" ماذٌكر في هبوط آدم إلي الأرض وبنائه الكعبة وحجه وطوافه بالبيت "
عن أبو الوليد الأزرقي عن مهدي بن أبي المهدي عن إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني عن مهدي بن معقل عن وهب بن منبه قال : إن الله تعالي لما تاب علي آدم عليه السلام أمر أن يسير إلي مكة فطوي الأرض وقبض له المفاوز فلم يضع قدمه في شئ من الأرض إلاصار عمرانا وبركة حتي إنتهي إلي مكة ، فعزاه الله تعالي بخيمة من خيام الجنة ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة ، ونزل معها الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من رباض الجنة وكان كرسيا لآدم يجلس عليه ، فلما صار آدم إلي مكة فكانت الملائكة تحرس له تلك الخيمة من سكان الأرض ، وسكانها يومئذ الجن والشياطين فلا ينبغي لهم أن ينظروا لشئ من الجنة لأنه من نظر إلي شئ من الجنة وجبت له وكان وقوف الملائكة علي أعلام الحرم صفا واحدا مستدرين بالحرم الشريف كله ، الحل من خلفهم والحرم كله من أمامهم ، ومن أجل مقام الملائكة حرم الحرم إلي ماشاء .
ولما بني آدم البيت بدلالة من الله من خمس جبال ( جبل لبنان ، وطور زيتون ، وطور سيناء ، وجبل الجودي ، وجبل صحرا " وانتهي من البناء . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : حج آدم عليه السلام فقضي المناسك فلما حج قال : " يارب أن لكل عامل أجراً " - قال الله تعالي : " أما أنت ياآدم فقد غفرت لك وأما ذريتك فمن جاء منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له " فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة فقالت " بر حجك يا آدم فقد حججنا قبلك بألفي سنة " قال : فما كنتم تقولون حوله؟ قالوا : كنا نقول " سبحا ن الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" .. فقال آدم " فزيدوا فيها ولاحول ولا قوة إلا بالله " فزادت الملائكة في ذلك ، وطاف بالبيت .
(( بناء إبراهيم البيت العتيق ))
ولما جاء زمن إبراهيم عليه السلام وأمره الله أن يبني البيت وولده إسماعيل علي القواعد القديمة للبيت ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لاتٌشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) سورة الحج الآية 26 ،27 .
ولم يكن إبراهيم يدري مكان البيت حتي بعث الله ريحا يقال لها " الخجوج "لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست له ماحول الكعبة عن أساس البيت الأول وأتبعاها بالمعاول يحفران حتي وضعا الأساس وفي ذلك يقول الله تعالي " وإذا بوأنا لإبراهيم مكان البيت " فلما بلغا القواعد وبنيا الركن قال إبراهيم عليه السلام لإسماعيل إطلب لي حجرا حسنا أضعه هنا وانطلق إسماعيل يبحث عن الحجر وجاء جبريل يحمل الحجر الأسعد ووضعه إبراهيم وبنيا البيت وهما يدعوان " ربنا تقبل من إنك أنت السميع العليم " ولما فرغ إبراهيم خليل الرحمن من بناء البيت الحرام جاءه جبريل فقال له : طٌف به سبعاً - فطاف به سبعا هو وإسماعيل ولم أكملا الطواف صليا خلف المقام ركعتان ثم قام معهما جبريل فأراهما المناسك كلها ( الصفا والمروة ، والزدلفة ، ومني ، وعرفة ) حتي إنتهيا منها - قال جبريل لإبراهيم : " أعرفت مناسكك ؟ قال إبراهيم نعم : فأمره أن يؤذن في الناس بالحج . فقال إبراهيم مناجياً ربه : " يارب مايٌبلغ صوتي "؟ قال سبحانه وتعالي " عليك الآذان وعليَ البلاغ " . وأذن إبراهيم وقال : " أيها الناس كٌتب عليكم الحج إلي البيت العتيق فأجيبوا ربكم ". فأجابوه من كل بقاع الأرض واستقبل إبراهيم الحجيج وعلمهم المناسك - إلا أن الناس بعد ذلك ضلوا عن سنته إلي أن أحياهاسيد المرسلين وحبيب رب العالمين سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم .
عن أبو وليد بن أحمد الأرزقي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال : أخبرني بن إسحاق أن بني إسماعيل وجرهم من ساكني مكة ضاقت عليهم مكة فتفسحوا في البلاد والتمسوا المعاش فيزعمون أن أول ماكانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لايظعن( يخرج منها ويتركها ) من مكة ظاعن منهم إلا إحتمل معه من حجارة الحرم تعظيما للحرم وصبابة ( حبا وشوقا )بمكة وبالكعبة حيثما حلوا وضعوه وطافوا حوله كالطواف بالكعبة حتي سلخ بهم إلي أن كانوا يعبدون ماستحسنوا من الحجارة وأعجبهم من حجارة الحرم خاصة ، حتي خلفت الخلوف بعد الخلوف ونسوا ماكانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره ، فعبدوا الأوثان وصاروا إلي ماكانت عليه الأمم من قبلهم من الضلالات وانتجسوا ، وكان أول من غير دين إبراهيم ونصب الأوثان هو عمرو بن لٌحي .