تسلم الأيادى يا أسمااااااء
متاااااااااابع للنهايه ان شاء الله
دمت بود
إذا كان يحتفظ بجهاز اللاسلكي بمنزله، ويبث للموساد أولاً بأول عن مواقعالصوراريخ والرادارات، والمطارات، لم تفعلها انشراح التي أنقذها السادات من الإعدامأيام كامب دايفيد، وكانت تجوب منطقة القناة مع زوجها وأولادها كل يوم بحثاً عنالجديد. كانت أمينة المفتي أجرأهم جميعاً قلباً وأعصاباً. مدفوعة برغبة مجنونة فيالانتقام والثأر، لا برغبة المغامرة.الجزء الخامس
التليفون المجهول :
بشارع كيريا في تل أبيب اجتمع عدد من الخبراء في مبنى الموساد، للوصول الى قرار حاسم بعودة أمينة الى بيروت من جديد، أو الاكتفاء بخدماتها وإبقائها . لقد قرأوا جميعاً تقريراً وافياً عن العميلة الثائرة . . والتي صنفت من الفئة "أ" - وهذه الفئة من الجواسيس يتدرج تحتها كل من يعملون في البلاد العربية بدون أي غطاء دبلوماسي يحميهم – ووصف التقرير أمينة بأنها تعاني من اضطرابات شخصية، وتمتلك القدرة التي تمكنها من الانتقال من أحد جوانب الموقف الى جانب آخر، وهو ما يعرف في علم النفس باسم الاتجاه المجرد ABSTRACT ATTITUDE، وتتنامى لديها أعراض الكآبة نتيجة لومها الدائم لنفسها، باعتبار أن ما حدث لزوجها كانت هي السبب فيه، وعندما تزداد الأعراض حدة تصبح أكثر اكتئاباً وتخوفاً، مما ينمي مشاعر "الاتهام بالذات" S ELF CONDEMINATION - لديها – والمريض في هذه الحالة في يأس خطير لأنه مهموم بالماضي، ويحس أن لا أمل ألبتة في المستقبل بسبب الفعلة التي ارتكبها.
هذه المشاعر القلقة المحملة باليأس والبؤس، عادة ما تعتصر المريض، وقد تقوى عنده نزوة الانتحار. وأشار التقرير الى أن حالة أمينة هذه لا ينصح فيها بعلاج العقاقير، حيث لن تنتظر التحسن طوال مدة العلاج، بقدر ما تشعر بالتحسن والهدوء في عملها بالموساد. ففي ذلك إقناع لها على أن ما تؤديه من عمل، يمثل لديها قمة الثأر لما ارتكبته بحق موشيه. وبناء عليه . . رأى فريق من خبراء الموساد أن أمينة، ربما تشعر بالزهو E LATION في عملها، فتتخلى عن حذرها وتنكشف. لكن الأغلبية رأت أنها جديرة بالعمل في بيروت، ومع حصولها على دورات تدريبية مكثفة، ستكون أكثر حذراً. . وإقبالاً . . وشغفاً.
وانتهى الاجتماع بالموافقة على عودتها للبنان، وذلك بعد موافقة ريفي رامير رئيس الموساد. هكذا تحدد لها أن تستمر وتواصل توغلها بين القيادات الفلسطينية، وجاءوا بها الى المبنى المركزي حيث جلس اليها أحد كبار الرسامين، ومن خلال وصفها لعلي حسن سلامة، استطاع أن يرسم صوراً تقريبية له. وتعهد بها اثنان من الضباط الخبراء، أحدهما تولى تدريبها على استعمال أحدث ما ابتكره العلم في مجال أجهزة اللاسلكي. وتقرر لها بث رسائلها مرتين أسبوعياً يومي الخميس والاثنين، وتلقي الرسائل من تل أبيب كل ثلاثاء في الحادية عشرة ودقيقتين مساء. كانت أمينة طوال فترة تدريبها المكثفة في حالة سعادة غامرة. فهي ستزداد خبرة تمكنها من إجادة عملها، وبالتالي يكون انتقامها عظيماً فتستريح نفسها ويهدأ بالها.
وفي الثالث من أكتوبر 1973 غادرت تل أبيب الى فيينا، حيث تسلم منها عميل الموساد جواز سفرها الصهيوني ، وسلمها الجواز الأردني مع تذكرة سفر الى بيروت فجر اليوم التالي. هذه المرة. . عندما دخلت شقتها في فيينا لتمكث بها عدة ساعات، لاحظت أن ابتسامة موشيه لازالت مرتسمة كما هي. بل كانت نظراته أكثر بهجة واطمئناناً. وقبلما تغادر شقتها الى المطار بثوان.. انتفضت فجأة عندما دق جرس التليفون، وتسمرت مكانها للحظة.. ثم اتجهت صوب الفيشه فنزعتها.. وانطلقت في شوق للعمل .. للثأر. تحمل بين أمتعتها جهاز راديو يحمل ماركة عالمية معروفة، هو بالأصل جهاز لاسلكي أكثر تطوراً ولا يمكن اكتشافه. وبحقيبة يدها كانت تحتفظ بالمصحف الشريف . . وقد نزعت منه عدة صفحات واستبدلتها بصفحات أخرى تحمل الشفرة.
نفيه شالوم :
ما إن خطت أمينة عدة خطوات بمطار بيروت الدولي، متجهة الى حيث يتحرك السير بحقائب الركاب، حتى صدمت بشدة لمشهد شاب يقتاده رجال الأمن. وبينما تتابع المشهد . . فوجئت بيد قوية تربت على كتفها من الخلف. فصدرت عنها صرخة مكتومة هلوعة، وسقطت في الحال حقيبة يدها على الأرض. وأوشكت هي على السقوط. لكنها بكل ما تملك من قوة - تماسكت .. واستدارت لتصطدم بوجه صديقها مارون الحايك، تغطي وجهه نظارته الشمسية السوداء. . وينسدل شعره اللامع لقرب كتفيه. تنفست الصعداء . . وودت لو أن تصفعه بقوة . . وتظل هكذا تصفعه حتى ينقشع الخوف الذي حل بأعماقها من جديد، وأعادها الى تلك الحالة الأولى التي غادرت بسببها بيروت الى تل أبيب. وفي بشاشة مصطنعة سألته.
أيها الماكر . . أكنت معي على اللوفتهانزا قادماً من فيينا . .؟
خلع نظارته مبتسماً وهو يضغط على كفها ضغطاً ذا مغزى وأجاب:
بحثت عنك كثيراً في بيروت فلم أجدك . . وكنت أمني نفسي بأن نمضي معاً أسبوعاً خيالياً في نيقوسيا.
نيقوسيا . .؟ نطقتها وقد كست وجهها بالدهشة.
سألت عنك مانويل وخديجة وحارس البناية . .
ضاربة صدره بيديها وقد افتعلت التحسر:
مجنون . . مجنون . . (!!) لماذا لم تخبرني قبلها بوقت كاف. .؟ كم كنت مشوقة لرحلة كهذه معك.
غمز بطرف عينيه ضاحكاً وقال:
سنتدبر الأمر عما قريب أيتها الأنثى الشقية. أنظري .. ها هي حقائبي وصلت الآن.
ولأن لبنان بلد سياحي حر . . فأمور التفتيش في المطارات والمواني شكلية جداً. ولا تخضع لرقابة صارمة كما في سائر البلاد العربية، على اعتبار ان التدقيق الزائد يسيىء الى السواح .. الذين هم عماد الاقتصاد وأحد أسباب الرخاء.
لذلك . . لم ينتبه رجال الجمارك لجهاز اللاسلكي المدسوس بحقيبة أمينة. فبيروت كانت في تلك الفترة في أوج انفتاحها. . وسوقاً رائجة لتجارة السلاح . . والمخدرات. . والرقيق الأبيض . . و .... الجواسيس.
في الساعات الأولى من صباح 6 أكتوبر 1973، أطلقت أمينة أولى إشارات البث اللاسلكي الى تل أبيب:
(آر. كيو. أر. وصلت بسلام. الأمير الأحمر في أوروبا. تعرفت على ضابط فلسطيني يدعى أبو ناصر. وعدني مارون بأن يأخذني معه الى مبنى الهاتف المركزي. غادر جورج حبش الى تونس سراً. رجاله يقاتلون سبعة من رجال حواتمة. أبو عمار بالبيت مصاباً بالبرد. شحنة أدوية وصلت سراً من رومانيا للقيادة. يوجد نقص كبير في الأنتي بيوتكس. تحياتي. نفيه شالوم " واحة السلاماستقبلت الموساد رسالة أمينة بشيء من الاطمئنان والفرح. فالرسالة كانت واضحة الشفرة بلا أخطاء. والأخبار التي حوتها هامة جداً استدعت دخولها الى غرفة التحليل والمتابعة على الفور. وسرعان ما تسلمت أمينة أول رسالة بثت اليها من الصهاينه : (تهانينا بالوصول. اهتمي بتحركات الأمير. أبو ناصر خبيث جداً فاحذريه. لا تهتمي بمارون الآن. من يطبب "عرفات". ماذا ببطن الباخرة كيفين في صيدا. نريد معلومات عن مخازن الأسلحة بمخيم البداوي في طرابلس. ومراكز التدريب الجديدة في قلعة شقيف)..
وبينما تهيأت العميلة الخائنه للتحرك . . مدفوعة بشوق جارف الى العمل. انطلقت شرارة الحرب وعبر المصريون خط بارليف المنيع، وعمت مظاهرات الفرح بيروت. وكما بكى رأفت الهجان ( رفعت الجمال ) بكاءً مراً في فلسطين إثر هزيمة 1967، انهارت أمينة المفتي في 1973. تناقض عجيب بين الحالتين. فتلك هي النفس البشرية في اندفاع الوطنية – أو الخيانة، الحب الجارف – أو الكره المقيت.
الحية الشوهاء :
نشطت أمينة في عملها التطوعي كطبيبة عربية تجوب أنحاء لبنان، وجاسوسة تمد الموساد بالمعلومات الحيوية عن تحركات الفدائيين في الجنوب، الذين شحنتهم انتصارات الجيوش العربية فازدادوا استبسالاً وضراوة. وعاد علي حسن سلامة من أوروبا لترتيب خطط العمليات الجديدة. فالعدو فقد السيطرة على نفسه . . وعلى اتزانه . . والضربات القوية تترك آثارها بوضوح على وجهه المشوه.
هكذا انطلق رجال المقاومة في الجنوب اللبناني يضربون في عمق فلسطين بلا كلل . . واستدعى ذلك من أمينة أن تترك بيروت الى صور. . ومعها جهاز اللاسلكي الخطير، حيث عكفت على بث رسائلها يومياً. . والتي وصلت في أحيان كثيرة الى خمس رسائل مهددة حياتها للخطر. واضطر الموساد أمام سيل رسائلها الى فتح جهاز الاستقبال على التردد المتفق عليه، لساعات طويلة على مدار اليوم.
هكذا كانت أمينة تنتقم . وتفرغ شحنات غضبها في رسائل يومية مبثوثة قد تعرضها للانكشاف والسقوط. لكنها لم تكن تستمع لنداءات الخوف أبداً. إذ اندفعت بجرأة أكثر، وحملت جهاز اللاسلكي في جولة لها بمنطقة بنت جبيل على مسافة خمسة كيلو مترات من حدود فلسطين، هناك فوجئت ببعض زعماء الجبهات الفلسطينية، برفقة أبو إياد يتفقدون جبهة القتال ويصيحون في الجنود فيثيرون حماستهم. لحظتها .. تملكها الحقد والغضب .. وبمنتهى الجرأة اختلت بنفسها داخل أحد الكهوف.. وبثت رسالة عاجلة الى الموساد . (أي. كيو. أر. عاجل جداً وهام. أبو إياد وقيادات الجبهات في بنت جبيل. موقعهم مائة وخمسون متراً شرق القبة العلوية بجوار فنطاس المياه بين شجرتي الصنوبر. اضربوا الموقع كله ودمروا السيارات الجيب والليموزين. سأكون على بعد معقول منهم. سأفتح الجهاز لأربعة دقائق. نفيه شالوم.
وجاءها الرد قبل ثوان من انتهاء المهلة: (ابتعدي عن الرتل وانبطحي أرضاً عند ظهور الطائرات). أغلقت أمينة الجهاز بعدما ترجمت الرسالة. واستعدت لتشهد بنفسها المجزرة. لكن يا لحظها السيء.. لقد تحرك رتل السيارات باتجاه الشمال. بينما وقفت عميلة الموساد تتحسر .. وتقلب عينيها في السماء بانتظار الطائرات.
خمس دقائق تمر.. عشر دقائق.. عشرون دقيقة. لم تستطع الصبر ففتحت جهاز اللاسلكي وهي تلعن الانتظار وبثت رسالتها (آر.كيو.آر. تحرك الهدف الى الشمال طريق تبنين منذ 21 دقيقة. سيارة أبو إياد سوبارو سوداء. نفيه شالوم ) وما إن بثت رسالتها وأغلقت الجهاز، حتى لمحت طائرتي ميراج تطلقان صواريخ السيد وندر، والقنابل زنة الألف رطل. ورأتهما ترتفعان الى عنان السماء ثم عادتا للانقضاض من جديد وهذه المرة بفتح خزانات النابالم الحارقة. كل ذلك وهي ما تزال بالكهف ترقب تناثر الأجساد البشرية كالشظايا في الهواء، فيصدر عنها فحيحاً رهيباً كحية شوهاء، وتضحك في هستيريا مجنونة مشبعة بالحسرة والشماتة. حسرة انعتاق أبو إياد ورفاقه، وشماتة الهزيمة لبضع جنود امتزجوا بالتراب والدم والسلاح.
هكذا حملت أمينة جهاز اللاسلكي بحقيبتها في تجوالها بالجنوب اللبناني، طوال معركة أكتوبر 1973، متنقلة بين المستشفيات الميدانية والمواقع العسكرية. . تسعف الجرحى من المصابين بداء وشاياتها. . وتستمد من الحقد جرأتها وقوتها. وكانت بذلك أول جاسوس للموساد يعمل بجرأة اسطورية داخل بلد عربي. لم يفعلها إيلي كوهين ( ثابت ) الذي زرع في سوريا قبلها بسنوات قليلة، وكان مرشحاً لمنصب نائب رئيس الجمهورية السورية، برغم تجواله بين شتى الوحدات العسكرية والقواعد السرية في الجولان، وإقامته المطولة بمنطقة الجبهة، بل إنه برغم حجم الثقة في نفسه، لم يحمل أبداً جهاز اللاسلكي خارج المنزل. كان فقط يبث رسائله بشكل يومي الى الموساد. لم يفعلها أيضاً المقدم فاروق ابراهيم الفقي، الضابط المخابراتي العسكري المصري الذي جندته هبة سليم، وتسبب في تدمير كل قاعدة عسكرية جديدة كان يتم بناؤها بمنطقة القناة
تقول أمينة في مذكراتها التي بلغتصفحاتها ستمائة صفحة:
( منذ حملت معي جهاز اللاسلكي لأول مرة الى الجنوب،وشاهدت بنفسي هجوم الميراج على الموقع الفلسطيني، بغرض تدميره وتصفية أبو إيادوأعوانه، وقد تملكني إحساس رائع بعملي. . إحساس بالزهو وجدت فيه لذة كبرى تفوق كللذة. ومنذ تلك الحادثة في 11 أكتوبر 1973، وأنا أحمل الجهاز الصغير بحقيبتي، بجوارهالمصحف ذي الجراب والشفرة. كنت أكتب رسالتي أولاً على ورقة منزوعة من بلوك نوت، ثمأقف بسيارتي في مكان أطمئن فيه من العابرين، وأسحب هوائي الجهاز وأقوم بالبثلدقائق. أحياناً كثيرة كنت أبث الرسالة الواحدة مرتين للتأكيد، وأحرق الورقة وأعاودالقيادة الى مكان آخر. وبفضل تصريح المرور الموثق، الذي وقعه عرفات شخصياً، كنتأجوب بأمان شتى المواقع العسكرية الفلسطينية في الجنوب. وأطلع بنفسي على أنواعالأسلحة وكميات الذخائر بالمخازن، ومعسكرات التدريب السرية. لقد حالفني الحظ كثيراًعندما وثق بي القادة الفلسطينيون، لأنني كنت أبدو متحمسة جداً لقضيتهم، وحقهم فيالكفاح لاسترداد الأرض المغتصبة. للدرجة التي دعت أبو إياد لأن يطلب مني إلقاء خطبةحماسية في الجنود المعسكرين بالقرب من مخيم البرج الشمالي في الجنوب من صور. يومئذ . . ألقيت خطبة رائعة . . تتدفق منها الوطنية ومعاني العروبة. لقد أجدت تماماًعندما صعّدت من انفعالي فبكيت .. بكيت وأنا أصف مشاهد القتل والقصف والانكسار علىوجوه الأطفال اليتامى، بكيت حقيقة وأنا أحثهم على الانتقام والثأر والكفاح . . وماكنت أبكي إلا لفقد موشيه الحبيب . . وبرودة الحياة من حولي بدونه. والثورة المصطحبةبالغضب في أوردتي وشراييني. . ونبضي . . ضد هؤلاء الأوغاد الذين أذلوني . . وأترعوني كئوس الوحدة . . والصمت . . والعدم . كان انفعالي مثالياً، ظن الجنودوالقادة أنه إيمان مني بقضيتهم . . فبكوا . . وعندما بحثت عن منديل بحقيبتي اصطدمتيدي بجهاز اللاسلكي المغلق. . !!).
قانون العنف :
انتهت حرب أكتوبر 1973 بوقف إطلاق النار، إثر مفاوضات شرسة ورحلاتمكوكية قام بها الصهيوني هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي. وانعقد مؤتمر القمةالعربي في الجزائر، وتم التوصل الى صيغة رسمية تقدم بها السادات كانت مفاجئةللجميع، وهي أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعبالفلسطيني، وموافقة مصر وسوريا – دولتا المواجهة - على قرار مجلس الأمن رقم 328الذي ينص على عودة السلام الدائم والعادل في الشرق الأوسط. ولم يرتح الجناح العسكريلمنظمة التحرير الفلسطينية لذلك على الإطلاق. وأقرت المنظمة مواصلة الكفاح المسلحبناء على رغبة "الثورة الفلسطينية". وفي 25 نوفمبر بدأ أول عمل فدائي فلسطيني، حيثتم اختطاف طائرة جامبو نفاثة تابعة للخطوط الجوية الهولندية KLM، كانت في طريقها منبيروت الى طوكيو مروراً بنيودلهي. تحمل على متنها 244 راكباً وثلاثة من الفدائيينالفلسطينيين الذين طالبوا بإطلاق سراح سبعة من زملائهم في قبرص، وألا تمنح هولنداتراخيص مرور لليهود السوفييت الذين في طريقهم للأرض السليبه، ووعدت الشركة KLM - بألا تنقل سلاحاً للصهاينه وانتصر الفدائيون انتصاراً مذهلاً، وتكررت عملية اختطافطائرة أخرى لنفس الشركة بعدها بأيام. وفي 17 ديسمبر 1973 في مطار روما أطلق عدد منالفدائيين نيران مدافعهم الكلاشينكوف بصورة جنونية داخل صالة المطار المزدحمة. ويختطفون طائرة 707 تابعة لشركة بان أمريكان كانت راسية على الممر، وفجروا قنابلهمالفوسفورية بالطائرة فاحترق عدد كبير من الركاب، ثم جرى الفدائيون ومعهم بعضالرهائن واختطفوا إحدى طائرات شركة لوفتهانزا - بوينج 737 - والتي كانت على وشكالاقلاع، وحطت بهم في أثينا. . وكانت مطالبهم الإفراج عن زملاء لهم من منظمة أيلولالأسود. ومع بدايات العام الجديد 1974 - شكلت عدة منظمات فلسطينية ما يسمى بجبهةالرفض. وكان المتحدث الرسمي باسم الجبهة هو جورج حبش زعيم الجبهة الشعبية، والمسؤلعن عمليات خطف طائرات الصهاينه الأول.
كانت الضغوط شديدة جداً على أمينةالمفتي خلال تلك الفترة. فالعمليات الفدائية الفلسطينية أربكت إليهود وزعزعت أمنهمتماماً. بل وأصيبت بالعدوان غالبية دول أوروبا المساندة للصهاينه . فالفلسطينيونأرادوا الإعلان عن وجودهم بشتى الطرق، بما فيها العنف من خطف وتفجير. فالعدو لم يكنيملك سلاحاً أبداً سوى العنف. وإذا كان الصهاينه اعتمدوا العنف قانوناً لهم،فالفلسطينيون أيضاً رأوا الحل في ذات السلاح. . دون غيره
. . وكان لتسارعالأحداث والعمليات الفلسطينية، الأثر البالغ في انتشار سحب الخوف السوداء فوق رؤوسالصهاينه . وفقدت الموساد بذلك خاصية مهمة طالما التصقت بها، وهي أنها حاميةالدولة. وسخر الجميع من هيبة الموساد التي سقطت . ومن الدكتور "إبريش فولات" صاحبكتاب "ذراع إسرائيل الطويلة" الذي قال: "إن الموساد أسطورة من الأساطير الخفية،إنها تجعل العدو يرتجف . . وتمنح الصهاينه القدرة على النوم في هدوء". "لقد انعكسالوضع الآن. . وأصبح الشعب الصهيوني كله يرتجف عند سماع أزيز طائرة، أو عند فرقعةإطار سيارة، أو انفجار عادم دراجة بخارية مسرعة". وانتقل الضغط العصبي الى أمينةالمفتي في بيروت . . فالأوامر كثيرة والمطلوب منها كثير ويفوق الوصف . لذلك اضطرتللانتقال تماماً الى الجنوب اللبناني، واستأجرت شقة بمنطقة الشجرة في صور - علىمسافة عشرين كيلو متراً من الحدود مع فلسطين - اتخذت منها مركز انطلاق لاستكشافتحركات الفلسطينيين. واتصلت بأبو ناصر الضابط الفلسطيني الذي سبق أن حذرتها الموسادمنه في أولى رسائل البث اللاسلكية.
لقد استخدمت معه أسلوب "الإثارة". وهوأسلوب يدفع المرء لأن يخرج ما عنده دون أن يطلب منه ذلك. واستطاعت أن تدفعه دفعاًلأن يفصح عن عملية فدائية ستتم في اليوم التالي داخل الأراض المحتله .
صرختوهي متهللة بالفرح: كيف؟ . . إنكم لشجعان حقاً عندما تنقلون عملياتكم الى قلبفلسطين . . لكن . . في ذلك خطر جسيم على رجالكم. أجابها مزهواً بأن كل شيء معد، وتمالتخطيط لكل احتمالات الطقس بدقة متناهية. حاولت أن تعرف مكان الهجوم وكيفيةالتسلل، لكن الضابط الفلسطيني الحذر لم يتفوه بأكثر من ذلك.ولم تلح هي فربما يتشككبها.
وبثت رسالتها في الليل الهادئ الى الموساد: (آر. كيو. أر. عملية فدائيةستنفذ غداً داخل الأراضي الفلسطينيه. التسلل بطريق البحر. نفيه شالوم )
فياليوم التالي - 11 من أبريل 1974 - اقتحمت وحدة من رجال الكوماندوز مدينة كرياتشمونة الصهيونيه، وفتحوا نيران مدافعهم بكثافة فقتلوا ثمانية عشر صهيونيا وأصابواأكثر من 48 بجروح، وصرح مسؤول فلسطيني: أن هذه ما هي إلا بداية حملة للقوى الثوريةداخل إلوطن السليب ، لإعاقة الحل السلمي العربي. كانت مفاجأة مؤلمة لأمينة وللموسادمعاً. فالعملية الفدائية كانت ضربة شديدة في رأس الصهاينه. وتخوفت العميلة من أبوناصر الخبيث الذي ضللها. . فاتصلت به لتهنئه بنجاح العملية، وتلح عليه في الإكثارمن مثلها. فطمأنها بأن هناك عمليات قادمة ستكون أكبر . . وأشرس.
وظلت تطاردهمستخدمة أسلوبها في الإثارة الى أن نجحت في دعوته لقضاء سهرة ببيتها. وهيأت لهنفسها وأنواعاً عديدة من الخمر، حتى إذا ما تمكن السكر منه انطلق لسانه متباهياًبعبقريته العسكرية . . وكيف أنه جهز فريقاً من أكفأ رجال الكوماندوز، للتسلل الىداخل الحدود الفلسطينيه ، لضرب مدينة نهاريا الساحلية بالصواريخ. التقطت أمينةالخبر دون تعليق. وكل ما فكرت فيه لحظتئذ هو كيف تحتويه أكثر وأكثر فيزدادانطلاقاً. . وجوعاً. . فتتبعثر منه الأسرار وتندفع بعنف كالشلال. وما كان بيدها إلاأن تمثل دور العشيقة القلقة. واستحضار نبرة الدفء المصطنعة والمشوبة بالخوف. لكنه . . وهو الغارق حتى نهايته في بحور اللذة . . لم تنفك عقد انطلاقه كلها فيعلن عنخباياه. . أو عملياته المرتقبة بالتفصيل. فكان حديثه المتقطع غامضاً.. مبهماً.. يفتقر الى معلومة واحدة مؤكدة.
هكذا تعلم أبو ناصر وتدرب في المخابراتالعسكرية . . وأجاد الاحتماء بالحس الأمني العالي حتى في أقصى حالات ضعفه الانساني. واستشاطت العميلة غضباً. . فالخبر هكذا يبدو ناقصاً جداً ومبتوراً وهي لم تعتد علىذلك. فقد اعتادت جلب المعلومات والأسرار من مصادرها بدقة. لكنها صادفت رجلاًمحصناً. . منيعاً . . يبخل بالكلام والكشف عن عمله. لذلك . . ما إن غط في نوم عميقحتى قامت الى حيث ملابسه في حذر بالغ . . وفتشت جيوبه حريصة على ترتيب محتوياتها. فمثل هذا الرجل الدقيق في عمله، يكون دقيقاً أيضاً في ترتيب مكتبه وملفاته. . ومابداخل جيوبه. وبينما تقلب أوراق محفظتهالجلدية، استوقفتها وريقة كتب بها عدة كلماتمرعبة، أخرجتها عن حرصها فصدرت عنها صرخة سرعان ما حبستها بحلقومها . . وارتعشتيدها غصباً عنها وهي تكتب ما قرأته بورقة أخرى دستها بمخبأ سري داخل حذائها. وتمددتالى جوار النائم المكدود . . تردد كلمات الوريقة في أعماقها: "تل أبيب من 9 الى 25مايو / 500 كيلو TNT / ش بلفور، ش كيديم / ش أرليخ وأكليتوس / ثم اليركون ورعنان / عدد "5" فرق 17 فولكس سوبار وشفر / يافا".
التعديل الأخير تم بواسطة عفريت أفندى ; 23 - 11 - 2010 الساعة 08:44 AM سبب آخر: تكبير الخط
تسلم الأيادى يا أسمااااااء
متاااااااااابع للنهايه ان شاء الله
دمت بود
ثورة 25 يناير
التغيير
الحريه
العدالة الإجتماعيه
إلى كل من يحب مبارك أبشروا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
يحشر المرء مع من أحب
يا ناس حد شااااااف توقيعى ؟
walid وليد
البحث على جميع مواضيع العضو عفريت أفندى
تسلم الأيادى يا أسمااااااء
متاااااااااابع للنهايه ان شاء الله
دمت بود
متشكرة قوووووووى لمروركم وان شاء الله هكملوان شاء الله مستنين نعرف اية نهيتها
دووو متي بووود
وبينما جسده ينتفض كالطير المذبوح . . كانت تنثر أمامه عشرات الصور التي تجمعهمامعاً في أوضاع فاضحة، وتفتح جهاز التسجيل ليجيء صوته وهو يدلي بأرقام التليفوناتالسرية للقادة الفلسطينيين، فاقشعر بدنه وتصبب عرقاً. . وقال خاضعاً في صوت يسيلمنه الرعب:الجزء السادساليوم المرير :
في مبنى الموساد . . كانت الوجوه مرهقة . . خائفة . . متوترة. فالعمليات الفدائية اشتدت وطأتها . . والمعلومات المتاحة بعيدة عن التفاصيل. ومنذصدرت الأوامر لأمينة باستدراج أبو ناصر بحرص، كانت رسائلها تجيء مشوهة . . بخيلة . كأنما يتعمد الضابط الفلسطيني ذلك، وهو ما يعني أن العميلة وقعت تحت بؤرة الشك . . أو أنها انكشفت فعلاً . فخبر التسلل الأخير عبر البحر كان حقيقياً من حيث التوقيت. . لا المكان. أما خبر عملية تل أبيب . . فكان أكثر شكاً . . وغموضاً. . ورعباً. بلهو الرعب نفسه . . والدمار كله للكيان المسخ.
هكذا يمر الوقت ثميناً. . يحملبين دقاته انفجارات الموت البطيء. ورجال الموساد يقلبون الأمر في ارتباك، ويخضعونهللتحليل الدقيق. لكنهم عجزوا عن الوقوف على إجابات مقنعة. . وحاصرتهم تساؤلات محيرةزادتهم إرهاقاً. . وجنوناً. . وإمعاناً في مزيد من الحرص . . صدرت الأوامر لأمينةبمغادرة صور الى بيروت فوراً. والتوقف نهائياً عن جلب المعلومات أو بث الرسائل. لكنالعميلة الغاضبة العنيدة . . بثت رسالة اليهم قلبت الموازين كلها . . وأذهبت بعقولالكبار قبل الصغار في الموساد. إذ زفت اليهم أمينة خبراً عن تسلل سبعة فدائيين فيغبش الفجر، يحملون أسلحة الـ آر.بي.جيه، ومدافع الكلاشينكوف القاذفة، والقنابلالهنغارية، وكميات من عجائن المتفجرات، بقصد تفجير مستعمرة جيشر هازيف (على بعد ستةكيلومترات شمالي نهاريا) بمناسبة عيد الصهاينه القومي. فانطلقت قوات الأمن تطوقالمستعمرة، وانتشرت نقاط التفتيش بكل الطرق، ومع أولى تباشير الخامس عشر من مايو 1974، كانت المعركة الشرسة قد بدأت، ولكن بمنطقة أخرى أبعد عن تصورهم . . وتوقعهم.
وكانت العملية هذه المرة في قرية معالوت. حيث حاصر الفدائيون السبعةالقرية، وأمطروها بوابل من قذائفهم الصاروخية، وسيطروا تماماً على سكانها والطرقالمؤدية اليها، كما دمروا عدة سيارات عسكرية حاولت الالتفاف لعزلهم عن القرية. وبعدستة ساعات ونصف أسفرت المعركة عن إصابة 117 صهيونيا بينهم 25 قتيلاً . . ووقفتالشمطاء جولدا مائير أمام كاميرات التليفزيون في الكنيست وهي تكفكف دموعهاوتقول:اليوم . . عيد ميلاد دولتنا الخامس والعشرين . . وقد أحاله الإرهابيون الىيوم مرير بالنسبة لإسرائيل".
لم تنصت أمينة لأوامر رؤسائها في الموساد بالتوقف - مؤقتاً – عن العمل. فما كان ذلك إلا لأجل حمايتها، لكنها كانت ككتلة الثلج التي ذابما حولها، فهوت مندفعة لا يجرؤ إنسان على إيقافها . . أو التصدي لها. كانت تحملروحها على كفها. ولا تهتم بالخطر أو تحسب له حساباً. وفي لحظة . . استجمعت جرأتهافي عنف . . وطلبت من مارون الحايك أن يزورها بشقتها في بيروت. فأسرع اليها يمنينفسه بوليمة فسق مثيرة، لكنه ما إن دلف الى الصالون، حتى وقف مذهولاً . . وقد تجمدتالدماء في عروقه . . وتعلقت عيناه الجاحظتان بنجمة داوود الزرقاء علىالحائط.
إجلس أيها الأبله . . (!!) قالتها أمينة في لهجة حاسمة ، مرعبة.
ــأنتِ . .؟!!
ـــ نعم . . إسرائيلية.
تلفت الرجل الهلع حواليه وهو يرتعد:
ماذا تريدين مني . . ؟
بدأنا المشوار معاً . . ولا بد أن نكمله معاً حتىالنهاية.
مشوار . . ؟ معاً. . ؟ أنا لم أبدأ . . أنا لا أعرف . . أنا . . أنا . .
لا تكن مراوغاً أنها النتن، فأنت تعلم جيداً أنك تعمل معي لصالح الموساد. وحياتك وحياة اسرتك رهن إشارة واحدة مني.
ــ يا يسوع . . انقذني . . خلصني. .??!!
وماذا بيدي يا سيدتي . . ؟
الموساد تريد منك تعاوناً أكثر.
كيف . .؟
سأعرّفك.
أن لا أفهم بالسياسة.
ولكنك تحب الخمر والجنسوالمال.
أنا غبي . . تعس.
ستدفع لك الموساد مائتين وخمسين ليرة كلشهر.
أرجوك سيدتي . . الموساد . .؟
كلب مثلك يجب أن يكون وفياًلأسياده.
انفتح على حين فجأة باب إحدى الغرف . . فالتفت مارون وهو يرتعد . . وصدرت عنه صرخة تفيض هلعاً عندما رأى ثلاثة رجال ذوو نظارات سوداء ووجوه جامدة . . كانوا وقفوا متجاورين وأيديهم الى الخلف كالتماثيل. مرت ثوان كالدهر لم ينطق أحدهمبكلمة . . بينما مارون يتمتم بما يشبه البكاء.
قالت أمينة بلهجة كالأمر. ماذاتقول يا مارون . .؟
ماذا تريدون مني؟
أتكره إسرائيل؟
أنا لا أكره أحداً . . لا . . لا .. بل أكره عرفات . . نعم . . أكره عرفات ورئيسي في العمل . . ماذاتريدون؟
أولاً . . وقّع هنا . . إنه إقرار بالصداقة والتعاون.
تناول مارونالورقة وأراد قراءتها . . لكنها صرخت فيه بعنف، وقد انتهزت فرصة وقوعه تحت السيطرةوالشلل العقلي الفجائي الذي أصابه، صفعته بشدة على وجهه والشرر يتطاير من عينيها،فتملكه الفزع وقفز واقفاً يتحسس وجهه، فأطبقت على كل ما بقي لديه من إدراك وهيتهدده بأن فريقاً من الموساد يحاصر ابنته . . ورصاص الفلسطينيين يتهدد صدره، وبحسمصرخت فيه أن يوقّع . . فوقّع على الورقة والقلم يرتعش كالبندول بين أصابعه . وأردفت:
أريد زيارة الغرفة السرية بالسنترال المركزي التي حدثتني عنها. وسوفأقوم بالتناوب – أنا وأنت – بتسجيل المكالمات بين القيادات الفلسطينية ..!!
تسجيل . .؟
نعم . . ألم تسمع أيها الغبي عن العمليات الفدائية داخلفلسطين. . ؟
أنا لا أقرأ في السياسة . .
ولن تقرأ على قبرك: "طوبى للذيتختاره يا رب".
بإمكاني التنصت أثناء نوبات عملي ولكن . .
ستتعلم جيداً كيفتسجل المكالمات أنت ومانويل عساف.
مانويل . .؟
ألا تكفي مائة ليرة؟
مائةليرة . . ؟
هو يبيع امرأته بليرة.
. . . . . .
هذه مهمتك أنت . . ولا دخللي بها.
كان كالفأر المذعور الذي وقع في المصيدة، سنوات طويلة من حياته مرت بهوهو يستمرئ المغامرة ويستلذ اصطياد الفرائس. ولم يتوقع يوماً أن تجيء لحظة ينقلبفيها حاله، ويصبح هو الفريسة المرتجفة، بين يدي امرأة كانت الى عهد قريب ناعمة . . مثيرة . . رقيقة . . انقلبت فجأة الى وحش مسعور، تنبعث رائحة الموت في لفتاتها . . ويسمع له وقع في صوتها الشيطاني الرهيب.
الغضب الهادر :
أسفرت عملية تجنيد مارون الحايك عنفائدة عظيمة للصهاينه . . إذ أن التجسس المستمر على مكالمات القادة وزعماء الجبهاتالفلسطينية ، كشف نواياهم تجاه الدولة العبرية، وخططهم الفدائية للضرب داخل الأراضيالمحتلة. ولم تكن الأحاديث التليفونية المتداولة من خلال التليفونات السريةأحاديثاً مكشوفة تماماً، يستطيع المتنصت عليها إدراك مضامينها بسهولة، إنما اعتمدتعلى أسلوب التمويه والشفرة الكلامية التي تتطلب مهارة عبقرية لفهمها. وثقة فياللبنانيين، كان زعماء الجبهات أحياناً كثيرة ينسون أنفسهم ويتحدثون علانية فيمابينهم صراحة، أو مع مساعديهم ظناً منهم - وهذا خطأ كبير - أن التجسس على محادثاتهمأمر مستحيل. فالدوائر التليفونية المغلقة كانت محددة بكل منظمة، والاتصال بالمنظماتالأخرى في بيروت نفسها يتم بواسطة خطوط شبكة المدينة. وكذا الاتصال بخارج المدينة،وكانت السرية خاضعة للخدش عن طريق زرع أجهزة التنصت . . أو استراق السمع بأسلوبمارون الحايك، من خلال الغرفة السرية التي أقامتها الميليشيا المسيحية في لبنانللتجسس على المسلمين . . وعلى الفلسطينيين أيضاً الذين اتخذوا من حي الفكهاني مقراًلهم، فكان بمثابة عاصمة فلسطينية وسط بيروت وجنوبها. فبالحي الذي يقع بالقرب منمخيمي صبرا وشاتيلا، أعدت منظمة التحرير مكاتبها بطريقة عشوائية حول مبنى جامعةالدول العربية. وأقام قادتها في مبان مجهولة تحت حراسات مشددة. فالمنظمة التي أسسهاعرفات - خريج هندسة القاهرة 1956 - أكثر من مجرد مقاومة شعبية . . بل جيش مسلحمدرب، يتربص بالصهاينه لضربهم في الأعماق.
كانت أمينة المفتي تدرك ذلك جيداً . . وترى بنفسها الرقابة القوية الصارمة التي تفرضها كبرى المنظمات الفلسطينية - فتح - على منشآتها في حي الفكهاني. . والحراسة المكثفة التي حول مقر عرفات كلما ذهبتلمقابلته. وعندما اتصل بها مارون الحايك قبل الفجر بقليل، فتحت على الفور جهازاللاسلكي صباح يوم 23 مايو 1974، وبثت الى الموساد رسالتها الخطيرة: (آر. كيو. آر. بعد 37 دقيقة من الآن - سيهاجم ثمانية من الفدائيين المتسللين مستعمرة زرعيت . . تسليحهم رشاشات كلاشن وقنابل 57 ملم/ م.د. نفيه شالوم) وبالفعل . . صدقت المعلومةتماماً . . وأطبق اليهود على الفدائيين الثمانية، فقتلوا ستة منهم وأسروا اثنين. وعندما كانت أمينة تتجسس بنفسها على مكالمات القادة الفلسطينيين، اقتحمت الخط السريالخاص بمكتب جورج حبش . لاحظت بعد عدة مكالمات له، أن هناك ترتيبات عسكرية يتمإعدادها بشكل سري، حتى انفجر الحوار ساخناً جداً بينه وبين أحد مساعديه في صيدا. حيث بدا جورج حبش منفعلاً أشد الانفعال، وهو يأمر مساعده بإتمام العملية يوم 13يونيو. وفي غمرة انفعاله نطق اسم كيبوتز شامير سهواً. لم تهمل عميلة الموساد الأمر. وأبلغت رؤسائها على الفور بما سمعته. وبعد ثلاثة أيام كان هناك خمسة من الفدائيينالقتلى على مشارف قرية كيبوتز شامير، بوغتوا قبلما يستعملوا رشاشاتهم الآلية. وفي 27 يونيو 1974 - لقى ثلاثة فدائيين آخرين مصرعهم، بعدما قتلوا أربعة من الجنودالصهاينه في نهاريا.
لقد كانت الطائرات الصهيونيه ترد بوحشية إثر كل عمليةفدائية. فتدك المواقع الفلسطينية في الجنوب، من معسكرات ومخيمات ومحطات تموينومراقبة. وتضرب كل ما هو فلسطيني على أرض لبنان. وكانت المعلومات التي أمدت بهاأمينة الموساد، تلك التي تكشفتها من خلال غرفة السنترال السرية، هي بلا شك معلوماتحيوية للغاية، لا تحتمل التأويل أو الشك. . تجيء عبر أحاديث صانعي القرار أنفسهم . . من أعلى مستويات القيادة الفلسطينية. إنها سلسلة طويلة من التبليغات التي أودتبحياة العشرات من الشباب الفدائي المكافح أشعرت أمينة بأهمية دورها . . وقوةمركزها، دون إحساس ولو ضئيل بالندم . . بل ازدياد مستمر في حدة الغضب . . لضراوةالثأر لفقد الحبيب موشيه.
الأصدقاء الجدد :
كانت الحكومة الصهيونيه مصممة على تدمير البنية العسكرية الفلسطينيةفي جنوب لبنان، وكانت جهودها لمتابعة مصالحها في لبنان تشمل دبلوماسية سرية. فقدحدث اتصال وثيق بين الموساد وميليشيات لبنان المسيحية - الكتائب - منذ ذلك العام - 1974 - حين كان الزعماء المسيحيون يخشون فقدان السيطرة التي يتمتعون بها، عندما شكلمنافسوهم المسلمون اللبنانيون ائتلافاً مع الفلسطينيين الكثيرين في لبنان، فزادوابذلك قوة . . ونفوذاً. وبدأوا يطالبون بنصيب أكبر في الفطيرة السياسية. لكنالسياسيين المسيحيين رفضوا أية إصلاحات في نظام يناسبهم كثيراً .
من هنا .. تمإقناع زعيمي الميليشيا المسيحية، كميل شمعون وبيار الجميل، بالدخول في اتصالات سريةمع الدولة اليهودية. وقد عقد شمعون - الذي كان رئيس جمهورية سابق، والجميل - وكانوزيراً - محادثات سرية مطولة مع إسحاق رابين رئيس وزراء إلصهاينه، بغية الحصول علىمساعدات عسكرية وتدريبية لميليشيات الكتائب، للوقوف أمام قوة المسلمينوالفلسطينيين.
ومنذ منتصف ذلك العام - 1974 - دعمت الموساد الاتصالات مع الكتائبعلى اعتقاد بأنها ستوفر مزايا هامة للصهاينه ، أهمها إسكات المقاومة الفلسطينية فيجنوب لبنان، والتجسس على الجيش السوري. لذلك .. كانت صفوف طويلة من عملاء الموسادتعمل في لبنان باطمئنان، وبلا خوف من السلطات اللبنانية. لكن الخوف كان منبعه جهازالمخابرات الفلسطيني برئاسة علي حسن سلامة، الذي استطاع بنفسه كشف أكثر من عشرينعميلاً للموساد بين صفوف المقاومة . . أعدمهم بنفسه، وأحاط كل غريب بدوائر منالشكوك والريب.
وقد كان من الطبيعي أن يصبح زعماء الميليشيا المسيحية في لبنانأصدقاء للصهاينه، وذراعها القوية لضرب الفلسطينيين بعد ذلك . . وارتكاب أبشعالمذابح بحق الشعب المقهور.
انتهزت أمينة المفتي هذا التقارب الكتائبي / الصهيوني، وسعت خلف بشير الجميل - ابن بيار - الذي كان محامياً في بلد لا قانونفيها، فجمعت عنه حصيلة هامة من المعلومات أمدت بها الموساد.
وعرف عن بشير أنهجريء . . وماكر . . وإجرامي. فرغم كونه أصغر ستة أبناء لبيار، تقدم بسرعة . . ولميبد أي تردد في قتل حلفائه المسيحيين - أفراد أسرتي شمعون وفرنجية - حتى أصبحمسؤلاً عن أكبر ميليشيا مسيحية في لبنان. ومن السهل على من خان وطنه وعروبته الغدربحلفائه
رأس الحية :
في الأول من أكتوبر 1974 عندما كانت بغرفة المراقبة السرية بالسنترال، صعقت وهي تستمع الى حوار ساخنبين علي حسن سلامة وأحد مساعديه، وأدركت أنها النهاية المؤكدة للملك حسين. بلولمؤتمر القمة العربي في الرباط. ولنقرأ معاً ما كتبته في مذكراتها عن أحداث ذلكاليوم. تقول أمينة:
كنت بالغرفة السرية منهمكة في عملي، تمتد أسلاك جهاز التسجيلالى جواري، وعلى كرسيه يقبع خلفي مارون الحايك، تلفح جسدي نيران نظراته برغم هواءالغرفة المكيف اللطيف. كانت الغرفة الواسعة ذات بابين، أحدهما مغلق دائماً ولا يفتحإلا بإذن خاص وهو يؤدي الى الممر الرئيسي، أما الباب الآخر فسري ويشكل جزءاً مندولاب حائط كبير، ويتصل بسلم خلفي صاعد. كنت أنصت الى حوار هادئ بين عبد الوهابالكيالي زعيم جبهة التحرير العربية التي ترتبط بحزب البعث العراقي، وأحمد جبريلزعيم جبهة التحرير الشعبية التي نفذت عملية فدائية ناجحة في إلأرض المحتله منذ فترةوجيزة. وأصابني الملل لتفاهة الحوار بينهما، فالتفت الى مارون الذي انتبه اليّوسألته عمن يعرف سر هذه الحجرة المثيرة، فأجابني بأنهم نفر قليل، وإجراءات دخولهاتخضع لتعقيدات وقيود كثيرة. وأنه لولا الأربعين ليرة التي دفعها للحارس الخاصللغرفة، ما استطاعا الدخول أبداً. كان مارون يحدثني بنبرة مليئة بالثقة بما يدل علىأنه قام بعمل بطولي لأجلي، لذلك ترك مقعده واقترب مني مبتسماً، فقبلته . . وأحسستوهو يخاصرني بأنه هدأ كثيراً من ناحيتي .. ويريد مني الكثير فنهرته بلطف، واقتحمتخطوط عرفات وحواتمة وأبو إياد فوجدتها مغلقة. وحينما فكرت في إيقاف جهاز التسجيلطرأت ببالي فكرة التجسس على تليفون سلامة.
لقد كان الوقت قبل منتصف الليل بقليل،وسلامة يتحدث مع أحد رفقائه ويدعى أبو نضال. ضغطت على زر التسجيل وأحكمت السماعتينفوق أذني وانتبهت للحوار بينهما. كان مارون ما يزال ملتصقاً بي من الخلف يثيرنيبقبلاته المجنونة حول رقبتي، عندما اقشعر بدني كله وبدأ شعر رأسي كأنه يتصلب . . وينتصب، وأنا أستمع الى سلامة يقول في ثورة (التل وحده لا يكفي . علينا برأس الحيةصديق اليهود، ومؤتمر الرباط فرصتنا الأكيدة فالنكن حذرين . . وشجعان . الله معك ياأبو نضال).
هناك إذن تخطيط لاغتيال الملك حسين في الرباط . . وتبنت العمليةمنظمة أيلول الأسود.
وحين نزعت الأسلاك كانت رأسي تدور وتدور يد مارون المثارحول مؤخرتي، فسألته أن يؤمن الطريق لأخرج.
وفي شقتي لم أقو على الانتظار لأبدلملابسي، فأرسلت على الفور برسالتي الخطيرة الى الموساد. وبعد ست وثلاثين دقيقةجاءتني رسالة تطلب مني إعادة البث. فأيقنت أن القلق ركب رؤوس القيادة هناك، خوفاًعلى صديقهم العربي. . الملك حسين. . ومرت ثلث الساعة إلا دقيقة واحدة، وجاءتنيرسالة أخرى تحمل أمراً هو غاية في العجب. . والدهشة.
إذ أمرت بالبحث عن وسيلةلدخول شقة علي حسن سلامة بحجة تطبيب عياله. فحتى تلك اللحظة. . لم أكن أعلم أنلسلامة أولاد . . وزوجة أخرى تمت بصلة قربى لمفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني. وقلتفي نفسي: أترضى ملكة جمال الكون - جورجينا رزق - بدور الزوجة الثانية؟؟
يالسلامة المحظوظ . . الهانئ . . السعيد. . !!شبكة الأربعة :
لم تكن فكرة اغتيال الملك حسين ناشئةمن فراغ. فالفلسطينيون رأوا منه أكثر مما تصوروا. . فمنذ عام 1970 وهو مرتبطبعلاقات وثيقة بالصهاينه خوفاً على عرشه. واجتمع بموشي ديان لمرات عديدة في محادثاتسرية، في ذلك الوقت كان اللاجئون الفلسطينيون يشكلون نحو نصف سكان الأردن، ويشكلونأيضاً مصدر إزعاج متزايد له، بقيامهم بعمليات فدائية داخل الضفة الغربية انطلاقاًمن الأردن، يرد عليها الصهاينه بالمثل، ويضغطون على الملك لوقف تلك العمليات،بتوجيه ضربة للفلسطينيين تفتت قوتهم وقواتهم.
وقد كان . . ومات عشرات الآلاف منالأبرياء فيما سمي بأيلول الأسود عام 1970. وهو الاسم الحركي للفرقة السرية الخاصةالتابعة لعرفات، والتي يترأس عملياتها علي حسن سلامة الذي نفذ أولى عملياتهاباغتيال وصفي التل، ثم توالت العمليات في عواصم أوروبا ضد الصهاينه. وبعد حربأكتوبر توصل العرب في الجزائر الى صيغة رسمية وهي أن منظمة التحرير الفلسطينية هيالممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وشكل هذا الأمر خلافاً جوهرياً مع الملكحسين، الذي كان يدعي لنفسه هذا الحق. حتى جاء شهر يوليو 1974، ومعه خطوة هامة،عندما اتفق الملك حسين والسادات على صيغة أخرى تحفظ ماء وجه الملك. وهي أن منظمةالتحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين، باستثناء الفلسطينيين الذينيعيشون في الأردن. فأثار البيان منظمة التحرير، وفكر سلامة جدياً في ضرورة التخلصمن الملك حسين.
وحالف الحظ الملك، عندما تمكنت السلطات المغربية من إلقاء القبضعلى وحدتي كوماندوز فلسطينيتين، وصلتا من أسبانيا لاغتياله، وتم التعتيم على الأمرخاصة وقد حضر عرفات المؤتمر، وحقق نجاحاً كبيراً في الحصول على أكبر دعم عربيلشرعية منظمة التحرير. وبموجب مقررات مؤتمر الرباط، أصبحت المنظمة مسؤولة عن وضعالاستراتيجية التي تراها كفيلة باستعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين، أي أنالمنظمة مطالبة باتخاذ مواقف محددة وواضحة: هل هي تريد تحرير فلسطين كلها أم جزءمنها تقام عليه الدولة الفلسطينية. . ؟
وفي هذه الحالة . . كيف تستطيع إعدادالوسائل التي تمكنها من الوصول الى هذا الهدف؟. وهل هي تريد الوصول اليها بجهدهاالخاص أو بالتنسيق بين استراتيجيتها والاستراتيجية العربية، وعلى وجه التحديد بيناستراتيجيتها واستراتيجية مصر وسوريا - اللتين تعملان تحت قيادة عسكرية موحدة - باعتبارهما أقوى دول المواجهة في المنظمة.
أو هل تريد المنظمة العودة الى قرارالتقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948؟ . . أو تريد إقامة دولة فلسطينية فيالضفة الغربية وقطاع غزة؟ . . وفي هذه الحالة . . هل هي مستعدة للاعتراف بقرار مجلسالأمن رقم 242 إذا ما عدلت الفقرة التي تتحدث عن "اللاجئين الفلسطينيين" الى "الشعبالفلسطيني"؟ . . وفي هذه الحالة . . هل هي مستعدة للذهاب الى مؤتمر جنيف؟ . .
وإذا ما قررت الذهاب الى جنيف كيف يمكن حل مشكلة اعترافها بالوجود الصهيوني فيفلسطين؟
. . او باعتراف إسرائيل بها؟. . أي الاعترافين يجب أن يسبق الآخر؟ . .
عشرات الأسئلة طولبت أمينة المفتي بالتجسس على أعضاء اللجنة التنفيذية العشرةلتكشف نواياهم. والأعضاء هم خليط لكافة التيارات الفلسطينية، فهناك التياراتاليمينية المتطرفة، واليسارية والمحايدة، والمتعصبة، بعضهم شيوعيون وآخرون معارضونلهم وللماركسيين، وهناك ديموقراطيون و . . و . . الخ.
كل هذه التيارات المختلفة،متفقة فيما بينها على الاستراتيجية العامة. فالهدف - هو تحرير فلسطين، وإن كان هناكاختلاف في التكتيك طلب منها أيضاً معرفة المصادر المالية للمنظمة ومخازن السلاح فيسوريا، ورأي القيادة العليا في مسألة القدس
لذلك . . انشغلت أمينة بشكل لم يسبقله مثيل. . وساعدها مارون ومانويل في نوبات التنصت على تليفونات القياداتالفلسطينية، بل إنها استطاعت تجنيد صديقتها خديجة زهران التي طُلقت من زوجهااللبناني، فتزوجت بغيره وطلقت منه أيضاً، وسقطت في شبكة أمينة المفتي في أحلك لحظاتضعفها وحاجتها الى النسيان . . والمغامرة. . والثراء.
رباعي عجيب انطلق في مهامتجسسية صعبة، لإمداد الموساد بأخطر المعلومات عن الفلسطينيين الذين كانوا يستشعرونوجود مؤامرات لبنانية لتصفيتهم، وقالوا للبنانيين: إنكم لن تستطيعوا تصفيتنا لأنكملا تملكون القوة الكافية لذلك. ونحن لا نريد منكم إلا تمهيد الطريق لنا الى فلسطين. والطريق الى فلسطين يمر بعين طورة وجونية، وهما منطقتان لبنانيتان مسيحيتان،إحداهما في الجبل والثانية على الساحل. فتساءل اللبنانيون: ماذا يفعل الفلسطينيونفي الجبل وهو يبعد عن طريق فلسطين بأكثر من مائة كيلو متر؟ . . والحقيقة. . أنالطرفين كانا على حق. وتلك كانت مقدمة للحرب الأهلية اللبنانية.
الخطأ المدمر :
في يوم 22 نوفمبر 1974، دخل عرفاتلأول مرة مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، مطالباً بإلغاء دولة الصهاينه، وإقامةدولة ديموقراطية تتكون من العقائد الدينية الثلاثة - الاسلام والمسيحية واليهودية،والا فليس أمامهم سوى الكفاح المسلح. ويخرج الوفد إلصهيوني غاضباً ليصرح سفيرهم بأنعرفات الذي قتل الأطفال اليهود، يحاول أن يقهر الدولة اليهودية بحجة فلسطينالديموقراطية.
وبعد أسبوع من لقاء نيويورك، بثت أمينة المفتي رسالة خطيرة الىالموساد، تتضمن هجوماً فلسطينياً مسلحاً سيتم بعد عدة ساعات على إحدى مدن الشمال. وقبلما تتخذ سلطات العدو التدابير الأمنية الكافية كان ثلاثة من فدائي الجبهةالديموقراطية قد هاجموا مدينة بيت شين BET SHEAN انطلاقاً من الأراضي الأردنية علىغير المتوقع، وقتلوا أربعة صهاينه ثم جزوا رؤوسهم تماماً وكتبوا بدمائهم: "فاليرحلأبناؤكم قبلما يلقوا مصيرنا. وبعد يومين تسلق أربعة فدائيين سور مطار دبي الدولي،وفتحوا نيران مدافعهم على الطائرة البريطانية التي كانت تتزود بالوقود في طريقهاالى كلكتا وسنغافورة، فأصابوا أحد الهنود واحتجزوا 47 شخصاً كرهائن وطاروا بهم الىتونس، في ذات الوقت الذي أقر فيه السكرتير العام للأمم المتحدة حق الفلسطينيين فيتقرير مصيرهم والعودة الى وطنهم، والموافقة على اختيار منظمة التحرير مراقباً فيالأمم المتحدة.
وفي نهاية شهر يناير 1975 قال أبو إياد - مساعد عرفات - في تصريحله كالقنبلة: "إنني أعد بأن هذه الحادثة العارضة ستكون الأخيرة". وبهذا التصريح، لميعد هناك وجود لمنظمة أيلول الأسود. إذ غطت الحرب الأهلية اللبنانية على كل شيء. وأصبح مقاتلوا أيلول الاسود يكرسون جهودهم لمهام أخرى. وعندما طلبت أمينة الإذنبمغادرة بيروت الى تل أبيب، أعيد تذكيرها بإيجاد فرصة مناسبة لدخول شقة علي حسنسلامة ومحاولة الحصول على القوائم السرية لرجال مخابراته في أوروبا، وخطط العملياتالمستقبلية المطروحة. وعلى ذلك انتهزت أمينة فرصة لقائها بسلامة في الكورال بيتشكالمعتاد، وسألته في خطأ فادح عن أولاده. فدهش الرجل الذي لم يحدثها عنهم من قبلمطلقاً. وبحاسته الأمنية العالية ملأه الشك تجاهها، وقرر البحث عن ماضيها وطلب منرجاله في عمان إعادة موافاته ببيانات عن الطبيبة الأردنية أمينة داود المفتي، التييعيش اهلها بحي صويلح أرقى وأروع أحياء عمان.
فجاءه الرد بأنها بالفعل طبيبةأردنية، غادرت وطنها الى النمسا للدراسة، ولمشاحنات مع أهلها قررت ألا تعيش بعمان. اطمأن سلامة لتحريات رجاله. . وتجددت ثقته بأمينة، لكن بلاغاً سرياً من أوروبا وصلالى مكتب المخابرات، قلب الأمور كلها رأساً على عقب.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)