جريده المصرى اليوم 29/4/2008
لجنة الصحة بـ«الشعب» تؤجل زيارتها لدمياط بعد تأكيدات علي نقل مصنع «أجريوم»
كتب ناصر الكاشف وعماد الشاذلي و محمد عبدالخالق مساهل 29/4/2008
البرادعى
علمت «المصري اليوم» أن الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، والدكتور حمدي السيد، رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس الشعب، وصلتهما معلومات تؤكد أن الحكومة تراجعت عن موقفها بإقامة مصنع «أجريوم» للأسمدة في مدينة رأس البر بدمياط، وأن قراراً وشيكاً سيصدر خلال الأيام المقبلة بنقله إلي موقع جديد بعيداً عن دمياط، ربما يكون في السويس، وتحديدا «العين السخنة».
قالت مصادر في لجنة الصحة إن الدكتور حمدي السيد أجري اتصالا أمس الأول بالدكتور فتحي البرادعي، محافظ دمياط، أخبره خلالها بأن اللجنة أرجأت الزيارة لحدوث مستجدات في القضية، موضحة أن الحكومة سوف تنقل المصنع، وهو ما يجعل الزيارة دون جدوي، كما ألغت القوي السياسية والشعبية وقفتها الاحتجاجية التي كانت مقررة اليوم أثناء زيارة اللجنة.
وقال الدكتور حمدي السيد إنه تم تأجيل زيارة اللجنة بقرار من الدكتور سرور، دون تحديد موعد آخر، مشيرا إلي أن الحكومة تجري اتصالات مع المسؤولين في شركة «أجريوم»، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الاتصالات إلي تحقيق طموحات أهل دمياط بنقل المصنع.
وأضاف: «هناك اتصالات أخري يجريها الدكتور سرور، يبحث خلالها عدة مقترحات لمناقشة الأزمة، منها عقد جلسة في المجلس بشأنها، أو تشكيل لجنة لبحثها من جميع الجوانب»، مشيراً إلي وجود مبادرة تدعو إلي تشكيل هيئة محايدة من أساتذة البيئة برئاسة الدكتور مصطفي طلبة، الخبير الدولي في شؤون البيئة، لمراجعة الآثار البيئية الناتجة عن «المصنع».
من جانبه، تعهد البرادعي خلال لقائه ممثلي القوي السياسية والشعبية في مكتبة مبارك العامة بعدم إقامة المصنع علي أرض المحافظة، وقال: «علي مسؤوليتي.. المشروع لن يقام علي أرض دمياط»، مؤكدا أن قراراً سيصدر قريباً بهذا الأمر، لذلك «لا داعي للوقفات الاحتجاجية وتصعيد الموقف والغضب الجماهيري لحين الانتهاء من الاتفاقيات مع الجانب الكندي».
وطلب المحافظ من صلاح غنيم، أمين عام الحزب الوطني بالمحافظة، وأحمد فايد نقيب المحامين، وعدد من قيادات اللجنة الشعبية لمناهضة المشروع أمس إلغاء الوقفة الاحتجاجية المقررة اليوم الثلاثاء، لكن ناصر العمري، منسق اللجنة، أكد تمسكه بتنظيمها، حتي الإعلان عن إلغاء المشروع رسميا.
وقال العمري: «الوقفة ستتم بشكل متحضر، وصامت»، مطالباً بكتابة وثيقة يوقع عليها أمين عام الحزب الوطني، وأعضاء مجلس الشعب، يذكرون فيها أن إلغاء المشروع سيتم علي مسؤوليتهم، وإذا تم تنفيذه، فهم مستعدون للمحاكمة الشعبية، وتقديم استقالاتهم.
وأضاف أن اللجنة بصدد إصدار البيان رقم 4 للتأكيد علي الاستمرار في انتهاج أسلوب الوقفات الاحتجاجية، حتي يتم إلغاء المشروع.
في السياق نفسه، استقبل مصيف رأس البر أمس آلاف الزائرين من مختلف المحافظات، للاستمتاع بيوم شم النسيم علي شاطئ البحر، وسط تواجد أمني مكثف، بينما اكتست الفيلات والعشش بالأعلام السوداء واللافتات المناهضة للمصنع.
«أجريوم» الكبير وأخوه الصغير
بقلم د.درية شرف الدين
في غمرة المقاومة الدمياطية العنيدة لمصنع اليوريا والأمونيا بجزيرة رأس البر السياحية لأصحابه، شركة أجريوم الكندية، تكعبل الناس هناك بالصدفة في مصنع آخر لم يكن أحد يدري عنه شيئاً ،وعثروا عليه مختفياً في حماية المنطقة الحرة بميناء دمياط الجديدة، التي لا يستطيع أحد من المواطنين دخولها إلا بكارنيه خاص، لذا لم يكن متاحاً أن يعرفه أحد حتي استتب علي الأرض وارتفعت مبانيه، وطالت بعيداً عن عيون الناس، وأصبح مهيأً للإنتاج في شهر يونيو القادم لمليون طن سنوياً، وبمعدل1200 طن يومياً من الأمونيا و 1290طن، يومياً من اليوريا وهي كميات، لو تعلمون مهولة وتبلغ نصف إنتاج أخيه مصنع أجريوم الكبير وفي قول آخر، تبلغ ثلثي إنتاجه، وعندما اكتشف الأهالي وجود هذا الأجريوم الصغير اللعين اجتمعوا علي رأي واحد يعكسف نصاحة الدمايطة، فقد قرروا أن يتستروا علي هذا المولود غير الشرعي، وكأنهم لا يعلمون عنه شيئاً، حتي يتفرغوا لمقاومة أجريوم الكبير والقضاء عليه قضاء مبرماً وطرده خارج الحدود، وهم اليوم في انتظار زيارة السيد رئيس الوزراء لإعلان هذا النبأ العظيم، إن صدق كلام الجرائد.
نعود إلي أجريوم الصغير، الذي يتبع شركة موبكو «مصر لتصنيع البترول» لإنتاج اليوريا والأمونيا، والذي لا يبعد كثيراً عن أخيه، والذي استطاع أن يلفت من الأنظار منذ سبتمبر عام2005 ويضع قواعده علي الأرض، وينتهي من معظم أعماله الهندسية ويحصل علي كل الموافقات اللازمة لإنشائه وتشغيله، وهو يمثل باكورة مجمع البتروكيماويات شرق القناة الملاحية بمدينة رأس البر التي طلب الدكتور عبدالعظيم وزير، محافظ دمياط الأسبق ومحافظ القاهرة الحالي، تخصيص 750فدان لها عام2002 من وزير الإسكان السابق المهندس محمد إبراهيم سليمان، الذي وافق مشكوراً علي هذا التخصيص، الذي يجاور مناطق الاستثمار السياحي، وبذلك أصبح أجريوم الصغير يتمتع بالحصانة والشرعية أو يبدو له ذلك.
ومنذ أيام قرر هذا الأجريوم الصغير أن يعلن عن نفسه وكأنه قد مل الاختفاء والتجاهل وتسليط الأضواء علي الأجريوم الكبير، وبدأ تشغيله التجريبي في المساء، وارتفعت أصوات ماكيناته الضخمة واستمع الناس إليها في رأس البر وفي دمياط الجديدة وفي بلدة السنانية المجاورة، التي تعتبر مجمعاً بديعاً لأشجار النخيل في محافظة دمياط، ولم يكتف بذلك، بل تصاعدت منه أبخرة وأدخنة كثيفة صاحبها فرقعات وأصوات عالية ورائحة كريهة فانتبه الناس إليه، حيث لم يعد يجدي التجاهل، وكانت البداية بلاغاً إلي النائب العام ضد المصنع باعتباره جريمة تسبب أضراراً للمواطنين، وشروعاً في رفع دعوي مستعجلة ضد من ثبت أنه أعطي موافقة علي إقامة هذا المصنع، وتهديداً بالاعتصام من جانب المضارين من إزعاج أصوات الماكينات والأدخنة الخانقة.
وهكذا انضم أجريوم الصغير، الشهير بمصنع موبكو، إلي أخيه أجريوم الكبير، الشهير بمصنع الموت، ليكوّنا ثنائياً مستهدفاً من الدمايطة، حتي لو اقترب الأول من التشغيل الفعلي بعد شهر أو اثنين.
هذا في الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة الشعبية للدفاع عن البيئة في دمياط عن تأسيس مرصد بيئي يحمل اسم د. مصطفي مشرفة وهو من أبناء دمياط، وستكون له معامل مستقلة عن وزارة البيئة التي يحمل لها الدمايطة عتاباً كبيراً لسابق موافقتها علي إقامة أجريوم الكبير وأخيه الصغير ومنحهما تراخيص صلاحية، علي أن يقوم هذا المرصد البيئي، الذي سيوفرون له جميع الإمكانيات ويستقدمون له أفضل المتخصصين والعلماء، برصد مصادر التلوث في محافظة دمياط، بما فيها المصانع المنشأة حالياً، وفي «حالياً» هذه إشارة خبيثة لإمكانية ملاحقة أجريوم الصغير، أما أجريوم الكبير فقد اعتبروا نقله خارج محافظتهم أمراً مفروغاً منه.
وهكذا تسير الأمور، مصانع ضخمة ملوثة للبيئة تطردها دول الشمال الغنية إلي دول الجنوب الفقيرة، فتخصص لها دول الجنوب الفقير أفضل مناطقها، حتي لو كانت جزيرة سياحية فريدة كرأس البر، علي اعتبار أن إكرام الضيف واجب، ولكن يبقي الوعي الشعبي، والقدرة علي تنظيم المواجهة بالعلم والحقائق، والتماسك في مواجهة الخطر قيماً كبري أفصح عنها الدمايطة، وأرسوا قواعدها ويستحقون أن تسجل باسمهم.