قهوتنا على الانترنت
ابحث عن :  
صفحة 10 من 10 الأولىالأولى ... 678910
النتائج 91 إلى 96 من 96
  1. #91
    تاريخ التسجيل
    1 - 7 - 2009
    ساكن في
    فى قلب من تستحق
    العمر
    42
    المشاركات
    1,778
    مقالات المدونة
    11
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي


    الحلقتين الثالثة والعشرين
    والرابعة والـــعشرين

    بقلم \يمنى حسن حافظ



    خرجت حنان تهرول نحو الصاله التى افترشت ارضها والدتها ...بوجه شاحب ...وبين ذراعيها استلقى محمد الصغير ممددا غارقا فى دمائه .... وجسده الصغير يتشنج بحركه غير منتظمه .....وعينيه شبه مفتوحه ولكنها بيضاء.....ومن فمه تخرج تلك الفقاقيع من اللعاب ويصدر صوتا غريبا ....ومخيفا ......
    كان المشهد مرعبا بحق.....سقط قلب حنان بين قدميها ....التى لم تستطع حملها اكثر من ذلك فسقطت على ركبتيها وهى تقول بهستيريه : محمد.....يالهووووى ؟؟؟محممممممممممد..؟؟؟
    ابنى...ابنى ..يا ماما...ابنى راح ...
    ومن خلفها كان والدها يهرع نحو زوجته وهو يقول : لا اله الا الله ...ماله ؟؟ استر يا رب...
    فى حين ظلت الجده تصرخ : يا هيااااااام ......هاتى شوية بن ....الولد دمه هايتصفى....هاتى بن ياهيام...
    خرجت هيام وهى تستند على باب الحجره ...وتتثاءب وتقول بكسل : ايه ؟؟ فى ايه؟؟
    ثم ما لبثت ان شاهدت الموقف فصرخت وظلت تجرى هنا وهناك وهى تقول : محمد...يا حبيبى..
    كانت الاصوات عاليه والضجه صاخبه ....وفى لحظات توقف الطفل عن الحركه....وارتخت كل عضلاته ....صرخت الام...وصرخت حنان....وصرخت هيام.....
    الوحيد الذى تحرك بسرعه.... كان الجد الذى حمل جسد الطفل وهرع يخرج من باب الشقه مهرولا نحو الشارع ومن خلفه قفزت حنان بملابس البيت ....وبدون حذاء..ومن خلفهم كان الجميع يجرى ...ولكنهم توقفوا عند مدخل العماره ولم يستطيع احدهم ان يلحق بهم... حين كان الجد الاسرع و اوقف سيارة اجره وانطلق هو وحنان نحو المستشفى ......
    ...
    هرعا الى باب الطوارئ بالمستشفى .....واستقبلهم الاطباء بسرعه.....
    اخذوا الطفل من بين ذراع الرجل ووضعوه على السرير الخاص بحجرة الطوارئ التى ازدحمت بالاطباء والممرضات.....
    كانت حنان تشاهد وجه ابنها الصغير الذى مال الى البياض الشديد....وسال اللعاب من بين شفتيه بشكل كبير ....وتفصد جسده كميات كبيره من العرق ....وبردت اطرافه...
    ولا تستطيع ان تتخيل ان ما يحدث حقيقه.....
    وضعت يدها على وجهها وظلت تهز راسها فى ذهول.....وتلقى نظره على الطفل الساكن بلا حراك .. فتبكى....وتصرخ وتغمغم..... لقد ضاع الولد.....ضاع الاب....ضاعت حياتها....ضاع كل شئ....كل شئ
    ضاااااااااع كل شئ...........ضاااااااااااااااا� �ااااع....

    ثم فجأه .........
    عاد كل شئ.......ولكنه عاد مشوشا وغائما.......وما هذه الرائحه النفاذه....وهذه الاصوات والاجراس التى تدق؟؟ من هذه السيده التى تحدثها؟؟
    فتحت حنان عيناها عن اخرهما..... وهى لا تستطيع ان تتذكرآخر حدث.......
    فبعد ان ضاع كل شئ من ذاكرتها ...واسودت الدنيا وغامت....وغابت حنان عن الوعى ....سقطت على الارض فى منتصف الحجره......
    افاقت بين يدى الممرضات......
    فتحت عينيها كان والدها يقف عند حافة الفراش الذى لا تدرى متى ومن وضعها فيه.....!!
    محمد........هبت جالسة ....وهى تقولها بوهن....فين محمد يابابا...!!
    تلعثم الاب ...ونظر لابنته بعيون جزعه ووجه حزين وقبل ان ينطق بكلمه كانت الصرخه المدويه تنطلق من بين شفتى حنان.....

    .............................................


    جلست ساره فوق فراشها ....بكامل ملابسها منذ عادت من الخارج ......
    عادت محملة بكافة انواع المشاعر المتضاربه.....هذا شعور بالالفه نحو هذا الانسان الرائع
    هذا شعور بالخوف ان تفقده ......ذاك احساس بالحب الجارف نحو رجل لا تصدق انه يحيا بيننا....
    تلك مرارة احباط لانتهاء المقابله بهذه السرعه التى لم تكن تخطط لان تنتهى هكذا....
    لم يخرجها من افكارها غير دقات الهاتف المحمول برقم ماجد ...
    اعادها للواقع الذى نسته للحظات اجابت بصوت لم تستطع ان تخفى فيه نبرات الحيره : ايوه يا ماجد....
    قال بصوت ملهوف : ساره....؟؟؟مالك؟؟ فى ايه؟؟
    قالت بسرعه وهى تضحك : ايه؟؟ مالى ؟؟ زى القمر زى مانا ....
    قال بضحكات عاليه متقطعه : يخرب عقلك....نستينى ولا ايه؟؟
    قالت بسرعه : هو انا اقدر ....ها هاشوفك فين وامتى ؟؟
    قال بجديه : ايوه كده....هو ده الكلام....تحبى اجيلك ولا نتقابل فى مكان الاول؟؟
    صمتت ....ثم قالت بدلال : تيجى فين؟؟
    انا ساعه واشوفك عند الشركه ....ايه رايك؟؟
    قال : تمام ....انا بقى من دلوقتى واقف منتظرك....
    ضحكت ....ضحكات تقطر دلال وخبث ...
    وانتهت المكالمه......
    وقبل ان تتحرك لتغير ملابسها كانت والدتها تقتحم الغرفه وهى تقول : ساره....فى ايه؟؟
    تعجبت ساره من والدته وقالت : ايه؟؟
    قالت الام : لم اتعود ان تعودى من الخارج دون ان تقبلينى وتحدثينى الا لو كان هناك شئ يضايقك..!!
    قلبت ساره شفتيها وقالت وهى تزفر بصوت مسموع وتهدجت انفاسها وقالت دون حياء : حاااااااااااتم يا ماما...
    رفعت والدتها حاجبيها وقالت :حاتم ده ايه؟؟
    مالبثت ان تذكرت فقالت بسرعه :اوعى يكون الشاب اياها....الم نتحدث فى هذا الموضوع وطلبت منك ان تنسيه تماما.؟؟؟
    قفزت ساره من فوق الفراش وواجهت والدتها بتحدى : انساه؟؟ انا بحبه يا ماما ....بحبه...مش فاهمانى؟؟
    دقت الام بيدها على صدرها بعنف وقالت : يادى المصيبه...يا بنتى قولتلك ...اوعى تدى قلبك لراجل....الحب اكبر مصيبه تقع فيها البنت...الحب مذله ....قلبك ده لازم يكون ملكك انت لوحدك....
    قاطعتها ابنتها : ماما.....ارجوك ارحمينى ووفرى تلك المحاضره المعاده والمكرره لوقت آخر.... فلا وقت لدى لاسمعها....عندى ميعاد
    امسكتها والداتها من ذراعها وقالت بعنف : مش هاتنزلى....لو هاتقبلى الواد ده..
    سحبت ساره يدها وقالت بدلال وهى تقبل والدتها : لا تقلقى....ساقابل ا\ماجد ...هانشترى هدوم الشغل ....من محلات المهندسين الفاخره ...ايه رايك؟؟
    حكت والدتها رقبتها باظافرها الملونه وقالت : امممم المهندسين؟؟
    ثم جلست على حافة الفراش وهى تشاهد ابنتها تختار من دولابها ملابس لترتديها
    وقالت بخبث : ومين ال هايدفع؟؟
    قالت ساره بمرح :.صاحب الشركه ...ده راجل محترم وغنى جدا...وابن ناس اوى يا ماما......تصدقى هاجيب هدوم بكام؟؟
    مالت الامر براسها وقالت بشغف : هاااا بكام؟؟

    قالت ساره بطريقه ساخره : خمسة الاف جنيه ...فقط...!!
    شهقت الام وقالت :كاااااااااااام؟؟ خمس الاف جنيه؟؟ ليه هاتشترى ايه؟؟
    ضحكت ساره وقالت : كام بدله ...وكام تاييرات....وكل ما ارغب فى شراؤه.....ده ال اسمه بدل مظهر ...لانى ساكون واجهه للشركه ...
    نهضت الام وقرصت ساره فى وجنتيها وقالت : احلى واجهه ....
    ثم قالت وهى تغمز بعينيها فى حركه لا تناسب حديث ام لابنتها :متجوز صاحب الشركه ده؟؟
    ضحكت ساره وقالت : هاعرفلك كل التفاصيل....انا لا اغفل اهمية هؤلاء الكبار...
    طبعت والدتها قبلة بصوت رنان على وجنتها ومررت يدها بين خصلات شعرها وقالت بفخر :.كده انت صح...الفلوس ...والبرستيج....والقوه والمركز....والسلطه...هذا ما اريده لك.. هى دى بنتى..
    قاطعهن صوت سماح شقيقة ساره تقول بغيظ لم تستطع اخفاؤه : هى دى بنتك؟؟ وانا ايه؟؟ بنت الجيران؟؟
    ضحكت ساره محاوله اثارة غيظ شقيقتها :لا وانت الصادقه انت بنت ابوكى....
    تحركت الام بسرعه لتحتضن سماح وهى تقول بتوتر : انتى....طب دانتى بالذات حته من قلبى يا سمسمه....هااااا .....اخبار الدرس ايه؟؟
    دفعت سماح والدتها برقه وهزت راسها وقالت وهى تقذف بالكتب التى فى يدها على الفراش: عادى ....
    واكملت طريقها نحو جهاز الكومبيوتر وفتحته وجلست دون اهتمام ...ومن خلف ظهرها كانت ساره ووالدتها تتحدثان بالاشارات ......هذه الوالده تشير اشارة لساره معناها ان تصمت ولا تستثير غيظ شقيقتها اكثر من ذلك....
    ولوحت ساره لوالدتها بدون اكتراث واشارت اشارة اخرى تدل على ان شقيقتها مجنونه ....
    ولكن ما لم تتوقعه اى منهما ان سماح ترى انعكاس كل هذه الاشارات على شاشة جهازها الذى لم تكن شاشته قد اضيئت بعد....فصرت على اسنانها وهى تحاول كتمان غيظها ....او ان صح القول ...حزنها.....فهى تشعر بالضياع بين والدتها وشقيقتها.....اما والدها فلا وقت لديه لها....اما يتحدث فى الهاتف يجرى اتصالات تخص اعماله ...,اما نائم يرتاح من عناء اليوم ....اما مسافر عند زوجته واولاده بالاسكندريه ...وهذا ما يحدث معظم ايام الاسبوع....
    يالساره المدللـه ....دوما تحظى على انتباه الجميع ...دوما تنال ما ترغب....دوما هى المفضله والاولى ...والاهم.........اما هى...فلا احد يلاحظ غيابها من تواجدها....لا احد يشعر بها....لا احد..!!
    الا صديقها الوحيد ....جهاز الكومبيوتر....وشبكة الانترنت الساحره....بين صفحات المواقع وغرف الشات ....تجد نفسها وتجد الاهتمام....تجد ما تفتقده...فى حياتها...

    ..................................................

    هزها الطبيب بعنف وهو يقول بصوت عالى : اهدئى.....اهدئى قليلا....ابنك بخير يامدام...فى ايه؟؟
    افاقت من هستيريتها...وحاولت الاعتدال .....فقال الطبيب للممرضات :خذوها لتطمئن على ابنها....حتى تهدأ.....
    كانت حنان فى اسوأ حالتها......ضعيفه ....منهكه.....مفزوعه.....قلبها يتمزق رعبا على ابنها...
    كان الطفل يرقد فوق الفراش....وقد لف راسه بالشاش الابيض....وبدا وجهه وكأنه صغر فى الحجم ......احتضنته والصقت اذنيها بصدره غير مصدقة انها تسمع نبضات قلبه الضعيفه .....قبلته قبلات كثيره ..
    حاولت الممرضه ان تبعدها عن الطفل وهى تقول : بهدوء حتى لا يستيقظ ..... اتركيه يرتاح فهو نائم الان.....سوف يصبح بخير ..لا تقلقى....
    نظرت اليها حنان ببلاهه ....ولم ترد عليها ...
    فقالت الممرضه : الف سلامه عليه ....كان الجرح كبير ...تم خياطته ست غرز.. وقبل ان تتكلم كان الطبيب ذو الوجه الخالى من التعابير يقف عند حافة السرير ويتساءل بهدوء: انت والدته؟؟
    هزت حنان راسها ....
    القى نظره سريعه على الطفل وقال بلهجة طبيه واثقه : بسيطه ان شاء الله...الجرح نظيف...والغرز ستسقط تلقائيا خلال عشرة ايام...ولكن حالة المخ هى ما نريد التحدث عنها ...
    زاغت عينا حنان.....الن ينتهى هذا الكابوس الذى تحياه ؟؟
    قالت بصوت مرتجف : مخ؟؟
    قال الطبيب بجديه وبسرعه غير مهتما برد فعلها : نعم موضوع الصرع الذى يعانى منه...ما هى الادويه التى يتعاطاها؟؟
    صكت حنان وجهها بعنف وقالت مكرره كلام الطبيب : صرع؟؟؟
    قال الطبيب بتأفف واضح : من فضلك يا مدام اهدئى قليلا...... لنا الان ساعتين واكثر لا نستطيع ان نتفاهم او نتحدث معك..وكما اخبرت السيد الوالد بالتشخيص..
    ولا تقلقى فقد تم اجراء التحاليل والفحوصات ...والاشعه ...اللازمه كلها .... هو الان ينال قسطا من الراحه.....وتستطيعى ان تأخذيه الى المنزل فى اى وقت....فهولايعانى من شئ خطير..
    ثم عدل من نظارته الطبيه ....وقال بلهجة تخلو من اى انفعالات : مجرد بؤره صرعيه نشطه بالمخ .....حاله "ايبيليبسى" واضحه.... او كما تسمى حاله من حالات الصرع.....يجب اجراء رسم مخ تفصيلى ووصف العلاج المناسب لحالته حتى لاتهاجمة النوبات ويسقط مصابا بجرح او بكسر كما حدث اليوم....وبالطبع مراقبته وملاحظته و الاهتمام بمواعيد العلاج والنوم والراحه..
    دعينى ارشح لك اسم طبيب النيورو لعمل اشعه eeg ....تابعى معه الحاله....
    قالهاو مد يده بكارت خط عليه بسرعه وبخط غير مقروء اسم لطبيب ورقم هاتف....ووضع القلم فى الجيب العلوى من المعطف الابيض وانطلق نحو باب الحجره وهو يمازح زميله المنهمك فى كتابة وصفه طبيه لمريض يعاينه.....
    تاركا حنان مع الممرضه...فالتفتت اليها وقالت بشرود: نيورو؟؟ ايه؟؟
    ابتسمت الممرضه وقالت : طبيب المخ والاعصاب المتخصص فى حالة ابنك....حمدالله على السلامه يا مدام... على فكره انا كنت مع محمد...ولم اتركه لحظه.....
    تلفتت حنان حولها وسالتها بلهفه :اين والدى؟؟
    قالت الممرضه وهى تضغط على الحروف بضيق لان حنان لم تفهم ما تقصده : حضرته فى الحسابات ...والف سلامه حضرتك ....ربنا يفرحك بمحمد....
    هزت حنان راسها مره اخرى ....فما كان من الممرضه الا ان قلبت شفتيها ورحلت....
    وقفت حنان تحدث نفسها....وتتكلم بكلمات غير مفهومه ...
    انتفضت ذعرا و شهقت حين وضع والدها يده على كتفها برفق........التفتت وما ان رات وجه والدها حتى انهارت بين ذراعيه باكيه....
    فما كان من الاب الا ان ربت على راسها ....وقال بحنو وحزن : امر الله يا بنتى....الحمد لله...
    وفى عقله يتمنى ان تفيق ابنته من احزانها وقوقعتها وتنتبه لاولادها.....وتبدأ فى تغير اسلوب حياتها الغير منظم.....فليست الاول او الاخيره التى تطلقت وعادت الى بيت والديها.....!!
    فهل ستفيق حنان قبل ان تخسر شيئا آخر غير زوجها؟؟
    ................................................

    لم يغمض لها جفن طوال الليل.......ظلت تتقلب فى فراشها .....فتح والدها باب الحجره واطل ليطمئن عليها هى وشقيقتها نوران التى غطت فى نوم عميق....
    ما ان فتح الحاج عبد الرحمن باب الحجره حتى التفتت ندى ....فخطا بهدوء وجلس على طرف فراشها وقال بصوت عميق :اما زلت مستيقظه يا ندى؟؟
    هزت راسها ولم تجبه فقال :اشعر بك طوال الليل حبيبتى ....لا تحزنى....
    قالت بصوت حزين :قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا يا ابى لكنى اتعجب من اسلوب ا\ جيهان ...فانا لم اسعى لاى مناصب وكان كل همى الاخلاص فى العمل....وقد فاجأتنى الاستاذه الهام حين اخبرتنى بقرارها فى شغلى منصب استاذه جيهان....

    قال والدها بحب : حبيبتى ان كل شئ فى حياتنا قدر ونصيب....ورزق مكتوب....
    طالما لم تسعى فى اخذ مالا يحق لك فلا تلقى بالا لاى شخص مهما كان منصبه....
    سيفرج الله همك ان توكلت عليه .....ومن توكل على الله فهو حسبه
    صمتت ثم قالت وقد ترقرقت الدمعات بين جفنيها : ونعم بالله .....اتتخيل ان أ\جيهان تقول انى خبيثه وان أ\نوال حذرتها منى ...لقد كنت انتوى زيارة ابنتها اليوم بالمستشفى ...ماذا افعل ؟؟
    قال والدها :ندى ....هونى على نفسك ...هل تنتوين زيارتها لانها ناظرتك؟؟
    قالت بسرعه : لا والله فالله يعلم كم انا حزينه لما اصاب ابنتها ولما اصابها ...وان زيارتهما ابتغاء وجه الله تعالى.....
    قال : نعم اعرف .....لكن حاولى جعل زيارتك لها بشكل غير شخصى ....بمعنى ان لو هناك مجموعه من زميلاتك ذاهبات اذهبى معهن ...حتى تخرجى نفسك من زاوية ان تفهم زيارتك على انها تودد لها لانها ناظرتك...
    هزت راسها وقالت : نعم يا ابى هذا شئ لم اغفل عنه بالطبع ...سنكون مجموعه من المدرسات ...
    قبل الرجل ابنته فى جبينها وقال : اذن على بركة الله ولا تخشى شيئا....
    نهض من جلسته وقال : هيا ايقظى نوران.... امكما بانتظاركما لتصليا جماعه الفجر ...سنكمل حديثنا بعد عودتى من الصلاة باذن الله....
    ازاحت الغطاء ونهضت وقبلت كف والدها وقالت بحب :لا تنسانى فى الدعاء يا ابويا الحاج عبد الرحمن...
    ضحك والدها وقال : ولا تنسينى انت ايضا فى الدعاء يا ندى....
    وخرج مسرعا ....تاركا ابنته توقظ شقيقتها ...وهو يدعوا لها فى قلبه .....فهذه الفتاة بالذات تثير شجونه ....فهو يعرف انها مثل باقى بناته رقيقه وبريئه الا انها تختلف فى انها ستكمل عامها الثلاثه والثلاثين عن قريب ولم ياذن الله بعد بزواجها وفى نفس الوقت يتقدم الخطاب لشقيقتها الصغرى ....كم يتمنى لو اطمئن قلبه عليها....رغم انه مؤمن بان كل شئ نصيب وان نصيبها لم يحن بعد ....الا انه تمنى من الله ان يرزقها الزوج الملتزم الحنون الذى ان أحبها اكرمها ..
    واذا اختلف معها ....لم يهينها....ترى اين يجد مثل هذا الرجل؟؟

    .................................................. .

    رقد حاتم فوق الاريكه بالصاله ...تاركا حجرته لاولاد عمته ليقضوا فيها الليل ....فكان القلق المسيطر عليه سببا كافيا لان يجعل النوم يجافى جفنيه....فلم تذق طعماً للراحه طوال الليل....
    لحظات غريبه قضاها ما بين افكاره....وبين مشاعره ...
    فمنذ عاد من مقابلته لساره تلك وهو شارد ...عقله يكتظ بكافة الافكار....يستعيد كلماتها المسممه كلمة ..كلمه...
    ايعقل هذا؟؟
    اهذه شقيقته؟؟
    هذه افكارها واتجاهاتها؟؟
    سمع ورأى فساد الفتيات....عرف الكثير عن اساليب الفتيات حين يردن فعل اى شئ...
    يعرف جيدا ان الفتاة قد تفعل اى شئ حين تريد ذلك....لن يوقفها اى شئ.....لن يوقفها الا الايمان بالله ....والحياء.....وصوت الضمير ....
    هل اهتز ايمانها؟؟؟ اين ذهب حياؤها؟؟؟ امات فيها ضميرها؟؟؟
    كيف يتصرف؟؟
    ايواجهها بما سمع من ساره ....ويجازف بان تخرج شقيقته من تحت عباءة حياؤها من شقيقها؟؟
    فماذا سيحدث حين يخبرها ولا تبالى؟؟
    امن الممكن ان تصير شقيقته مثل تلك الفاسدات الاتى تعثر بهن فى طريق حياته ؟؟
    ماذا يفعل؟؟
    هل يصمت ويراقب تصرفاتها ويتدخل فى اللحظه الحاسمه؟
    وهل ما ستقدم هدير على فعله يحتمل الانتظار؟؟
    لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم....قالها بصوت خرج حزينا....تنفس بعمق...واغلق عينيه محاولا وقف سيل الافكار من الانهمار ولكن هيهات...فعقله يكاد ينفجر ...
    الله اكبــــــــــــــــــــــ ــــــر .......الله اكبـــــــــــــــــــــر
    انطلق آذان الفجر يشق سكون الليل....يرتفع فى سماء اتشحت بالسواد.......انطلق مناديا ..حى على الصلاة....حى على الفلاح..انطلق مردداً الصلاة خير من النوم...انطلق كطوق نجاة لحاتم الذى نفض نفسه بهمه ...وهب واقفا...
    توضأ وخرج متهاديا ...شاردا ....هابطاً درجات سلم العماره متجها نحو المسجد...
    اخرجه من شروده صوت تمتمات وهمهمات بذكر الله بصوت رخيم عذب تاتى من خلفه...
    التفت بعفويه فكان الحاج عبد الرحمن والد نوران وندى
    توقف حاتم ومد يده مصافحا له بقوه ..:السلام عليكم يا حاج عبد الرحمن
    قال الحاج عبد الرحمن بابتسامته المريحه : وعليكم السلام يا حاتم...اين كنت اليومين الماضيين لم ارك فى الفجر...عسى المانع خيراً..
    ابتسم حاتم وقال :لا يا حاج كنت اذهب للمسجد الكبير فى الميدان...والشيخ محمد شفيع صوته هادئ وخاشع فى القراءه..والدعاء...
    هز الرجل راسه وقال مربتا على كتفه :ماشاء الله...بالفعل الحاج شفيع ماشاء الله عليه...هيا لنذهب معا ....بارك الله فيك يا ولدى...
    وهرع الرجلين يسارعا الخطا للحاق بصلاة الجماعه ....
    برغم من شعورحاتم بضيق شديد فى صدره....وثقل لا يستطيع ازاحته فما يحملة من هم يكفى الكون باكمله...او هكذا شعر..ولكن مجرد ان خرج من بوابة العماره ولفح وجهه هواء الفجر المنعش وخطت اقدامه بخطوات مسرعه نحو المسجد...نحو حضرة ربه .....فزال عنه ذلك الشعور بالتشوش والضيق.....نعم فوقوفه بين يدى الله ... كفيلا بإزاحة الهم والغم عن قلبه...
    فلمن سيلجأ ....فكما اعتاد ....سيلجأ لمن لا يرده خائبا ابدا.......سيلجأ لله عز وجل..
    ...............................................


    كانت النيران قد التهمت نصف اخشاب المطبخ الخاص بشقة غاده.....قبل ان يتمكن الجيران من مساعدتهم فى اطفائها ......
    جلست غاده على الدرجات تراقب الموقف وهى تحتضن شقيقيها الصغار فى حين وقف والدهم يصرخ بقوه : فين المطافى؟؟
    فرد عليه احد الجيران : تكون الشقه ولعت على بال ما يجوا...خلاص احنا طفيناها ....
    تعاون الرجال من الجيران فى اخراج محتويات المطبخ المحترقه والمبتله بالماء ....فى حين صرخ احدهم وهو يجر جوال الفحم على الارض لاخراجه من باب الشقه : النار ماسكه فى شوال الفحم....دى ممكن تولع تانى..هاتوا جردل ميه هنا....
    نظر والد غاده للجوال ....وعض على اصابعه بشده......
    فهذا الجوال بالذات هو سبب المصيبه التى حلت ببيته ....
    نعم .....هو السبب ....
    ياله من رجل عديم التفكير.....فيم كان يفكر حين احضرت له غاده الفحمتين المشتعلتين ....وراى ان احداهما تكاد لا تشتعل ....!!
    قفز من مقعده وهو يسب ابنته الكسوله التى القت له بالقطعتين وهرولت تدخل حجرتها لتنام ....انها تخدمه بشكل سئ...... تستحق ان يصفعها حقا.....
    اشعل النار فى قطعة فحم اخرى وقذف بالقطعه التى اعتقد انها غير مشتعله واعادها الى الجوال الموجود اسفل الحوض بجوار سلة المهملات....واكوام الصحف القديمه.... وخرج نحو الشرفه وجلس يدخن شيشيته هناك بهدوء......
    يبدو ان القطعه احرقت جزء من الجوال ...وصنعت ثقب ...سقطت منه فوق كومة الصحف القديمه .....واشتعلت .....وامتدت النار بسرعه نحو باقى المطبخ ..........نيران..........نيران تحرق المطبخ.....تنفث ادخنتها السميكه نحو حجرات النوم.....السنة اللهب تخرج من المطبخ نحو الخارج .....
    لولا السيده يسريه جارتهم التى استيقظت كعادتها فجرا ورأت النيران المشتعله من نافذة مطبخها فايقظت زوجها و الجيران بصراخها العالى....
    لولاها لاشتعلت الشقه باكملها ....ولكانت غاده واشقائها ووالدهم الان يرقدون جثثا متفحمة ....
    اخرجه من شروده صوت الرجل الذى اخرج الجوال حين قلب كفيه بصوت عال وقال : الحمد لله يا اخوانا....جت سليمه الحمد لله..
    فى حين انحنت الست يسريه تقبل رأس غاده بحنان وتهمس وتقول : الحمد لله يا بنتى....حصل خير ...طيب امك قاعد لكم يا غاده ...عملها الطيب قعد لكم يا ضنايا...
    عند هذه الكلمه بالذات انفجرت دموع غاده التى لم تسقط من زمن بعيد ....حقا ...فوالدتها كانت اطيب شخص قابلته فى حياتها....كانت محبة وودوده وخدومه...كانت وكانت....ولكن اين هى الان؟؟؟
    اخرجها من شرودها صوت والدها يقول بغلظة شديده وهو يصفق بكفيه ويشير للناس : كفايه بقى....خلاص يا اخوانا ...المولد انفض ...كل واحد على شقته بقى خلينا نشوف حالنا...بالسلامه ...
    نظر الجيران لبعضهم بضيق شديد ...وتحرك الجميع تاركين الرجل الناكر للجميل الذى لم يشكر احدا من جيرانه....وهم يغمغمون بضيق عن انه لم يتغير ...ولا يزال متعجرفا وسخيفا كما كان ...
    نظرت غاده لوالدها بغضب شديد....ونهضت من جلستها ....ومسحت دموعها بسرعه وشدت يد اشقائها وقالت بحزم : هيا الى الداخل ...كفانا فضائح...
    فتح والدها عينيه بغضب شديد وامسك بها من كتف جلبابها وهى تدلف من باب الشقه وقال بعنف : فضايح ايه يا بت؟؟ بتقولى ايه ؟؟
    هربت من قبضته بعنف وصرخت فى وجهه دون وعى : حراااااااااااااااااااام عليك بقى .......حراااااااااااااام حرااااااااااااام .....
    الا تشعر بنا؟؟ الا ترى ما وصلنا اليه بسببك؟؟
    ليتك انت الذى ذهبت بلا رجعه.....ليتك انت الذى اختفيت بدلا منها....!!
    قالتها وهرعت تدخل نحو حجرتها وتلقى بنفسها فوق الفراش وتدفن وجهها فى الوساده ومن حولها جلس اشقاؤها يبكون دون صوت ...يربتون على كتفها ...فقد قالت ما يشعرون به..ولم يجرؤ اى منهم ان يقوله....
    ياللفوضى التى يحياها هؤلاء المساكين.....كان والدهم سيتسبب فى ان يدفعوا حياتهم لقاء اهماله وعدم اكتراثه ............
    فهل يفيق والدهم ....هل يتغير .....هل يعود للواقع ويرى ما يحدث من حوله؟؟؟

    ........................................
    ارتفع صوت الامام بالدعاء...
    اللهم اهدنا فيمن هديت
    آآآآآآآآمين........
    وعافنا فيمن عافيت
    آآآآآآآآآمين.........
    وتولنا فيمن توليت
    آآآمين
    فانه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت
    يا الله...
    تباركت ربنا وتعاليت
    يا الله.......
    .يالله.......
    نستغفرك اللهم من كل ذنب وخطيئة ونتوب اليك
    يا الله..
    انت الغنى ونحن الفقراء اليك...
    يا الله ......
    كلمات ترددت اصداءها فى جنبات المسجد ....كلمات خرجت بصوت المصلين الهادروالخاشع...يشق السكون ويهز جدران المكان....
    غامت كل العيون بدموع العباد الفقراء الى الله ...وخرجت الكلمات من بين شفتى حاتم...بصوت باك مستجير..بدمع خاشع يدفق من بين جفنيه.....
    ذاب فى حالة من الروحانيه والشفافية الممتعه....استعذب الدمعات التى سقطت بين كفيه المرفوعين بالدعاء....تغسل وجهه و روحه وتطهر نفسه....تزيل عنه عناء افكار ضجت بها رأسه..
    تأخذه الى ذلك العالم الذى يسبح فيه متحررا من امور الدنيا المزعجه....تعلوا روحه....وتصفوا نفسه ...ويكتنفه النقاء وتقشعر خلجاته بخوف وحب لله عز وجل...
    وانتهت الصلاه...وانهى كل من الرجلين تسبيحهما....واذكارهما..
    التفت الحاج الى حاتم وقال فى طيبة وهدوء وهو يمد يده بالمصافحه :تقبل الله ...
    فشد حاتم على يده وقال : تقبل الله منا ومنكم...
    ماشاء الله عليك يا بنى ربنا يحميك ...قالها الرجل ...
    هز حاتم راسه قائلا:جزاك الله خيرا ....
    نظر الحاج عبد الرحمن لحاتم باعجاب وفخر ....فهذا الشاب تحول فى وقت قصير من شاب عادى الى رجل ناضج ملتزم....لا ينسى ابدا شغفه لتعلم كل شئ عن دينه....لا ينسى ابدا صوته الباكى فى الخشوع حين يقرأ القرآن .....حين كان يعلمه احكام التجويد....يااااااه لكم يتمنى رجل مثله زوجا لبناته...!!!
    ولم رجل مثله؟؟ وهو موجود....ولم يخطب بعد؟؟
    كان حاتم فى نفس الوقت يفكر ...وقد عزم امره فهو يرتاح للحاج عبد الرحمن ..ويحب الحديث معه لحكمته وعقله وهدوءه فلا ينسى ابدا وقفته بجواره فى بداية طريقه للالتزام.....كان يجلس معه بعد صلاة كل جمعه يحدثه ...ويجيبه عن اى تساؤلات تشغل عقله ....ويرشده الى طريق البحث والقراءه والتفقه فى امور الدين باسلوب عذب ومحبب ومريح .....نعم فان كان لاحد فضل على حاتم بعد الله عز وجل .....فهو الحاج عبد الرحمن.....
    قال حاتم بجديه : حاج عبد الرحمن ....اريد ان استشيرك فى امر ...واتمنى الا يزعجك..
    التفتت اليه الرجل ليخرج من شروده ويرد مبتسما : خيرا ان شاء الله...
    تردد حاتم ثم قال بهدوء :لقد علمت اليوم بفعل سيئ سيقدم عليه اخ وصديق يهمنى امره....وهو فعل يغضب الله ...ولا اعرف كيف انصحه واعيده الى رشده....دون ان ينفر من كلماتى ..
    صمت وتهدجت انفاسه ...ابتلع لعابه بصعوبه....فكم يؤلمه هذا الحديث..ولكن..لابد ان يجد حلا..
    ربت الحاج على كتف حاتم بكف ابوى حنون وقال : لاحول ولا قوة الا بالله ...اولا كيف علمت بامر ما سيفعله صديقك هذا؟؟ فتذكر يا بنى قول الله عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"..صدق الله العظيم
    فهل رايت فعلا صريحا او دليلا قويا على ذلك الامر؟؟

    هز حاتم راسه وقال بسرعه :لا...استغفر الله من الظن...
    لقد اخبرنى صديقه الحميم وافضى الى بسره خوفا عليه ورغبة فى اثناؤه عن ما يعتزم القيام به من خطأ فى حق نفسه والـــ.....
    ابتسم الرجل بهدوء وقال: قال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"
    صمت حاتم وتداعت فى راسه الافكار ...لكم يرتاح لفكرة ان ساره تكذب...ولكن هناك دوما احتمالات ان تكون صادقه...!!
    قاطعه الحاج عبد الرحمن افكاره وتساءل: وكيف يفشى هذا الصديق سر ائتمن عليه؟؟
    ولم يطلب منك انت بالذات التدخل؟؟
    لو كان حقا صديق حميم كما يدعى كان الاولى به الا يفضح السر وان يقوم هو بنفسه بمحادثة صديقه اولا...
    صمت حاتم فكيف سيفسر اهمية ان يعلم هو هذا السر؟؟
    فتفسير هذه النقطه بالذات ستكشف امرا يخص شقيقته...
    قال الحاج عبد الرحمن بصوت هادئ ووقور: حاتم...انا طبعا افضل دوما الطريق المباشر
    الا ان امر صديقك هذا حساس ويصعب ان تقوم بمصارحته مباشرةً بما تعرف...لذلك ارى ان تنصحه بطريقه غير مباشره...ولكن فى صميم ما تريد ايضاحه له...
    وفى النهايه عليك ان تنصحه...لا تتركه دون مساعده ....ولكنك لا تملك ان تتصرف بدلا منه...او ان تتاكد من انه لن يقوم بفعلته بعد نصيحتك له...هذا واقع لابد ان تعترف به........
    عض حاتم على شفتيه ...لكم يتمنى لوان الموضوع بهذه السهوله....او ان هدير ستستمع اليه ولا تقوم بما تفكر فى فعله ..يااااااه .....ليته يستطيع ان يصل الى قلبها وعقلها والاهم .....الى ضميرها....

    .................................................. .....

    خرج ياسرمن المستشفى صباحا وعاد الى المنزل و على وسادته اسند راسه ومد قدميه امامه وبجواره جلست والدته امسح على راسه بحنو ....فى حين وقف والده بجوار المكتب الذى تراصت عليه اسطوانات وجهاز مشغل الاغانى بشكل فوضوى يهز قدميه فى عصبيه.........
    كلى آذان صاغيه: بجديه قالها والده الاستاذ جمال
    فى حين قالت والدته : مش دلوقتى يا جمال ....يرتاح الاول ......الولد تعبانـــــــ...
    قاطعها بحزم لا يحمل مجالا للشك انه فى حاله لا تسمح بمعارضته :لاء ....دلوقتى وحالا ولازم افهم كل حاجه....هانستنى ايه تانى ...هه؟؟
    هنا قال ياسر بصوت خفيض :بابا....مش عايزك تزعل منى....
    قال الوالد وقد خفق قلبه برعب وحاول ان يظهر التماسك :قول يا ياسر....عايز الحقيقه من فضلك..
    انا ابوك يا بنى...محدش هايخاف عليك اكتر منى....
    ابتلع ياسر لعابه بتوتر ثم نظر لوالدته بحزن ....فوضعت يدها على صدرها وهى تحاول تشجيعه
    قال :تعرف يا ابى انى اتصفح النت والمواقع المختلفه...
    زفر الاب بتوتر ....وقال بصوت خرج مرتجفا دون ان يدرك :اعرف..!! اكمل....
    قال ياسر:منذ شهرين استقبلت على الايميل اضافه من مؤسسه نقديه من خارج مصر تعنى بزيادة دخل الشباب عن طريق النت ...
    ابتلع الرجل لعابه بصعوبه وهز راسه بحركه متتاليه وقال :ها......ثم؟؟
    اكمل ياسر :كان كل المطلوب هو و عمل تحويلات من حساب لحساب آخر بعد ان اعطونى الارقام الخاصه بحساباتهم فى بنوك خارج مصر وكلمة السر للولوج الى هذه الحسابات.......او شراء بعض تذاكر الطيران وعقد الصفقات البسيطه من التسوق عبر الانترنت.....نشاط يتم تحديده اول باول ....كانها مهمه حين انتهى منها يكلفونى باخرى....عمل سهل وبسيط ويتم فى ثوانى ومن جهاز الكومبيوتر المحمول ومن اى مكان.....ونتائجه مربحه جدا....
    فحين اتم عدد معين من التحويلات يتم اضافة مكاسب ماليه بالدولار الى حساب خاص بى تم انشاؤه على النت ايضا....
    ضرب الرجل بقبضته على طرف المكتب الذى يقف بجواره وقال بصوت عالى : عملية نصب؟؟
    شهقت والدة ياسر وقالت :نصب ايه؟؟ بتقول ايه يا جمال ؟؟
    التفت اليها وقال :عملية نصب يا هانم..........ها كمل يا ياسر....حد منهم كلمك؟
    هز ياسر راسه وقال :نعم ....ارسلوا لى ايميل يفيد بان ما تم هو عملية سرقه الكترونيه منظمه واننى اعتبر مشترك فيها ولكن دون ان ادرى وانهم سيرسلون معلومات الى المباحث المصريه المعنيه بجرائم النت لكشفت امرى فى حال لم ادفع لهم مبلغ من المال.....والمبلغ كان كبير لا يغطيه مصروفى ففكرت انــــ....
    كاد الاستاذ جمال يقفز فى مكانه من فرط توتره ورعبه....وقال بصوت خرج محشرجا :يانهار اسود....ازااى؟؟
    كانت والدة ياسر تشعر وكانها فى حلم ...لا تصدق ما تسمعه من بين شفتى ابنها....جرائم نت؟؟
    مؤسسه من خارج مصر؟؟ لقد سمعت عن هؤلاء الشباب الذى تم القبض عليهم من فتره قصيره وتم اتهامهم بالقرصنه الالكترونيه والتى يتعاون فى التحقيق فيها المباحث الفيدراليه الامريكيه ومباحث المعلومات المصريه ....ايكون مصير ابنها مثل مصير هؤلاء الشباب الذى لم يتجاوز عمر اى منهم اربع وعشرين عاما...يالها من مصيبه...
    مصيبه .....قالتها والدة ياسر
    فى حين تحرك الاب فى الحجره كنمر حبيس وقال بعنف :هاعمل ايه؟؟ اعمل ايه يا ياسر ؟؟ ليه كده ؟؟
    ثم شرد قليلا وقال :كنت بتدخل من جهاز البيت؟؟ ولا المحمول بس؟؟
    قال ياسر بسرعه :مره واحده من جهاز البيت ...ولكن الباقى من أى سايبر....او الجهاز المحمول ال اتسرق....
    زفر الاب وقال وهو يغادر الحجره : طيب ربنا يستر ....مش عايزك تتكلم مع حد فى الحكايه دى خالص ....سمعت؟؟وانا هاشوف ممكن نتصرف ازاى..!!
    فى حين هرولت من خلفه زوجته وهى تقول بصوت اشبه للبكاء : هاتعمل ايه يا جمال ؟؟
    هاتعمل ايه؟؟
    اغلق ياسر باب الحجره عليه ورفع سماعة الهاتف الارضى وضغط الازرار بسرعه ..
    ورسم ابتسامة ماكره على شفتيه .....وقال بمرح لكن بصوت هامس : ايوه يا عم......اه كنت متخدر هههههه
    .....لاء كله تمام.....طب اسكت بقى....انا اتسرق كده؟؟
    ............ والله البنت جريئه جت معايا لحد تحت البيت
    ....لاء خالص ده حتى شكلها شيك .....بس طلعت فى الاخر حراميه... يلا مش مشكله
    ......ايه؟؟ اهلى؟؟ زى ما قولتلك وطبعا صدقوا....امال ايه يابنى هو انا بالعب....ده انا مثقف اوى
    .....لاء يا عم ابويا يعرف ازاى؟ ...بلاش فقر بقى.....
    الفلوس هاتبقى معايا كمان يومين....بس طبعا ناقصه ....ظبط انت بس
    .....لازم نحضر الحفله دى بأى شكل....شوفتلى عدة محمول مستعمله؟؟
    يابنى مش نافع ابقى من غير تليفون كده ....البت بتاعتى هاتموت عليا بقالى يومين مكلمتهاش
    ......لاء ....مش هاقدر اروح فى حته ....يومين بس اهدى ابويا
    ....طيب...طيب....يلا سلام بقى ...صدعتنى يا عم ....
    واغلق الهاتف.....واحتضن وسادته ..........واغلق عينيه واسلم جفنيه لنوم هانئ........غير عابئ بالمصيبه التى يحياها كل من والديه قلقا على ابنهم الفاسد.......

    .............................................


    ارتفعت الشمس فى السماء معلنةً اقتراب صلاة الظهر ليوم الجمعه .....وفى ارجاء شقه الاستاذ مدحت كانت طقوس الافطار المعروفه تجرى على قدم وساق......
    خرج حاتم من الحمام ....حاملا منشفته ....بعد ان اقتنص فرصة استيقاظه قبل الجميع ....حتى يستطيع ان يأخذ دشاً ويجهز للصلاه....
    ومن خلفه ارتفع صوت كريم واكرم كل منهما يزاحم الاخر ويقفزان نحو المنضده المعده للافطار فقال كريم : ايوه الطعميه السخنه....
    فى حين اردف اكرم : ايوه الفووووول الطازه....
    قال مدحت وهو يخرج من المطبخ حاملا طبق بيده : والباذنجان بالخل والثوم ...معلش بقى انا فى الاكل ما اعرفش ابويا ......يلا يا اخوانا نلحق ناكل لقمه قبل الصلاه...انا مش هاستنى حد..
    ومن المطبخ خرجت منيره حامله صينية الشاى وهى تقول : ايه يا مدحت؟؟ فى ايه يا هناء ياختى انتى حارمه اخويا من الاكل ولا ايه؟؟ده من امبارح بيقول جعااااان...
    ربتت هناء على كتف زوجها وقالت بابتسامه : جبتلنا الكلام يا استاذ مدحت....انا مش قد منيره وعتابها ...
    فقال : متجوز هناء الطباخه الماهره ....واختى منيره مفيش فى طعامة اكلها ...لازم نفسى تبقى مفتوحه على طول....
    وضعت نهال الخبز الطازج وجلست وبجوارها هدير التى تأوهت وهى تجلس ...
    سيب التليفون ده وتعالى افطر يا حاتم : قالتها العمه منيره
    فجلس حاتم بعد ان وضع الهاتف المحمول من يده على المنضدة الصغيره ......وهو يتحاشى النظر لوجه شقيقته......ولكن كان لابد ان تلتقى العيون بشكل او بآخر.... ولكن ما راه من شحبوب وجهها...وعيناها التى تنطق بالمعاناه من شئ ما اطلق الافكار فى عقل حاتم ....فما بالها هدير اليوم؟؟؟؟

    انشغل الجميع بالطعام .....الا هدير لم تمتد يدها لتلمس الطعام.....
    حتى فاجأتها عمتها بان ربتت على كتفها وقالت : ايه يا دودو مش بتاكلى ليه؟؟ يلا يا حبيبتى كلى..
    ابتسمت بشحوب ومدت يدها وتناولت رغيف الخبز وامسكته بوهن وهى تقول : لا شئ....حاضر يا عمتى .....
    امسكته بكلتا يديها وهى تحاول ان تقطع جزء من الرغيف الا انها اطلقت آهة مكتومه سقط على اثرها الخبز من يدها على المائده...
    التفت اليها والدها وقال :ماذا بك يا هدير؟؟
    فى حين رفع حاتم عينيه دون ان يرفع رأسه ونظر اليها مستطلعا الامر....
    فقالت والدتها بسرعه : اهى يدك مره اخرى؟؟
    هزت هدير راسها واسندت يدها اليسرى بيدها اليمنى ....ثم فتحت كفها الذى ظهر فيه تورم واحمرار مكان الجرح الذى كانت قد اصيبت به يوم المظاهرات و تم خياطته ...
    جزعت منيره وهى ترى الكف المتورم ...وقالت بفزع وهى تمد يدها بعفويه لتمسك يد هدير:ايه ده؟؟ الجرح متلوث؟؟
    هنا هبت هدير واقفه وهى تصرخ وتقفز من مكانها و تعض على شفتيها من الالم....
    بجوارها وقفت والدتها تقول بجزع : دعينى ارى يدك يا هدير....
    ثم التفتت لنهال وقالت بسرعه: المطهر والقطن على الرف فى الحمام يا نهال
    من الحمام هرولت نهال حاملة زجاجة المطهر والقطن بيدها وقالت : دعينى اطهرها اولا....
    لا...لا انها تؤلمنى قالتها هدير بصوت يكاد يقترب الى البكاء....
    نسى حاتم ضيقه من شقيقته ودق قلبه بعنف جزعا على شقيقته....
    هدير....ماذا حدث....قالها شقيقها العطوف....
    قالت والدته : يبدو ان الغرز تلوثت يا حاتم...يدها متورمه والجرح ملتهب منذ الامس...
    قال حاتم : الم تخبرينى ان الغرز ذابت ؟؟ ولم يتبق الا غرزتين فقط...ماذا حدث؟؟
    قالت نهال : يبدو ان هدير لم تتابع تطهير الجرح كما امر الطبيب...او استخدمت يدها بعنف فالتهبت الغرز الباقيه والتى لم يكتمل التئامها .....
    قالت والدتها : نعم يا نهال ....لقد غسلت الصحون من يومين دون ان ترتدى القفاز البلاستيكى .....
    انها تساعدنى فى البيت كما لوكانت يدها سليمه...
    قال حاتم بشفقه: لم يا هدير؟؟ اهكذا الم يخبرنا الطبيـــــــ.....
    قاطعته عمته منيره وهى تقول بلهفه : هدير يا حبيبتى.....اتركى نهال تطهر الجرح وبعد الصلاه يأخذك مدحت الى اى مستشفى قريب.....
    قال مدحت وهو يربت على كتف ابنته :طبعا يا حبيبتى ...الف سلامه يا دودو
    قال حاتم بحزم: لا يا ابى ..سأخذها انا الى المركز الطبى ....د\عماد سيكون هناك بعد الصلاه...
    قالت والدته : نعم معك حق بالفعل يا حاتم ....د\عماد فى المركز الطبى....سآتى معكمـ....
    قاطعها حاتم وقال :لا يا امى لا تتعبى نفسك....لا يوجد ما يستدعى سينظف الطبيب الجرح ونعود سريعا....
    فقالت هدير بألم : نعم يا امى ...لا داعى ...حتى لا تتركى عمتى ...
    وبالفعل اتفق الجميع على ان يصطحب حاتم شقيقته بعد صلاة الجمعه.....يا لها من فرصة ذهبيه قدمت لحاتم على طبق من ذهب.....سيكون مع شقيقته بمفردهما فيتحدث معها فى طريقهم ......لن ينتظر اكثر من ذلك.....فالموضوع جد خطير ....ولا يحتمل اى تأجيل....حتما لا يحتمل.

    .................................................. .......................

    كانت نجاح...الراقده فوق فراشها ...ومن حولها التفت قريباتها الاتى حضرن خصيصا لزيارتها بعد اجرائها لتلك العمليه المؤلمه فى كتفها ...تمهيدا لعدد لا باس به من العمليات لاصلاح ما تحطم من عظامها ....مما ارغم والدها على ايقاف جميع الزيارات ومن اليوم الاول لدخولها المستشفى وخلال الفتره السابقه منع تواجد اقاربه من النساء منعا باتا ...ليجنب نجاح التعرض لأى توتر فيكفيها ما هى فيه....
    وبالامس فقط صرح الطبيب بان العمليه تمت باكمل وجه وانها فى حاله جيده ....ويفضل ان تستقبل زوار لرفع حالتها المعنويه ....ولتتحدث فتخرج من حالة الحزن الذى سيطر عليها ...فسمح اخيرا لقريباتها بزيارتها ......
    فالتففن حولها فى دفء عائلى هذه خالتها تطعمها بيدها الطعام الذى اعدته خصيصا لها ....وهذه ابنة خالتها صباح ...وشقيقتها الاصغر سعديه والتى كانت مع نجاح يوم الحادثه ....
    بوهن شديد ةابتسمت نجاح ...ولاول مره منذ تلك الحادثه المروعه التى حطمت عظامها ....
    فابتسم والدها الحاج منصور وهلل بصوت تملؤه السعاده والاطمئنان ولا يخلو من الجزع والقلق: ماشاء الله ...الله اكبر...ليتكم تحضرون كل يوم ....ماشاء الله...اضحكى واضيئى اليوم بابتسامتك يا بنيتى..
    ابتسمت نجاح لوالدها وقالت بشفتيها المتورمتين وبكلمات تكاد لا تتضح : حاضر.... فانا سعيدة بزيارة خالتى وكلام بنات خالتى يسلينى ....آآآآه .. لقد مللت من رقدة الفراش....
    ابتسم والدها ابتسامه وهز راسه وزاغت عيناه ...وتبادل الجميع النظرات الحزينه فكلهم يعلمون ان هذه الرقده قد تطول ....قد تطول طويلا...
    فقالت خالتها بحنان منهية هذه اللحظات الصامته وهى تمد يدها بقطعه الدجاج لتضعها فى فم نجاح : كلى ربع الفرخه ده وانا كل يوم اجيب البنات ونزورك ...ساعتين...ايه رايك؟؟
    لقمت نجاح القطعه وهزت راسها ....فى حين قالت سعديه : شدى حيلك يا نجاح ...الحمد لله على سلامتك...والله انا كنت هاموت من الرعب عليكى يومها....ربنا يورنى يوم فى ال عمل فيكى كده...اللاهى لا يكسب ولا يربح وتاخده مصيبه ويتــ....
    قاطعتها نجاح بوهن : لاء يا سعديه...حرام....لا تدعى على احد بسوء...
    فقالت الخاله وهى تلكز ابنتها الصغيره و تنظر لها بعيون حاده : وكل واحد منه لله يا سعديه.......وكفايه كلام بقى...
    ضحكت صباح وهى تقول :قلبك اسود.... على راى ابويا ....سعديه المفتريه....
    دفعتها سعديه فى كتفها بعنف وهى تقطب جبينها وتقول بغيظ : انا..!!! انا مفتريه يا صباح ...انا..!!!
    ضحكت نجاح ....واشارت لهن بان يهدأن لانها لا تستطيع ان تضحك دون الم وقالت : كفايه...والله مش قادره ...
    قاطعهم شعبان الذى خطا داخل الحجره بسرعه ....واشار لهم بحزم بان يخفضن صوتهن فى الضحكات ...ثم نظر لوالده الحاج مطولا نظرة لها معنى.....فنهض الحاج منصور وخرج مع شعبان ...
    وقفا خارج الحجره وقال شعبان بلهجه جاده وهو يلتقط انفاسه و يمد يده ليغلق باب الحجره : هناك ضابط شرطه يسال عن حجرة نجاح....يقول انه يريد اخذ اقولها ..ولم اعرف ماذا افعـــ.....
    قاطعه والده وقال : حسنا.... لابد ان تؤخذ اقولها بالطبع واعرف انهم اخروا هذه الخطوه حتى تصبح قادره على الحديث ....واين سعيد؟؟
    قال شعبان بسرعه: فى الاستقبال مع الضابط....وانا هرعت لاخبرك ....لكن هل ستستطيع نجاح ان تتحدث عن الحادث يا حاج..؟؟
    قال الحاج منصور بثقه : نعم .....انها افضل اليوم.....ومن الافضل ان ننته من هذا الان....والله المستعان...
    تحرك الرجل وهو يفتح باب حجره ابنته والتفت لابنه وقال : اذهب و اخبرهم اننا سنستقبلهم خلال عشر دقائق باذن الله .....وسأمهد لنجاح وأخبرالجماعه....
    وبالفعل .....دخل الحاج منصور الى الحجره ليخبر ابنته بامر الضابط ويطلب من الزائرين اخلاء الحجره والانتظار خارجها..حتى انتهاء المحقق من عمله...
    ودخل الضابط ومن معه وفى حضور والدها وشقيقها بعد ان طلب منهم الضابط التزام الصمت تماما اثناء عملية اخذ الاقوال والا سيضطر لاخلاء الغرفه تماما ....
    هز كل من الرجلين راسيهما موافقةً وبدأت عملية اخذ الاقول بسؤال
    الضابط لنجاح عما حدث بالضبط حسبما تتذكر
    قالت نجاح بكلمات مقتضبه يتخللها الصمت احياناً لتلتقط انفاسها ...: لقد كنت مع سعديه ننهى بعض المشاوير ...وكنا قد اقتربنا من المنزل ..فتذكرنا طلب خالتى بعض حاجيات البقاله ...ولانى كنت مرهقه جدا ..فاتفقنا ان تذهب سعديه لتحضرهى الطلبات وان اعبر انا الطريق للجهه الاخرى عائده لبيت خالتى .....وقد كان الشارع مزدحما ....وبعد ان عبرت نصفه ...راجعت نفسى ورايت ان اذهب مع سعديه حتى لا تذهب بمفردها ...فالتفت اناديها قبل ان ترحل ....ولم اعرف ماذا حدث لحظتها...وجدت نفسى فى الهواء....ثم سقطت على الارض وسط السيارات..
    هز الضابط قدميه فى حركه تنم عن الملل ونظر اليها بتشكك ثم قال:امممم ....هااا ..اخبرينى هل تعرفى الجانى؟
    هزت الفتاه راسها نفيا وقالت بخفوت : لا....لا اعرفه....
    قال بسرعه هااااااااا....اذن دعينى اصيغ السؤال بطريقه اخرى....هل هناك اى عداء بينك وبينه؟؟
    او بمعنى آخر ...هل تعتقدى انه اصابك متعمدا..؟؟
    قالت نجاح بصعوبه : لا....كما قلت انا حتى لا اعرف شكله؟؟....
    ولا يوجد بينى وبينه اى عداء....لقد كنت اعبر الطريق....والتفتت الى سعديه....وفجأه لا اعرف ما حدث....صدمتنى السياره...وو.... هذا ما اذكره...كما اخبرتك ...
    قال الضابط بجديه بالغه : نعم هذا ما قلته منذ قليل ....ولكن الاقوال السابقه للشاهده سعديه والتى كانت برفقتك لحظه الحادث تفيد بانه كان يحاول مغازلتك واقناعك بركوب السياره معه وانك حين لم تتجاوبى معه ونهرته بعنف ...حاول ملاحقتك بالسياره فما كان منه الا ان صدمك؟؟؟؟
    افلتت شهقة تعجب من بين شفتى الفتاه وتملكها الذهول ....
    وقبل ان تنطق بكلمه تدخل شقيقها فى الحديث بعنف وقد اقترب بسرعه من فراشها : ماذا؟؟ هل هذا ما حدث يا نجاح؟؟ اخبرينى الحقيقه ها....
    فتح الحاج منصور عينيه عن آخرهما وقال بسرعه : ما هذا الكلام يا حضرة الضابط؟؟؟
    من الذى قال هذا؟؟؟
    لقد روت لنا نجاح ما حدث وهو ما اخبرتك به الان...ولا اساس للصحه عن موضوع المعاكسه هذا..!!
    التفت الضابط للرجلين وقال بصرامه: من فضلكما ....لا اريد ان كلام اثناء التحقيق....والا فالتتفضلوا خارج الحجره فورا....
    تحرك شعبان بعصبيه حول فراش شقيقته وهو ينظر الى والده الذى قلب كفيه بصوت مسموع وقال : لا حول ولا قوة الا بالله...
    نظر الضابط للرجل بتشكك وبنظرات متفحصه وقال : يا حاج...!!!
    لا تخفوا عنى شئ ...ثم ان القانون معكم ..ولكن لابد ان تخبرونى بكل التفاصيل...حتى استطيع مساعدتكم فى الحصول على حقوق ابنتكم ...
    قال الحاج بحزن : الا تاتى الحقوق الا بتشويه الحقائق؟؟
    تأفف الضابط وقال بحده لا سبب لها :اذن اخبرنى لماذا كانت اقوال الشاهده الوحيده بعكس ما تخبرونى به الان؟؟ انا لا اريد ان تاخذ الحكايه اشكالا آخرى ..ولا اجد نفسى احقق فى قضيه جديده من قضايا الثار وخلافه ...او تتشتت جهودنا لمنع محاولات الانتقام من الجانى ....هذه وقائع نراها كل يوم ونعرفها جميعا...والتـ....
    هب الحاج واقفا وقاطع الضابط بصرامة : حضرة الضابط....لسنا من هؤلاء الحمد لله ...وكل ما يهمنا سلامة ابنتنا فقط....ونحن لا نعرف الجانى ولا نعتقد انها اصابها متعمدا...هذا قضاء وقدر ...والحمد لله لقد سمعت من ابنتى ما حدث....وبكامل التفاصيل ولا اعتقــ...
    قاطعه الضابط وقال بهدوء وهو يشير اليه بيده : كفى ....واعذرنى يا حاج منصور ....ساضطر لان اطلب منكم اخلاء الغرفه فورا ...
    تحرك الرجلين نحو باب الحجره وقبل ان يمد الحاج يده نحو مقبض الباب قال الضابط محاولا تفسير اسلوبه الغليظ : والله يا حاج ...انا احاول ان ابحث عن حق ابنتك ....وان اطبق القانون لا اكثر ولا اقل ....
    رد الحاج منصور بتفهم : جزاك الله خيرا يا ابنى ...ولكن اخاف الله ....اخاف ان نظلم ذلك الشاب الذى صدمها ..كما اننا فى غنى عن الدخول فى قصص وحكايات غير حقيقيه .....تمس الاخلاق ....فقد كان الشاب برفقة والدته وشقيقته وقت الحادث...وقام مشكورا بنقلها للمستشفى ودفع نفقات لعلاجها ...ولم يتركها تنزف ويهرب مثل كثيرين غيره.....
    هز الضابط راسه وقال بتعجب لم يستطع اخفاؤه : نعم...!!! سنرى ما تسفر عنه التحريات..وبعد ان تكتمل كافة المعلومات لدينا ...تتضح الصوره..
    خرج الرجلين واغلقا باب الحجره على نجاح والضابط ومن معه ....
    وقد اشتعلت نيران الشك فى قلب شعبان بشأن حقيقة ما حدث لشقيقته ......
    نيران قد تمتد السنتها لتطال الجميع.....

    ...........................................

    فى طريق عودتهما من المركز الطبى بعد ان فحص الطبيب كف هدير وكتب لها علاجا ...
    اوقف حاتم السياره وهرع الى الصيدليه ليصرف روشتة العلاج ......
    دق هاتفه المحمول الذى تركه فى السياره باصرار......
    ناولت هدير الهاتف الذى يدق مره اخرى لحاتم قائله : حاتم ....لقد دق هاتفك كثيرا....
    تناول الهاتف وابتسم فقد كان رقم استاذ مجدى حافظ فاجابه بمودة: السلام عليكم يا استاذ مجدى...كيف حالك؟؟
    قال ا\مجدى بود : عذرا لم ارد على اتصالك لم ارى مكالمتك الا بعد عودتى من صلاة الجمعه ....
    ضحك حاتم :عفوا...اسف انى اتصل فى يوم الجمعه ...اعلم انه اجازتك ...
    ضحك استاذ مجدى وقال : نعم.... ولا يهمك اتصل فى اى وقت ...انت طلعت معرفه قديمه ....
    لا اريد ان اثقل عليك فهو امر اريد استشارتك فيه قالها حاتم ...
    فاجابة ا\مجدى : اذن نتقابل .....هل انت مشغول اليوم بعد صلاة العشاء؟؟
    ارتاح حاتم كثيرا لدعوة ا\مجدى فهذا ما كان يريده بالفعل ولكنه تحرج ان يساله
    فقال :لا ابدا ....ساحضر الى المكتب و....
    قاطعه ا\مجدى :لا اليك عنوان مكتب صديق لى يتجمع فيه نخبه من الساده الافاضل فى مجالات كثيره كل خميس اوجمعه ساعتين بعد صلاة العشاء لنناقش امورا ثقافيه....اومورا دينيه.....او حتى صحافيه مثل ندوه صغيره ...واحب ان تحضرها معى وبعدها نتحدث فيما تريد فما رايك؟؟
    قال حاتم : يشرفنى ذلك ....اذن القاك بعد صلاة العشاء على خير باذن الله ....
    اغلق الهاتف ...والتفت الى هدير يتأملها بوجهها الشاحب ..وضعفها اليوم.....وهو يحاول ان يجد كلمات يبدأ بها حديثه....
    ففاجأته هى بالكلام : حاتم....مالك ؟؟ فى حاجه شغلاك؟؟ انا حاسه بيك؟؟
    وجد الفرصه سانحه ليلقى كلماته فهز راسه وقال : مشغول بمشكله غريبه لزميل اعرفه...ليتك تساعدينى فى حلها...!!
    اعتدلت فى جلستها ونظرت له وقالت بشغف : خير يا حاتم ....طبعا احاول ان اساعدك قدر استطاعتى .....
    قال بحذر :صديقى هذا كان يواعد فتاة على امل بالزواج ...ولكن حدثت ظروف قويه كان منها تاجيل اتمام الخطبه بشكل رسمى.....فلم يكن قد طلبها من اهلها بعد .....داوموا الاتصال ....حتى اذا تحسنت احواله واصبحت الفرصه سانحه ليخطبها ....اصبح يتهرب منها ....ولا يريد اتمام الخطبه .....وتغيرت معاملته لها...
    قالت هدير بسرعه : لابد ان هناك سببا قويا يا حاتم ......والا فلم وعدها من البدايه والان يريد ان يتركها؟؟
    قال باسى : بالفعل هناك سببا .....يقول صديقى انه كان قد طلب منها ان تذهب اليه فى بيته ليتقابلا خلسة حتى يتيسر حاله ويستطيع ان يقوم بخطوة جاده فى القريب ....والغريب الذى اثار دهشته انها وافقت على هذا الاقتراح....
    شهقت هدير وقالت بتعجب : تذهب اليه فى منزله؟؟ ماهذا الكلام يا حاتم؟؟
    قال بسرعه : يقول انه طلب منها ذلك فى لحظة من تغلب العاطفة على العقل ....
    ولكن حين ينظر الان الى الامر يتساءل ......كيف يأتمنها على بيته وعرضه ان كان يشعر بانها تخون ثقة اهلها الان..!!
    وكيف يتأكد انها لم تذهب الى اى شاب آخر بيته ....قبل ان ترتبط به؟؟ وكيف يثق انها كما تدعى بهذه البراءه....؟؟
    يشعرانه صدم فيها لانها وافقت على طلبه متعلله بانها قد تطيعه فى اى امر يطلبه لشدة حبها له .... فكيف يتزوج بفتاة مستهتره الى هذا الحد؟؟ ويطلب منى نصيحته فى الامر...
    قالت هدير :لاحول ولا قوة الا بالله ....
    فاجاها بقوله :انت مثلا......ماذا كنت ستفعلين؟؟
    جحظت عينا هدير بدهشة ممزوجه بالالم الشديد وقالت بحدة :حاتم ....ماذا تقول؟؟ كيفـ....
    قاطعها بسرعه وقال :لالا...لا اقصد ذلك حاشا لله.... ....ما اقصده ماذا تفعلين ان كنت مكانى.... بماذا تنصحيه؟؟
    هزت هدير راسها وقالت :هى حقا مستهتره يا حاتم....من تتحكم فيها هواها وتسيطر عليها مشاعرها دون مراعاة لشرع او اخلاقيات هى فتاة مستهتره....وعلى ما يبدو انه فقد ثقته فيها ...
    ثم صمتت فجأه واطرقت ....وقالت بخفوت : مثلى....
    دق قلب حاتم بعنف ....ونظر الى شقيقته مقطب الجبين عاقدا حاجبيه....
    فاردفت بسرعه : حين سمحت لنفسى بالخروج مع ذلك الشاب يوم رأيتنى...لكنى احمد الله انك صفعتنى وايقظتنى من غفوتى ...
    شعر حاتم ان حديثه قد ترك اثرا فى قلب هدير ....فوجدها فرصة ليكمل النصيحه ...فقال : هدير تعلمين ان الشباب متقلب المزاج ...ولديه تلك النزعه الازدواجيه بشكل كبير ....فهو يحب الفتاه التى تخرج ....وتلهو....ويضيع معها الاوقات فى لهو وعبث ....
    ولكن هذه الفتاه لن تكون ابدا فى قائمة الفتيات الاتى يفكريوما بالزواج منها....
    فحين يفكر الشاب فى الزواج يبحث عن ذات الدين والخلق....ولن يجازف بسمعته مع فتاة ثارت حولها الاقاويل....حتى وان كان هو سبب تلك الاقاويل عنها....
    كما ان الرجل قد يختبر الفتاة التى سيتزوجها ....خاصة ذلك الذى قضى شبابه مفسدا هذه وتلك.....فيريد ان يتأكد ان من ستصبح زوجته وتحمل اسمه ليست على شاكلة من عرفهن من قبل....
    فليس هناك سبيل لان يحترمك الشاب الا لو احترمت انت نفسك واحترمت عائلتك وصنت كرامتهم مهما تعرضت للضغوط او الاغراءات......
    هزت هدير رأسها موافقة على كلمات حاتم........غير مدركة انه كان يقصدها هى بالحديث....وانه كان يدس اليها رسالة خفيه فى كلامه.....بسبب ما قالته عنها ساره الكاذبه....
    فقالت بصدق استشعره : عندك حق يا حاتم....لا اصدق ان تفعل الفتاة ذلك بنفسها وباهلها...
    استراح قلب حاتم لحديث شقيقته .... فقد استفاض فى شرح العواقب والتداعيات لاقدام الفتاة على الذهاب لمنزل شاب.....
    وشعر بقلبه ان هدير تراجعت وان تلك الفكره التى كانت تراودها ....وان هذه الافكار كانت وستظل مجرد افكار فاسده...ولن تخرج ابدا الى حيز التنفيذ....
    مسكينة هدير.....مسكين حاتم........كلاهما يعانى .....والسبب كلمات لفتاة تستحق فقط الاحتقار..
    ..........................................
    فى نهاية الممر المؤدى لحجرة نجاح ...كانت خالتها وبناتها جالسات يهمسن ويتحدثن....الا ان سعديه كانت تهز قدميها بعصبيه.....تعض على شفتيها ....وتلتفت كلما سمعت وقع اقدام يقترب ...او رات احدا يقترب من باب الغرفه المغلق.....
    قالت صباح بصوت عال :صح ولا ايه يا سعديه ؟؟؟
    انتفضت سعديه وقالت بسرعه :هه....ايه؟؟
    ضحكت صباح وقالت :ركزى يا سعديه....
    ثم مالت على اذنها وهمست بخبث:ولا شعبان خلاص اكل عقلك.....
    لكزتها سعديه بعنف وهى ترفع حاجبها بحده وتقول: قطع لسانك....يا
    قاطعتهما والدتهما وهى تقول بعنف :اصمتى انت وهى ...لا هذا مكان ولا وقت مشاجراتكما السخيفه....
    ثم قالت بصوت قلق واشارت الى سعيد : خير يارب...الحق يا سعيد .....شوف عمك شكله خرج...
    التفتت سعديه بسرعه نحو باب الحجره الذى وقف امامه والد نجاح وشقيقها يتحدثون وقد وجمت وجوههم.....فهرع نحوهم سعيد يسرع الخطى فى الممر وصولا الى باب الحجره وهو يقول بلهفه: ماذا حدث يا حاج؟
    لماذا خرجتم؟؟
    قال شعبان بعصبيه لم تفارقه منذ سمع ما قاله الضابط بالداخل : الضابط طلب منا الخروج ....اتعرف انه يقول ان الشاب الذى صدم نجاح كان فى الاساس يغازلها.. وانه صدمها متعمدا ذلك الحقير...سوفــــ...
    قاطعه الحاج منصور بغضب : شعبااااااااااااااان..!!!
    التفت سعيد الى عمه وقال بذهول : ماااااذا؟؟ ماهذا الكلام ...وماذا قالت نجاح؟؟ اهذا ما حدث حقاً؟
    نظر الحاج نظرة تفحص لسعديه التى جلست تراقب الاحداث من بعيد ولكن دون تدخل ....
    ثم قال بخفوت : اهدأوا قليلا...هذه اقوال سعديه ...وليس بالضروره ان يؤخذ بها فسعديه كما تعرفون صغيره...و...
    قال شعبان بحده : صغيره ده ايه؟؟ وهى هاتكدب ليه ؟؟
    قال سعيد بسرعه وهو يلتفت نحو سعديه : ان سعديه موجوده..فالنسألها عمــ.......
    وقبل ان يكمل جملته او ان يتحرك اى منهم كان باب الحجره يفتح ويخرج الضابط ومساعده ...
    شكرا لك يا حاج....قالها الضابط ومد يده لمصافحته...
    قال الحاج منصور :اعتذر عن عصبية ابنى بالداخل..ولكن اعتقد انك تقدر ما نحن فيه..!!
    هز الضابط راسه وهم بالرحيل فى حين قال شعبان بغضب لم يستطع ان يكبح جماحه
    : ومن لا يغضب لما ذكرته بالداخل..!!
    ان كانت هذه هى الحقيقه ...فلن يفلت هذا الحقير من العقاب..
    توقف الضابط والتفت الى شعبان ورفع حاجبيه ....ثم حك ذقنه وهز رأسه ببطء وقال : اممممم ....نعم ...نعم ...اعرف هذا
    ثم التفت للحاج منصور ووجه له الحديث :...ارأيت يا حاج ....هذا ما اتحدث عنه بالظبط ...
    وضع الحاج منصور يده على كتف شعبان وقال بحزم : يبدو انك ستضيع حق شقيقتك يا شعبان بتسرعك!!
    طأطأ شعبان راسه وقال بخفوت : آسف يا ابى...
    فى حين قال الضابط وهو يقلب فى الاوراق: عموما ستأخذ اقوال الشاهده مره اخرى ....
    ...والف سلامه على ابنتك يا حاج ......ولن اذكركم اننى لن اتهاون فى اى محاوله غير محسوبه للنيل من المتهم....والتــ...
    قاطعه الحاج منصور : لسنا من هؤلاء....ونعرف ان لو لنا حقا فالقانون هو طريقنا....
    واشار نحو سعديه التى اتسعت عيناها وهى ترى الحاج يشير نحوها ويقول : عموما سعديه موجوده

    قال الضابط : نعم ....فالننتهى من هذا الامر ....

    واخرج من جيبه علبة السجائر واشعل سيجاره غير مبال بانه فى ممرات مستشفى ..وقال لمساعده : سانهى السيجاره عند الشباك ....واعد اوراقك ...شكله يوم طويل ...
    ثم التفت الى اهل الضحيه و سحب الدخان من سيجارته بقوه وهو يستند بذراعه الايسر على حافة النافذه ويهز قدمه اليمنى و يدفعها نحو الحائط بحافة حذائه فى حركه عصبيه .. اثناء تفحصه للوجوه ...فهو كضابط تعلم ان الشك هو اساس الوصول الى الحقيقه .....لذلك فان هناك حتما شئ مريب يجعل قلبه غير مطمئن نهائيا....ويتوقع ان تسوء الامور بشكل سبق له ان شاهده عشرات المرات....حين ينكر اهل الضحيه اى اتهام مباشر للجانى ....ثم يلجاون الى تطبيق شريعة الغاب بطريقتهم الخاصه....ثم ان شقيق الضحيه عصبى بشكل مفضوح ....اما والدها فهادئ بشكل مريب ...والتــ......
    اخرجه صوت سعيد من افكاره ...الذى ارتفع منادياً على سعديه ....والتى شحب وجهها بشكل واضح.....وهبت واقفه ....وهى تشير بيدها متسائله : انا؟؟؟
    نظرت كل من الخاله و صباح بقلق شديد...لم تفهم اى منهما سبب استدعاء المحقق لسعديه...
    ترى ....ماذا ستقول سعديه هذه المره؟؟؟؟

    .................................................. ........................

    استعدادا لرحيلها وعودتها الى المنزل بعد ان اقر الاطباء بان حالتها مستقره وتستطيع المغادره توجه رامى للحسابات لاغلاق حساب شقيقته ووالدته...
    ووقف عمرو مع الطبيب خارج الحجره الذى قال له : الحاله بتتحسن لكن ستأخذ وقتا ....و عليكم متابعة الجروح بالغيار المستمر والحرص فى الحركه حتى تلتئم الكسور فى قدمها وذراعها....مع التزام الراحه التامه والاهتمام بالادويه...

    وداخل الحجره الكبيره المشتركه وقفت هند زوجه عمرو ترتب الحقيبه الخاصه بنسرين...وتضع فيها حاجياتها بحرص ....وهى تتحاشى ان تلتقى عيناها بعينى ا\نوال التى جلست على الكرسى المقابل واضعة ساقا فوق الاخرى بغطرسة واضحه وهى تشير بيدها الى هند....ثم تأمرها الا تنسى ان تضع فرشاة الشعر الخاصه بنسرين داخل الحقيبه....
    قالت هند لنسرين : الحمد لله يا نسرين ..... قبل العصر باذن الله ستكونى بالمنزل ......
    قالت سيدة زائره لمريضة تشاركهم الغرفه ترقد فى الفراش المجاور لفراش نسرين : الف حمد الله على سلامتها ...عمليه ولا ايه ؟؟
    فردت عليها هند بكل رقه : الله يسلمك ويشفى مرضاكم باذن الله ...حادثه كفاكم الله شر الطريق...
    قالت السيده لنسرين : الف سلامه يا حبيبتى
    لكن نسرين لم تنظر اليها .....فى حين قالت نوال بسخافة موجهه حديثها لهند : انتى هاتحكى قصة حياتنا للناس ولا ايه؟؟؟كفايه رغى وشوفى نسرين عايزه ايه؟؟؟
    شعرت المرأه بالدهشه وتحولت الابتسامة الى وجوم فقالت بحرج: آسفه ...والف سلامه
    ابتسمت هند لها وقالت :شكرا لك
    ثم التفتت لنسرين وقالت وهى تقترب منها : اتحبى ان اساعدك فى شئ يا نسرين؟؟
    لم تجبها نسرين التى ظلت صامته شارده... فى حين قالت نوال بصوت فيه تعال وقلة زوق وهى تشير لاسفل الفراش : ممكن تلبسيها الجزمه....وخلى بالك من رجليها المكســـ.........
    قاطعها صوت عمرو وهويسرع و ينحنى اسفل الفراش ويمسك بالحذاء فى يده ويدفع هند برفق باليد الاخرى يقول : جزاك الله خيرا يا هند....انا البس نسرين حبيبتى....
    جحظت عينا ا\نوال واعتدلت فى جلستها وقالت بسرعه وقد خرجت كلماتها متقطعه :لالا يا عمرو...لا...طيب....شوف الممرضه ...
    فى حين قالت نسرين بصوت خافت: لا يا عمرو ....شكرا.
    فوضع عمرو الحذاء فى الحقيبه واتم اغلاقها وقال لشقيقته بحب : لا حاجة لك للحذاء ....فساحضر كرسى متحرك ينقلك من حجرتك وحتى باب السياره ...
    قالت ا\نوال لتغطى على حرجها : ال تشوفو يا عمرو ....رامى اخوك فين؟؟ مش كنا قعدنا كمان يومين ؟؟
    قالت نسرين بسرعه وتأفف وحزم :لاء...عايزه اروح يا ماما.....عايزه اروح..اووووووووف.
    دخل رامى الحجره ...وهو يقول بحزم : ماذا هناك؟؟ هيا.....لقد انهيت كل شئ......والممرضه ستحضر الكرسى..
    اتكئت نوال على يد رامى وهى تجرجر قدميها....وتقول محاوله استدراج رامى فى اى حوار : هات تليفونك يا حبيبى عشان اكلم جى جى انا تليفونى قطع شحن....
    قال بكلمات مقتضبه وهو يعدل من وضع الحقيبه التى يمسكها باليد الاخرى: هاتفى فى السياره ....
    هزت راسها ثم ....سادت لحظات من الصمت والجميع يتجه نحو باب المغادره فادركت قائله: كم دفعت فى الحسابات يا رامى؟؟هاااا؟؟
    قال بسرعه : ماما .......لا تشغلى بالك بشئ الان...
    قالت مره اخيره :اين ركنت السياره ؟؟ امام الباب ام بعيد عنه؟؟
    هز رامى راسه وقال : لم اجد مكان .....سيارة عمرو هى التى امام الباب وانا سأقرب لك سيارتى قدر المستطاع يا امى...
    فصمتت نوال ....وهى ترقب بغيظ هند التى خطت مسرعه تفتح باب السياره ....وهى تتذكر احباطها حين تدخل عمرو وافسد عليها متعة اللحظه التى كانت تخطط لها منذ الصباح لتزيد من ذل هند وتنتقم منها باسلوبها المعتاد.....
    وقف عمرو وشقيقه يعدلان من وضع نسرين التى اجلسوها بالمقعد الخلفى بمفردها حتى تستطيع ان تمد ساقها الموضوعه فى الجبس امامها......بعد ان وضعا الحقيبه فى صندوق السياره....
    تقدمت ا\نوال وفتحت باب السياره الامامى وقالت وهى تهم بالدخول : رامى ....خد انت هند معاك فى عربيتك....انا مش قادره اقف ....ومش هاسيب نسرين..
    بهتت هند من تصرف نوال ....ولم يعلق رامى بكلمه وهو يراقب والدته تدخل السياره دون مراعاة لاى شئ....
    اما عمرو فهز راسه اسفاً على تصرفات والدته الغريبه ....ثم قال بسرعه وهو يناول رامى مفاتيح سيارته : تفضل يا رامى.....قد انت سيارتى...وسالحق بكم انا وهند بسيارتك....اين السياره؟؟
    مصمصت ا\نوال شفتيها واصدرت صوتا يدل على التعجب باستهزاء وهى تعقد ساعديها امام صدرها ...وقالت بصوت عال : يلا يا رامى....خليهم براحتهم.....
    فدخل رامى وهو يتعجب فقالت والدته بطريقه ساخره : ايه مش قادر على بعدها دقيقه ؟؟ ولاهايغير على مراته من اخوه؟؟ عجبى...
    تأفف رامى وقال بسرعه :ايه يا ماما الكلام ده؟؟مالوش لازمه لوسمحتى ....
    صرخت نسرين بالخلف فى تأفف :اوووووووف بقى يا ماما يلا عايزه اروح تعبااااااانه....
    وقالت نوال بسرعه : حاضر يا حبيبتى....حاضر
    وانطلق رامى بسيارة شقيقه ...
    وفى سيارة رامى جلست هند وهى تمسح دمعة عجزت ان تمنعها ....لقد فاض بها الكيل ....
    وشعر بها عمرو ....فهو يعرف والدته جيدا....فقال بهدوء دون ان ينظر الى هند :حبيبتى ساوصلك الى المنزل لترتاحى لك يومين لم تذوقى طعم الراحه وساذهب انا بمفردى الى بيت والدتى ....
    التفتت لتستفسر منه فقال بسرعه وهو يبتسم بصوت دافئ محب : اذا امرها اطاعته....صح؟؟
    اذن......حبيبتى تروح البيت ترتاح ....
    لم تمانعه ولم تحاول ان تثنيه عن قوله .....ولكنها قالت بحب غامر : اطيعك يا من سكنت قلبى...
    ضحك وقهقه ....فتلك كلمتها المعهوده والتى يعشق سماعها منها .....
    اما هى فهامت حبا وعشقا فيه .....فكم هو حنون ... طيب و كريم الاخلاق زوجها هذا.....انه رجل حقيقى.....استطاع ان يخرج من كل موقف سخيف بطريقة حكيمه دون ان يجرح اى من والدته او زوجته .....لكن ترى استتوقف والدته عن استفزاز مشاعره بسؤ معاملتها لزوجته .....ام ستظل مصرة على اساليبها فتتسبب مره اخرى فى القطيعه ؟؟
    سؤال ا\نوال فقط هى التى تعرف اجابته ....
    .................................................. ...

    دق هاتف غاده..............حين أتاها شقيقها بالهاتف وهى منهمكة فى تنظيف آثار الحريق من على الحوائط السيراميكيه بالمطبخ......
    جففت يدها اجابت بسرعه وهى ترى رقم استاذ خالد مدير مكتب النسخ على الشاشه : الو....ايوه انا غاده ....اهلا ا\خالد...خير؟؟
    قال بلهجة جديه لم تعهدها منه : بكره الصبح فى اجتماع فى المكتب ضرورى للجميع؟؟
    وضعت اصبعها فى فمها وقالت بتوتر وهى تقضم اظافرها : لكن.... اصل ؟؟ حضرتك انا عندى محاضرات فى الكليه؟؟
    قال بكلمات آمره : بكره الساعه عشره الصبح يا غاده هى نصف ساعه وخلاص...يلا سلام..
    واغلق الهاتف .........تاركا غاده فى حيرة من امرها.....
    ضغطت ازرار الهاتف بسرعه برقم طاهر زميلها بمكتب النسخ..: ايوه يا طاهر ازيك؟ غاده من المكتب....اهلا بيك...نعم اخبرنى حالا ...لكن عندى ظروف قويه....والله يا طاهر المطبخ ولع امبارح بليل...وكانت هاتبقى مصيبه....
    قال طاهر : يااااااااااه هل اصيب احد؟؟
    قالت :لا الحمد لله جت سليمه ...لكن شغل كتير...وتنظيف؟؟
    قال : والله يا غاده لا اعرف ....استاذ خالد اتصل من ربع ساعه ويبدو لى انه يتصل بالجميع بنفسه واخبرنى ان الاجتماع هام جدا ولا اعتذار مقبول....على رأى المثل يا خبر النهارده بفلوس
    اكملت غاده وهى تزفر فى توتر : اهه ...بكره الصبح يبقى ببلاش....
    انهت المكالمه وعادت الى ما تفعله وقد سرح خيالها .... ترى فيم هذا الاجتماع الغريب؟؟
    ولكن سرعان ما نسيت كل شئ وهى تعمل وتعمل حتى انهكها التعب ومر عليها اليوم بكامله تزيل فى آثار الحريق وتعيد ترتيب المكان .....والعجيب فى الامر ان والدها لم يطلب منها اى شئ طوال اليوم....وكأنه يتجنبها تماما...... وهو ما ادخل الراحة فى قلبها .......لكم تتمنى ان يتركها فى حالها تماما......
    اسلمت عيناها للنوم ........وهى تفكر جديا فى ان تظل مستيقظة خوفا من ان يحدث شئ آخر كما حدث بالامس ........ولكن كيف تستطيع ان تقاوم النعاس بعد كل ما مرت به على مدار يوم وليله؟؟
    بنشاط وهمه استيقظت ....وبعد ان اعدت الفطور لاشقائها....والقهوة لوالدها ....ارتدت ملابسها واسرعت الى مكتب النسخ فهى تريد ان تنتهى من الاجتماع سريعا واليوم ستقدم استقالتها ايضا حتى تغلق هذه الصفحه تماما ........
    خطت الى مكتب ا\خالد ...والعجيب ان الجميع كان متواجدا .....تسرى الهمهمات والتساؤلات
    جلست.....بينما جلس ا\خالد على مكتبه وتراصت امامه اظرف كثيره .....
    قال بحده : هل اكتمل العدد؟؟
    اجابه طاهر : ايوه يا أ\خالد هانبدأ ولا ايه؟؟
    هب واقفا وهو ينظر نحو باب الغرفه....ثم تحرك بسرعه نحوه وهو يقول : نحن ننتظر ا\ على مختار صاحب المكتب....اهلا يا فندم اتفضل....
    دخل السيد على صاحب المكتب والذى لم يره احد من قبل حيث كان ا\خالد هو القائم بالاعمال عنه
    ومن خلفه خطا شاب انيق يحمل ملفا ضخما وحقيبة لجهاز كومبيوتر محمول .....
    جلس الثلاث رجال .....قال أ\خالد :أ\على مختار صاحب المكتب .....أ\معتز مختار شقيقه ومدير حساباته
    رفعت غاده راسها........وفتحت عيناها دهشة ........واصفر وجهها رعبا.......نظر جيدا لتحاول ان تتحقق من وجهه.......ايعقل؟؟
    أيكون ذلك الانيق هو نفسه معتز المزعج الذى عقد معها تلك الصفقه المريبه؟؟
    نظر اليها معتز.......واشار اليها وابتسم ابتسامة لا تبشر بالخير ابدا.........شهقت شعقة التفت على اثرها كل من حولها باستنكار....
    وغاص قلبها ........وجف حلقها..........كادت تسقط مغشى عليها من فرط التوتر
    ترى من هو معتز؟؟
    وماذا ينتظر غاده فى هذا الاجتماع العجيب؟؟؟

    يتبع بــــــــــــــأذن الله

  2. #92
    تاريخ التسجيل
    21 - 12 - 2009
    ساكن في
    في عالم العجايب
    المشاركات
    1,317
    مقالات المدونة
    4
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي

    حلقه جميله جدا اخي محمد
    في انتظار نهايه القصه
    وجزاك الله كل خير


    اللهم اقذف في قلبي رجاءك و اقطع رجائي عمن سواك حتي لا ارجو غيرك يارب اللهم انى اسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه ومالم اعلم واعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ماعلمت منه ومالم اعلم واسالك ان تجعل كل قضاء قضيته لى خير يارب العالمين
    البحث على جميع مواضيع العضو هبةالله

  3. #93
    تاريخ التسجيل
    1 - 7 - 2009
    ساكن في
    فى قلب من تستحق
    العمر
    42
    المشاركات
    1,778
    مقالات المدونة
    11
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبةالله مشاهدة المشاركة
    حلقه جميله جدا اخي محمد
    في انتظار نهايه القصه
    وجزاك الله كل خير
    الأجمل هو مرورك هبة الله
    اعذريني لأن الكاتبة لازلت لم تنتهي من كتابة الحلقات المتبقية
    جزانا الله واياكي

  4. افتراضي

    السلام عليكم
    انا لسة جديدة هنا فى المنتدى ولفت نظرى القصة
    وقرات الحلقة الاولى ويبدو انها قصة رائعة
    ولكن عاوزة اعرف هى كام جزء ؟
    لانى اخاف ابتدى اقرأها الاقيها متكملش ذى قصص كتير على المنتديات .. ارجوا الاجابة
    ولك جزيل الشكرررررررر

  5. #95
    تاريخ التسجيل
    1 - 7 - 2009
    ساكن في
    فى قلب من تستحق
    العمر
    42
    المشاركات
    1,778
    مقالات المدونة
    11
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشمشة18 مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    انا لسة جديدة هنا فى المنتدى ولفت نظرى القصة
    وقرات الحلقة الاولى ويبدو انها قصة رائعة
    ولكن عاوزة اعرف هى كام جزء ؟
    لانى اخاف ابتدى اقرأها الاقيها متكملش ذى قصص كتير على المنتديات .. ارجوا الاجابة
    ولك جزيل الشكرررررررر
    اولا أهلا بكي بين اخوانك واخواتك فى اسرتنا اسرة مصرواي كافيه
    مصرواي ده عبارة عن بيتنا التاني وان شاء الله تظلي معنا وتستفدي وتفيدي
    وكمان عايزين منتدانا يغرق من مواضيعك ومشاركاتك وفقك الله
    أما بخصوص القصة فشكرا على مرورك الطيب والجميل وبفضل قد تم تنزيل 24 حلقة.
    ولكن للقصة بقية فعندما تنتهي من قرأة الحلقات الـــ 24 هتكون بقية الحلقات جاهزة بأذن الله
    جزاكي الله خيرا وبارك الله فيكي
    أخوكي / مـــحـــمد

  6. #96
    تاريخ التسجيل
    13 - 4 - 2010
    ساكن في
    القاهره
    العمر
    48
    المشاركات
    32,835
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    كلمات
    اجتاحتنا كالاعصار
    هكذا
    بين السطور

    كانت المعانى مطوية
    على الرفوف
    والمكاتب

    لايعرف معناها
    الا من كان
    لها كاتب

    فشكرا
    على اطلاقك
    سراح سطورك
    انك ازلت فى النهايه
    ماكان
    بينها وبيننا
    من حاجب
    خالص تقديرى


 

 
صفحة 10 من 10 الأولىالأولى ... 678910

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حصريا أقوى تفعيل لـ [ Kaspersky 2011 ] بـأداة لتفعيل البرامج 5000 يوم
    بواسطة حلا دالين في المنتدى منتدى البرامج العام والشروحات المصورة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 22 - 3 - 2012, 09:00 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25 - 12 - 2011, 11:11 PM
  3. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24 - 8 - 2011, 10:36 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11 - 11 - 2009, 05:06 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©