موضوع جميل
فعلا لنهضة مش هتحصل إلا لما نغير فكرنا
وطريقة تعلمنا وثقافتنا
شكرا على الموضوع
سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة من خلال طرح
الأفكاروالمناقشة والبحث
في سبيل نهضة إسلامية شاملة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
مقدمة لا بد منها
هل يعلم المسلم لماذا يواصل المسلمون تخلفهم ، ولماذا يزداد تفرقهم ، ولماذا يزداد بعدهم عن الإسلام، والإسلام بين أيديهم ؟؟؟
إن كنت ممن يحب الله ورسوله والإسلام بقلب طاهر سليم فستجد ضالتك في هذه السلسلة، وإن كنت تبحث عن الإسلام ولا تجده، فستجده في هذه السلسلة إن شاء الله، وإن كنت تريد نهضة الإسلام والمسلمين، ولكن لا تعرف كيف تتم، فابدأ بنفسك وتابع هذه السلسلة بشيء من الإهتمام، وإن كنت تريد أن تؤدي حق الله عليك في طلب العلم الشرعي والعمل بالإسلام والدعوة للإسلام فستعطيك هذه السلسلة حاجتك إن شاء اللهإن تابعتها بإخلاص
الحلقة الأولى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
هَلْ مَا دَرَسْنَاهُ ودرسَه الناسُ اليومَ فِيْ الْمَدَارِسِ ويدرسونَه؟ وهل الْعِلْمُ وَالْفِكْرُ الَّذِيْ تَلَقَّيْنَاهُ ويتلقاه الناسُ اليوم عن الإسلام، وَالَّذِيْ نُقِلَ إِلَىَ الْأَجْيَالِ الْحَاضِرَةِ هُوَ الْإِسْلَامُ الْحَقِيقَي الَّذِيْ نَزَلَ عَلَىَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أي هل الإسلامُ الذي نراه اليومَ بين أيدينا هو الإسلامُ الذي أنزله الله على سيدنا محمد؟ وهل الحياةُ التي يعيشُها المسلمون اليومَ هي الحياة الإسلامية التي ارتضاها الله للمؤمنين والمسلمين أن يَحيَوها؟ وهل الذلُّ والمهانة والخضوعُ والتخلفُ الذي يعيشه المسلمون اليومَ هو نتيجة للإسلام الذي كُلّفنا بحمله، أمَ الذي نحمله اليومَ يحملُ نفسَ اسم الإسلام، ولكنه ليس الإسلامُ الذي أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
في الواقع يَظُنُّ كَثِيْرٌ مِنَ المسلمين وغيرُ المسلمين وحديثو العهد بالإسلامِ أَنَّ العلمَ الذي تَلَقَّيْنَاهُ فِيْ الْمَدَارِسِ عن الإسلام، وَالْفِكْرَ الَّذِيْ يَتَنَاقَلُهُ الْمُسْلِمُوْنَ فِيْمَا بَيْنَهُمْ، وَالْعِلْمَ الَّذِيْ يَصِلُنَا مِنْ عُلَمَاءِ الْسُّوْءِ، وَالْوَاقِعَ الَّذِيْ نَعِيْشُهُ الْيَوْمَ، أَنَّ ذَلِكَ كُلَه يُمَثِّلُ صُوْرَةَ الْإِسْلَامِ الَّذِيْ نَزَلَ عَلَىَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصورةَ الحياة الإسلامية، وَفِيْ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ الْوَاقِعَ غَيْرُ ذَلِكَ تَمَاما، فَمَا دَرَسْنَاهُ اليومَ وَمَا يُدْرُسُهُ أَبْنَاؤُنَا فِيْ الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ وَغَيْرِهَا، وَمَا يَتَحَصَّلُهُ الْمُسْلِمُوْنَ من العلم عن الإسلام، وما يَرَوْنَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ، هُوَ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْإِسْلَامَ في بعض أحكامه، بل إنه ليس هو الإسلام، وَلَيْسَ مِنْ الْإِسْلَامِ فِيْ شَيْءٍ، لَا بِأُصُوْلِهِ وَلَا بِفُرُوْعِهِ، وَلَا بِحَقِيْقَةِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيه، ولا بِكَيْفِيَّةِ الْعَيْشِ بِه، فَكَيْفَ حَصَلَ ذَلِكَ؟
إِنَّ الْمَوَادَّ الْتَّعْلِيْمِيَّةَ فِيْ الْمَدَارِسِ كافة، مِنْ علوم عن الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ وَالتَوْحِيْدِ وَالقُرْآَنٍ الكَرِيْمٍ، هِيَ مُجَرَّدُ ثَقَافَةٍ ومعلومات، يَسْتَطِيْعُ الْمُسْلِمُ، بَلْ حَتَّىَ الْكَافِرُ أَنَّ يَتَعَلَّمَهَا، وأن يَحْفَظَهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، دُوْنَ أَنْ تُؤَثِرَ فِيْهِ مِثْقَالَ شَعْرَةٍ، لأن الْأَصْلَ فِيْ دَرْسِ الْإِسْلَامِ وَتَعَلّمِهِ عِدَّة مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ وَخَطِيْرَةً، وَهِيَ الَّتِي تَصْنَعُ الْشَّخْصِيَّةُ الْإِسْلَامِيَّة بِالْإِسْلَامِ الْحَقِيقَيِّ الَّذِيْ نَزَلَ عَلَىَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ الْتَّسْلِيمِ.
ولنبدأ بالأصلِ الذي يكونُ المسلمُ به مسلماً، ويُدخلُه في دائرة الإسلامِ والمسلمين، هذا الأصل هو الشهادتان، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حيث أن الدُّخُوْلَ فِيْ الْإِسْلَامِ لا يكونُ إلا بهاتين الشهادتين، وذلك بتَعَلُمِهِمَا ودَرْسِهِما وَفَهْمِهِمَا، والقبولِ بهما، أي بتَبَنّيهما، ثُمَّ الْعَمَلُ بما جاءتا، والعملُ عَلَىَ تَحْقِيْقِ مُقْتَضِيَاتِهِما فِيْ وَاقِعِ الْحَيَاةِ، وَهَذَا لَا يَتِمُّ إِلَّا عِنَدَمَا يؤمن الْإِنْسَانُ بِعَقْلِهِ بِوُجُوْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن هذا القرآن منزلٌ من عند الله، وأن محمدَ بن عبد الله نبيُّ الله ورسولُه، ثُمَّ يُؤَمِنُ بِمَا وَرَدَ فِيْ الْشَّهَادَتَيْنِ بِأَنَّ الْعُبُوْدِيَّةَ أَيُّ الْإِتْبَاعَ وَالْحَاكِمِيَّةَ، أَيْ الْأَمْرَ وَالْنَّهْيَ أنهُمَا لِلَّهِ وَحْدَهُ،َ لَيْسَتْ لِأَيِّ مَلكٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ رَئِيْسِ أَوْ بَرْلَمَانٍ، أو لأيِّ نظامٍ من أنظمة الدنيا.
من الطَبِيْعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْفِكْرَةَ بِهَذَا الْتَّفْسِيْرِ الْصَّحِيْحِ لَا تَرُوْقُ لِمَلِكٍ وَلَا لِحَاكِمٍ، وَلَا لَأَمْرِيكَا أَوْ أُوْرُوبَّا أو للشرق أو للغرب من المستعمرين والمحتلين لبلاد المسلمين،لَأَنّ هَذِهِ الفِكْرِةَ هِيَ الْفِكْرَةُ الْصَّحِيْحَة لِلشَهَادَتَينَ وهي تحمل في طياتها ثورةً تحررية عظيمة للإنسان، وتمرداً ضد كل ظلم وقهر وعبودية وفقر وذل وهوان، وفيهما تحرر من كل سيد على الأرض سوا الله سبحانه وتعالى، فَلِذَلِكَ فإن الشهادتين بواقعهما هذا التحرري لَا تُدَرّسُا اليوم فِيْ الْمَدَارِسِ بحقيقتهما على الإطلاق، بَلْ تُدرّسا مشوهةً وتُحْفظ مُجَرَّدَةً مِنْ أَيِّ مَعْنَىً وَفَهِمَ، لِأَنَّهَما لَوْ دُرِّسَتَا بِهذه الْكَيْفِيَّةِ الْصَّحِيْحَةِ، وَدُرِّسَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَىَ الْإِقْرَارِ بِهِمَا مِنْ تَبْنِي وَمِنْ عَمَل، لَأَدَّى ذَلِكَ لِأَنْ يَكْفُرَ الْنَّاسُ بِالْحَاكِمِ وَبِالنّظَامِ الَّذِيْ يُطَبِّقُهُ عَلَيْهِمْ، وَلدَعَاهُمْ ذَلِكَ لِلْخُرُوْجِ عَلَيْهِ، لِمُخَالَفَة الحاكمِ تطبيقَ شرع الله ومخالفتِه مَا تَقْتَضِيْهِ الْشَّهَادَتَانُ مِنْ تَكَالِيْفَ وَأَوَامِرَ وَنَوَاهٍ وَأَحْكَامٍ وَنُظُمِ، ولدعاهم للثورة ضد أعداء الإسلام والمسلمين والمغتصبين.
وَمِنْ هُنَا يَبْدَأُ الْخَلَلُ فِيْ بِنَاءِ الْشَّخْصِيَّةِ، فَبَدلاً مِنْ أَنْ تُصْبِحَ شَخْصِيَّةٌ الْمُسْلِمِ شخصية إِسْلامِيَّةً، تُصْبِحُ شَخْصِيَّةٌ مُسْلِمَةً بِالْهُوِيَّةِ فَقَطْ، وَيُصْبِحُ الْنَّاسُ "بِدُوْنِ عِلْم" يُؤْمِنُوْنَ بِشَيْءٍ غَيْرَ الَّذِيْ شَهِدُوْا لَهُ بالإلوهية وَهُوَ الْلَّهُ، وَيُؤْمِنُوْنَ فعليَّا بِغَيْرِ الْرِّسَالَةِ الَّتِيْ نَزَلَتْ عَلَىَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحقيقة فكرتها، وحقيقة العمل والحياة بها.
فَالإِلَهُ كَمَا ذَكَرْنَا هُوَ الْمَعْبُوْدُ الْمُطَاعُ الْمُتَّبَع، والشهادتان تطلبان ممن يشهدُ بهما أن لا يكون إلا الله هو وحده الإله، ولا يُقرُّ بالإلوهية لغيره، أي لا يُشرَك معه شيءٌ من الخلق أو الأنظمة أو القوانين، فيكون اللهُ هو السيدُ الآمرُ الناهي المشرّع المعبود المطاع،، وَرِسَالَةُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكُوْنُ الإِيْمَانُ بِهَا إِلَا إِذَا كَانَ لَهَا وَاقِعَا عَمَلِيّا، أَيْ تُطَبَّقُ فِي وَاقِعِ الْحَيَاةِ،، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذلك، لَمْ يشْهِدْ الْنَاسُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا الْلَّهُ، وَلم يشهدوا أَنَّ مُحَمَّدا رَسُوْلُ الْلَّهِ.
قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ فِيْ سُوْرَةِ الْأَنْعَامِ 19
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً، قُلِ الْلَّهُ شَهِيْدٌ بِيْنِيْ وَبَيْنَكُمْ وَأُوْحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ الْلَّهِ آَلِهَةً أُخْرَىَ، قُلْ لَا أَشْهَدُ، قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِيْ بَرِيْءٌ مِّمَّا تُشْرِكُوْنَ.
موضوع جميل
فعلا لنهضة مش هتحصل إلا لما نغير فكرنا
وطريقة تعلمنا وثقافتنا
شكرا على الموضوع
التعديل الأخير تم بواسطة فتى الإسلام ; 2 - 7 - 2010 الساعة 09:39 PM
بارك الله فيك حبيبتى أنجيوجزاك الله خيراًًوحشتنا مواضيعك الجميلة أنجى الغاليةدمتِ دائماً بسعادةيثبت أن شاء اللهمنى رشدى
ماما منى
فينك وحشتينى
انا بدخل الكافيه بقالى شهر كده ومش شايفاكى
وحشتينى موووووووووووووووووووووووو ووووت
شفتى صوره احمد ابنى
ايه رايك بقى فى العسل ده؟؟؟
شكرا لكى على الرد الجميل وعلى تثبيت الموضوع
وشكرا لفتى الاسلام على الرد والمرور
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة من خلال طرح
الأفكاروالمناقشة والبحث
في سبيل نهضة إسلامية شاملة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
الحلقة الثانية
مفهوم العبادة
إن العبادة بصورتها الشمولية تعني الإتباع، أي أن عبادة الله سبحانه وتعالى تتحقق في اتباع أوامر الله وإجتناب نواهيه كاملة، والإقرار بصلاحيتها دون غيرها من الأوامر والنواهي، فمن وجّه طاعته وإتباعه لأحد في الأرض، كطاعة الحكام من الملوك والرؤساء وغيرهم وإتباعهم من دون الله (طاعتهم واتباعهم في الأحكام السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو القضائية التي هي من عند غير الله، كما هو حاصل الآن في كل بلدان المسلمين)، أو طاعة أوامر أمريكا أو أوروبا أو الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى وقراراتها، والقبول بتقسيم بلدان المسلمين، والقبول بالجنسيات على أساس وطني أو قومي، أو القبول بالخضوع للدول التي تقيمها الدول الإستعمارية وتفرضها على المسلمين، يكون الإنسان (إن فعل ذلك أو أقره بلسانه أو بقلبه) قد وجّه عبادته، أي إتباعه لغير الله، حتى ولو صلى وصام .
مفهوم العبادة كما هو في الأصول، لا يُدرّس اليوم في المدارس على الإطلاق، حتى ولو كانت المدارس تستخدم جملاً تشير إلى المفهوم الحقيقي للعبادة، فهي إما أن تُدرِّس مفهوم العبادة للدارسين لفظاً لا معنىً، أي يتم تحفيظه خالياً من مفهومه، أو يًدرس اللفظ محرّفا عن مفهومه الأصلي، أو أن يُدرس اللفظ ويدرس مفهومه بشكله الصحيح، ولكن كون أن ليس له واقع في التطبيق فهو يفقد أهميته وقيمته لدى الدارس، فتجد الدارس ينظر إلى هذا اللفظ مجرداً، خالياً من قيمته وأهميته، وغير مكترث لذكره، فهو لا يحس بتأثيره فيه .
وإن اضطر المدرس أو أحدهم أن يصف للدارسين واقعاً للعبادة أي الإتباع وصفاً صحيحاً، قام مفترياً على الله ورسوله، قائلاً للدارسين أن دولتنا هي التي تطبق شرع الله، وأن الحاكم فلان هو ولي الأمر الشرعي، الذي يجب أن يُطاع ويُتبع، لأن طاعته من طاعة الله (حتى ولو حكم بالكفر)، فيجعل الجميع يوجهون عبادتهم وبالتالي طاعتهم إلى غير الله، أي لهذا الحاكم أو ذاك.
إن المدارس بكافة مستوياتها في كل بلدان المسلمين، الإبتدائية أو المتقدمة أو في الجامعات، لا تقوم بتدريس هذا الأصل من الأصول على الإطلاق بمفهومه الصحيح، بالرغم من أهمية هذا الأصل في تحديد عقيدة المسلم، وفي صبغ هويته، وفي تمييزها عن غيره.
إن تدريس المفهوم الصحيح والحقيقي للعبادة، يجعل المسلمين يدركون الوُجهة التي يجب عليهم توجيه عبادتهم أي طاعتهم أي إتباعهم لها، وهي الله سبحانه وتعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أمرا به، وبالتالي طاعة من قام على تطبيق أوامرهما واجتناب نواهيههما، ولجعلهم يدركون أنه يتوجب عليهم الكفر بالحكام الحاليين، ويدركون أنه يتوجب عليهم مخالفتهم وعدم اتباعهم، ولرأوا أنه يتوجب عليهم الخروج عليهم، وإيجاد حاكم حقيقي مكانهم.
ولذلك فإن مفهوم العبادة يُقصره المدرسون على مفهوم واحد فقط، وهو الصلاة والصيام والذكر، وبعض الأخلاق الحسنة، وعلى الصدقات، وعدم عبادة الأوثان،وما شابه هذه الأحكام، وقصر هذا المفهوم فقط على لفظ العبادة بالطبع يخالف مفهوم العبادة أصلاً وفرعاً، فيظن المسلم أو طالب العلم أنه يتصف بصفات المسلم الصحيح الحق، وأنه بذلك يعبد الله حق عبادته، ويظن الوالدان أنهما قد أحسنا وأبليا في تربية أبنائهما أحسن البلاء، ويظن المدرس الجاهل أنه يقوم بتدريس العبادة للدارسين على أكمل وأحسن وجه، وهو لا يدري أنه يضلهم ويزيدهم ضلالاً،فيباتون يعبدون غير الله، وهم يحسبون أنهم يعبدونه، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : سورة البقرة 177
ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة من خلال طرح
الأفكاروالمناقشة والبحث
في سبيل نهضة إسلامية شاملة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
الحلقة الثالثة
الشرك
[FONT='Times New Roman', serif][FONT='Times New Roman', serif]الشرك هو أعظم مصيبة تقع على الإنسان من فعل يديه، وهي التي تحدد هوية الإنسان،
وتحدد هوية حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه،
وتحدد هوية الدولة التي تحكم والمجتمعات، وتحدد مصير
هؤلاء كلهم، كما حصل لحياة أقوام مشهورة في التاريخ،
هذا الشرك يتعرض مفهومه في أيامنا إلى أعظم أنواع التحريف
والمغالطة، من خلال علماء السوء ومدرسين الدين في المدارس
والجامعات، حتى أوقعوا الناس جميعهم في الشرك، وجعلوا
أكثرهم مشركين وهم لا يعلمون، فقد أبرزوا صورة الشرك
أنها تتمثل فقط في عبادة الأصنام (التي لم يعد لها وجود في
ديار المسلمين منذ مجيء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)،
أو تتمثل كما يدعون في التمسح بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم،
أو بقبور الصالحين، أو بالتشفع بالرسول صلى الله
عليه وسلم حين الدعاء، أو بالصالحين من الصحابة أو التابعين أو غيرهم .
وتم التركيز كثيراً على هذا المفهوم لحاجة في نفس يعقوب،
وتم إهمال المفهوم الأصلي للشرك، ولكن الأهم من ذلك أن
التحريف الذي حصل لمفهوم الشرك غرضه أكثر من ذلك
بكثير كما ذكرنا، فالشرك لم تكن هناك مسألة من المسائل
في القرآن قد تعرضت للتوضيح والتبيان
والتحذير كمثله، حتى يرحم الله الناس فلا يقعون فيه فيخسروا الدنيا والآخرة.
الغرضمنتحريفمفهومالشركهوجعلالإتباعلغيرأوامرالله
منالحكاموالسلاطينالقائميناليومأمراًطبيعياً،
ولايُخرجمنالملةولايمسالعقيدة، مما مهّد للقبول بإتباع غير أوامر الله والعمل في خدمتها، وبالتالي نجد شعوب المسلمين اليوم مخدرة، وتأتمر بأمر الحاكم الكفري وهي تعلم، وتجتنب نواهيه من دون الله، ولا ترى في ذلك بأساً، وتنصاع لأحكامه وأنظمته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، بل وتقوم على تنفيذها وخدمتها، ولا ترى في ذلك بأساً.وانغمس الأفراد والشعوب بالتالي في الشرك انغماساً لعيناً مُهيناً مُذلاً، وأصبحت لدينا اليوم مجتمعات شركية، وأفراد مشركون، وأكثرهم لا يعلمون، وبات كثير منهم يظن أن صلاته في المسجد أو في البيت كافية لصلاح دينه أو عمله أو قبوله عند الله.
الشرك بخلاف الكفر، بالإمكان أن يقع فيه الإنسان المسلم بكل يسر وسهولة، وذلك بمجرد مخالفته شروط الشهادتين ومقتضياتهما، التي هي الإتباع المطلق لأوامر الله واجتناب نواهيه، مما ورد في القرآن الكريم وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فنجد أن الجندي البسيط الذي يعمل في أحد الأجهزة الأمنية، يتبع أوامرَ يُؤمر فيها بالتجسس على المسلمين، أو يُؤمر مثلُه بالتقبض على المسلمين، ممن لا يملكون دفتر إقامة على سبيل المثال، أو يؤمر مثله باقتحام بيوت الآمنين، فيتّبع هذا وذاك أوامرَ مخالفةً لأوامر الله سبحانه وتعالى، أي متبعين أوامر الحاكم، فيكونون بهذا قد أشركوا مع الله آمراً وناهياً آخر، وهذا هو الشرك بعينه.
ونجد الوزراء، وعلماء السلاطين، ومدراء الدوائر الحكومية ورؤساءها، في الجوازات والجنسية أو الأحوال المدنية، أو في المدارس أو الجامعات، أو الغرف التجارية أو الصناعية أو الجمارك أو غيرها، نجدهم بالأنظمة التي ينفذونها يخالفون أوامر الله سبحانه وتعالى، ويتبعون أوامر غيره من الحكام، أي يشركون مع الله آمراً وناهياً أخر، وذلك هو الشرك بعينه، يفعلون ذلك وهم لا يجدون في ذلك بأساً ولا يتورعون فيه، ثم يتوجهون إلى المساجد ليصلوا فيها مع المصلين، أو تكون لهم إمامة الناس في صلاتهم .
قال الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة 3:
وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
الحلقة الرابعة
التربية ومقياس الأعمال
التربية هي فن نقل الأفكار والمقاييس والقناعات لمستحقي التربية من الأفراد والمجتمعات،، أما مقياس الأعمال فهو القواعد المبدئية التي تستند إليها أقوال الناس وافعالهم وآراؤهم، أما التربية فإما أن تكون تربية على أفكار إسلامية وهذا الأصل في الإسلام وعند المسلمين، وإما تربية بأفكار ومقاييس وقناعات غير إسلامية (رأسمالية أو شيوعية) كما هو في الدول الغربية، أو تكون خليطاً نتناً من هذا وذاك كما هو في بلاد المسلمين كافة اليوم. أما مقياس الأعمال فهو إما أن تكون أفعال الناس وأقوالهم وآراؤهم مستندة إلى القواعد التي حددها الشرع الإسلامي من الحلال والحرام، أو تكون قواعد غير محددة الهوية تستند إليها الدول ويستند إليها الناس (كما هو الواقع في بلاد المسلمين ودولهم الكرتونية اليوم)، أو تكون قواعد أصلها وفرعها هو المصلحة ثم المصلحة ثم المصلحة(كما هو على الأطلاق في المبدأ الرأسمالي، في كل دول العالم اليوم بدون استثناء)
وبالتالي فإن كثير من المسلمين اليوم، وبالتحديد من الآباء، يعوّلون على المدارس في تربية أبنائهم، ويُلقون على عاتق المدرسة والمدرسين همّ التربية، ظناً منهم أن المدارس العربية أو غيرها، والمدرسين، يقومون كما تدعي الدول بمهمة التربية الإسلامية، ولا يعلمون أن الدول نفسها تتخذ مناهج تعليمية متعمدة، من شأنها أن تنشأ شخصية الفرد أو الطالب نشأة غير إسلامية، لأن نشوء شخصيات إسلامية عند هذه الدول الكرتونية يعتبر من المحاذير الشديدة القائمة، حتى لا تصبح هذه الشخصيات يوماً خناجر في خاصرة حكامها، وفي خاصرة الدول المستعمرة، على أساس مفهوم الشهادتين ومفهوم العبودية الصحيح .
إن التربية الإسلامية الصحيحة التي تُنشيء الشخصيات الإسلامية وتؤثر على سلوك المسلم فتجعله منضبطاً بالأحكام الشرعية تقوم على أسس محددة وهي كالتالي :
1) إثبات وجود الله، والتعريف الصحيح بخالق السموات والأرض
2) إثبات أن القرآن من عند الله وليس من عند محمد بن عبد الله
3) إثبات نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
4) التعريف الصحيح بالشهادتين كما ذكرنا
5) التعريف بمفهوم العبادة كما ذكرنا
6) التعريف بالشرك كما ذكرنا
7) المفاهيم المتعلقة بالعقيدة كمفهوم القضاء والقدر، ومفهوم الهداية، ومفهوم الرزق، ومفهوم إنتهاء الأجل، ومفاهيم أخرى
أما مفهوم مقياس الأعمال المرتبط إرتباطاً مباشراً بالتربية الإسلامية، فهذا يتعذر بل يستحيل على المدارس، في كل البلاد الإسلامية، في واقعها الحالي، أن تعلّمه أبناءنا أو أن تبني شخصياتهم على أساسه، وذلك يعود أولاً: لجهل المدارس نفسها لهذا المفهوم، وعدم وروده أصلاً في قواعد التربية عندهم، وثانياً: لأجل عدم رغبة المنهج التعليمي أن يصنع هذا المقياس في عقول الأبناء.
فمقياس الأعمال يعني أن يُبنى عقل الإنسان بكيفية يكون فيها إيمانه بأن كل فعل يفعله يجب أن يكون مستنداً إلى ما أمر الله به ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ونَهَيا عنه، أي أن الإنسان عندما يريد القيام بفعل يقوم فيقيسه على ما يرضي الله سبحانه وتعالى ولا يغضبه، أي على الحلال والحرام، وحيث أن الأحكام الشرعية تتضمن الواجب والمحظور(المحرم) والمكروه والمندوب والمباح، وجب أن تقوم التربية على هذا المقياس، فتكون أفعال المسلم مبنية ومبرمجة على هذه الأحكام الخمسة، ولا يكون مقياس أفعال الإنسان مبنياً على شيء آخر، كمقياس المصلحة مثلا (متع جسدية،جاه،سلطان،مال)، فيقدّم الإنسان بالتالي المصلحة على أحكام الشرع .
والحاصل أن المدارس والمدرسين لا يقومون بهذه التربية، بصناعة مقياس الأعمال هذا في عقول الأبناء، لأنهم إن فعلوا فسيخالف ذلك أفكاراً كثيرة ومفاهيم تريد الدول صنعها في عقول الأبناء والناس والمجتمع، كمفاهيم الوطنية والقومية، والولاء للحاكم (الملك، الرئيس) من دون الله، والخضوع لعبودية النظام الإقتصادي الرأسمالي، والولاء للأفكار الإجتماعية الغير إسلامية، ككشف العورات وإختلاط النساء بالرجال في الأماكن الخاصة، وكالعلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة، والعلاقات الشاذة، وكالتعاملات الظالمة في حق المرأة والزوجة والإبنة والإبن، والخضوع والولاء لأفكار كثيرة ومفاهيم مخالفة لعقيدة الإسلام، وما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أحكام.
هذه التربية المخالفة لأصل الإسلام وفروعه، من شأنها إفراز شخصيات غريبة في الأمة، بعيدة كل البعد عن الشخصيات القويمة الإسلامية، التي يُعوّل عليها في العيش بالإسلام وحمله ونشره وبناء حضارته .
وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم :
" وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا" (ما : هي "ما" الشمولية)
وقال رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم :
"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
الحلقةالخامسة
طريقة التفكير
مراعاة طريقة التفكير في التربية من أكبر المسائل الضرورية في التربية الإسلامية، وهي العملية الفعالة التي يجب الاعتماد عليها، وخاصة لصنْع الشخصية الإسلامية، إبتداء من المدرسة، مروراً بالتربية الفكرية لكامل المجتمع، وانتهاء بآخر يوم في حياة المسلم، فطريقة التفكير الإسلامية تعني أن يَبني المسلم كل أفكاره، وبالتالي كل أقواله وأفعاله على الفكر الإسلامي، المستند إلى ما أمر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلمبه ، فيكون رأيه يوافق رأي الإسلام، ويكون فعله كما جاء في الإسلام، ويكون قوله ليس فيه ما يخالف عقيدة الإسلام أو نظامه، أي أن يكون رأيه أو فعله ليس له مصدر غير ما هو من عند الله، من الأفكار الإلحادية (العلمانية)أو الديمقراطية أو الشيوعية، أو يوافق أي أفكار كفرية، كالدعوى الوطنية أو القومية، أو يوافق أي أفكار فيها تقديم للمصالح فوق أمر الله ونهيه، أو يوافق أي أفكار فيها استسلام للواقع المخالف لأمر الإسلام (أي بناء الآراء والأفكار والأفعال انطلاقا من الاستسلام للواقع).
وفي الواقع لا تجد المدرسين اليوم أو دكاترة الجامعات أو أسيادهم من الحكام، أو حتى علماء السلاطين، لا تجدهم يُبنون أفكارهم أو أقوالهم أو أفعالهم على أساس الفكر الإسلامي، بالرغم من علمهم الواسع بالإسلام، ناهيك عن تربية أبنائنا الصغار أو الكبار، أو باقي المجتمع على طريقة التفكير الغير إسلامية، بل تجدهم يتبنّون طريقة تفكير غير إسلامية في التدريس والتعليم والدعوة وفي استخدامها في حياة المسلم الفرد.
ولا نقول أنهم جميعهم يستخدمون طريقة التفكير الغير إسلامية تعمداً، إنما بناؤهم هم أنفسهم كان بهذه الكيفية التي قد أرضعوها من صغرهم إرضاعاً، حتى صارت طريقة التفكير الغير مستندة على أفكار الإسلام تجري في عروقهم مجرى الدم، فلا يؤثّر بعدها في أنفسهم أيُّ علم أو فقه أو أي ثقافة إسلامية .
فلو سألت أحدهم يوماً، ماذا ترى من حل لمشكلة فلسطين؟ لقال لك:لو أن الدول العربية اجتمعت، وتوحدت كلمتهم، لاستطاعوا الضغط على إسرائيل، أو أن يقول أحدهم: مالنا وما لهم، إنما يكفي أن نتضرع إلى الله ليعينهم على أمرهم، أو يقول غيره: ندع الأمر للفلسطينيين أنفسهم ليحرروا بلادهم من إسرائيل، ثم يكون لهم حكم ذاتي وتخلص المشكلة
نلاحظ من هذه الإجابات وهذه الآراء أنها كلها تستند على طريقة التفكير الغير إسلامية.في حين أن طريقة التفكير الإسلامية تنطلق من وجوب إعداد العدة للحرب والقتال وتحريك الجيوش والدعوة إلى الجهاد، تحت راية إسلامية، فنقوم فنحرر بلاد المسلمين من احتلال الأعداء الكفار المستعمرين، بما فيها بيت المقدس، طريقة التفكير الإسلامية هذه باتت غريبة، بل وممنوعة، وممنوع استخدامها على الإطلاق، ولا يُستند إليها في المدارس أو الجامعات، ويجافيها علماء السوء، ودكاترة التربية وعلماؤها، وكثير من المفكرين.
ولو نظرت إلى أحدهم وهو يتعامل مع غيره من المسلمين، لوجدته متفاخراً بالقومية التي ينتمي إليها مجَدَداً وبالجنسية التي يحملها، والتي قررتها أصلاً هيأة الأمم المتحدة(سعودي، أماراتي، كويتي، عراقي، سوري، مصري، تونسي، اريتري، أثيوبي، صومالي وهكذا)، أما طريقة التفكير الإسلامية التي لا تقر طريقة التفكير هذه ولا تقرّ الانتماءات القومية أي الجنسيات، وتمنع التعامل على أساسها، فقد باتت طي النسيان، وأصبحت مُنكَرة لمن يتحدث بها أو يتعامل على أساسها .
ولو أنكرت على أحدهم ممن يقوم بأعظم المنكرات، أو يقوم بأحد الأعمال أو الوظائف الشركية، كما بيّنا سابقاً، لأقر بأنه لم يجد غير هذا العمل أو هذه الوظيفة، ليكتسب من خلالها ويعتاش بها، جاعلاً الواقع مصدر تفكيره،، بهذه الكيفية يكون قد اعتمد طريقة التفكير الاستسلامية للواقع، وجعَلها مقياس أعماله، والقاعدة التي يبني عليها طريقة تفكيره، ولم يجعل طريقة التفكير الإسلامية هي الأساس الذي يبني عليها أفكاره وأعماله
ونرى علماء السوء أو المفكرين السياسيين، أو غيرهم من المثقفين،عندما يُسألون عن قضايا الأمة، نجد آراءهم كلها تنطق بطريقة التفكير الغير إسلامية، وتستند أساساً على الإقرار بالأوضاع السياسية الحالية، وعلى تقسيم بلدان المسلمين، وعلى الإقرار بهذا التقسيم، والإقرار بالحكام المتعددين (كما يدعونهم ولاة الأمر)، وعلى أن كل دولة يجب أن تحمي حدودها ومصالحها مقابل جاراتها من بلدان المسلمين، أما طريقة التفكير الإسلامية التي تقول أن كل المسلمين يجب أن تكون سيادتهم جميعهم على بلادهم واحدة، وجيشهم يجب أن يكون واحداً، وثرواتهم فيما بينهم منفعتها لهم جميعهم، وقوتهم واحدة، وأن تقسيم بلدان المسلمين الحالي إلى دول متعددة إنما هو من الكفر والمخالفة لأمر الله، واستسلام للعدو المستعمر، وأن حاكمهم يجب أن يكون واحداً، وشرعهم واحداً، ومرجعيتهم واحدة، وأن الرفض لتقسيمهم وانتمائهم المختلف لقوميات وأجناس متعددة أمر يجب أن يكون من المحاذير، ويجب أن يكون مرفوضاَ على القطع،،، طريقة التفكير هذه عند علماء السوء اليوم لا تجد لها واقعاً في عقولهم، أو واقعاً في نفوسهم.
طريقة التفكير الإسلامية في الحقيقة يستحيل استخدامها، إن لم تكن مقترنة مع أفكار الإسلام الأخرى، وتستحيل إذا لم تجد بقوة السلطان من يجعلها المقياس لجميع المعالجات وإدارة مصالح المسلمين، وفي التربية والتعليم، وفي محاسبة الحكام، وفي جعل الإسلام هو السائد في حياة الناس كافة، اقتصاديا وسياسياً وإدارياً وقضائياً وغير ذلك .
قال الله تعالى في سورة الأحزاب 36
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء 65
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا
ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت بهتنويه للجميع جميع تعليقاتكم وردودكم سأرسلها للمؤلف بعد إنتهاء السلسلة
كاملة حتى يتفضل بالرد عليها
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافةوالمعرفة
لحضرة الدكتور
محمد سعيد التركي
الحلقة السادسة
ولي الأمرتكمن مصيبة فكرة ولي الأمر عند تحريف المفهوم الذي تحمله هذه الفكرة، وخاصة أن فكرة ولي الأمر تعني للمسلمين أحد أركان دولتهم العظمى، التي تصل بحق إلى درجة التقديس، ففي فكرة ولي الأمر تماسك لدولة المسلمين، وحفظ لوحدة المسلمين ووحدة كلمتهم، وعظمة قوتهم وشدة بأسهم، لأن ولي أمر المسلمين هو القائم على أحكام الإسلام وأوامر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بتطبيقها وحمايتها وصونها، وإقامة أحكام الجهاد، ونشر الإسلام، ونصرة المسلمين، وحماية ديار المسلمين وأموالهم وأولادهم، وصون أعراضهم، وهو القائم على توظيف طاقات المسلمين وثرواتهم في سبيل النهضة والإنتاج، والعامل على رفاهية المسلمين، وحماية المسلمين من تدمير صناعاتهم وزراعاتهم وتجارتهم، والقائم على حمايتهم من تسلط أعدائهم، ومن احتكار الأموال والاستغلال، وحمايتهم من الفقر والحاجة والعوز، والعمل على عزتهم وحريتهم وتعزيز سلطانهم، وعدم التفريق بين ألوانهم، وعدم القبول بحدود تفصل بينهم وتميزهم أو تعاديهم عليها، وذلك كله كما جاء في الكتاب الكريم والسنة المطهرة.
لذا فإن ولي الأمر هو الذي يقوم على أحكام الإسلام، وتطبيقها كاملة غير ناقصة ولا محرفة، غير موالياً لأحد من الكافرين، وغير ناهباً لثروات الأمة، ولا مبدداً لها، وغير معطلاً لأي حكم من أحكام الإسلام، ويكون مُبَايَعاً بيعة حرة من المسلمين، وليست بيعة تدليس أو إيهام وخداع، أو بيعة جبرية قهرية ويكون مُبايَعاً بيعة لتطبيق أحكام الإسلام، وليست بيعة لمُلك أو لجمهورية أو ديمقراطية.
فليس ولي الأمر هو كل من أعتلى كرسي الحكم وارثاً إياه، أو مغتصباً إياه بسلطان من موالي أو بسلطان أجنبي، أو على حساب دماء ملايين من المسلمين وأعراضهم،
فالآية الكريمة في سورة النساء حيث قال رب الخلق أجمعين فيها: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"، ولم يقل الله سبحانه وتعالى فيها:أطيعوا أولي الأمر منكم والله والرسول، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى أولي الأمر منكم أو أحد من الخلق!!!، فلم تُجعل طاعة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم مهمّشة بعد طاعة أحد خلقه .
وما هو متبع اليوم في المدارس والجامعات كافة، وفي كل خطب المساجد، وفي كل أحاديث علماء السوء، هو التدليس على المسلمين، وتثبيت القناعة للدارسين بأن الحاكم الموجود الآن على كرسي الحكم، ملكاً كان أو رئيساً أو أميراً، إنما هو وليّ الأمر الذي أشار الله بإتباعه وطاعته، وعدم عصيانه وعدم الخروج عليه بشكل مطلق، حتى لو كان مطبقاً على الناس أحكاماً غير أحكام الإسلام، وحتى لو فجَرَ وَوَالى غير المسلمين، وحتى لو أعان اليهود في احتلال بيت المقدس وفلسطين أو ناصرهم
ولذلك أصبح المسلمون رجالهم ونساؤهم، شيوخهم وشبابهم وأطفالهم يحملون مفهوماً مُضَللاً عن ولي الأمر وطاعة ولي الأمر، فأصبحوا يتبعون ويخضعون لغير ولي الأمر الذي فرضه الله عليهم، ظناً منهم وجهلاً أو تجاهلاً أنهم يتبعون ويطيعون ولي الأمر، فيتبعون أحكام الكفر والضلال ويعينون عليها، ويعملون على ظلم أنفسهم والناس أجمعين، ويهيئون لأنفسهم طريقاً إلى النار، ومصيراً أسوداً في الدنيا والآخرة .
ولذلك لا عجب أن يعبث بالمسلمين أعداؤهم، ولا عجب أنهم يُهانون، ولا عجب أنهم يُستعبدون، وتُحتل بلدانهم وتُدنّس أراضيهم ومقدساتهم، وتُنتهك دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، وهم لا يحركون ساكناً، والسبب في ذلك أنهم وجهوا عبادتهم لغير الله، ممن يحكمهم بحكمٍ غير حكم الله، ممن يظنون أنهم أولي الأمر وشياطينهم وأعوان شياطينهم، مخدّرين بأداة التخدير الخبيثة )ولي الأمر وطاعة ولي الأمر) .
قال الله سبحانه وتعالى في سورة النساء 115:
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى، ونصله جهنم وساءت مصيراً
تنويه للجميع جميع تعليقاتكم وردودكم سأرسلها للمؤلف بعد إنتهاء السلسلة
مدونة سلسلة المعرفة
تهتم بنشر العلم والثقافة و المعرفة
لسعادة الدكتورمحمد سعيد التركي
الحلقة السابعة
التاريخ
التاريخ هو الحقبة التي تمرّ على الأمم والشعوب والبلدان، وتُصنع فيها أفكار ودول وأفعال وحضارات، ثم تنقضي، فيرث هذا كله أجيال جديدة، يحملونها ثم يورثونها لمن بعدهم من الأجيال والأمم والشعوب، فيقوم هؤلاء أو أولئك فيزيدون أو يغيرون أو يفرّطون في إرث من سبقهم، أي يصلحون هذا الإرث، أو يفسدونه بأفكار ودول وأفعال جديدة، فتنشأ حضارة جديدة، إما أن تكون هابطة، أو تكون أكثر رقيّاً من التي قبلها .
والتاريخ بالأعمال الجليلة والخير، وبالبطولات والفتوحات وقيادة الأمم دائماً كالتاريخ الإسلامي مفخرة للأجيال الحاضرة، وصانع لهويتهم الحالية، وتاج يحملونه فوق رؤوسهم، يسوقهم إن ثابروا على السير في نهجه إلى النهضة والتطور والرقي وقيادة الحاضر، والأخذ بزمام المستقبل، وخلاف ذلك تماماً من كان تاريخه أسوداً، مليئاً بدماء الأبرياء كالتاريخ والحاضر الأوروبي والأمريكي، ومليئاً بهتك الأعراض، وسفك الدماء، وتدمير حضارات الشعوب والأمم الأخرى، واحتلال الأراضي ونهب الثروات، كما فعلوا في أفريقيا وآسيا وأستراليا والأمريكتين، وما زالوا على ذلك.لم يمر على كل البشر أجمع، في الأرض كافة منذ سيدنا آدم عليه السلام، أرقى فكراً، وأضحى نوراً، وأنصع بياضاً، وأبهى منظراً، وأكثر عزة، وأوسع خيراً، وأشمل رحمة، واسما علماً وأدباً، وأرقى عمراناً من حضارة المسلمين وتاريخهم، التي صنعها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن تبعه من الخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم، حتى قبل أيام سقوط دولة الإسلام (قبل مائة عام) في أيدي أعداء الإسلام والمسلمين، من الكفار والمشركين والمنافقين .
هذا التاريخ الناصع، الأكثر نصاعة مما يتصوره المسلمون اليوم ويتخيلونه، هو الذي جعل المسلمين وأهّلهم لأن يسودوا الكرة الأرضية، أكثر من أحد عشر قرناً من الزمان، وما زالت آثار هذه السيادة باقية، نراها بأم أعيننا .
هذا التاريخ لم نجد أحداً من آبائنا أو أجدادنا اليوم، لطول العهد، من يتذكره ويحكي لنا عنه، أو يذكر لنا عن عزه وسؤدده، بل وجدنا بعض المعمّرين من يحكي لنا عن قُطّاع الطرق، وعن التشتت والجوع والقتل في مناطق المسلمين المختلفة مما رأت أعينهم، هذه المرحلة التي حكى عنها الأجداد القريبون، كانت هي المرحلة التي سقطت فيها دولة الإسلام العظمى، في أيدي الأعداء من أبنائها الخونة المرتدين وأحلافهم الأوروبيين، ورأت من الويلات ما نقله إلينا قريبو العهد من آبائنا، وهذا أشبه ما يكون بسقوط العراق اليوم في أيدي الأمريكان وأعوانهم من أبناء الأمة المرتدين والويلات التي نراها اليوم فيه.
أما المرحلة العظمى من تاريخ المسلمين، ورسولهم وأصحابه وتابعيهم وقواد المسلمين الحقيقيين حتى عهد قريب، والتي هي مفخرة للمسلمين أجمعين، ومفخرة لكل مسلم فرد، ومفخرة للمجتمعات المسلمة اليوم، فقد باتت اليوم يفتي فيها الحكام المتمسلمين، وسادتهم من الكفار الأمريكيين والأوروبيين .
قام هؤلاء الحكام وأعوانهم من علماء السوء ودكاترة الجامعات، ومن التربويين في مدارس أبنائنا وجامعاتهم، وعن طريق أجهزة الإعلام، قاموا يطعنون في تاريخ المسلمين وخلفائهم وقادتهم، ويقدمونه للشعوب، وخاصة لأبنائنا، على طبق من التشويه والتحريف والسخرية، ليخدم أغراضاَ كثيرة في بناء الشخصية الإسلامية والمجتمعات المسلمة، أهمها:· تحريف هوية المسلم وهدم شخصيته الإسلامية بالنيل من عزته وفخره بتاريخه، حتى يلغي المسلم فكرة المطالبة بالعودة إلى مثل هذا التاريخ من ذهنه.
· هذا التشكيك بالتاريخ الإسلامي له التأثير على مطالب الفرد المسلم الحالية، حيث يُقنع المسلم الحاضر بأن تاريخه ليس بخير من حاضره، بل إن حاضره خيراً من تاريخه، أو أن لا فرق بين الحاضر والماضي، فعليه أن يلتزم بحاضره ويرتضي حكامه لأنهم خيراً ممن سبقوهم، أو هم أمثالهم، أو أن هؤلاء الحكام قاتلهم الله خيراً من خلفاء المسلمين الراشدين، أو غير الراشدين، أو هم أمثالهم .
· إلغاء فكرة الرجوع إلى عز الإسلام والمسلمين، وبالتالي إلغاء فكرة المطالبة بالعودة إلى حكم الإسلام، في صورة الخلافة التي أورثها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولمن بعده .
· صرف نظر المسلمين إلى النهضة الأوروبية والأمريكية وإلى أفكارها، لأن تصبح هي المطلب الرئيسي للحاضر، والمطلب الرئيسي لصنع المستقبل وتبني الأفكار وبناء المجتمعات .
· يخدم هذا التشويه بشكل عام التشكيك في الإسلام ونظام الإسلام وصلاحيته، ويخدم كذلك هدم الثوابت التاريخية الموروثة من العلم والأدب والدين، وما يتبعها من أعراف وعادات وتقاليد، ومن أفكار ومقاييس وقناعات، التي هي اللبنات لبناء المجتمع الإسلامي، فيقومون بتغريب المجتمعات وإحرافها وإحراف هويتها وطريقة حياتها، وصناعة مجتمعات منحلّة من الدين والآداب الإسلامية والقيم كافة، لأن تكون كغيرها من المجتمعات الأوروبية والأمريكية في انحلالها، سيراً في ركب ما يسمى بالعولمة الكافرة .
قال الله تعالى في سورة النحل 25
ليَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ
وقال تعالى في سورة الأنعام 112:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون
وقال تعالى في سورة آل عمران69
وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)