بقلم : السيد إبراهيم
مع التطور الحادث في عالم الأقمار الصناعية ودنيا الميديا أصبح العالم قرية صغيرة وأصبح للكلمة مدلولات كثيرة وأصبحت صورها متعددة فلا نقول أن الكلمة المنطوقة تحرك الشعوب بل نقول إن الهمسة والإشارة التي تنقلها القنوات الفضائية تتسبب في إحداث حراك ونوازع كثيرة يشاهدها كل إنسان في أرجاء المعمورة وهو جالس في مكتبه وفي سريره بل في كل أحواله .

مدلولات الكلمة أصبح اليوم لها حسابات أخري ، فما سببته الكلمة من تأثيرات علي مستويات متعددة يجعلنا نتوقف عندها .

فالكلمة ما تزال محور الإعلام بل هو مادة أساسية تحركه وفقاً لأهواء وسياسات إعلامية متعددة .

ولأهمية الكلمة وتأثيراتها كانت آيات الله عز وجل ترشدنا لخطورة الكلمة :
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّهَا ويَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (إبراهيم: 24،25).

والأيام الماضية استشعر الناس ونحن من بينهم أن الكلمة التي تخرج من فم المسئول أو النجم أو المواطن العادي تتحرك في القنوات الفضائية وساحات الانترنت المتعددة بصورة مرعبة .

ولا نخفي عليكم أن ما مضي من أحداث كان للكلمة هنا بل والإشارة بل التلميح تأثيرات متعددة .

ونظراً لوجود أناس يهمم بالدرجة الأولي ان يحركوا الإعلام وفقاً لأهداف سياسية وأخلاقية واجتماعية فقد ظهر ذلك جلياً في العديد من التغطيات التي حرك لها الإعلام قنواته ورجاله وكاميراته وافرد لها الأوقات الثرية وشغل وقت وذهن الملايين من الأشخاص .

وحين ندرس أهمية هذه الموضوعات وماذا تقدم لمجتمعنا ولقيمنا – للأسف نجدها تهدم بدلاً من ان تبني تفرق بدلاً من أن تجمع تكدر نفوسنا بدلاً من أن تصفي لنا ذهننا .

فالدارسين للموضوع يقولون أن تعدد القنوات الفضائية وتحولها لقنوات متخصصة بدلاً من ان يصبح نعمه للشعوب أصبح للأسف نقمه ، فهذه القنوات أصبح لديها أوقات كبيرة شاسعة تريد ان تشغلها بالمادة الرياضية أو الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية الترفيهية ... ويتقدم لها العديد من المعلنين الذي يدفعون الأموال الباهظة لعرض منتجاتهم وفي سبيل ذلك لأنهم ما تقدمه تلك القنوات من مواد تهدم قيمنا بل ما يهم بالدرجة الأولي سياسية العرض والطلب .
قضايا كثيرة حركتها القنوات تأثيراتها السلبية لا تعدي ولا تحصي ورواسبها الإيجابية تعد علي أصابع الأيدي .

وحتي يصل كلامنا ومقصودنا نسوق لكم العديد من الموضوعات التي حركها الإعلام خلال الستون يوماً الماضية :
1. قضية شوبير ومرتضي منصور والتي أخذت أكثر من حجمها وكانت مادة ثرية للعديد من القنوات الفضائية الرياضية منها والعامة أيضاً ، شغلت ساعات كثيرة من خريطة تلك القنوات وحينما نتوقف عندها نقول : ماذا سيفيد المواطن المصري من مشاهدة خلاف بين شخصين خرجوا بخلافاتهم للعلن وبصورة فجه غير مقبولة أخلاقياً ؟

2. خروج بعض القنوات علينا بموضوعات للمناقشة خرجت بنا عن نطاق الأخلاق والعادات والقيم الإسلامية الرفيعة – فما هو الهدف من ان تناقش بعض القنوات القضايا الجنسية والتصرفات السلوكية الغريبة علي مجتمعنا فتخرق علينا بيوتنا وحجراتنا ؟ فلا شك بأنك لا تستطيع أن تشاهد تلك البرامج وأنت يجلس بجوارك أبنتك او ابنك فالقضايا حساسة تحرك الغرائز الجنسية .

3. ان يخرج علينا ناقد للأسف رياضي ويقوم بتحريض الناس عبر الإعلام في اتجاه سيئ سوف يتسبب في خرق أمن البلد وحدوث فوضي عارمه بسبب أن هذا الإعلامي تحركه ميوله لنادي معين ولا تحركه الحنكة الإعلامية الرشيدة التي يهمها بالمقام الأول المحافظة علي قيم وأخلاق وسلوكيات مواطن الشارع العادي .

4. تحرك القنوات الفضائية بصورة مضحكة مبكيه في قضية بركات ملك الإشارات والحركات وأصبح تحرك الألسن بوصف الصورة وكيف حرك ومدلولات هذا السلوك وما ذا يهدف من تلك الحركات ؟ فما هو وجه الاستفادة من أن يخرج علينا أولادنا وهذا النشء الصغير بالحديث في هذا الموضوع الغريب علي قيم مجتمعنا؟

العديد من الموضوعات حركت فينا ساكناً وقسمت مجتمعنا لقسمين :
1 – قسم يري أن هذه القضايا وتلك الموضوعات هامة وجديرة بالتغطية والاهتمام .
2 – قسم آخر يراها خروج علي المألوف وعلي قيمنا الثرية .

ونحن بدورنا نسطر تلك الكلمات ولا يخفي علينا المشهد السينمائي الذي عُرض علينا في فيلم الهارب ومشهد محمد توفيق ضابط الشرطة الذي أمر بتسهيل هروب منتصر ( أحمد زكي ) ليصبح مادة إعلامية ثرية للقنوات والصحف تصرفهم عن الاهتمام بالتجاوزات الحادثة في الحرم الجامعي والمذبحة الأمنية في حق طلاب الجامعة .

نعم هذه صوره مصغره أبغي بها توصيل ما أقصده .

هناك الكثير من القضايا الحيوية الخطيرة التي لو اهتم بها إعلامنا لجنينا من تاثيراتها الكثير والعديد من المنافع ومنها :
1. قضايا الأمة التي تخص قضايا حقوق الإنسان وحريته .
2. القضايا التي تُرشّد قيمنا وثقافتنا الإسلامية .
3. القضايا المصيرية التي تهم شعوبنا الإسلامية ( قضية فلسطين والمسجد الأقصي – السوق الإسلامي المشترك – التحالف الصهيو أمريكي وفضحه )
4. القضايا التي تنحاز لشعوبنا وتهتم بتوصيل صوتهم لأصحاب القرار والمسئولين .
5. القضايا التي تفضح رموز الفاسد وتلاحقهم في كل مكان .
6. القضايا التي تحرك داخل مجتمعنا سلوكيات إيجابية وتنبذ سلوكيات سلبية ( النظافة – الإيجابية بصورها – الترشيد )

وفي الختام ...
ندعو القائمين علي مقاليد الأمور في ساحتنا الإعلامية إلي ضرورة :
1. وضع ميثاق إعلامي جديد يتناسب مع التطورات الحادثة من حولنا .
2. تدعيم المتخصصين إعلامياً علي تبؤ مكانهم بدلاً من أفراد دخلاء علي المهنة خاصة في الإعلام الرياضي .
3. محاربة الكلمة الإعلامية التي تهدم ودعم الكلمة التي تبني .
وليكن شعارنا ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17)