3-
أخذت القائدة نظره أخيرة على الجميع لعل أحدهم يريد أن يستفسر عن شئ ما .... لكن لم يرفع أيا منهم يده .... لذلك نظرت للجميع وقالت : خلاص كده كله تمام ... يلّا على بركة الله .
بعد أن قالت القائدة كلمتها الاخيرة إنتظرالجميع أن تنطلق السحابة ... ولكنها لم تتقدم خطوة واحدة , فرفعت احد القطرات يدها وسألت القائدة عن سر توقف هذه السحابة .
القائدة : الصبر يا جماعة ... إحنا مستنيين أي شوية هوا جامدين يزقو السحابة بتاعتنا ... الظاهر لسه مفيش هوا جامد قادر يزق سحابتنا .
نفس القطرة : طب ما إحنا ممكن ننزل نزق ياريّسة .
القائدة : ده على أساس إننا راكبين عربية فيات... يا بنتي إصبري .. شوية كده وهتلاقي الرياح بتحركنا للمكان إلي هنروحه .
إنتظر الجميع حتى جائت نفحة هواء قوية , وبدأت السحابة في التحرك .... حينها صاحت القائدة في الجميع : يلّا يا جماعة كله يستعد عشان السحابة بدأت تتحرك ... كله يربط الأحزمة ... ممنوع التدخين ... ممنوع الموبايلات ... كله يجهز ... سيري يا سحابتنا على بركة الله .
كانت القطرة الاولى في شوق كبير لمعرفة المنطقة التي ستنزل عليها ... فلربما سقطت على أحد الحقول ... ولربما سقطت على احد الطرق الصحراوية ... أو لربما إلتقطها احد العطشى .... لربما ولربما ... أماكن عديدة ربما تنزل عليها هذه القطرة هي وزميلاتاها , ولكن عليها أن تنتظر .
إنطلقت السحابة وعلى متنها العديد من قطرات الماء المتواجدة على شكل بخار ... وكم كانت السعادة تعلو وجوه الجميع وهم يشاهدون السماء من فوقهم والأرض من تحتهم في مشهد لم يرو مثيلا له من قبل .
في أحد القرى وقف عم حسن وهو مزارع بسيط لا يمتلك في هذه الدنيا إلا أرضه الصغيرة التي يقتات منها هو وأولاده .... وقف عم حسن أمام حقله الذى أعده خير إعداد , وإنتظر مياه الامطار كي تسقيه ... ولكن لقد تأخرت الامطارهذا العام ... ويوشك الزرع على الفساد .... فعم حسن يسكن في بلاد تعتمد الزراعة فيها بشكل أساسي على مياه الأمطار , وبدونها يفسد الزرع .
لم يكن عم حسن الوحيد الذي ينتظر مياه الامطار ... بل باقي سكان القرية كذلك كانو على شاكلة عم حسن ... فالأمطار التي قد يعتبرها الآخرون رفاهية ... يعتبرها أهالي القرية هنا من ضروريات الحياة في قريتهم.
إنتظر عم حسن مع أهالي قريته يوما بعد يوم... وقد اوشك الزرع على الفساد ... الآن ماذا يفعل ؟ ... ستمر أياما عصيبة عليهم إذا لم يخرج هذا الزرع .... إجتمع عم حسن بأهالي قريته في أحد المساجد وقال لهم : يا جماعة دلوقتي إحنا في موقف صعب جدا ... ولغاية دلوقتي مفيش مطرة نزلت ... إحنا دلوقتي في عرض سحابة واحدة تعدي من فوقينا... لكن للأسف مفيش ... إيه العمل ؟
رفع أحدهم يده وقال : مفيش غير حل واحد ... دلوقتي مين إلي كان بيبعتلنا المطرة كل سنة ؟
عم حسن : أكيد ربنا .
نفس الرجل : طيب دلوقتي إحنا نطلب من ربنا ينزل علينا المطر ... نصلي صلاة إستسقاء .... وندعى ربنا يرزقنا من بركاته .
عم حسن : عين العقل ... يلّا بينا .
صلى الجميع صلاة الإستسقاء في هذا اليوم ... وكذلك صلوها ليومين متتالين... ولكن ... مازالت السماء خالية من أي غيوم ..
يتبع ...