تجربة قوى صعبة مع المعارضة عشية الانتخابات المحلية ... مصر: إضراب عام اليوم احتجاجاً على الغلاء والحكومة تحذّر من الإخلال بالأمن والعمل
القاهرة - محمد صلاح الحياة - 06/04/08//
تدخل الحكومة المصرية، ومعها الحزب الوطني الحاكم اليوم، في تجربة قوى صعبة مع القوى المعارضة التي دعت الى اضراب عام، احتجاجا على غلاء المعيشة. وفيما حاولت المعارضة، خلال الايام الماضية حشد اوسع جمهور ممكن في هذا الاضراب المطلبي، عبر شبكة الانترنت ورسائل الهواتف المحمولة، حذرت وزارة الداخلية من ان اجهزة الامن ستتخذ «اجراءات حازمة» ضد من يحاول التظاهر او الدعوة الى الاضراب. ويعتقد بأن كلا من الحكومة والمعارضة يراهن على هذا الاضراب ونسبة المشاركة فيه، عشية الانتخابات المحلية التي ترافق الاعداد لها مع حملة واسعة على جماعة «الاخوان المسلمين»، لإظهار مدى التجاوب الشعبي مع مواقفه. ويخشى ان تتحول محاولات التظاهر وتنظيم مسيرات للمعارضة الى صدامات مع قوى الامن او انصار الحزب الحاكم، في ظل اجواء متوترة تزيدها حرارة موجة الغلاء التي ضربت ذوي الدخل المحدود وتدني الخدمات الحكومية.
ورغم أن الدعوة إلى الإضراب تتخذ من الأوضاع المعيشية المتدنية للمصريين مبرراً لها، اعطى دخول أحزاب المعارضة على خط المشجعين على المشاركة فيها طابعاً سياسياً لا جدال فيه للمواجهة، خصوصاً أنها تأتي قبل يومين من انتخابات المحليات التي تشكو المعارضة، خصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين»، من أنها حُرمت من المنافسة فيها لضمان أن يكتسحها الحزب الحاكم.
وعكست تحذيرات أطلقتها أجهزة الدولة الأمنية عشية الإضراب مخاوف من حصول اضطرابات على الأرض اليوم. إذ قالت وزارة الداخلية إن أجهزتها «ستتخذ ما يلزم من اجراءات فورية وحازمة إزاء أي محاولة للتظاهر أو تعطيل حركة المرور أو اعاقة العمل في المرافق العامة أو التحريض على أي من هذه الأفعال وذلك انطلاقاً من أحكام القانون وحماية للصالح العام وأمن المواطنين».
ولفتت وكالة «فرانس برس» إلى أن الدعوة إلى هذا الإضراب تأتي بعد ارتفاع قياسي في أسعار السلع الغذائية بلغ أكثر من 16 في المئة منذ مطلع السنة، إضافة إلى أزمة في الخبز المدعم في بلد يعيش أكثر من 40 في المئة من سكانه تحت أو عند خط الفقر، وفق البنك الدولي. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن انفاق الأسرة المصرية ازداد بنسبة 50 في المئة خلال الشهور الثلاثة الاولى من هذه السنة.
ومنذ العام الماضي تعددت مظاهر الاحتجاج على انخفاض مستوى الأجور وارتفاع الأسعار وتدني مستوى الخدمات عبر إضرابات واعتصامات لفئات من الموظفين والعمال، كان أبرزها إضراب عمال المحلة وموظفي الضرائب العقارية والأطباء. وتعاطت أجهزة الحكومة مع تلك الاحتجاجات بطرق هادئة، وغالباً ما نال المضربون جزءاً مما يطالبون به، إن لم يكن كله.
ولأن الاقتصاد يختلط بالسياسة في ظل الاحتقان بين قوى المعارضة التي تتحدث عن إجراءات تحد من نشاطها وبين الحزب الحاكم الذي يشكو معارضوه من أنه وحده مسموح له باللعب في المسرح السياسي، فإن قوى المعارضة السياسية بمختلف أطيافها التقطت الدعوة إلى الإضراب، التي بدأها ناشطون استغلوا مهاراتهم في التعامل مع شبكة الانترنت ونشروا الدعوة عبر مواقع الكترونية، وروّجت لنشاطات احتجاجية وتظاهرات واعتصامات في أماكن مختلفة من المحافظات، بما فيها القاهرة وتحديداً ميدان التحرير.
وتقرر يوم الإضراب المفتوح في اليوم نفسه المقرر لموعد اضراب آلاف من عمال مصانع النسيج في مدينة المحلة للمطالبة بزيادة أجورهم.
ومع اتساع نطاق الدعوات إلى المشاركة في إضراب اليوم وتمسك القائمين به بدعوتهم، لجأت الحكومة إلى إطلاق تحذيرات شديدة من خطورة المشاركة في التحرك خصوصاً إذا ما حاول بعض المحتجين تحريك التظاهرات لـ «الإخلال بالأمن».
وتترقب الأوساط المصرية كيف سيتصرف نحو ستة ملايين موظف حكومي يعملون في الهيكل الإداري للدولة إزاء الدعوة إلى الاضراب. لكن مصادر رسمية أكدت أن هؤلاء سيتوجهون إلى أعمالهم «من دون الالتفات إلى الإضراب». وعُلم أن تعليمات صدرت إلى القيادات الإدارية بالتشديد على العمال والموظفين بضرورة الدوام في مقار أعمالهم وإلغاء الإجازات مهما كانت الأسباب. أما عمال وموظفو القطاع الخاص، فإن هؤلاء ستتحدد مواقفهم على الأرجح بحسب مستوى دخلهم والعلاقة بينهم وبين أصحاب العمل.
ونفت جماعة «الإخوان المسلمين» أن تكون بين الجهات الداعية إلى الإضراب. غير أنها، وهي التي تشكو من إجراءات حكومية طاولت مئات من ناشطيها على خلفية انتخابات المحليات المقررة بعد غد، أكدت أن الإضراب «حق طبيعي ودستوري». وتراهن قوى المعارضة على نجاح الإضراب، ولا تخفي نياتها في أن تعاوده وتصعّده ليصل إلى حد إعلان العصيان المدني إذا ما استجاب الناس له، في حين تسعى الحكومة والحزب الحاكم إلى إفشاله. وبين نجاح الإضراب وفشله ستتحدد صورة المشهد السياسي المصري في المستقبل القريب.
نقلا عن جريده الحياه