تسلم الأيادى يا أسماااء
و متاااابع ان شاء الله
]طريق الخلاص :الفصل التاسعالسقوط في الفخ :
كان الوقت قرب الفجر عندما أفاقت الفتاة، وأخذت تهذي باللغة الفرنسية التي كانت أمينة تجيدها فانتبهت الأسيرة اليها وقد خرجت عن محيط الهلع الذي غلفها، لقد حاولت أمينة طوال ساعتين أن تتحدث مع الفتاة دون جدوى. وما إن نطقت الأخيرة ببضع كلمات حتى صاحت أمينة بالفرنسية.
عزيزتي . . حسبتك عربية مثلي.
كان الظلام شديداً جداً بداخل الكهف. وبرغم ذلك كانت أمينة تتجه بوجهها ناحية الفتاة وتبحلق في انتباه، وجاءها صوت ضعيف واهن تمتزج به حشرجة تتأرجح على اللسان في صعوبة:
أأنت عربية. . ؟
نعم . . من الأردن . . لماذا يفعلون بك ذلك . . ؟
حظي المشؤوم يا عزيزتي . . حظي هو الذي جاء بي الى هنا.
فرنسية أنت؟
من شيربورج على بحر المانش.
لماذا أنت هنا. . ؟
قصة طويلة لن أستطيع سردها. كل ما أطلبه منك أن تحفظي هذا الرقم جيداً، ولا تنسيه أبداً إن أطلقوا سراحك. إنه تليفون أمي في فرنسا.
أولن يطلقوا سراحك؟
لا أظن . . فهم أناس متوحشون لا يعرفون الرحمة.
أرجوك . . ساعديني وقصي علي حكايتك قبلما يجيئون . . ما اسمك أولاً يا أختاه . . ؟
سيمون . . سيمون دوابرفيه . . وأنت . .؟
أنا أمينة . . أمينة المفتي. طبيبة متطوعة في لبنان. اعتقلوني بتهمة التجسس لحساب الموساد.
أوه . . يالحظك السيىء . .هل فعلوا معك مثلي؟
من . . ؟
رجال الموساد هؤلاء الأوغاد الأغبياء. طلبوا مني أثناء سياحتي في فلسطين أن أصور لهم ميناء صيدا ومخيمات اللاجئين، ومنحوني خمسمائة دولار مقدماً وكاميرا تلسكوبية. وبينما أقوم بمهمتي اعتقلني الفلسطينيون وعذبوني لأرشدهم عن بقية أعواني في لبنان مقابل إطلاق سراحي.
أوأرشدتهم. . ؟
أقسمت لهم ألف مرة بأنني لا أعرف أحداً بلبنان لكنهم لا يصدقون. عشرة أيام هنا في الكهف اغتصبني أثناءها ثلاثون كلباً منهم، وماذقت سوى الخبز الجاف والماء العطن. لقد ضيعت نفسي بغبائي وحماقتي وحتماً سيقتلونني هنا. "انفجرت في بكاء هستيري" – أرجوك . . أمي ستموت حزناً لأنني وحيدتها . . اتصلي بها واخبريها بما حدث لي "وذكرت رقم الهاتف".
أنا لا أضمن لك ذلك "بيأس" فمصيري أنا الأخرى مجهول. . ومظلم كهذا الكهف الكريه.
هل يشكون بك أيضاً. . ؟ إنهم أناس مرضى بالشك.
نعم. . يشكون بي ولا دليل واحد لديهم.
بهمس . . أخدعك رجال الموساد مثلي. . ؟ لقد أقنعوني بأن الفلسطينيين أغبياء . . وفي حالة انكشافي فلن يتركوني بين أيديهم أبداً، وسيخطفونني كما خطفوا إيخمان النازي من الأرجنتين.
هم قالوا لي أكثر من ذلك "هكذا سقطت أمينة في الفخ" ووعدوني بألا يمسني أحد مهما كانت ظروف اعتقالي .
بهمس: لا تعترفي بأي شيء لهم فكلما اعترفتي طلبوا المزيد ...والمزيد واطلقوا كلابهم تفتك بك في ضراوة .
أخشى ألا يرحموني.
سيعدونك بإطلاق سراحك: لأنك أجنبية، إذ أرشدتهم عن شركائك. لكنهم لن يفوا بوعدهم . . لن يفوا أبداً.
يا الهي . . لقد جاءوا ليقتلوني.
فجر الحياة :
قطع الحوار بينهما وقع أقدام ثقيلة تقترب، وسرعان ما ظهر ثلاثة ضباط يتبعهم عدد من الجنود يحملون الكشافات المبهرة، تجاهلوا أمينة واتجهوا الى الفتاة الفرنسية على بعد أربعة خطوات منها، وكانت المسكينة ترتجف في رعب، تلهث عيناها الزائغتين بحثاً عن شعاع أمل لإنقاذها، لكن الضابط الكبير الذي كان يبدو متبرماً عجولاً، أمر أحد مرافقيه أن يسألها لآخر مرة عن أعوانها في لبنان، ولما أجابت بالنفي أشار بيده في حركة ذات مغزى، فاصطف أربعة جنود يحملون بنادقهم الآلية، واتخذوا وضع الاستعداد وقد جذبوا أجزاء الرشاشات. وانطلقت الرصاصات الى صدر الفتاة فافترشت الأرض كومة من حطام. وامتد صراخ أمينة يشرخ جدران الكهف الصخرية، ويتموج ملتاعاً في جوف الليل الى عنان الفضاء، صراخ هيستيري متواصل يحمل أبشع مشاعرها رعباً وهي التي تعودت التوحش والسادية، وانتزعت ما بداخلها من نبضات رحمة وحنان. عندئذ قال أحد الضباط لقائده:
سيادة العقيد أبو الهول . . ألا نعدمها هي الأخرى؟
أجاب أبو الهول على الفور:
لو لم تتكلم قبل منتصف النهار، فلن نجد حلاً آخر.
ومشيراً الى الجنود في قرف:
إرموا الجثة خلف الجبل، ودقوا رأسها بالصخور.
غمرت الكشافات جثة الفتاة الغارقة في دمها، وهنا . . هنا فقط . . عندما سحبوها من ذراعيها الى الخارج، ووقعت عينا أمينة على المشهد المروع، انهارت تماماً . . وفقدت آخر قلاع دفاعاتها، وصرخت في ذلك وضعف تستغيث:
سأتكلم . . سأقول لكم كل شيء . . أخرجوني من هنا لأنني خائفة من الدم . . أخرجوني لأتكلم.
وبصوت أجش صاح فيها أبو الهول:
أنت كاذبة . . ومخادعة . . وستضيعين وقتنا هراء.
وبحسم قال آمراً:
علقوها من ساقيها واضربوها بالكرباج. وتحرم من الماء والطعام حتى أعود قبل الظهر.
وعند مدخل الكهف. . كانت الفتاة الفرنسية تقف في زهو، وقد علت وجهها ابتسامة رقيقة تتخلل الدم المستعار، وعندما أدركها أبو الهول ، ربت على كتفها وقال وهو ينظر بعيداً حيث الفجر الوليد:
انظروا الى صديقتنا فرانسواز. . إنها حقاً قامت بمعجزة. ونحن جميعاً نجلها لإخلاصها لنا. إنه إخلاص نقي بريء. . يشبه الفجر . . فجر الحياة . ونطقها بالفرنسية L’autre de la vie .
وبينما يغادر العقيد أبو الهول كهف السعرانة ترافقه فرانسواز كاستيمان، كان صراخ أمينة لا يزال يتردد عالياً عبر الجنبات موشم بالهلع: أخرجوني . . سأتكلم . . سأعترف. لكن الجنود كانوا قد شرعوا في تنفيذ أوامر قائدهم، إذ كبلوا قدميها بحزام عريض من الجلد، وعلقوها كالشاه الى سقف الكهف بواسطة سلسلة حديدية، وانهالوا على جسدها ضرباً بالكرابيج. هكذا رسم الضابط الذكي خطته المحبكة لانتزاع اعترافاتها بأسرع ما يمكن، معتمداً أولاً على المتطوعة الفرنسية المخلصة في بث الرعب بقلب أمينة لتطويعها، واللجوء الى التعذيب الشديد ثانياً لتخور تماماً . . وفي خلال ساعات معدودة. فقد كان هناك وعد، أبو اياد لوزير الداخلية اللبناني الشيخ بهيج تقي الدين: بإنهاء التحقيق مع أمينة خلال ثلاثة أيام فقط، تسلم بعدها الى السلطات اللبنانية، وها هي الساعات الحرجة تمر سراعاً، ولم يتبق من المهلة سوى خمسين ساعة، بعدها لن يسمح بإبقائها رهن التحقيق لحظة واحدة، إذا لم يكن هناك اعتراف منها صريح، وواضح . . وعندئذ . . ستغادر لبنان في بجاحة المنتصر وهي تخرج لسانها للفلسطينيين. لذلك . . عمد أبو الهول الى تجاهل رغبتها في أن تعترف، فهو يدرك لسابق خبراته الطويلة، أنها ستلف وتدور وتحيك الأكاذيب إذا ما أنصت اليها فوراً. . ولكي لا يضيع الوقت هباء . . رأى أن التعذيب بتلك الوسيلة سيختصر المسافة والوقت، خاصة وأنها تنطلق بشدة الى قمة لحظات الضعف الانساني، خوفاً من الاعدام. وهي المتمسكة والراغبة في الحياة، لقد كان الاقتتال عنيفاً مع عقارب الزمن، ومع تلك المرأة الخائنة الذكية، التي دربت في الموساد على المراوغة والدفاع. لذا فالتعذيب المؤلم سيصيب إرادتها بالشلل، ويقضي على تفاعلات عقلها وشحنات المقاومة به، بل إنه سيجتث فيها الكذب والخباثة، ويحيلها الى مجرد امرأة لا تفكر سوى في إنقاذ حياتها، مهما كانت التضحيات والخسائر، متجاهلة كل وعود الموساد بحمايتها، فالألم المصحوب بالهلع طريق سهل أحياناً للسيطرة على نوعية معينة من الجواسيس، إذا ما اغلقت أمامهم أبواب النجاة والأمل، والعقيد أبو الهول لم يعتمد على هذين الأسلوبين فقط، بل نشط في استغلال كافة ما لديه من معلومات ، حصل عليها رجال رصد في فيينا، لإخضاع العميلة إخضاعاً تاماً لا شك فيه ، وظهر ذلك جلياً في أسلوب الاستجواب المعقد الذي انتهجه بعد ذلك. كانت الدقائق تمر رهيبة الوقع على العميلة التي آمنت من قبل بأكذوبة الموساد الأسطورية، بأن الفلسطينيين لن يكشفوها أبداً، لأنهم رتبوا كل شيء لحمايتها في حالة كشفها، فرجال الكوماندوز الصهاينه ، خاصة فريق العمليات الخاصة المعروف باسم السايريت ماتاكال سيعثرون عليها وسيخطفونها بالقوة، كما فعلوا مع النازي أدولف إيخمان الذي خطفوه من الأرجنتين عام 1960 وأعدموه في تل أبيب، ومع الطفل يوسيل شوماخر الذي اختطف من فلسطين عام 1959 وعثرت عليه الموساد في نيويورك عام 1962 لكن العميلة الواهمة وقد أفاقت على الحقيقة المؤلمة، لفظت إيمانها العميق بالموساد، وآمنت – لحظة صراخها أمام مشهد الاعدام – بأن الاعتراف بصدق هو طريق الخلاص الوحيد من النهاية المرعبة. أما وقد علقوها الى السقف وتناوبوا ضربها بالسياط، فقد اشتد إصرارها على الاعتراف ليكف الجنود عن تمزيق جسدها، لكن الجند لم يرحموها . . واستمروا في تعذيبها دون اكتراث بصراخها، أو الى حقيقة أنهم يضربون امرأة . . كانت عربية ! شهقة المصدوم : قرب الظهر . . توقف أسفل مدخل الكهف سيارة جيب، ترجل منها ضابط برتبة مقدم وجنديان يحمل أحدهما حقيبة متوسطة الحجم، تحمل جهاز تسجيل متطور ذا سعة عالية. وضعها بعناية فوق قطعة صخرية مستوية بالقرب من أمينة، وانهمك الآخر في شد الأسلاك الكهربائية الى بطارية السيارة الجيب بينما وقف الضابط يقلب بعض الأوراق بين يديه، متجاهلاً الالتفات الى أمينة المفتي وسألها في صوت حاد أجش: من هو رئيسك المباشر في الموساد؟ "ويطلق عليه ضابط الحالة". وبصوت كأنه همس الموت أجابت في وهن: سأموت عطشاً . . اسقني و . . . وقبل أن تكمل الجملة رفع الضابط إصبعه، فهوى على ظهرها سوط ثقيل، ذاب صداه وسط صراخها الشديد، وأجابت على الفور: أشيتوف . . إيرييل أشيتوف. فقال وهو لا يزال ينظر الى الأوراق بين يديه: أين جهاز اللاسلكي ونوتة الشفرة؟ أجابته في سرعة مذهلة وهي ترمق الجندي ذي الكرباج بخوف: أمروني أن أضعه بصندوق القمامة أعلى شقتي ببيروت وأن أحرق أوراق الشفرة التي كانت بالمصحف. كم تقاضيت من الموساد مقابل التجسس علينا؟ لم آخذ سوى أربعة آلاف دولار، وكنت أنفق من أموالي الخاصة لأنهم صرفوا لي تعويضات زوجي المفقود. هذه المرة التفت اليها الضابط وهو يصيح في انفعال: أتعودين الى الكذب ثانية أيتها المومس، وتدعين بأنك تنفقين من جيبك على الموساد؟صرخت أمينة في رعب: سيدي الضابط . . إنها قصة طويلة . . "أجهشت بالبكاء" وأنت لم تسألني عن البداية . . أرجوك . . اسقني وسوف أدلي باعترافي منذ بدأت القصة. صاح فيها الضابط محتداً وهو يلوح ناحيتها بمسدسه: عندي أوامر صارمة بأن أقتلك فوراً بالرصاص، إن تأخرت في الإجابة على أسئلتي، فكوني حذرة في اختيار ألفاظك وإياك والكذب. أنبهك ثانية: إياك والكذب أيتها العاهرة، فنحن نعرف عنك كل شيء. . كل شيء بالتفصيل منذ خدعك موشيه وتزوجك . . وهاجر الى فلسطين تنفيذاً للخطة المرسومة، أفكنت تعتقدين بأنه أحبك حقاً؟ خرقاء أنت إن كنت صدقت ذلك فيهودي مثله لن يعاف حسان قومه ليقترن بدميمة مثلك. هكذا كانت خطة الخداع الفلسطينية التي تعتمد على زرع الشك في صدر أمينة، والتلويح بوجود قصة كذب محبوكة جيداً وراء عملية تجنيدها . . ولكي يسيطر عليها الشك تماماً وهي في حالة الضعف تلك، مسلوبة الإرادة والتفكير النقي، استمر الضابط في سرد بعض التفاصيل المأخوذة عن مذكراتها. لقد وقعت أيتها الغبية في شبكة خداع متقنة أوقعتك بها "سارة" التي هي في الأصل عميلة للموساد، واستطاع رجالنا الإجهاز عليها في فيينا، وفي فلسطين خدعوك مرة ثانية، عندما ادعو بأن موشيه انفجرت به الطائرة فوق سوريا! ولأنها كانت أضعف من أن تفكر . . أو تحلل ما قاله الضابط الغليظ القلب، شهقت شهقة المصدوم، وهزت بعنف رأسها المدلاة وهي تئن في غير وعي: مستحيل . . مستحيل أن يفعل موشيه ذلك. أنا لا أصدق . . "النفي هنا مشبع بالاستسلام والرفض معاً" كالدهر كانت تمر اللحظات القليلة، التي تذكرت أمينة أثناءها قصته منذ البداية مع سارة، وكيف شاركتها الشذوذ وجرتها الى حياة الهييبيز البوهيمية، حتى أخذتها معها الى وستندورف في زيارة لأسرتها بلا موعد. فهناك التقت بشقيقها موشيه الضابط الطيار، فانجرفت معه بلا عقل في قصة حب مجنونة . .محرمة، تخللها الجنس الذي عشقته معه حتى أدمنته، وأسلمت اليه قياد نفسها طائعة . . بلا إكراه. وتساءلت أمينة في نفسها، برغم رائحة الموت التي تزحف من حولها: ترى . . هل كان موشيه صادقاً في حبه . . أم أن القصة كلها مجرد خدعة لذيذة . . تقودها الى الاعدام. . ؟. كان حديث الضابط الفلسطيني ذي الوجه الجامد يفتك بمجامع عقلها المنهك . . ويغوص بها في محيط لا آخر له من الشك. . والخيبة . . والاندحار . .ورددت في نفسها غاضبة . . "إذاً . .خدعتني سارة . . وأحكم موشيه حلقة الخداع حول رقبتي". هنا . . هنا فقط . . نجحت تماماً خطة أبي الهول في زعزعة ثقة العميلة في قصة حبها، وفقدت بذلك السيطرة على عقلها. كذلك فقدت الهدف الذي من أجله خانت وقتلت . . ودمرت، وباعت من أجله دينها ووطنها. وبضياع الهدف الرئيسي من وراء تجسسها، انقلب إيمانها بالانتقام من العرب الى هدأة رفض هي مزيج من الحسرة . . والندم. لكنها – فيما بعد – أوجدت مبررات أخرى لفعلتها، في محاولة لتسكين لسعة المرارة التي التصقت بعقلها. رائحة العذاب والموت كان الموقف عصيباً جداً عند أمينة المفتي. فقد أجاد العقيد أبو الهول التعامل معها بتدرج حتى أوصلها الى مرحلة الشك. . فالترنح . .وليس هناك من شيء بعد الترنح سوى السقوط. وعند السقوط يكون المرء في أقصى حالات ضعفه . . ويأسه . . وقهره . .فلا عقل لحظتئذ أو إرادة، إنما انصياع للآخرين يغلفه الخوار. وفي مذكراتها تصف أمينة بتلقائية شديدة تلك اللحظات الحاسمة من حياتها، التي عاشتها في كهف السعرانة، وجاء وصفها لتفاعلاتها الداخلية في سرد رائع صادق، يحمل كل صراعاتها من أجل الحياة. مذكرات حوتها صفحات طويلة لا يستوعبها مجلد ضخم. ضمنتها خلجات نفسها بصراحة، معتمدة على أسلوبها الشيق في الوصف والتحليل بلغة عربية بسيطة. ولنقرأ معاً ما كتبته عن مرحلة الترنح. تقول أمينة المفتي: "عشت أسوأ لحظات حياتي بعدما أطلقوا الرصاص على الفرنسية أمامي. كانت الفجيعة على عمري قاسية، والألم النازف أقصى . . وقلت في نفسي: هكذا يموت الخونة، وتصورت أنني سألقى ذات المصير، وكأنني كلب عقور لا ذكر لي . . ولا اعتبار. وتعجبت من الضابط الشرس – أبو الهول – الذي أرعبني اسمه، فهو لا يريد أن يسمع اعترافي. كان لا يثق بي بالطبع فزميله أبو داود ضج مني وفشل معي من قبل. لقد كان أبو داود طيباً ومريحاً . .أما أبو الهول فحروف كلماته طلقات رصاص. ارتعد بدني وأنا أستعيد ملامح وجهه، ووددت لو أنه جاء ثانية لاستجوابي بنفسه. فساعتئذ لن أنتظر منه سؤالاً واحداً، نعم . . قررت ألا أتركه يسألني، لأنني سأقول له كل شيء . . وبسرعة . . قبلما يثور فيأمر بإعدامي. لكن . . لم يجيء أبو الهول . . أرسل بدلاً منه ضابطاً آخر يماثله في الشراسة والقسوة. ضغط بعنف على اعصابي، أشعرني بتفاهتي . . وحقارتي ورأيت الموت يتربص بي بين أصابعه. بل كنت أراه متحفزاً في ماسورة مسدسه. كنت لا أنوي خداعه أبداً أو مراوغته، فلا حيلة أمام سهام الموت المصوبة تجاهي. لكنني . . تمنيت للحظة ألا أموت ويلقى بجسدي في العراء، وكان ذلك عندما اكتشفت أنني ضحية مؤامرة قذرة، بطلها زوجي موشيه . . وسارة والموساد. في تلك اللحظة تمنيت ألا يقتلونني . وتضرعت الى الله نعم . . الى ربي الذي عصيته وكفرت به – أن ينقذني . . لأرى موشيه – موشيه الرومانسي الرقيق الحنون الذي خدعني . . وأضاعني. كنت في حالة صراع قاسية. . صراع بين حبي لموشيه الذي بلا حدود وبين الحقيقة التي تفتك بي. واسترجعت شريط حياتي كلها في لحظة، ووقفت عند حكايتي مع موشيه. وتساءلت . . ماذا سأفعل معه لو أنه كان حياً بالفعل في الوطن المحتل . .؟ هل سأنتقم منه أم سأضعف أمامه وأصفح. . ؟! سيطر الضابط المحقق على أمينة المفتي، فخضعت له في استسلام وقد خارت عزيمتها، وهوت صريعة الرعب في كهف موحش وسط الجبال . .تنبعث منه رائحة العذاب . . والموت. وفاجأها الضابط بسؤال صاعق: مع من مارستِ الجنس في لبنان . . ؟ بصوت مرتعش أجابت بعد لحظة تفكير قصيرة . .تسعة . . ! وكأنما أرادت تأكيد صدق إجابتها أضافت . . لبنانيان يعملان معي هما مارون الحايك ومراون عساف الموظف بشركة الهاتف، وضابط فلسطيني فشلت في تجنيده اسمه أبو ناصر وخمسة أجانب. هؤلاء ثمانية فقط، مَن التاسع؟ أجابت بنبرة خجل شديدة . . خديجة زهران . . !! وهي أول من عرفت في لبنان وتملك محلاً للملابس اسمه اللوار L OIRE . كانت تمطر دما في كتابها الشيق "قبل الإفاقة" يقول ضابط سوفييتي اسمه ليونيد يوكوف، وهو خبير بشؤون المخابرات ومتخصص في استجواب الجواسيس والخونة. عندما ينهار العميل المعتقل ويعترف بأول معلومة بعد جهاد، يكون كالكهل الذي يرتقي الجبل، ويجر خلفه سلسلة طويلة متصلة الحلقات تمتد بين الحصى والصخور، كلما جلس ليستريح دق بعض حلقاتها ليسهل عليه الجر. وقد يعتقد البعض أن اعترافات أمينة المفتي التي أدلت بها لا تفي بالغرض. فالضابط الفلسطيني لم يسألها سوى خمسة أسئلة فقط. وأقول: لقد حملت إجاباتها اعترافاً صريحاً بالتعامل مع الموساد، وكذا أسماء شركائها في شبكة الجاسوسية، وعند هذا القدر الهائل من المعلومات في الاستجواب الأول. ظهر فريق من رجال المخابرات الفلسطينية يترأسهم العقيد أبو الهول، لمهمة مباشرة التحقيق مع الجاسوسة المنهارة، دون منحها فرصة واحدة للراحة أو لاسترداد أنفاسها، إنه التوقيت الذهبي لاستجلاء خفايا الأسرار التي يحملها الجاسوس المعتقل، حيث يكون واقعاً تحت ظروف نفسية وجسدية مرهقة. ومنحه فرصة – ولو قصيرة – للراحة، معناه خسارة فادحة لا تعوض، لأنه بذلك سيرتب أفكاره ويتحصن بالأكاذيب التي درب عليها واسترجعها لحظة عمل العقل المعطل. وكان لوصول أبو الهول وقع الصدمة عند أمينة، فهو رجل بدا بلا قلب أمامها عندما أعدم الفتاة الفرنسية، وأمر برميها خلف الجبل وتحطيم رأسها بالصخور. صرخت الواهنة المدلاة من سقف الكهوف عندما لمحت الرجل المتجهم يقترب منها، ويأمر أحد الجند بأن يعري ظهرها. تأوهت المرأة ألماً والجندي يرخي سترتها، ولما انكشف الظهر بدت خطوط السياط الحمراء المتقاطعة في كثافة، فصرخ في جنوده بصوت جهوري أجش: أكنتم تدللونها يا أولاد الـ . . . ؟ أما زلتم في مرحلة الحضانة؟ . وانهال ضرباً على الجنود الذين تناوبوا تعذيبها وهو يسبهم ويقول: كانت الفرنسية تمطر دماً . . أين دم هذه الـ . . . يا أوغاد؟. ثم اتجه بوجهه ناحية الضابط الذي حقق معها وسأله: هل اعترفت بكل شيء؟ أجابه الضابط على الفور وهو يقف منتصباً في انتباه: لم تعترف بعد سيادة العقيد إنها كاذبة. هنا . . أدركت أمينة أن النهاية قد قربت . . فاستجمعت ما بقي لديها من قوة وقالت للقائد في هلع ووهن: اعترفتُ . . اعترفتُ . . حتى بأسماء شركائي . . اسألوني وسأجيب بصراحة. لا أريد أن أموت . . أن أموت. فصمت أبو الهول للحظات مرت بطيئة . . مرعبة، ثم نطق آمراً في حسم : أنزلوها. . [/center]
الاستجواب :
بداخل كهف السعرانة، شرع العقيد أبو الهول في استجوابها.
ورصت عدة مقاعد خشبية على شكل نصف دائرة يتصدرها القائد، بينما جلست أمينة على الأرض بلا قيود في وضع القرفصاء، حيث بدأت تعترف بقصة سقوطها في شرك الجاسوسية منذ البداية . . البداية الأولى في فيينا. وكانت خائرة تماماً لا تملك إلا قول الصدق . . كل الصدق أملاً في النجاة. وجاء في ملف استجوابها أنه في يوم 12 "سبتمبر" 1975، الساعة الواحدة وخمس دقائق مساء، أُخضعت أمينة المفتي للتحقيق، وكان استجوابها برئاسة العقيد أبو الهول، وبإشراف القائد محمد داود عودة " أبو داود" كما يلي:
اسمك بالكامل. . ؟ أمينة داود محمد المفتي.
جنسيتك . . ؟ أردنية.
بكالوريوس علم النفس الطبي بجامعة فيينا عام 1963.
والدكتوراة . . ؟ مزورة . . فأنا لم أكمل دراساتي العليا.
أين ومتى تم تجنيدك في الموساد . . ؟ أنا لم أجند . لكنهم هددوني في فيينا في شهر مايو 1972.
كيف . ؟ نريد كل التفاصيل. كنت أسعى للحصول على درجة الدكتوراة في فيينا. ولما فشلت في ذلك تزوجت بطيار نمساوي يهودي اسمه موشيه بيراد، هو في الأصل الشقيق الأكبر لصديقتي النمساوية سارة، وكنا قد ارتبطنا معاً بعلاقة حب.
تتزوجين من يهودي وأنت المسلمة . . ؟
كانت ظروفي النفسية سيئة وتزوجته بإلحاح منه، ولم أكن أعلم أن ذلك حراماً لأنني غير متدينة.
ألم تشكين في نواياه وهو يلح في الزواج منك . . ؟
لا . . مطلقاً . . فهو كان يحبني جداً ويسعى لإسعادي .
هل يعرف أهلك في الأردن بقصة زواجك من يهودي . . ؟
لا . . فقد عارضوني بشدة عندما أخبرتهم برغبتي في الزواج من نمساوي. وكنت قد كذبت عليهم وادعيت بأنه مسلم من جذور تركية. لذلك . . هربت مع موشيه الى فلسطين خوفاً من أن تطاردني أسرتي.
وما هي قصة هروبكما هذه . . ؟
جائني موشيه ذات يوم - وكنا نعيش في وستندورف قبلما ننتقل الى فيينا – وبيده إحدى الصحف المحلية، وقال لي توجد بالصفحة التاسعة حكاية غريبة عن طبيب إيطالي، يغتصب مريضاته في حجرة العمليات بعد تخديرهن. ولما قرأت الصفحة لفت انتباهي إعلان بارز الى جوارها مباشرة، كان عن طلب طيارين عسكريين أوروبيين من اليهود للهجرة الى الأرض المحتله . وكانت المزايا المقدمة متعددة جداً ومثيرة، فتكلمت مع موشيه وناقشت الأمر معه لكنني فوجئت به لا يكترث. فغضبت منه لأنه يعرف مدى خوفي من مطاردات أهلي لي، وحالات التوتر التي لا تكف عن إرهاق أعصابي ليل نهار، وكلما وجدته كذلك ازدتت إلحاحاً في مناقشة الفكرة معه، فقبلها بوقت ليس طويل كان قد حدثني عن رغبته في العمل كطيار مدني بإحدى الشركات الكبرى.
بعدها بأيام انتقلنا الى شقتنا الجديدة بفيينا، إلا أنني كنت لازلت غاضبة ومكتئبة وخائفة. وكثيراً ما صحوت من نومي هلوعة مضطربة، وأجدني لا أهدأ إلا بعدما أبكي بحرقة، فكان حالي يؤرقه ويضايقه. ولما وافق على مناقشة فكرة الهجرة ، سألني عن قناعتي فأجبته بأن فلسطين هي المكان الوحيد الذي سأحس فيه بالأمان لأن أهلي لن يتوصلوا الي. فقال إنه يخشى أن يرفضوا طلب الهجرة لأنني مسلمة . . وأردنية، فقلت له وكيف نضمن الموافقة؟
فقال بأن تتهودي . . ولما وافقت اصطحبني الى معبد شيمودت حيث تم تعميدي وأصبحت يهودية و قد استدل عليه
هل كنت تكرهين كونك عربية . ؟ كنت أكره مظاهر التخلف في بلادي.
هل عدم اكتراث موشيه بالإعلان الذي جاء بالصحيفة يوحي لك بشيء الآن. . ؟
ربما كان يدفعني لأن ألح أكثر فأكثر . . أو أنه كان يرغب العمل كطيار مدني .
هل موشيه كان يهودياً متديناً . . ؟ وهل كان يحبا الصهاينه. . ؟
لا . . لم يكن متديناً. فنادراً ما كان يذهب الى المعبد. لكنه كان يحب اليهود ويفتخر بتلطف بتفوقها وتقدمها.
وسارة . . ؟ كانت مجنونة باليهود ، وتصطاف بفلسطين كل عام.
هل استدعتك جهات أمنية في فيينا قبل هجرتكما . . ؟ لا .
وهل حدث ذلك في فلسطين نعم . اصطحبني ضابطان الى جهة أمنية لا أعرفها في تل ابيب . . ؟ماذا حدث معك هناك . . ؟ برروا لي حروبهم مع العرب، وأنهم يدافعون عن وطنهم ولا يبغون عدواناً على أحد، وأنهم يسعون الى السلام.
هل اقتنعت . . ؟ كنت أقول لهم ذلك . . لكنني لم أكن مقتنعة بما يقولون. "كانت تكذب . . فهي نسيت عروبتها وتحولت الى يهودية قلباً وقالباً . . "كم مرة استدعيت لمكتب الأمن . . ؟
مرة واحدة . . لكن ضابطاً اسمه أبو يعقوب كان يزورنا دائماً ويجلس معي كثيراً ليؤكد تبريراته.
ما هو اسمك الرسمي في أوارقك اليهوديه . . ؟ آني موشيه بيراد.
متى خبرت بسقوط طائرة زوجك موشيه بيراد . . ؟ في 11 أبريل 1972. من أخبرك . . ؟ أبو يعقوب.
هل قال لك أنه مات . . ؟ لا . . أخبرني أن السوريين أسقطوا طائرته، ولم يعلنوا بعد عن أسره، بما يعني أنه ربما هرب.
هل طلبوا منك التوجه الى سوريا ولبنان للبحث عنه . . ؟
ليس صراحة . . لكنهم أوحوا إلي أنه ربما التجأ الى أحد الكهوف الجبلية بسوريا في انتظار النجدة، أو أن إحدى المنظمات الفلسطينية المنشقة عن منظمة التحرير تحتفظ به سراً للمساومة عليه. ولما أنبأوني بأنهم يبحثون عمن يتقصى أخباره، طلبت منهم أن أقوم بنفسي بالمهمة، وعلى ذلك سمحوا لي بمغادرة تل أبيب الى فيينا بجواز سفري الصهيوني ، والسفر الى بيروت من هناك كأردنية.
هل دربت على كيفية تقصي المعلومات للبحث عن زوجك . . ؟ لا . . هم فقط طلبوا مني الاحتراس والحذر.
وكيف جندت بعد ذلك . . ؟ أنا لم أجند . . فقد استدعوني الى فيينا وتقابلت مع ثلاثة صهاينه من جهاز المخابرات، أقنعوني بأنهم جاءوا لتسهيل إجراءات إرث زوجي والتعويض الذي تقرر له.
صرف تعويض يعني أنه مات بالفعل. فعلام كان سفرك إذن لبيروت . . ؟
لم أكن أعرف ذلك بالضبط . لكنهم نصحوني بتقصي أخبار المنظمات الفلسطينية في بيروت فقد أستدل عليه.
تستدلين عليه في بيروت أم في دمشق . . ؟ من خلال المنظمات الفلسطينية في بيروت.
ضمانات الولاء :
وكيف تدربت للقيام بتلك المهمة. . ؟
لمدة شهر وأربعة أيام في فيينا علموني كيف أكتب الرسائل بالحبر السري، وأظهار الرسائل الواردة الي منهم، وأساليب التشفير والتصوير، وتلقط الأخبار والالتزام بالحس الأمني، وتحميض الأفلام والهروب من المراقبة، والتمييز بين الأسلحة وأساليب إثارة المتحدث ليفشي أسراره. واستقدموا لي من فلسطين أحد الضباط المتخصصين في تقوية الذاكرة وتخزين المعلومات والأرقام والأسماء والصور
"الاعتراف بالتجسس واضح جداً هنا . . ".
إذن كان المطلوب منك تقصي أخبار الفلسطينيين وليس تقصي أخبار زوجك . . ؟
تقصي أخبار الفلسطينيين بغرض تسقط المعلومات منهم عن موشيه. "وهنا كانت تحاول المراوغة".
هل حددوا لك مهام بعينها . . ؟
نعم . . طلبوا مني التحري عن مقار إقامة القادة الفلسطينيين، والتغلغل داخل رجال المقاومة لمعرفة أخبارهم.
ماذا كانوا يريدون بالضبط . . ؟
كانوا يريدون معرفة الطريق التي يسلكها الفدائيون للتسلل الى فلسطين وأعدادهم، وتدريبهم، وأسلحتهم، ومواعيد هجماتهم المرتقبة، وكذلك مخازن الأسلحة والإعاشة.
قلت إنهم هددوك في فيينا في مايو 1972 . . كيف . . ؟
قال لي أحدهم إنني الآن وحيدة لا حول لي، وأن المخابرات الأردنية تسعى ورائي، ولأنني أصبحت يهودية ومواطنة إسرائيلية، فهم سيعملون على حمايتي مهما كلفهم الأمر. فكان المطلوب مني أن أستغل هويتي الأردنية للسفر الى بيروت حيث لن يشك الفلسطينيون بي.
ــ فوافقت على التعامل معهم من أجل حمايتك أم لإنهاء موضوع الإرث والتعويض . . ؟
من أجل حمايتي . . فقد كنت خائفة من المخابرات الأردنية. "!!"
لذلك تسلمت 4000 دولار فقط من الموساد وتنفقين من جيبك كل تلك المدة . .؟
أين تدربت على استعمال اللاسلكي . . ؟ في تل أبيب.
متى . . ؟ في الفترة من 20 سبتمبر الى 3 أكتوبر 1973.
من قام على تدريبك . . ؟ ضابط مهندس اسمه يوسف بن بورات.
هل 13 يوماً تكفي لتدريبك على استعمال اللاسلكي . . ؟
كان الجهاز تقنياً متقدماً جداً . . وبسيط في طريقة بثه وإرساله.
ما سر صفحات المصحف الناقصة . . ؟ كانت توجد مكانها أوراق الشفرة.
كيف تعرفت بمارون ومانويل . . ؟ عرفتني عليهما خديجة زهران.
وكيف جندت الثلاثة لمعاونتك . . ؟ تعرفت أولاً بمانويل ثم جائني بمارون بعد ذلك . .
هل مارسا الجنس معك . . ؟ نعم . . وكان ذلك قبل أن يعملا معي.
هل نصحك ضباط الموساد بذلك . . ؟ لا . . فعلت ذلك لأضمن ولاؤهما لي
هل خديجة زهران شريكة لك منذ البداية . . ؟
لا . . لم تكن تعرف بمهمتي إلا منذ فترة وجيزة. لكنها ساعدتني قبل ذلك عن غير قصد.
كم أنفقت على شركائك الثلاثة من أموال . . ؟
لا أدري كم بالضبط. لكن مارون تسلم مني ما يزيد عن الثلاثة آلاف ليرة قبلما ينضم لي.
تقصدين قبل أن يكتشف أنه يعمل لصالح الموساد. وماذا قدم لك مارون . . ؟
عرفني بعلي حسن سلامة، وجاءني بأرقام التليفونات السرية للزعماء الفلسطينيين.
ومانويل . . ؟ كان يشاركه . وكان مارون مسؤولاً عنه.
وما دور خديجة معك . . ؟
كانت تمدني ببعض المعلومات التي تجلبها من زوجات الضباط الفلسطينيين من المترددات على محلها.
امرأة بلا وطن :
هل طلب منك رجال الموساد اغتياله . . ؟
لا . . مطلقاً. لم يطلبوا مني ذلك . لكنهم أمروني أن أوطد علاقتي به وأقوم بتصويره.
وهل فعلت ذلك . . ؟ نعم . . فهم كانوا يجهلون ملامحه وكانوا يلحون في ذلك.
كم تقاضى منك أبو ناصر . . ؟ أبو ناصر . . ؟ إنه لا يعرف أي شيء. كنا أصدقاء فقط.
هل مارس معك الجنس . . ؟ ثلاث مرات فقط ثم اختفى وعلمت بعد ذلك أنه سافر للعمل في قبرص.
من هم الأجانب الخمسة الذين ضاجعتهم . . ؟
إنهم رجال من جنسيات مختلفة يعملون للموساد، وكانوا يجيئون إلي ليتسلموا الأفلام والخرائط التي بحوزتي.
هل تدلينا عليهم . . ؟ أنا لا أعرف أسمائهم الحقيقية، فهم يتعاملون معي بأسماء حركية، ويتصلون بي دون أن أعرف مكانهم.
وأين كانت تتم لقاءاتكم الجنسية . . ؟
في شقتي ببيروت ــ . هل بينهم عرب . . ؟ مغربي قال لي إن اسمه عازار وكان يعيش في تطوان.
هل زرعت أجهزة تنصت بمكتب ياسر عرفات . . ؟
كانوا يفكرون في ذلك عندما كنت بفلسطين . . لكنني لم أفعل.
ما الدور الذي قمت به لمحاولة اغتيال القائد أبو إياد في أكتوبر 1973؟
أبلغت الموساد عن الموقع العسكري الذي كان يتفقده، وقد كنت أحمل يومئذ جهاز اللاسلكي بحقيبتي، وأتابع عن قرب الطائرات الصهيونيه وهي تضرب الموقع. "أجهشت بالبكاء" سيدي أبو الهول . . كنت لم أزل بعد غبية حمقاء، أجرمت في حق وطني وعروبتي . . وديني. وارتكبت أفظع الجرائم لأنني كنت مهددة . . شريرة لا وطن لي. لقد صدقتهم وآمنت بما كانوا يقولونه دون أن أحترز أو أفكر . . وأتحسس الطريق الصواب، ولم يكن أمامي سوى الانصياع لأوامرهم خوفاً على حياتي. فهم زرعوا الخوف بداخلي من المخابرات الاردنية . . لا . . بل ومن أجهزة المخابرات العربية كلها التي تطاردني لتغتالني، ولم يكن لي مأوى سوى في عندهم. هكذا أوهموني وأخافوني . . وكنت مغيبة الوعي لا أدري أين هي الحقيقة، أو لأي طريق أقاد.
سيدي . . لقد كنت أمدهم بالمعلومات ليس حباً فيهم أو كراهية للعرب، بل لأجل أن أضمن وطناً يأويني ويحميني، بعدما ضيعت نفسي بغبائي . . ووقعت أسيرة مؤامرة أحبك الصهاينة حولي شباكها بمساعدة سارة وموشيه. "أمينة هنا تحاول كسب عطف المحقق ليس إلا".
تسلم الأيادى يا أسماااء
و متاااابع ان شاء الله
ثورة 25 يناير
التغيير
الحريه
العدالة الإجتماعيه
إلى كل من يحب مبارك أبشروا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
يحشر المرء مع من أحب
يا ناس حد شااااااف توقيعى ؟
walid وليد
البحث على جميع مواضيع العضو عفريت أفندى
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)