Wagih Elsayed *
Wagih Elsayed أخي الحبيب: إن من أعجب العجب أن يعصي العبد مولاه، وهو يعلم أنه يراه، ويعلم سره ونجواه، وهو الذي أوجده من العدم، وهو الذي أسبغ عليه النعم، ولو شاء لسلب كل نعمة، وأحل به كل نقمة، وجعله في هذا الوجود عبرة لأولي الأبصار.
اعلم أخي أن الله يمهل ولا يهمل، وأن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه أخذ عزيز مقتدر {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]
أخي الحبيب: تأمل هذه الحقيقة التي غفل عنها كثير من الناس اليوم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم غرز عوداً بين يديه، وآخر إلى جنبه، وآخر بعده، فقال: «أتدرون ما هذا»
قالوا: الله ورسوله أعلم
قال: «هذا الإنسان، وهذا الأجل، أراه قال وهذا الأمل يتعاطى الأمل، فلحقه الأجل دون الأمل».
اعلم أن الإنسان ما دام يأمل الحياة فإنه لا ينقطع أمله من الدنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن لذاتها أوشهواتها، من المعاصي وغيرها، ويؤمله الشيطان بالتوبة في آخر عمره، فإذا تيقن الموت وأيس من الحياة أفاق من سكرته {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99-100]
قال الحسن: "اتق الله يا ابن آدم، لا يجتمع عليك خصلتان، سكرة الموت وحسرة الفوت".
قال لقمان لابنه: "يا بني، لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة".
وقال بعض الحكماء: "لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل".
وقال بعض السلف: "ما نمت نوماً قط فحدثت نفسي أني أستيقظ منه".
وقال عون بن عبدالله: "ما أنزل الموت كُنْه منزلته من عد غداً من أجله، كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وكم من مؤمل لغد لا يدركه، إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره لبغضتم الأمل وغروره".
قال مالك بن دينار رحمه الله: "أربع من علم الشقاء: قسوة القلب، وجمود العين، وطول الأمل، والحرص على الدنيا".
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)