موضوع جامد جدا
تسلم
القبلة.. طائرة الشوق وتكسي الغرام!
ولدت مع ميلاد الحب نفسه، وحملت
في صورها ووجوهها، معان ودلالات شملت كل ما عرفه البشر من مشاعر وعواطف وأحاسيس.. فكانت رمز الأمومة، ومؤشر اللهفة، وُطبعت على الجبين بدوافع الاحترام، ولثمت على الخدين تعبيرا عن الصداقة، مثلما كانت رمز العواطف الملتهبة على شفاه العشاق الظامئين.
(القبلة) رسول الغرام، وجسر المحبة، وهمس العاشق، ومرساة الشوق حين يرخي اللقاء ستائره على المحبين.. فيضمهم ويلم شملهم.
(القبلة) وسيلة اتصال حينا، ووسيلة نقل أحيانا... و لهذا فهي (تاكسي الغرام) أيضا، وربما طائرة الشوق الشراعية، التي يرسلها البعض في الهواء!
في الحياة.. أسرار ومواصفات!
قال الأديب الفرنسي أونوريه دي بلزاك يوما: (القبلة فن لا يجيده إلا الرجل الخبير) والمرأة لا تحب إلا الخبير في القبلات وقديما قال نابليون: (أعرف نساء أسعدتهن قبلة لكني أعرف نساء أكثر شقين طوال الحياة بسبب قبلة) وثمة من يرى أن الحب في قلب المرأة نار خابية تزكيها رياح القبلات.. أما الأمثال الفرنسية فتكتشف فائدة أخرى للقبل: (القبلة هي الطريقة الوحيدة لتمنع فم المرأة من الثرثرة والكلام وهي تقنع أكثر من الجدل) ولم تدخل القبلة الثقافة الشعبية للأمم والشعوب وحسب، بل أثارت مشاعر الطغاة أيضا، فهاهو الطاغية نيرون يتمنى لو أن لجميع نساء العالم ثغرا واحدا لقبلة واستراح..
وتطول قائمة الأقوال والآراء التي تصف القبلة و تجتلي مفاتنها، وتحاول فك أسرارها ورموزها.. إلا أن الكل يجمع أن القبلة لها أهمية عظيمة في الحياة العاطفية الزوجية فهي بمثابة الأوكسجين التي تتنفس منه المرأة لتنعش نبض قلبها، وتطيل أمد الحب فيه وكلما قبلها الرجل كلما شعرت بالتجدد العاطفي والحياة والانتعاش.. أما بالنسبة للرجل فالقبلة نقطة العبور الأولى نحو جسد المرأة ومشاعرها وقلبها، وهي المعبر الحقيقي عن حالة الوئام والاطمئنان النفسي والعاطفي الذي يكسر كل الحواجز.
في الحب.. أنواع وأساليب
وكما أن للقبل أنواع.. فثمة أساليب للتقبيل أيضا.. فالقبلة قد تكون اتفاقا ضمنيا في لحظة شبق ملحة ومكتملة بين الطرفين، وقد تنتزع عنوة فتكون أبلغ تعبير عن حالة اغتصاب اللذة عنوة.. سواء تم هذا الاغتصاب أم لا.. وقد تكون وسيلة للتعبير عن الرغبة في إزالة اختلاف ما ومحوه، وقد تبدو أرق من نسمة عذبة في ليلة صيف، وقد تغدو أعنف من انفجار بركان فتعبر عن كل الرغبات الدفينة في التهام الحبيب والارتواء منه، واحتوائه ودفعه نحو الاستسلام في الفراش بالعنف المحموم ذاته في حالة ضاغطة جاذبة.!
والقبلة قد تكون سطحية تكتفي بالتقاء الشفاه، كما تلتقي وريقات الورد في استدارتها الحالمة الرهيفة، لتصنع فضاء من الجمال. وقد تكون عميقة، أشبه برحلة من الغرق والغياب يقوم بها غطاس ماهر بهدوء وحرفية في أعماق البحار.. ولهذه القبلة تأثيرات يصفها الدكتور هيوغ موريس بالقول: (المقذوفات البركانية الخاصة بالقبلة العميقة سوف تجري في عروقك، وتجري عن طريق الدم، ويكون تنفسك في شكل لهاث قصير، إنك سوف تئن في اتصال حبي لذيذ.. إنك سوف تصاب بالإغماء [أي تحس بذلك] أن الدم في عروقك سوف يندفع في نظامك الجسدي كله وبعيدا عن الرأس، وحينئذ لن تكون قادرا على التركيز)
في الطب.. تقوية جهاز المناعة!
ونبقى مع رأي الطب، حيث يؤكد الأطباء والمختصون أن القبلة هي المدخل الصحيح للعلاقة الجنسية الناجحة، وهي تؤدي إلى إفراز مادة في الجسم تنتمي إلى مجموعة (الأمفيتامنيات) وهذه المادة تجعل الإنسان يشعر بالحب الجارف والملتهب، والقبلة هي إحدى وسائل تجدد هذه المادة في الجسم لأنها تقل تدريجيا مع الوقت حتى أنها تصبح مسؤولة عن البرود العاطفي.
والقبلة أيضا مسؤولة عن تقوية الشعور العاطفي وتقوية الجهاز المناعي.. ذلك أن الشعور الناتج عن القبلة أي الشعور بالسعادة والبهجة، يؤدي إلى تنشيط الجهاز المناعي لسببين:
أولهما: زيادة إفرازات الأفيونات الداخلية ومادة الدوكامين مما يؤدي للشعور بالسعادة، وثانيهما أن الأعصاب المتصلة بالشفتين تنتهي بالفص الأمامي للمخ، وهو الجزء المسؤول عن الشعور بالنشوة والسعادة الداخلية.
لكن علم الطب نفسه عاد ليتحدث عن مساؤى القبلة الصحية، في نقل الأمراض والجراثيم، وخصوصا مع انتشار الاهتمام بصحة الفم، واكتشاف مصادر للأمراض الفموية، يسببها اختلاط اللعاب، أو تقرح اللثة، أو بعض الفطور والتقرحات التي لا تكون في بدايتها ظاهرة للعيان.
فالقبلة التي تحرك عجلة الحب، وتقوي جهاز المناعة، قد تورث المرض أحيانا.. وخصوصا إذا ما كانت من امرأة ساقطة، اعتادت أن تلتصق شفتاها كل يوم بشفتي رجل من دون أي رابط شرعي أو عاطفي حقيقي.. وأحيانا قد تدمن تلك الشفاه تقبيل أعضاء أخرى تبعا للثمن الذي يدفع والمال الذي يسفح.. سواء في حانات الجنس الرخيص، أو في بعض فنادق الخمس نجوم.. حيث الخدمات المتاحة لا تبدأ من القبلة ولا تنتهي فوق السرير.. وعندها لن تجد من لذة القبل سوى حرارتها المفتعلة، وأوبئتها الجاهزة!
وبعيدا عن حالة الاتجار بالمحرم والمبتذل بالجنس... فقد بقيت مضار القبلة الصحية الأخرى، مثل مضار التدخين في المقام والاعتبار... الكل يعرفون مساوئها المحتملة، لكنهم لا يستطيعون الاستغناء عنها، متى اشتعلت مشاعر الحب واللهفة على الشفاه، ودنا الحبيب في الزمان والمكان!
في الفن والسينما: توابل تجارية!
في الفن ألهمت القبلة كبار النحاتين والرسامين.. من (قبلة) بيكاسو الشهيرة، إلى تمثال الفنان الفرنسي أوجست رودان الذي استوحاه من الكوميديا الإلهية، إلى القبلات السينمائية التي لا تحصى في مسار السينما العالمية والعربية.. كلها جعلت للقبلة كيانا فنيا وشعوريا ألهب مشاعر الملايين من عشاق الفن ونجومه على مر سنوات طوال.. رغم أن الدافع الأساسي للقبلة في السينما كانت تجارياً، وكان الهدف منه جذب الجمهور... ولذلك اعتبرت القبلة من توابل الفيلم التجارية!
لكن ينبغي التنويه هنا بأن القبلة وجدت في السينما حياة أخرى لها، وبعد أن احتفلت السينما بمؤويتها منذ سنوات، أصبح بإمكان القبلة أن تحتفل بما حققته لها السينما من أسلوبية خاصة، يمكن أن نطلق عليها (القبلة السينمائية)
والقبلة السينمائية.. قد بلغت حدا من الاستقلالية إلى الدرجة التي يقول البعض إنه لا علاقة لها بالواقع الحقيقي اليوم، فهي قبلة تمتاز بالعنف المتقن، أي تبدو مثل طلقة مركزة الهدف، وقد عبر النجم الهوليوودي كلارك غيبل عن عنف وقوة القبلة السينمائية، وربما بعدها النفسي أيضا، بالقول: (اللذة التي أسها عندما أقبل امرأة هي نفس اللذة التي أحسها وأنا أصفعها!)
والقبلة السينمائية لا تعبر عن الحب إلا ممزوجا بذروة توتر، ولذلك تأتي القبلة أحيانا، مثل حل درامي مفاجئ، حين يستنفذ البطل كل الطرق الممكنة لإقناع البطلة، أو البرهان على حبه لها.. فلا يجد سوى أن يأخذها بين ذراعيه عنوة ثم يفاجئها بقبلة عنيفة تحسم الجدل والمواقف وتسقط كل الموانع من يدها!
كذلك فالقبلة السينمائية هي مسك الختام بعكس ما تبدو عليه في الحياة، فكم من فيلم أسدل مشهده الأخير على قبلة حارة بين البطل والبطلة، وكم من قبلة وضعت حدا لأحداث الفيلم ووصلت بالمشاهدين إلى النهاية السعيدة التي يبحثون عنها.
وأخيرا... ثمة من يرسم ظروفا معينة لحالة التواصل بالقبل بين الأزواج فيرى أن من الضروري ألا تتعجل القبلات حتى تسنح لك الفرصة، أو تصفو لك الأجواء.. بل قبّل وكأنك تنحت تمثالا من المرمر، وتنقل بين الرفق والهدوء الشاعري حينا، وبين الحرارة الملتهبة بالقوة والملأى بالرغبات حينا آخر، واستمتع بصوت القبلات وحرارتها.. وتذكر دائما كما أن الوردة لا تنشر عطرها إلا حين تعرق تحت أشعة الشمس، أو بين الأصابع المتلهفة التي يأكلها الشوق والانتظار، فإن القبلة لا تثير المرأة إلا حين تذوب حرارتها فوق شفتين تطبقان على الجمر.. وقلب يرتوي من الحب!
موضوع جامد جدا
تسلم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)