طالبه....
هز حاتم راسه وقال : نعم فهمت ....سأعطيك رقم المحامى الذى نتعامل معه ...وتستطيعى ان تعرضى عليه الموضوع بنفسك...وقد يفيدك اكثر منى بالقطع ....
همت ان تكمل حديثها الا ان حاتم قال مسرعا : ساره....اعتقد اننا حللنا هذا الموضوع ...والان الموضوع الثانى الخاص بهدير...ماهو؟؟
شعرت ساره بالحرج...فحاتم يبدو انه لا يهتم الا لهدير ...زفرت بصوت خافت وهزت قدميها بعصبيه حاولت الا تظهر عليها ...ثم قالت :هدير؟؟ يااااااه يا حاتم....
قال حاتم ببعض التشكك والترقب :خيرا ان شاء الله..؟؟
وجلس ينتظر كلماتها دون ان يدقق النظر فى وجهها ...مما اصابها ببعض الغيظ منه ...
فنقرت باظافرها على المائده ...فى توتر ..وقالت بصوت جاد عال بعض الشئ : بدون مقدمات يا حاتم ...هدير ناويه تعمل مصيبه...انا حاولت اغير تفكيرها ...لكن لافائده....
انتبه حاتم ولم يستطع اخفاء قلقه..فقال بلهفة وخوف : اخبرينى ماذا تقصدين بالضبط.؟؟
قالت بصوت تصنعت فيه المسكنه والخضوع وقد قررت ان تلقى على مسامعه قنبلة
فخرجت انفاسها متهدجه وصوتها منخفضاً : هدير.........هدير هاتروح لباسم ....
هاتروح لباسم فى البيت...
.................................................. .........
دق الصداع الشديد راس أ\ جمال ابو سيف فوضع يده فوق راسه ...وجلس فى بهو المستشفى الفاخر الذى يرقد فيه ياسر ابنه...وبجواره جلست زوجته تنتحب وتبكى وتقول :لا أصدق...ابنى انا؟؟ ابنى انا يمد يده ليسرقنى؟؟
قلب جمال كفيه بعنف مصدرا صوتا عاليا ...وهو يقول : آخرتها...ابن المحامى حرامى..دى مصيبه...
وضعت زوجته يدها على فمه بسرعه وقالت : شششش ماذا تقول..؟؟ الناس يا جمال ...النـ..
قاطعها بقبض على يدها وينزعها من فوق فمه بعصبيه شديده وهو يقول بصوت عالى: هو ده ال يهمك يا هانم ...الناااااس؟؟
همست بصوت اشبة للبكاء :كفاك ...لقد اسمعتنى ما فيه الكفايه ...وحملتنى مسئولية ما فعله ياسر..ولكن لا تبدو لى برئ ....فانت الاخر عليك عبء فيما حدث ...
قال بصوت مرهق ..انهكة التعب: انت أمه...كان لابد ان تكونى اكثر وعيا وحكمة ومراقبه...لا ان تنشغلى عن الاولاد بشركتك واعمالك...وصفقاتك ...اولادك يأتون فى المرتبه الاولى....
اصدرت صوتا ساخرا على كلماته : هه ....كما كانوا فى المرتبه الاولى بالنسبة لك؟؟
قال بغضب : لا تخلطى الاوراق يا هانم .... ..الام هى التى تعتنى بالابناء لا التى تنشغل طوال النهار والليل فى البحث عن نجاحات شخصيه ولا هم لها الاتكديس الجنيهات فى أرصدتها بالبنوك...
شهقت بغيظ وقالت بصوت هامس يقطر سخرية :لا يا حضرة المحامى....هذه ليست مرافعة من مرافعاتك ...فلا تحاول الدفاع عن نفسك والقاء اللوم على ...لاننـ....
قاطعتها لميس وهى تربت على كتفا وتقول بحزن :الطبيب فى حجرة ياسر...ويطلب رؤيتكم..
دون وعى هب الاثنين مهرولين نحو حجرة ابنهما ..ومن خلفهم وقفت لميس واجمه....سقطت جالسة فوق الكرسى ... ولا تزال آثار صدمتها بفعلة شقيقها بادية عليها..... لم تستوعب كيف فعلها؟؟ شقيقها هو السارق المجهول التى كانت تبحث عنه كان تحت سمعها وبصرها فى الوقت الذى كانت تلقى بالاتهامات الباطله على صديقاتها ...وتكاد تفقدهم بهذا السبب؟؟
ثم ما حاجة ياسر للسرقه ووالديهما لا يدخران وسعا فى اسعادهما ..والاغداق عليهما بكل شئ....لم يسمعا فى حياتها كلمة رفض لاى طلب .... يتركون لهم الحرية المطلقه...فى الذهاب والاياب والشراء والاقتناء....مصروفهم الشهرى يتعدى مرتب موظف كبير.....محفظاتهم مكتظة دائما بالنقود ....من منهم عرف يوما معنى ان يحتاج لشئ فلا تستطيع ان يدفع ثمنه .؟؟؟
ماذا أصاب شقيقها ليمد يده ويصبح مثله....مثل ...الفقراء المساكين !!!
نعم الفقراء فقط يسرقون.....هكذايفكر عقلها الساذج...
غابت عنها حقائق عجز عقلها الغير كامل النضج ان يراها فليس كل سارق ...محتاج..... فالسارق اليوم غنيا وغير محتاج ولكنه فتى مدلل وفاسد.......
عادت الى الحجره تجر اقدامها فى يأس...وفى الحجره وقف الطبيب يفحص ياسر وقال بلهجة طبية متقنه : اصبحت الحاله مستقره جدا....ويستطيع العوده الى المنزل فى الصباح...بعض العلاجات البسيطه ستستمر لمدة خمس ايام....ويستطيع مزاولة نشاطه العادى ....
استمع ياسرالى الطبيب ...وما ان غادر الحجرة الا والتفت اليه والده بغضب ... فحاول ياسر الهروب من نظرات الجميع....
احتضنته والدته بذراعها وهى قبلت راسه وقائله : الحمد لله يا حبيبى ...
فنظر اليها زوجها بغضب وقال : هيا...هيا واصلى إفساده بتدليلك المعتاد....الم تعى الحقيقة بعد؟؟
قال ياسربضعف واستكانه وهو يخفض عينيه ويطرق براسه خجلا : ليس الموضوع كما تصورت يا ابى ...لقد ظلمتنى ...انـا كنت اريد انـ.........
قاطعه والدة بغلظة وعنف وهو يلوح له بيده :ايه؟؟ هاتكمل كذب؟؟ قل انك كنت تريد شراء قطعة حلى لوالدتك ولم تعرف المقاس فأخذتها؟؟
او ان القطعه وقع منه بعض الفصوص وكنت انت تصلحها كمفاجأه لوالدتك؟؟
ها ...ما الكذبه التى ستقولها ؟؟ محاولات دفاع بحجج واهيه....
صمت ياسر تماما....ثم قال :لا...لن اكذب....لقد مددت يدى اخذتها بالفعل....
صرخ فى وجهه :دى بجاحه وقلة حيا....مش همك يعنى؟؟هاااا؟؟
قال باكيا :لا يا ابى...ولكنى خشيت ان اخبركم بالورطة التى انا فيها ....وكنت فى حاجه للنقود...و..و لم افكر الا فى هذا....سامحونى...
ومد يده يقبل يد والده وهو يبكى
ارتجف ا\جمال ودق قلبه بخوف من كلمات ابنه...فما الورطه التى وقع فيها ياسر والتى دفعته للسرقه من البيت؟؟
ياللهول....الن ينتهى مسلسل المفاجأت التى تنهال على راسه بعد؟؟
.................................................. ....
جلس باسم فى منزله على الاريكه ومن حوله اصدقاؤه .....هذا يحضر له كوبا من الماء والاخر يساله كيف تشعر الان؟
ولكن كيف يشعر باسم؟؟
ممثل بارع باسم هذا.......فهذا كله جزء من الاتفاق الذى ابرمه مع ساره......قالت له :مثل شويه؟؟ اخلع قلبها عليك....
وبالفعل حدث...
الا انه يتذكر جيدا انه حين هب واقفا ممسكا بعنقه وشعر بالاختناق كان الاحساس أقوى من ان يكون إدعاء........
فقد كان بالفعل مختنقا.....مكتئبا..........محبطا ........
شعر بانفاسه تتلاحق ....وهو يرى هدير لا تهتم......ضاعت كل عبارات الحب بينهم....وضاعت ايام قضاها معها فى حاله لم يصل اليها من قبل.......
حالة الحب...الحقيقى....
قال ميلودى:ها يا باسم....عامل ايه؟؟ يا عم قلقتنا الله يخرب بيتك...
ضحك الشباب وقال احدهم : وشيل وحط ...واجرى على الدكتور....وفى الاخر شوية دوخه من الاانيميا
قهقه ميلودى وقال مازحا مزحة سافله: طلعت حامل يا منيل؟؟
وقهقه الجميع......فهكذا كانت مزحاتهم.......سافله ومنحطه مثل اخلاقياتهم للاسف....
دق هاتف المنزل فأجاب باسم بوهن : ايوه
كانت هذه والدته تطمئن عليه كما وعدته فى نهاية كل اسبوع....
فما كان من اصدقاؤه الذين لم يعلموا من المتحدث الا ان مازحوه قائلين بصوت عال : ايوه يا عم..!!
وضحك احدهم ضحكة رقيعه لا تتناسب وكونه رجل.....وعلى اثرها صرخت والدة باسم فى الهاتف :ايه ده؟؟ مين دى؟؟ جايب بنات فى الشقه يا باسم؟؟ انت اتجننت؟؟
قال بسرعه وهو يشير لاصدقاءه :لا والله يا ماما ...انا تعبت شويه وكانوا بيــ...
قاطعته وقالت : كمان ؟؟ اصحابك فى البيت؟؟ وبعدين يا بـــــــــاسم؟؟ لازم ابوك يشوف حل معاك ...
وظلت تندب حظها وتسمعه كلاما شديدا....فما كان منه الا ان ضحك باستهزاء وسخريه وهز راسه ثم قال : حاضر.....حاضر يا ماما....
واغلق الخط ..والتف وسب زميله الذى ضحك بهذه الطريقه .....
ودق هاتف ميلودى :ها يا مان....لاء ...يا راجل؟؟ هيام ؟؟ صاحبة ساره؟؟ هههههههه
ماشى...هات بيتزا ...
والتفت قائلا للموجودين: بيتزا يا رجاله؟؟
فقالوا : نعم
اغلق الهاتف وقال لهم بصوت عال : عارفين وليد مع مين دلوقتى؟؟ هيام؟؟
صفق الشباب بحقاره...وهم يقولون كلمات غير مهذبه تصف هيام ....
قال باسم وقد خنقه وجود اصدقاءه : كفايه انا تعبان ...
فكم كان يحب ان يقضى هذه اللحظات بمفرده ....لم يكن فى حاجة لاى من هذا الهراء الان...ولكن لن يتركوه بسهوله ..فالمنزل الفارغ من الرقابه هو احسن الاماكن للتسكع ...
ظل يفكر ...ترى ماذا سيحدث مع هدير؟؟ هل ستصدق ساره وتجعلها تغير فكرها ويعودا للحديث كما كانا سابقاً ام لا ؟؟
.................................................. ..........
قد تسمع عن شخص سيقوم بمجازفة خطره فى طريق حياته...سيختار الاختيار الخاطئ ...فيتملكك الحزن لانه حاد عن الطريق الصحيح ...قد يطول الحزن او يقصر.....ولكنك فى النهايه تعود ...لتنشغل بحالك....لتعيد تقييم امورحياتك .....ولن يبقى من تجربة الاخرين الا نقاط نتعلم منها ...كيف نتجنب ما عانوا منه....
ولكن اتستطيع ان تفعل ذلك حين تعرف ان من سيختار الاختيار الخاطئ ...هو اهم شخص فى حياتك؟؟
اتستطيع ان تغض الطرف ...او ان تتقبل الامور ببساطه؟؟
اتستطـــــــيع؟؟؟
حاتم لم يستطيع..........فما ان سمع بكلمات ساره التى كان وقعها عليه قاسيا....سحقته تحت وطأة ما تحمل من معانى خفيه ومخيفه....حتى انه تراجع للخلف بقوه...ليخيل لمن يراه انه قد لدغه عقرب سام ....ولكن ما اصابه كان سمه اقوى من سم العقارب....
نظرحاتم الي ساره بغضب شديد...وقال دون تفكير وبحدة شديده وبصوت عال : مــــــاذا تـــــقولين؟؟
بطريقة أطرق على الحديد وهو ساخن... تابعت هى كلماتها بوهن صوتها المدروس : صدقنى يا حاتم...انا هاتجنن من ساعة ما عرفت...كانت هذه الفكر التى توصل اليها الاثنان ليستطيعا ان يتقابلا دون ان يراهما احدخاصة بعد ان اكتشفت علاقتها....جنون.....لا ادرى فيم كانت تفكــر ؟؟
قاطعها الجرسون مره اخرى وهو يضع امامهم المشروبات .....
لم يكن حاتم يسمع شيئا من كلماتها ولكنه كان يعانى بشده .... وجه هدير يملاء عقله....ولا يتصور ابدا ان تقدم على عمل احمق وفاسد كهذا...عقله يرفض بشده ان يصدق ساره.... وفى نفس الوقت يموت رعبا ان تكون كلماتها صادقه ..... ظل يهز راسه غير مصدق لما يسمع.........
وفجأه انطلقت ضحكة عالية تقطر دلال وخلاعه من بين شفتى فتاة تجلس فى المائده المجاوره ...فانتفض جسده كله ...وانتبه .......فقال بأسى : لا حول ولا قوة الا بالله ...استغفر الله العظيم ....
ثم مسح على وجهه بكلتا يديه فى حركة متوتره ومد يده يرشف من كوب الماء ثم اردف : ساره ...كيف عرفتى....ومن اخبرك؟؟
قالت متصنعة الحزن :اقولك ايه بس....انا حاسة بالذنب ومش عايزه اخسر هدير...انا لولا معتبراها اختى وربنا يعلم بحبها ازاى...لولا كده.....
ثم صمتت قليلا وقالت : هدير قالتلى بنفسها...عايزانى اساعدها.....
ثم اردفت بسرعه : ارجوك يا حاتم ....بلاش تقولها انك عرفت منى....وانا ممكن اقولك التفاصيل والميعاد وتيجى معايا وتشوف بنفسك الـــــــــ.............
قاطعها حاتم بغضب شديد : ساااااااااااااره انتى بتقولى ايه؟؟
قالت وهى تختلس النظرات لحاتم : عموما ....الميعاد يوم السبت ولانك اجازه وهاتكون فى البيت ...فطلبت منى ان امر عليها الصبح بعربيتى ....كاننا سنذهب للجامعه...و...وستذهب اليه فى البيـــ......
ارتفع رنين هاتف حاتم المحمول ...قاطع حديثهما المتوتر ...وكان آخر شخص تخيلت ساره ان يتصل بحاتم ..الان..
كانت هدير...
اجابها حاتم باقتضاب : السلام عليكم يا هدير
واستمع لمكالمتها وهز رأسه بهدوء وهو يقول :نعم....مفهوم...اتفقنا...اخبري� �م بانى سآتى خلال ساعه باذن الله.....السلام عليكم
كادت ساره تسمع دقات قلبها من فرط الانفعال والتوتر...
انهى مكالمته ووضع هاتفه امامه فقالت هى : ربنا يخليكم لبعض يا حاتم....ها ..هاتعمل ايه؟؟
هز راسه...وقال :سافعل المنطقى والمفروض فى مثل هذه الحالات طبعا ...
توترت ساره اكثر...فماذا تعنى (المنطقى والمفروض فى مثل هذه الحالات) بالضبط؟؟
نظرحاتم الى ساعة يده وهب واقفا...فقفزت ساره اقفة هى الاخرى بحركة لا ارادية عصبيه وقالت وهى تحاول ان تظهر بمظهر النادمه : اهدأ يا حاتم ارجوك...لا تجعلنى اندم انى اخبرتك....انــ ـ ـ ـ
قال بهدوء شديدويشير اليها بيده لتجلس: لا ..تفضلى ارتاحى واشربى العصير...انا فقط ساتغيب لبعض الوقت ........ خمس دقائق فقط ... بعد اذنك يا ساره...
وتركها تلاحقة عيونها وقد شعرت انها على وشك فقدان الوعى ....فماذا ينوى ان يفعل ؟؟
اتجه ببساطة نحو العامل يساله عن مكان الحمام ...فى حين تابعته ساره بعيونها التى تكاد تقفز من بين محجريها من القلق الشديد....دق قلبها بشده....فكم تخاف ان تكون قد اضاعت فرصتها معه.......افكار كثيره دارت فى عقلها الخبيث...تلوم على نفسها بعنف ......تشعر بالذنب الشديد ...ليس لانها كذبت ...بل لانها انهت الكذبه بسرعه بينما كانت تستطيع ان تطيل فى الحوارات...وان تتلاعب بالكلمات ..وان تجذب انتباهه لمدة اطول ..وان تتذرع بالحجج لمقابلته مقابلات عديده ...فيقترب منها ...ويسقط فى حبها كما تهيم به حبا وولهاً...ولكن ماحدث قد حدث...
رفعت كوب العصير لترشف منه .....فقد جف لعابها بشده ...
رفعت عيناها فوقعتا على حاتم...قادما نحوها يتجه نحو المائده ...وقد انشغلت يداه اليسرى بحمل الجاكيت ورابطة العنق........وباليد الاخرى يجفف وجهه المبتل ببعض المناديل الورقيه..... فابتسمت له برقة وهى تميل برأسها يمينا ويسارا...وتشير اليه بيدها ملوحةً له الا انه تجاهلها تماما.....واكمل إغلاق ازرار اساور القميص ....وسارع بارتداء الجاكيت ..وجلس امامها وقال : ساره....اشكرك لإهتمامك بإبلاغى بموضوع هدير....
رفعت ساره حاجبيها وقالت : هدير اختى...وأخاف عليها ...
فقال حاتم برصانة وثقه : نعم....ولكن عذراً يا ساره ...لابد لى من الانصرف حالاً....
لم تتمالك نفسها فقالت بلهفة واضحه : ليه؟؟؟ لسه بدرى..!!
اشار بيده للجرسون بان ياتى بورقة الحساب والتفت اليها وقال بكل جدية : اقترب موعد آذان المغرب.... كما ان اقاربى ينتظرون حضورى بالمنزل......واعتقد انك الاخرى قد تأخرت كثيرا...
قلبت شفتيها بامتعاض وخيبة أمل ولملمت حاجياتها وقالت وهى تصر على اسنانها : معك حق....
ولكن سرعان ما ابتسمت بثقه واكملت : ولكن المره القادمه لن اتركك ترحل بسرعه هكذا....
لم تسمع ردا من حاتم ....الذى نهض وانهى حساب المشروبات ....وتقدمها متجهاً نحو الخارج ولحقت به ووقفت تودعه ....لم يطل الوقوف...لم يطل الحديث....بل كان على عجلة من امره عكسها تماما..........ركبت سيارتها....رحل....دون حتى ان يلتفت نحوها ويودعها.....
راقبت سيارته تبتعد وبداخلها حاتم.....يااااااه...ياله من رجل رائع ....ولكنه قاس...تعامل معها بطريقة لم يعاملها بها احد من قبل...........ام ترى هذه هى خطته ليشعل نار شوقها؟؟
كانت افكارها كلها تدور حول حاتم....ولم تكن هدير من ضمن تلك الافكار برغم من انها تكاد تكون قد حطمت حياتها للتو..... ولكن....اليست هذه ساره؟؟؟؟
.................................................. ...............
دخلت زينب مساعدة أ\نوال الى الحجره التى ترقد فيها نسرين...تتخبط وهى حاملة باقة زهور كبيرة بشكل مبالغ فيه.....حتى انها تكاد تسقط من بين يدها .....
وضعت الزهور واقبلت تقبل أ\نوال التى جلست على الفراش بجوار ابنتها التى غطت فى نوم ثقيل بعد حقنه مهدئه .....
والقت التحيه على أ\جيهان التى جلست واضعة ساق فوق الاخرى وقد اسندت راسها على الحائط وأغلقت عينيها .....
فاعتدلت فى جلستها .........وأخذت ترتب شعرها وتقول : هاى زينب....وااااااااو حلو البوكيه ده مووووت....
فضحكت زينب وقالت بفخر: مرسل من مدرسين ومدرسات المرحله لحضرتك يا أ\نوال هذا غير الهديه التى سنشتريها ......
فأعتدلت نوال وقالت :ها...معاكى كشف باسماء المشاركين؟؟
ضحكت زينب بخبث وقالت وهى تلوح بورقة فى يدها : طبعـــاً......
خطفت منها الورقه وهى تفضها وتسرع ترتدى النظاره وتقول بتعالى : اما أشوف مين ال ما دفعش فى مجاملتى؟؟؟
قهقهت جيهان : ايمبوسيبول يا نونه......بتعملى حاجات غريبه...
قالت نوال بقوه :لا يا جيجى...لابد ان تعرفى من معك ومن عليك ....دى سياسه ونظام...
اطلقت زينب شهقه لفتت نظر السيدتين حين دقت على رأسها بطريقه تظهر انها تذكرت شيئا هاما فجأه :أرايتم ما حدث اليوم؟؟؟ أ\الهام ارسلت فى طلب ندى عبد الرحمن ....
انتبهت حوال كل من السيدتين بشده فقالت جيهان:واى؟؟ فى ايه؟؟
فى حين قالت نوال :طلبتها فى مكتبها؟؟ معقول؟؟
جذبت زينب كرسى خشبى من جوار السرير المجاور لسرير نسرين وجلست تحكى لهم ما حدث...
ثم اردفت وقائله بخبث : الاشاعات بتقول انها ستأخذ منصب مشرفة اللغه الانجليزيه للمرحله الابتدائيه...
اطلقت جيهان شهقه وقالت دون ان تدرى :نعـــــــــــــم؟؟؟ انتى بتقولى ايه؟؟وانا اروح فين؟؟
قالت نوال بعنف : ايه الكلام الفارغ ده يا زينب؟؟ هى المناصب توزع بالسهوله دى؟؟
سعلت زينب فى محاوله للهروب من مهاجمة السيدتين ..ثم قالت :والله ...دى الاشاعات ...ولكن عندما سالت ندى ما دار بينها وبين أ\الهام لم تخبرنى بشئ....لكن كلمن فى المدرسه لا حديث لهم اليوم غير هذا الموضوع......فيبدو انه حقيقى...
صرخت نوال : يانهار اسود؟؟ الهام ممكن تعمل كده فعلا....اتذكرين العام الماضى حين استبدلت ناظره الثانوى وسبعة مدرسين فى نصف العام؟؟
غرقت جيهان فى القلق .....وشاركتها نوال التى ظلت تعقد ساعديها وتتأفف وتهز ساقيها ....
فقالت جيهان وهى تمد يدها للهاتف المحمول :لاء...لازم اعمل حاجه...ساتصل بسكرتيرة أ\الهام ..
فى هذه اللحظه بالذات دخلت هند مبتسمه حاملة فى يدها شنطه بلاستيكيه بها عصائر وشطائر وقالت ببساطه : احضرت لك شطائر لذيذه وعصير يا ماما هــ......
قاطعتها نوال بعنف : فى ايه يا هند؟؟ مش شايفه الناس قاعدين معايا؟؟
تراجعت هند وهى تحاول رسم ابتسامة على شفتيها وقالت بصوت منخفض :آسفه لم اكن اعلم ...
قالت نوال وهى تلوح لها بيدها :خلاص...قدمى شيكولاته وعصير واتفضلى ....
قدمت هند الشيكولاته لزينب ....واستاذه جيهان ...ثم قالت :بعد اذنكم ....
ما ان خطت خطوتين مبتعده حتى نادتها نوال قائله :أه هند باقولك ...تستطيعى ان تذهبى الى المنزل...من اجل طفلك....
ثم قالت بخبث :اه صحيح ...مش برضو عندك بيبى؟؟
اغلقت هند عيناها ...ثم التفتت تواجه أ\نوال والحاضرين ..وقالت بهدوء:لا يا ماما ....لم يرزقنى الله بطفل بعد....أهناك شئ آخر استطيع ان افعله قبل ذهابى؟؟؟
اشارت لها بيدها وقد قلبت شفتها وقالت دون ان تنظر اليها :تؤؤؤ
خرجت هند تجر قى قدميها........هذه السيده تصر على جرحها...تصر على معاملتها بأسوأ معامله...والان تضغط على أعصابها بحديثها بهذه الطريقه امام زوارها عن طفل....وهى تعلم جيدا ان هند أجهضت اكثر من مره ولم يكتمل حملها....
صحيح انها تؤمن بقضاء ربها ولكن هذا لا يمنع ان هذا الموضوع بالذات مؤلم جدا....
هذه المره بالذات خرجت هند...وهى لا ترى امامها من الدموع........لقد تحملت اليومين السابقين بصعوبه.......ولكنها لا تستطيع تحمل المزيد...حتما لا تستطيع..
.................................................. ....................
جلست سالى زوجة حامد....تراقب الحاضرين الذين انقضوا يأكلون من الصينيه الضخمه التى وضعتها هناء على المنضده الكبيره وهى تقول : اتفضلى يا سالى... فطير مشلتت بالسمن البلدى..........ومش وعسل اسود.....
فظلت تشير لها بيدها انها لا تستطيع ان تأكل الان ....وتخبرها بالانجليزيه المتقنه انها لا تأكل هذه الاطعمه الدسمه...والمليئه بالسكريات ليلا...
نهضت منيره وفى يدها قطعة من الفطير المغموسه بالمش ووضعتها عنوه فى فم سالى وهى تقول : ياختى كلى...انتى ممقوته أوى ...دوقى بس..!!
فصرخت سالى مستنجدة بحامد الذى نهض خلف شقيقته وهو يقول : لا يا منيره ....سبيها براحتها...معدتها حساسه ...
قهقه الحاضرون على تلك المعركه الكوميديه ...فلا تزال منيره تصر على مضايقة سالى بتدخلها الدائم والمستمر فى مسالة الطعام ....
نهض مدحت وسحب شقيقته وهو يقول : خلاص بقى يا منيره ...حقك عليا انا ....
ضحك المهندس حمدى قائلا :تصدق يا مدحت هذا التجمع به من الاثارة والمتعه اكثر من مباريات الدورى الانجليزى ...
هز مدحت راسه وهو يلقم قطعة الفطيره وقال : عندك حق ....ده كفايه التحكيم ...ههههههه
ضحك الشباب وقال كريم :دى المصارعه الحره ؟؟
قال أكرم وهو لا يتمالك نفسه من الضحك :الحاجه منيره أندرتيكر
قهقه مروان وهو يشير اليهم انه سيختنق بما فى فمه من طعام.....
فى حين تساءلت منيره بتعجب :اندرتيكر ؟؟ بتقولوا ايه يا ولاد؟؟
فقال مدحت: بنتكلم عن المذاكره يا منيره وضرب كريم بقبضته فى بطنه مازحا معه قائلا :ها يا بطل...ما أخبار المذاكره والدراسه؟؟ اريد ان ترفع رأس والدتك هذا العام....
اطلق اكرم ضحكة عاليه وهويقفز كالطفل ويشيرنحو شقيقه : كريم....؟؟ ده فاضحنا على طوول يا خال ...
فما كان من امه الا ان مدت يدها تلكزه قائله: انت ال فالح اوى يعنى؟؟ انتوا الاتنين طينه واحده..
اسكت بقى ما تخلنيش اقول لخالك على عمايلكم ..
ضحك مدحت وقال : اذن هم توءم ...حتى فى المشاكل؟؟
قال كريم وهو ينظر لوالدته ويبتسم ببلاهة يقصدها: كده يا ست الكل ؟؟؟؟
ثم التفت لخاله وقال :ابدا ياخال ...مش انا..ده أكرم !!
فوضع أكرم يده فى جيبه وقال لشقيقه بلهجة ساخره : عيب عليك يا ولد يا كريم...!!
تأففت منيره وهى تنظر للاثنين ..وهما يتخذان من كل شئ مزاحاً وقالت بصوت اقرب للبكاء : يا مدحت العيال دول مجننينى ...اقولك ايه ولا ايه؟؟
اشار لهم بيده يتوعدهم وقال :لاء...يا شباب ....
اضافت :وموضوع نهال؟؟
قالت نهال بسرعه : مالو موضوع نهال ؟؟
طيب احكم يا خالو ..خريجة صيدله وحاصله على تقدير ممتاز ...عرض على العمل بصيدليه كبيره جدا و بمرتب عالى ومواعيد مناسبه ...والمفاجأه ان الصيدليه تقع فى نفس الشارع الذى نسكن فيه ....كما ان ظروف العمل هذه المره انسب بكثير من المره السابقه ..اليس عرضا رائعا؟؟؟
قال مدحت : ماشاء الله وفقك الله يا نهال...
فقالت منيره :عرض كويس يعنى؟؟
قالت نجوى : طبعا يا منيره .... مبروووووك يا نهال
هنأ الجميع نهال وقالت هناء : ربنا يوفقك يا نهال ...والحمد لله ان الظروف مناسبه هذه المره يا حبيبتى...
ضحك كريم واكرم واشارا لبعضهما البعض وحكا اصابعهما بحركه تدل على المال الوفير وقالا: مناسبه جــدا...جــدا..
وشاركهم مروان الضحك ثم قال بصوت عالى: هههاااااااا حاتم باشا وصل ....
دخل حاتم .. خطا الى نتصف الصاله حيث يجلس الجميع واجما ...محاولا رسم الابتسامه ....ورحب باقاربه....وناول والدته الطلبات التى طلبت منه احضارها ....
فقالت وهى تتناولها منه بسرعه : اللب والسودانى والتسالى وصلت ...ارتفعت اصوات الجميع مستحسنين الامر......
وما ان وقعت عينا حاتم على هدير....حتى ارتسمت نظرة حزن يخالطها غضب فى عينيه.........نظره لم تخطئها هدير ولكنها لا تعرف مناسبتها .........حتى حين اتصلت به على هاتفه المحمول كما طلبت منها والدتها لتخبره بإحضار التسالى....كان يجيبها بطريقة غريبه...اخفق قلبها فحتما شقيقها يعانى من شئ ما عسى ان يكون خيرا...هذا ما خطر ببالها
ولكن ترى ماذا ستفعل ان عرفت حقيقة ما يدور بخلد حاتم ؟؟
.................................................. .........
إحبــــــاط.....
كلمة قد تبدو ضئيلة جدا مقارنةً بما تشعر به حنان الان....خيبة الأمل الحقيقيه ..والتى لم تشعر بها يوما فى كل خلافاتها السابقة مع زوجها طارق...
كئيبة ومنهاره ...بشكل لم تعهده فى نفسها من قبل ....
غصة فى الحلق لا تختفى....غضب وحنق وغيظ ومرار..... مشاعر لم تعرف الطريق الى قلبها حتى حين طلقها زوجها ....
فهى فى حالة لم تتخيل ان تصيبها يوما .....فما أهتمت يوما ان طلقها او تركها او حتى رحل ولم يعد.....لم يبقى فى عقلها اليوم الا أفكار سوداء تعجز عن استيعابها ........
ايعقل ان تنتهى قصة حياتها على هذا النحوالمآساوى؟؟
ايعقل ان تواجه غابة الحياة الموحشة بمفردها .....بما فيها من ذئاب تنتظر لتنهش كرامتها ... ونسورتحوم حولها لتختطف سعادتها...... وكلاب تعوى بكذبات وتلميحات عن سبب طلاقها ؟؟؟؟
كيف ستحيا فى هذا العالم المظلم....ولا يوجد امل فى اى شئ....!!
وماذا سيقولون عنها ؟؟
زوجها تركها....وتزوج من غيرها ..... لانها أمراه فاشله....
فشلت فى الاحتفاظ بزوجها ....فشلت فى احكام السيطرة على بيتها...!!
لن ترحمها العيون المتطفله ...ولا الهمسات المؤلمه ...ولن يتوقفوا عن طعنها كل لحظة بكلماتهم الجارحه....
لن تستطيع ان تمنع نظرات الاشفاق التى تملاء عيون والديها ....ولن تصمد امام كلمات شقيقها احمد والتى حتما ستحرق اعصابها........كما انها لن تستطيع ان تمنع جدتها من مصمصة الشفاه حسرة عليها ..........وقطعا ...وبالطبع لن تتحمل التعليقات التى تقطر سخرية والتى تجيد اطلاقها هيام....
وسيظل ذلك اللقب البغيض يلاحقها اينما ذهبت.....مطلقه....مطلقه....مطلق� �....
صكت وجهها بعنف....تمنت لو ان تصمت افكارها لحظة واحده....لحظة واحده فقط ...
فدفنت راسها فى الوساده.... دفنتها لفترة طويله.....تبكى بصوت متقطع تاره....تتمتم بغضب تارة اخرى.....
انتابها نشيج أهتز له جسدها كله...تورم جفناها واحمرت عيناها بشكل مؤلم...
لم تكن تفكر فى اى شئ ....الا فى حالها....
كان طارق عنيد جدا خاصةً فيما يتعلق بما يسميه كرامته كرجل ... لذلك لم تكن تتخيل انها سوف تنهى خلافاتها معه ببساطه أوبهدوء....ولكن... كانت حتما ستنهيها.....!!!
حقا لم تهتم ان تسال عنه ...منذ سبعةاشهر...وكل الاتصالات بينهما كانت مقطوعه...الا من بعض النقود التى كان يرسلها لها ولاولاده كل شهر....حتى رؤية اطفاله حرمته منها ......
ولكن تلك كانت خطتها لتاديبه ...فاعتقدت انها لا تزال الرابحة حين تضغط عليه باطفالهما ....وتثير جنونه بحرمانه من صغيريهما ...ففى النهايه قلبه زوجها قلب طفل ...وخاصة فيما يتعلق باولاده ....ولكن فاجأها انه هو الاخر لم يهتم....
وحين اتضحت لها الرؤيه ...وملت من حياتها المفككه ....وضعت خطتها ..واحكمتها تماما .....ستذهب اليه فى عمله ...تسترضيه....وتجاريه فيما سيطلبه منها من تقديم الاعتذارات والتنازلات ....وتتوسل اليه ان لزم الامر.... فقط..لتعود الى بيتها.... ولم تعتقد ان هذا مستحيلا او بعيد المنال .....
اما الان....فلا بيت...ولا زوج ...ولا شئ ...لا شئ..!!!
يبدو انه قد نسى امرها تماما ..وتزوج ....ويعيش مع زوجته فى بيت والدته ....بعد ان وجد من ترضى بظروفه وتقبل بها ...
عند هذه النقطه بالذات لم تستطع حنان كتم آهة خرجت تشق صمت الحجره وبصوت عال بحق...
ياااااااه ...لكم سئمت الحياة مع والديها........فاض بها الكيل من هيام....اختنقت من تلك الحجره التى تتشاركها مع احمد شقيقها ......الذى نادرا ما يتواجد ولكنه حين يفيض به يمازحها قائلا: ماتروحى بيتك بقى وتصالحى جوزك......
كانت كلمات بريئه يقولها دون ان يعى انها تذبحها ....
يأست من هذه الحياه ....تعبت من اعباء المنزل الكبير الذى عادت لتخدم فيه والديها وجدتها وشقيقها واولادها
اصبحت تعمل طوال النهار....وهيام تخرج وتمرح طوال اليوم....
اهكذا ستكون حياتها؟؟
اخرجها من افكارها دقات على باب الحجره المغلق..مسحت وجهها بملابسها وقالت بصوت انهكه البكاء : سيبونى فى حالى ...
فوجئت بباب الغرفة يفتح ويدخل والدها دون اى مقدمات ....اضاء نور الحجره المظلمه...وجلس على الكرسى المقابل للفراش الذى تكومت فوقه حنان .....
وقال بعاطفة الابوة الفياضه : حنان...اريد ان اتحدث معك قليلا...تمالكى نفسك واخبرينى ماذا حدث؟؟
انفجرت حنان باكية وكأن والدها ضغط زرا خفيا بداخل قلبها ...بكاء هستيرى لا يتوقف....
ربت بدفء على كتفها وقال بجزع يخالطه شفقه : اهدئى يا حنان....لا حول ولا قوة الا بالله....
والدتك اخبرتنى انك خرجت اليوم...ومن وقتها لم تغادرى الحجره ولم تجيبى اى من نداء طفليك وتعبت امك فى محاولة اقناعك بتناول الطعام ... ؟؟؟ماذا حدث لكل هذا؟؟
قالت من بين دموعها : حدثت مصيبه....
واخبرته.....وتمزقت الف مره بتكرار ما سمعته من زوجها على مسامع والدها ...وكأنها لأول مره تكتشف فداحة ما فعلته ....
لم يفتح الاب فمه بكلمه ...اطرق براسه فى حيرة من امره....
قال وقد استعاد صوته صلابته : ولم لم تخبرينى بنيتك للصلح؟؟ ونيتك الذهاب لمحادثته؟؟
يا ابنتى يكفي ما حدث الى الان.....انتبهى لنفسك ولاولادك....دعيه يذهب لحال سبيله...وكل شئ نصيب..
كانت الدنيا قد اسودت تماما فى عينى حنان...حتى يخيل لمن يراها ان زوجها قد مات بين ذراعيها ...وليس انها هى التى قتلت قلب الرجل بيديها ..و انهت زواجها بافعالها الحمقاء...
هزت راسها..وهى تصر على أسنانها وتقول:لا....لن اتركه يتمتع مع امراة غيرى...لن اتركه فى حاله....ساقلب عليه الدنيا.....سارمى له اولاده...ولنرى ان كانت زوجته الجديده ستتحملهم.....
حدق والدها بذعر فى ملامح ابنته التى تقطر غلا وكلماتها التى تغلى قهرا واحتار..ايخبرها انه يعلم؟؟ ام يتركها فيما هى فيه.....وكفاها ما تعانى ...فلا حاجة لان تفاجأ بانها آخر من يعلم....
ولكنه قرر ان يصفعها بكلماته عسى افاقت لنفسها : لقد اخبرنى طارق بنيته للزواج منذ شهر...ولكنى لم اكن اتوقع انه جاد....عموما كل شئ نصيب....وانت يا حنان لك يد فيما حدث ..فكفاك يا ابنتـ........
صرخت حنان فى وجه والدها : أكنت تعرف؟؟؟ هه؟؟ أكنت تعرف ولم تخبرنى؟؟كنت تعرف؟؟
وارتفع الصراخ الحاد..........
ارتفع ...ولكنه لم يكن صراخ حنان.....ولم يكن صادرا من داخل الحجرة اساسا...كان ياتى من خارجها....كانت ام حنان هلعة مرتاعه تنادى بصوت ملكوم: الحقى يا حنان...يا هيام..الحقنى يا ابواحمد
يا حبيبى يامحمد؟؟ محمد ؟؟ محمد؟؟
.................................................. .........
(لكل مجتهد نصيب....ومن جد وجد......وندى عملت فأتقنت عملها.)
كانت تلك كلمات الحاج عبد الرحمن لزوجته وبناته الجالسات من حوله فى حجرة المعيشه يلتهمون الكعك اللذيذ الذى صنعته والدتهم....
قالت نوران : ماشاء الله...تحقق حلمك يا ندى....وستستطيعين الان تعميم افكارك الرائعه على المدرسه باكملها....
ابتسمت ندى وقالت : المرحله الابتدائيه فقط يا نوران....
قالت الام بفخر:بكره تبقى مديرة مدرسه.....
فارتفع صوت الحاج عبد الرحمن قائلا : باذن الله....بارك الله فيك يا ندى والله انى لفخور بك وباجتهادك هذا....
نهضت ندى وقبلت كف والدها بحب وهى تشعر كم ان الله اكرمها بوالد كوالدها ...وقالت:ربنا يباركلى فيك يا ابويا الحاج عبد الرحمن..
علت دقات على باب الشقه ....نهض الوالد وهو يقول : احتفظوا لى بقطعه من الكعك ...
فابتسمت نوران وقالت : طبعا يا بابا...
ومن خلفه قفزت ملك تهرول وهى ممسكه بطرف جلبابه وتقول :انا هافتح ...قبل هنا
فنظرت الام لطفلتها هنا التى انهمكت تأكل الكعك بنهم شديد وهى ترشف من كوب اللبن الدافئ ولا تدرى بما حولها اساسا ...
فقالت : بسم الله ماشاء الله يا هنا ...عاقله ...
وضحكت كما ضحكت نوران الا ان ندى لم تشاركهم الضحكات ...بافكارها الشارده ...فهى لا تعرف حتى الان ماذا ستفعل السيده \الهام ...بالضبط
فالمنصب الذى تعرضه عليها تشغله حاليا أ\جيهان....كما انها اليوم صدمت بزملائها الذين تقدموا بشكوى ضدها... كيف ستتعامل معهم ؟؟
تعجبت الوالدة من شرود ابنتها فمن المفروض انهو يحتفلون اليوم بهذا الخبر السعيد والذى بشرتهم به ندى توا و من شانه ان يجعلها تطير من السعاده....وبقلب الام ...شعرت بان هناك خطبا ما يكمن خلف تلك العينين الشاردتين....
لم تكن ندى فقط هى محط اهتمام الوالده.....فقد كانت عيون نوران ايضا تفضحان ما بها من قلق غير عادى....برغم من مشاركتها الحديث والضحكات والمزاح...
يا لقلب الام المعذب دائما ...المحمل بهموم الاولاد اينما ذهبوا ....ومهما كبروا ...رددت الدعاء بان يرزق الله بناتها الازواج الصالحين...فتلك الفتيات قرة عين لها ...
انتبهت حين هرولت ملك من الخارج نحوها تقول بشقاوتها البريئه : الواكواجى جيه يا ماما ..!!
قهقهت ندى وقهقهت نوران فى حين احتضنت الام طفلتها وقالت بمرح : اسمه المكواجى يا ملك ...
فقالت بإصرار: مانا قولت الواكواجى ...صح يا هنا؟؟
قفزت هنا امامها واضعة يدها فى وسطها وقالت : لا...انتى مش بتعرفى تقولى ...
وبدات المناقشه الطفوليه المعتاده بين الصغيريتن...والتى كانت دوما مثار ضحكات الجميع...
عاد الاب الى داخل الحجرة حاملا هاتف ندى المحمول وهو يمد يده لها به ويقول : هاتفك يدق يا ندى.
تناولت ندى الهاتف وهى تتعجب فقد كان الرقم الظاهر على شاشته هو رقم الاستاذه جيهان
ترى فيم تريدها الان؟؟
قالت بهدوء: السلام عليكم أ\جيهان..
اجابتها بصوتها الغاضب وبطريقتها التى اعتادت ان تخلط فيها الكلمات الانجليزيه بالعربيه : واتس جوينج اون ندى؟؟ايه الاخبار ال سمعتها من زينب دى؟؟
شعرت ندى بالحرج من مديرتها وقالت: أ\جيهان...صدقينى انا نفسى تفاجأت...
قالت جيهان بلهجة عاليه اخترقت حدود السماعه بحيث سمع صوتها كل من يجلسون حول ندى : لاير...كذابه....انا استحق اكثر من ذلك..أعطيتك الفرصه لتخدعينى....اغيب يومين فتحاولي استمالة ا\الهام فى غيابى؟؟؟
وقف والد ندى وقطب جبينه وهو يرى وجه ابنته يمتقع ويسمع صوت المتحدثة العالى...واشار اليها اشارة استفهام...
نظرت اليه نظرة فهم معناها وهى تهز كتفها.....واشاحت بوجهها حتى لا يرى والدها انفعالاتها واختنق صوت ندى وخرج مهزوزا: اااانا؟؟ يبدو ان حضرتك اسأت فهم الموضوع...فانا لم ااا...
قاطعتها بعنف وبصوت حاد وعالى : شات أب...صحيح نوال كان عندها حق...انتى مش سهله....وخبيثه ...
بهتت ندى وهى تسمع الصفات التى تصفها بها مديرتها فقالت مدافعة عن نفسها : أ\جيهان من فضلك...انا لم اخطئ بحقك..ولم اتعدا حدو....
الا ان الاستاذه جيهان قد انهت مكالمتها السخيفه بمنتهى التعالى قائله : ساذهب الى أ\الهام وسيعود كل شئ لوضعه الصحيح...وقالت بعبارة انجليزية متقنه "نو ون كان دو ذات تو مى" ....
واغلقت الهاتف فى وجه ندى بكل صفاقة لتقلب احتفال اسرتها بها الى لحظات من الحزن..بتلك المكالمة الهاتفيه .....
ترى ماذا ستفعل جيهان؟؟
وهل ستضطر ندى لان تواجه تحدى ا\جيهان وأ\ نوال الموجه ضدها ؟؟؟
.................................................. ...........
حدقت غاده..... اتسعت عيناها...........ودق قلبها بعنف..........وانتبهت كل حواسها ....حين رات والدتها تعبر الطريق ..امسكت بمقبض باب السياره الاجره مستعدة للقفز والهرولة تجاه والدتها وقالت بصوت عال للسائق : قـــف...قـــف...قــــف.!!يــــــــبع بـإذن الل
توقفت السياره بغتة والتفت السائق يتبرم من غاده ويهمهم ويغمغم بكلمات لم تسمعها...
التفت بعض الماره على صوت صرير عجلات السياره العالى ...والتفتت المرأه ....وكأن الكون كله يتوقف عن الحركه ...حين ظهروجهها وتحققت منه غاده بسهوله ......
تراخت يد غاده من فوق المقبض...اغلقت عينيها بالم وحسره ....فكانت خيبة الامل المعتاده.....ولم تكن هذه امها....كما لم تكن هذه المره الاولى التى تتخيل فيها انها تراها......
افاقت من شرودها حين سمعت صوت السائق العالى :هاااا هاتنزلى ولا ايه يا أنسه؟؟
هزت راسها واشارت له بالانطلاق مجددا...وانطلقت السياره..وبداخلها السائق يضرب كفا بكف وهو يغمغم و يهمس :المجانين فى نعيم
وغاده بعيونها المفتوحه عن آخرها التى لا تزال تتابع تلك السيده التى غابت عن مرمى البصر.... واختفت فى الزحام....كما اختفت امها منذ سنوات.......
مسكينة غاده.....لكم هى فى حاجة الى ام الان...!!
بالتأكيد كان حالها سيختلف كثيرا عما هى فيه الان....ولكن....غاده تعيش وتحلم...على امل ان تلقاها يوما ما...
عادت منهكة الى المنزل الذى ارتفعت من جنباته رائحة الدخان.....والعجيب غياب والدها من مكان جلسته المعتاد امام الشيشه ....هزت كتفيها ...وتنفست الصعداء فهى لا تريد ان تراه الان....فيكفيها ما تحمله من غضب بداخلها تجاهه.....
اسرعت على حجرتها التى جلس فيها اشقاءها يستذكرون ....
فقفز اشقاءها يرحبون بها ...فقالت بهمس وهى تشير نحو الخارج : هو فين؟؟
فقال الاخ الاوسط : عند عم سمير الكهربائى......
ثم اردف باسما :شوفتى ال حصل؟؟
فسارع شقيقهم الاكبر يقول :اتركوها تلتقط انفاسها ...ثم اخبروها
قلقت غاده وقالت :ماذا حدث؟؟
قال الصغير:بابا فجر التليفزيون ...بوووووووم
انفجر اشقاؤها يقهقهون ويتقلبون على ظهورهم فوق الفراش فى نوبة من الضحك المتواصل...
ابتسمت غاده واشارت لهم انها لا تفهم فقال كبيرهم : كان يريد ضبط الالوان فى التلفاز ولم ينجح ...فغضب وركل الجهاز فاصدر صوتا قويا وتحولت الشاشه الى اللون الاسود ههههههههه التليفزيون جاب جاز
ضحكت غاده لكلماتهم ...واحتضنتهم وهى تقول : طيب اوعوا يعمل كده فى الكومبيوتر بتاعكم بقى..!!
قفز اشقاءها ابتهاجاً...والتفوا حولها فاخبرتهم بانها ستشترى لهم الحاسب الالى الذى لطالما ارادوا اقتنائه...
اخرجهم صوت سعال والدهم الذى عاد حاملا التلفاز وهويسب عم سمير ويلقبه بالفاشل ....فاشاروا لبعضهم البعض بخفض اصواتهم حتى لا يستثيروا غضب والدهم اكثر.....
وقارب اليوم على الانتهاء.....ونام اخوتها الصغار بينما وقفت هى ككل ليله... تغسل الصحون المتكومه فى الحوض طوال النهار....فلا يوجد غيرها يقوم بهذا المهمه....انهت كل شئ بدقة وسرعه.....همت بالخروج من المطبخ فافزعها صوت والدها يشق سكون الليل يطلب منها ان تأتيه بقطعتين من الفحم المشتعل....اشعلتهما فى صمت ووضعتهما امامه...واخيرا وضعت راسها فوق وسادتها واغلقت عيناها .......لم تشعر انها نالت قسطا من النوم حين هبت فزعه على صوت جلبة وضوضاء شديده...فتحت عيناها ..فما رأت شئ...ما هذا الدخان السميك؟؟
ما صوت الطقطقات العالى .....ما هذه الحراره الشديده التى تستشعرها فى هواء الحجره؟؟
وارتفعت اصوات عاليه....:حـــــــــــــــر� �قه......حــــــــــــر يقه
هرعت تخرج من الحجره ...ومن خلفها اشقاءها يتعثرون .......ما هذا اتحلم؟؟
لا لم يكن حلم...كانت بالفعل السنة النار تخرج من اتجاه المطبخ...والجميع من الجيران يتعاونون فى اطفائها......؟؟
ترى ماذا حدث....؟؟؟؟
.................................................. ...........
انا فى انتظار باقى القصة ميدو وباقى من الزمن ثلاث ايام ونصف شيد حيلك فى القصة:x:x:x:x:x:x:x:x:x
كم من اخ عرفناه ...... وصديق الفناه
مضى به قطار الحياة ........وودعنا ورحل
ولئن عز فى الدنيا اللقاء .....ففى الاخرة لنا لقاء
البحث على جميع مواضيع العضو طيف الامل
حلقه جميله جدا محمد
ونحن في انتظار الباقي
جزاك الله كل خير
اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمينالبحث على جميع مواضيع العضو هبةالله
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)