امين يارب العالمين
تسلمى على الموضوع
أسر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لإحدى زوجاته حديثاً فنبأت به زوجة أخرى من أزواجه عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك قرآناً يتلى، قال تعالى:{وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً، فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض، فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا، قال نبأني العليم الخبير، إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} التحريم (3 - 4).
والمأمورتـــان بالتوبة في هذه الآيـــة هما أما المؤمنين عــائشة وحفصة رضي الله عنهمــا، حيـــث أســر النبي إلى إحداهما أنـــه حـــرم على نفســـه العسل، وقيل إنه حـــرم على نفسه جاريته مارية، فأفشت سره للأخرى، فأنـــزل اللــه تعالى الآيتـيـــن، وجعـــل إفشاءهما لسر النبي صلـى الله عليه وسلم جرماً ينبغي المسارعة إلى التوبة منه، وهكذا أدبهما الله تعالى بهذا الأدب الجم أحســن تـــأديب.
سبحانك ربي، نهي وتأديب من الحسيب الرقيب للطاهرات العفيفات أمهات المؤمنين، وينزل في ذلك وحي لعظم الأمر، أي أمر هذا؟ إنه إفشاء السر.
فلنتأمل كم من أخ حدث بسر أخيه ونسي قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حين يقول: "إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة"، رواه أبو داود والترمذي.
وكم من زوج أفشى سر زوجته، وفي مثله قال صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها"، وجلس بمجلس خرج منه وحدث بأسراره، ولم يتنبه أن سر المجلس أمانة يجب أن يصان، يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}، الأنفال (27)، وفي الحديث النبوي: "المجالس بالأمانة"، رواه أبو داود، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا إيمان لمن لا أمانة له".
وكان الخليفة الفاروق رضي الله عنه يختص المتميزين من الصحابة بالعلم والإيمان والرأي، فيختارهم ليكونوا أهل شوراه، وأدخل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما على صغر سنه فجعله من المقربين إليه، فقال له أبوه العباس رضي الله عنه: "إني أرى هذا الرجل قد اختصك بمجلسه فاحفــظ عني ثـــلاثاً: لا تفشـيـــن له سراً، ولا تغتــابن عنـده أحداً، ولا يجــربن عليـك كذباً"، فقال رجل للشعبي: كل واحدة منهن خير من ألف، فقال الشعبي: بل كل واحدة منهن خيــر من عشــرة آلاف.
ومن أجل ذلك جاء التحذير الشديد من إفشاء السر، وجاء الأمر بحفظه وصيانته، لأن إفشاءه السر موجب للضغينة، موقع في الحرج، مفرق بين الأحبة، مخرب للأسرة، مسبب في اضطراب الأمن، ممكن للعدو من النيل من الإنسان أو الجماعة، والضرر ممنوع شرعاً، كما أن إفشاؤه يكون خيانة، حيث يكون السر أمانة، ويكون غدراً بالعهد، وعدم وفاء بالوعد إذا كان هناك وعد أو عهد بصيانته سواء كان ذلك بالحال أو المقال، والله سبحانه وتعالى حرم الخيانة وحرم الغدر.
فإذا كان السر متعلقاً بعورة مسلم أو فعل شائن زلت قدمه فأقدم عليه ثم استتر بستر الله تعالى، فإن كشفه عنه يؤلمه ألماً شديداً فيستاء ويحزن، وقد تسقط شهادته، وقد تسقط كرامته، وقد يجفوه بعض من كان يألفه، ويحقره من كان يعظمه، وقد يفسد ذلك ما بينه وبين أهله، فيكون في ذلك تحطيم الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية.
وطبيعة الإنسان في حبه إتيان ما منع هي واحدة من الأمور التي تحمله على إفشاء السر، كما يقول القائل: "أحب شيء إلى الإنسان ما منعناه منه"، كما أن النكاية أو التشهير تكونان دافعاً آخر، لأن إفشاء السر يؤذي صاحب السر إيذاءً شديداً، والسر سلاح خطير قد يستعمل في الشر إن لم يكن هناك خلق أو دين يمنعانه.
ولنعلم أن هناك أموراً تساعد على كتمان السر، ومن أهمها عدم تسليم السر إلى الغير إلا لضرورة قاسية، واختيار من تودعه سرك إذا اقتضى الأمر بأن يكونوا ذوي عقل يصد عن الانزلاق، ودين يحجزهم عن إثم هتك السر، والإقلال بقدر الإمكان من عدد من يعرفون السر.
وقد علل علماء الأخلاق ذلك بأن الشروط المعتبرة في الأمناء على الأسرار لا تتوفر في عدد كبير، فلا بد أن يكون فيهم من يخل ببعضها فيفشي السر، ومن المأثور نجد: "استعينوا على قضاء حاجاتكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"، ذكره المارودي في أدب الدنيا والدين.
وقال علي رضي الله عنه: "سرك أسيرك، فإن تكلمت به صرت أسيره"، وقال عتبة لابنه الوليد: "من كتم سره كان الخيار بيده، ومن أفشاه كان الخيار عليه".
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا المـرء أفشـى سـره بلسـانه
ولام عليـه غيـره فهـو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق
فهل نبدأ معاً بإرادة قوية، ونجرب أن لا نتحدث بكل ما نسمع، خصوصاً فيما يعتبره الآخرون أسراراً أو خصوصيات.
"والله الهادي إلى سواء السبيل".
بقلم: محمد عبدالعزيز الأحمدي
اللهم نسألك الأخلاص في الأمور كلها...و أجعلنا ممن يحفظون لسانهم ..من الغيبة والنميمة وإفشاء عورات المسلمين.
ومن أجل ذلك جاء التحذير الشديد من إفشاء السر، وجاء الأمر بحفظه وصيانته، لأن إفشاءه السر موجب للضغينة، موقع في الحرج، مفرق بين الأحبة، مخرب للأسرة، مسبب في اضطراب الأمن، ممكن للعدو من النيل من الإنسان أو الجماعة، والضرر ممنوع شرعاً، كما أن إفشاؤه يكون خيانة، حيث يكون السر أمانة، ويكون غدراً بالعهد، وعدم وفاء بالوعد إذا كان هناك وعد أو عهد بصيانته سواء كان ذلك بالحال أو المقال، والله سبحانه وتعالى حرم الخيانة وحرم الغدر.طبعاً مفيش اصعب من انك تقول سر لانسان وتأمنه عليه وتلاقيه تاني يوم شائع بين الجميعنبدأ معاً بإرادة قوية، ونجرب أن لا نتحدث بكل ما نسمع، خصوصاً فيما يعتبره الآخرون أسراراً أو خصوصيات.
"والله الهادي إلى سواء السبيل".
والافضل الانسان يحاول يحتفظ باسراره لنفسه
لكن لو حصل والانسان فضفض لانسان آخر فحرام وعيب يفشي السر
تسلمي داليا رائع
إذا المـرء أفشـى سـره بلسـانه
ولام عليـه غيـره فهـو أحمق
اللهم نسألك الأخلاص في الأمور كلها...و أجعلنا ممن يحفظون لسانهم ..من الغيبة والنميمة وإفشاء عورات المسلمين.
اللهم امين
بارك الله فيك
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق
فهل نبدأ معاً بإرادة قوية، ونجرب أن لا نتحدث بكل ما نسمع، خصوصاً فيما يعتبره الآخرون أسراراً أو خصوصيات.
********************
توبيك رائع جزاك الله خيرا
وجعلنا ممن يحفظون الامانة والسر امانة
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)