السلام عليكم و رحمته و بركاته
بـ الله نستعين و نتوكل
قصص توبة بعض أعلام الأسلام
و أئمه الزهد
و بعض الصالحين
( مع أختصار بعض الكلام من القصص )
(1) عابد البصرة عند الموت
كان بالبصره عابدُ قد أجهده الخوف و أسقمه البكاء فلما حضرته الوفاة جلس أهله يبكون فقال لهم :
أجلسونى و قال لأبيه : يا أبت ما الذى أبكاك ؟
قال: يا بنى ذكرت فقدك و انفرادى بعدك !
و قالت أمه : لتجرعى مرارة ثكلك !
و قالت زوجته : لفقد برك و حاجتى لغيرك !
و قال أولاده : لذل اليتيم و الهوان بعدك !
فعند ذلك نظر إليهم و بكى .. قالو ما يبكيك
قال : أبكى لأنى رأيت كلاً منكم يبكى لنفسه لا لى أما فيكم من يبكى
طول سفرى ؟
أما فيكم من يبكى لقلة زادى ؟
أما فيكم من بكى لمضجعى فى التراب ؟
أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟
أما فيكم من بكى لموقفى بين يدى رب الأرباب ؟
ثم سقط على وجهه فحركوه فإذا هو ميت .
(2) عابد يستعد للرحيل
يقول إبراهيم بن بشار رحمه الله : مررت أنا و أبو يوسف الغسولى فى طريق الشام فو ثب إليه رجل وسلم عليه ثم قال :
يا أبا يوسف عظنى بموعظة أحفظها عنك .
فبكى .. ثم قال: اعلم يا أخى
أن اختلاف الليل و النهار و ممرهما يسرعان فى هدم بدنك ..وفناء عمرك..وانقضاء أجلك...فينبغى لك
ان لا تطمئن .. ولا تأمن حتى تعلم مستقرك ..ومصيرك ..و ساخط عليك ربك بمعصيتك و غفلتك
أو راض عنك بفضله و رحمته !
ابن آدم الضعيف .. نطفة بالأمس ..جيفة غداً .. فإن كنت ترضى لنفسك بهذا فسترد و تعلم و تندم فى وقت لا ينفعك الندم .....
فبكى أبو يوسف و بكى الرجل و بكيت لبكائهما ...
(3) العباد الثلاثة مع القضاء و القدر
قال بشر بن بشار المجاشعى وكان من العابدين :
لقيت عبادا ثلاثة ببيت المقدس .. فقلت لأحدهم : أوصنى ؟
ق. .. ألق نفسك مع القدر حيث ألقاك .. هو أحرى أن يفرغ قلبك .. ويقل همك .. وإياك ان تسخط ذلك ..فيحل بله السخط .. و أنت عنه فى غفلةٍ لا تشعر به
...
قلت لأخر : أوصنى ؟
ق.. ما أنا بمستوص فأوصيك .. قلت على ذالك عسى الله أن ينفعنى بو صيتك..
ق.. أما إذا أبيت إلا الوصية فاحفظ عنى .:: التمس رضوانه فى ترك مناهيه .. فهو أوصل لك إلى الزلفى لديه
فقلت لأخر
... أوصنى ...فبكى و استحر سفوحا (دموع) .ثم قال :
أى أخى ..لا تبتغ فى أمرك تدبيراً غير تدبيره ...فتهلك فيمن هلك و تضل فيمن ضل ....
(4) العابد و فقد البصر
قال الشيبانى : أخبرنى صديق لى ...قال : سمعنى شيخ و أنا أشتكى بعض ما عمنى إلى صديق ...
فأخذ بيدى و قال لى ...
إياك و الشكوى إلى غير الله ... فإنه لا يخلو من تشكو إليه أن يكون صديقا أو عدوا .
فأما الصديق ...... فتحزنه و لا ينفعك ..
فأما العدو فيشمت بك ....أنظر إلى عينى هذه
والله ما أبصرت بها شخصا و لا طر يقا مذ خمس عشرة سنة وما أخبر ت بها أحدا إلى هذه الغاية...
أما سمعت قول العبد الصالح
( إنما أشكوا بثى و حزنى إلى الله ) ...
فاجعله مشتكاك و مفزعك عند كل نائبة ... فإنه أكرم مسوول وأقرب مدعو إليه..
(5) ليالى العباد الزهاد
قال مطر الوراق : بات هرم بن حيان ليلة عند حمحمة ...
ق : فبات حمحة ليلته يبكى كلها حتى أصبح .. فلما أصبح قال له هرم يا حمحمة ما أبكاك ؟
ق : ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فيخرج من فيها
.
وبات حمحمة عند هرم ليلة باتها هرم باكياً حتى أصبح ... فقال له حمحمة ما أبكاك حتى الصيح ؟
ق :ذكرت ليلة صبيحتها تناثر نجوم السماء .. فأبكانى ذلك ....
قال...و كان يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان سوق الريحان ... فيسألان الله الجنة و يدعوان
ويذهبا إلى الحدادين فيعوذان من النار ثم يتفرقان إلى منازلهما ....
( 6 ) الحجاج العابد الزاهد
قال أبو عبد الله مؤذن مسجد بنى جدار:
جاورنى شاب فكنت إذا أذنت للصلاه و أقمت كأنه فى نقرة قفاى..فإذا صليت صلى .. ثم لبس نعليه فدخل منزله..فكنت أتمنى أى يسألنى حاجة ....
فقال لى ذات يوم : عندك مصحف تعيرنى أقرأ فية ؟ فأخرجت إلية مصحفا فدفعته إليه فضمه إلى صدره .. ثم قال ...ليكونن لى ولك شأن ..
ففقدته ذالك اليوم و أقمت المغرب و لم يخرج أقمت العشاء و لم يخرج ...فصليت العشاء الأخرة و ساء ظنى
فذهبت إلى داره .. فإذا فيها دلو و مطهرة و إذا على الباب ستر فدفعته فإذا هو ميت و المصحف فى حجره ....
فأخذت المصحف و أستعنت بالقوم على حمله و ضعه على السرير ....و بقيت أفكر من أكلم حتى يكفنه ..
فأذنت للفجر و دخلت المسجد لأركع ..فإذا بضوء فى القبلة فدنوت منه ...فإذا هو كفن ملفوف فى القبلة..
فحمدت الله وأدخلته بيتى و خرجت للصلاه.. فلما سلمت فإذا عن يمينى :
ثابت البنانى ......... مالك بن دينار .......حبيب الفارسى ......صالح المرى .....( من أئمه الزهاد )
فقلت لهم : يا أخوانى ما غدا بكم ؟ قالو لى ...مات فى جوارك اللية أحد ؟
قلت ..شاب كان يصلى معى الصلوات ... ..........
فقالو أرناه فلما دخلو ا عليه
كشف مالك بن دينار الثوب عن وجهه ......ثم قبل موضع السجود بوجهه ..... ثم قال : :
بأبى أنت يا حجاج ..إذا عرفت فى موضع تحولت منه إلى موضع غيره حتى لا تعرف ....
خذوا فى غسله .. ومع كل واحد منهم كفن ..طال أمرهم فى من يكفنه بكفنه..فحكيت ما حدث لى فى قصة الكفن
فأخرجته و كففناه به و ما كدنا نرفع جنازته من كثرة من حضره من الناس ...
( 7 ) العابد و النملة
محمد بن نعيم رحمه الله :
دخلت على بشر بن الحارث فى علته .فقلت ..عظنى...
فقال : إن فى الدار نملة تجمع الحب فى الصيف لتأكله فى الشتاء.....فلما كان يوم أخذت فى فمها حبة .فجاء عصفور فأخذها و الحبة ..فلا ما جمعت أكلت و لا ما أملت نالت ..........
قلت له زدنى : قال :
ما تقول فيمن القبر مسكنه..و الصراط جوازه..و القيامة موقفه..و الله مسائله........فلا يعلم إلى الجنة يصير فيهنئ ..أو إلى نار فيعزئ ؟
فواطول حزناه .. وواعظم مصيبتاه ...زاد البكاء فلا عزاء .. واشتد الخوف فلا أمن
فانظر
خبزك من أين هو ؟
مسكنك الذى تتقلب فيه كيف هو ؟
لا تحب أن تحمد .... ولا تحب الثناء ....
( 8 ) العابد الذى لا يسأل إلا ربه
روى ان سالم بن عبد الله بن عمر العدوى
دخل على هشام بن عبد الملك الخليفة الأموى ..وهو بالمسجد ...فقال له :
يا سالم سلنى حاجتك؟
فقال سالم : : إنى لأستحى من الله أن أسال فى بيته غيره....
فلما خرج خرج هشام فى أثره فقال له : ها أنت قد خرجت من المسجد فسلنى حاجة ؟
فقال سالم : يا أمير المؤمنين أسألك من حوائج الدنيا .... أم من حوائج الأخرة ؟
فقال له : لا يا أخى ..بل من حوائج الدنيا ....
فقال سالم :
أنا ما سألت الدنيا من يملكها ...... فكيف أسأل من لا يملكها !!
( 9 ) العابد المبصر الأعمى
روى أن يونس بن يوسف
لقى امرأة فوقع نظره عليها فتألم من ذلك .... و قال :
اللهم إنك جعلت بصرى . نعمة منك على .. وإنى أخاف أن يكون نقمة على ...فأقبضه إليك...
فأعماه الله ..
وكان يأخذ بن أخيه معه حين يذهب إلى المسجد و كان صغيرا....فيوصله ثم يذهب يلعب مع الصبيان فإذا عرضت للشيخ حاجة دعاه...
ذات مرة و هو فى المسجد أحس بشئ يدب حوله فخاف الشيخ ..و دعا الصبى .. و كان يلعب ولم يجبه ..
فرفع طرفه إلى السماء و قال :
إلهى.وسيدى..ومولاى..
سألتك أن تقبضه فقبضه..وقد خشيت الفضيحة فرده على ..
فرد الله عليه يصره ..و انصرف إلى المنزل بصيرا...
قال مالك بن أنس ....
رأيته أعمى ........ و بصيرا ........!
( 10 ) زاهد يزوج ابنته
عن ابن أبى وداعة قال:
كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدنى أياما .. فلما جئنه قال : أين كنت ؟ قلت : توفيت أهلى فاشتغلت بها ...
فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها ؟ قال : ثم أردت أن أقوم ... فقال : هل استحدثت امرأة ؟؟
فقلت ..يرحمك الله ..ومن يزوجنى ..وما أملك إلا درهمين او ثلاث !
فقال : أنا ..فقلت ::أو تفعل ؟ قال نعم..ثم حمد الله تعالى ..وصللا على النبى صلى الله عليه و سلم..وزوجنى على درهمين....قال : فقمت و ما أدرى ما أصنع من الفرح....
فصرن إاى منزلى.واسترحت.وكنت وحدى وصائما...فقدمت عشائى أفطر ..كان خبزا و زيتا...فإذا بآت يقرع
فقلت :من هذا : قال : سعيد ..............
قال : ففكرت فى كل إنسان اسمه سعيد إلا ( سعيد بن المسيب ).فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته و المسجد ...
فقمت فخرجت فإذا بسعيد بن المسيب ..فظننت أنه قد بدا له..فقلت : يا أبا محمد ...ألا أرسلت إلى فآتيك....
قال : لأنت أحق أن تؤتى...قلت : فما تأمر ؟ قال : : إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت فكرهت أن تبيت اللية وحدك
وهذه امرأتك ..فإذا هى قائمة من خلفه فى طوله ..ثم أخذها بيدها بالباب ورد الباب
فسقطت المرأة من الحياء..فاستوثقت من الباب.ثم تقدمت إلى القصعة التى فيها الزيت و الخبز فوضعتها فى ظل السراج لكى لا تراه.......
ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاؤونى ..فقالوا ما شأنك ؟ قلت :
ويحكم زوجنى سعيد بن المسيب ابنته اليوم ..وقد جاء بها على غفلة..
فقالوا: سعيد و المسيب زوجك ؟ !قلت :نعم وهى بدار.....
قال : فنزلوا هم إليها و بلغ أمى فجاءت و قالت : وجهى من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام ....
قال: فأقمت ثلالثة أيام ..ثم دخلت بها...فإذا فهى من أجمل الناس.وإذا هى أحفظ الناس لكتاب الله ... أعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ..وأعرفهم بحق الزوج.........
قال :فمكثت شهرا لا يأتينى سعيد ..وآتيه ...فلما كان قرب الشهر أتيت سعيدا و هو فى حلفته ..فسلمت عليه..فرد السلام ..و لم يكلمنى حتى تقوض أهل المجلس فلم يبق غيرى....
قال : ما حال ذلك الرجل
؟
قلت: خيرا يا أبا محمد على ما يحب الصديق و يكره العدو ......
قال : إن رابك شئ فالعصا..فانصرفت إلى منزلى فوجه إلى بعشرين ألف درهم ......
قال عبد الله بن سليمان :
و كانت بنت سعيد بن المسيب قد خطبها عبد االملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد..
فأبى سعيد أن يزوجه....