أهمية المنطقة للصهيونية:
وتظهر
أهمية هذه المنطقة في نظر الصهاينة
إلى جانب أعمالهم التنفيذية فيها
من خلال تصريحاتهم
فهذا ابن جوريون
(رئيس وزرائهم السابق)
يقول:
"إنني أحلم بأساطيل داود تمخر عباب البحر الأحمر"
ويقول:
"إننا محاصرون برياً
والبحر هو طريقنا الرئيس للمرور الحر إلى يهود العالم وللاتصال بالعالم".
وحالياً
أصبح لإسرائيل تغلغل ونفوذ في القرن الأفريقي
ومن ثم البحر الأحمر، فهي موجودة في الصومال وإرتريا وجنوب السودان
وقد أكد وزير خارجية السودان في سبتمبر 2002م وجود علاقة ودعم إسرائيلي لحركة التمرد في الجنوب السوداني
وقال لجريدة (لشرق الأوسط): "إن الدبابات التابعة لحركة التمرد يقوم بإصلاحها خبراء إسرائيليون
وأن سفارة الكيان الإسرائيلي في كينيا هي حلقة الوصل".
وبعد حرب 1973م
وجراء إغلاق باب المندب في وجه إسرائيل
أصبح المرور الإسرائيلي في هذه المياه مسألة حياة أو موت بالنسبة لها
لحماية شريان التجارة بينها وبين الدول الأفرو آسيوية
ولحماية خط النفط القادم من إيران التي كانت تزودها بمعظم احتياجاتها النفطية قبل 1979م
واستطاعت إسرائيل استثمار علاقتها مع إثيوبيا والحصول على جزيرة
(دهلك)
في البحر الأحمر سنة 1975م
لتقيم عليها أول قاعدة عسكرية
وتلا ذلك استئجار جزيرتي (حالب) (وفاطمة) في الجنوب الغربي للبحر الأحمر
ثم جزيرتي (سنشيان) و (دميرا)
والأخيرة
هي أقرب الجزر الأرترية
التي توجد فيها القوات الإسرائيلية إلى باب المندب
وأكدت مصادر دبلوماسية غربية في أسمرا وأديس أبابا وجود طائرات إسرائيلية مجهزة بمعدات تجسس متطورة في (دهلك).
كما أكدت صحيفة (عال همشمار) الصهيونية
وجود 60 مستشاراً عسكرياً إسرائيلياً في إرتريا وأثيوبيا يرابط معظمهم في ميناء مصوع
ويقوم زورقان من طراز (وفورا) وبشكل دوري بأعمال التفقد والدورية والتفتيش اليومي
باتجاه جزر (حنيش) اليمنية..
وهذا الحضور العسكري الصهيوني في جنوب البحر الأحمر يحقق لهم الأغراض الآتية:
احتلال أي جزر في مدخل البحر الأحمر الجنوبي لتسهيل التحرك العسكري وتأمين التحرك التجاري.
يضمن قدرتهم على إغلاق باب المندب في وجه العرب في الوقت المناسب.
الإشراف على حركة الملاحة ومراقبتها من جنوب البحر الأحمر وحتى إيلات.
- إنشاء قواعد بحرية استخبارية في جنوب البحر الأحمر.
التغلغل الإسرائيلي في القوقاز:
مهد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق
وظهور عدة دول مستقلة
على أنقاضه الطريق أمام قوى وفاعلين دوليين وإقليمين للتغلغل
والتنافس على النفوذ والمكاسب الإستراتيجية في تلك المنطقة التي تشكل
ما يعرف بـ"الفناء الخلفي" للأمن القومي الروسي
حيث سارعت دول مثل الولايات المتحدة والصين وتركيا وإيران للحصول على موطئ قدم لدى تلك الدول المستقلة حديثاً.
وفي غمار هذا التنافس تسللت إسرائيل لتصبح الدولة الأقرب إلى تلك الدول المستقلة حديثاً
سياسياً وعسكرياً واقتصادياً
بل إن بعض تلك الدول نظرت إلى إسرائيل كنموذج يحتذى لدولة صغيرة الحجم والإمكانيات لكنها متقدمة وقوية.
ومن أهداف هذا التغلغل الصهيوني في هذه المنطقة البحث عن مصادر اقتصادية، لكن الخطر الأكبر يتمثل بعزل الدول الإسلامية في هذه المنطقة عن بقية العالم الإسلامي وضمان تحالف تلك الدول مع إسرائيل.
ولا شك
في أن متابعة الموساد والشين بيت للحركات الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز
يخدم إستراتيجية الغرب في مجال محاربة ما يطلق عليه "الإرهاب".
كما أن متابعة سوق المعرفة والتكنولوجيا النووية في آسيا الوسطى والقوقاز يُعد هدفًا إسرائيلياً لمنع حصول إيران وكذلك دول عربية أخرى على تلك المعرفة، وهو أمر يخدم الأهداف الغربية.
التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا:
شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية تطوراً ملحوظاً
منذ بداية عام 2003م، ويرجع المحللون الإستراتيجيون أسباب هذا التطور إلى الغزو الأمريكي للعراق
انطلاقاً من حقيقة أن إسرائيل شريك إستراتيجي للولايات المتحدة
ما وفر لها درجة كبيرة من حرية الحركة في تعاملها مع الدول الأفريقية ضمن إطار يسعى لتصوير تلك العلاقات على أنها جسر للتقارب مع القوة العظمى الوحيدة في العالم.
وتقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها 53 دولة
منها 11 دولة بتمثيل مقيم بدرجة سفير وسفارة
و33 بتمثيل غير مقيم، ودولة واحدة بتمثيل على مستوى مكتب رعاية مصالح
ودولة واحدة أيضا بتمثيل على مستوى مكتب اتصال، علماً بأن لإسرائيل 72 سفارة و13 قنصلية
و4 بعثات خاصة على مستوى العالم.
كما أعادت علاقاتها الأفريقية
قبل مفاوضات مدريد، و بعد أن انقطعت عقب حرب 1973م
حيث أعادت العلاقة مع زائير في 14/5/1982م
ومع ليبيريا في 13/8/1983م
ومع ساحل العاج في 12/6/1986م
ومع الكاميرون في 26/8/1986م
ومع الكونغو في 16/6/1987م
ومع كينيا في 23/12/1988م
ومع أفريقيا الوسطى في 16/1/1989م
ومع أثيوبيا في 3/11/1989م
كذلك أعادت العلاقة مع كل من نيجريا وأنجولا وسيبريا وسيراليون وإرتريا وبنين
في المدة ما بين عامي
1990م وحتى 1993م.
وهذا يعني أن البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا بالمقارنة مع بعثاتها في العالم تشكل 48%
في حين تبلغ نسبة العلاقات الدبلوماسية الأفريقية الإسرائيلية بالمقارنة مع نسبتها بالعالم 28%.
وقد تبنت إسرائيل منذ بداية القرن الحالي مداخل جديدة في علاقاتها مع الدول الأفريقية
غير المداخل القديمة
أو قامت بإعادة بلورة تلك المداخل من جديد بما يتناسب مع معطيات المشهد الدولي الحالي.
يقوم هذا المدخل على الزعم بخضوع كل من اليهود والأفارقة (الزنوج)
لاضطهاد مشترك وأنهم من ضحايا الاضطهاد والتمييز العنصري
وأن كلا العنصرين له ماضٍ مؤلم ممتد؛ ما يدفع إلى الاعتقاد بأن سياسة إسرائيل في أفريقيا تعد تطلعاً لا لحماية الشعب اليهودي فقط
بل لمساعدة الأفارقة (الزنوج)
الذين تعرضوا للاضطهاد.
يؤكد رئيس الإدارة الأفريقية في وزارة الخارجية الصهيونية أن العلاقات القومية التي تطورت ونمت بين إسرائيل وأفريقيا تتصل بالروابط التي قامت على أن اليهود والزنوج أجناس أدنى، إضافة إلى أن التجربة النفسية متشابهة لديهما من خلال تجارة الرقيق وذبح اليهود.
وكانت إسرائيل قد طرحت رسمياً منذ يونيو 2002م أمام لجنة التراث العالمي باليونيسكو
"مشروع الأخدود الأفريقي العظيم"
وهو مشروع يهدف في ظاهره إلى التعاون الثقافي بين الدول التي تشكل الأخدود الممتد من وادي الأردن حتى جنوب أفريقيا.
أما في الجوهر فإن إسرائيل تهدف إلى الظهور بمظهر ثقافي وتقدمي من أجل استمرار اختراقها لأفريقيا بوسائل متجددة لتطويق العالم العربي من جانب
ووضع قضية القدس في إطار ثقافي جغرافي يبعدها عن الصراع السياسي الدائر مع الفلسطينيين والعالم العربي.
يتبع