في يوم مشرق .. وسماء صافية .. كانت الطيور منشدة .. وترسل الأشجار ترانيم الحفيف .. تتمايل على أنغامها الأغصان راقصة .. في يوم كان الوجود جميلا .. يضحك بألوان زاهية ..
بين ممرات الجمال كنت أترجل .. وعلى المدى كان خيال فاتنة تتبختر .. اقتربت فكانت صديقتي .. تعانقنا بحرارة .. ولعنََا فراق الأشهر الماضية ..
فرسم العجب علاماته –قبل الكلام- على وجهها .. أمن ردائي الأنيق تعجب أم من صفاء نفسي نحوها ؟! .. بعد آخر لقاء كان حادا بيننا ، والغضب الذي حملني إلى الصراخ أمامها ..
فأجابت لتبطل عجبي لعجبها :
- أنتِ تضحكين !!
فضحكت ولِمَ لا أضحك .. وحديثها أكثر من مضحك :
- ألأنني اشتعلت غضبا منكِ في آخر لقاء ؟؟
- لم أذكر غضبك يوما .. فقد أحببتك مخلصة وإن كان سماتك الغضب .
- فماذا تخفي علامات التعجب إذن ؟!
- أعذريني .. إنه أمر عجيب بعض الشئ ..
- عجبا .. أصار الضحك غريبا بالوجوه كغربتنا داخل الأوطان ؟!
- لا تؤاخذيني .. فقد كانت ملامحك الحزن !
- لا عليكِ .. فأنت محقة .. ولكنني اعتزلت الحزن يا عزيزتي .
- عجبا .. فقد كنتِ تواجهين لوم اللائمين بأن الحزن مدعاة الفن .
- نعم ، ومازلت أومن بذلك .. بل وأرى الحزن رومانسيــا .. فكثيرا ما ندمع لمشهد رومانسي أكثر من المشاهد الحزينة .. وكثيرا ما نبكي عند الفرح الشديد .. كما تروق لنا كثيرا الموسيقى الحزينة ، بل نعتبرها دائما الأفضل والأجود أيضا .. وكذلك يطربنا الشعر الحزين ، وتجذبنا الدراما المأساوية ..
- أفهم من ذلك أنكِ اعترلتِ الفن ؟
- .. يسرني أن صديقتي مازالت شديدة الذكاء !
- أيمكنني أن أسأل عن السبب ؟
- ضاقت بي الكآبة .. وقد اصفرت أوراقي التي لا قيمة لها ، وقد أبت الظروف أن تخرج الى النور .. فكم صرخت وشكوت بقلمي ، فلا تسمعني سوى الأوراق .. كم نثرت وأشعرت قصائدا في قلب سواد الليل .. فباتت حبرا على أوراق بالية يكسوها التراب .. تراكم فوقه حتى ملأ غرفتي واختنقت .
- لا يمكن أن يكون الحزن فقط دافعا للفن ! .. وإن كان كذلك بالنسبة لك .. يمكنكِ خلق فنا جديدا مبهجا ، ترسمين به على وجه الجمهور بسمة كتلك التي ترسم شفتيكِ .
- لقد وجدت البسمة في البعد عن الفن .. هنا بين ألوان الطبيعة .. الكثير ما يدعو للأمل والبهجة .. ولكني أعجز عن توظيفها في فن مبهج .. فالحزن ثوب أنيق لكل أنواع الفن .. أو .. هو كذلك بالنسبة لي !
التقطت عباد الشمس أداعب أوراقها .. بينما همست صديقتي :
- الآن فقط .. ولكل أسف .. أستطيع القول أنكِ حقــا حزينـــة .
*********************
***********
هدير زهدي
بتاريخ :
17/10/2010