الحمد لله الذى ايدى محمدا صلى الله عليه و سلم بالمعجزات الباهره و الدلائل الظاهره و عضده بالاعلام الزاهره و الايات القاهره و اوصلها الينا بالاسانيد الصحيحه و الاخبار المتواتره حتى اضأءت فى العالمين شموسها المشرقه و بدورها السافره احمده تعالى على ان جعل هذا النبى اكمل النبيين شريعه و اكثرهم معجزات و اعظمهم دلائل و اوضحهم ايات و اجملهم خلقا و اخلاقا و افضلهم ذات و صفات و ارفعهم لديه منزله و اعلاهم فى الدنيا و الاخره درجات
ان ذنوبى فى الورى كثرت ..... وليس لى عمل فى الحشر ينجينى
الهى اتيتك بالتوحيد يصحبه ...... حب النبى و ذاك القدر يكفينى
النبى الذى عزت به البشرية كلها الذى اكرمنا الله به فى الدنيا و استجاب دعائنا و قضى حاجاتنا بالتوسل بجاهه فى الامور كلها لانه لا يوجد احب الى الله من محمد بن عبدالله فاذا كان الانسان حينما يتوجه الى شخص ما ليقضى حاجته يذكر له احبابه فيقضيها اكراما لهم فما بالك بمحبة الله للنبى و توسل الامة المحمديه بجاه نبيها و قدره عند ربه هل يرده خائبا لا اظن ذالك فهناك كثير من الصحابة كرام الامه توسلوا بجاه النبى وقدره عند ربه فى حال حياته صلى الله عليه و سلم و استجيب له فقد روى النسائى و الترمذى و قال حسن صحيح و الطبرانى عن عثمان بن حنيف ان رجلا كان يختلف الى عثمان بن عفان فى حاجه له يريد ان يقضيها له فكان لا يلتفت اليه و لا ينظر فى حاجته فشكا الرجل لابى حنيفه فقال له ائت المضيأه فتوضا ثم اتى المسجد فصل ركعتين ثم قل اللهم انى اسالك و اتوجه اليك بنبينا محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى لتقضى حاجتى و تذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذالك ثم اتى باب عثمان فجاءة البواب حتى اخذ بيده فادخله على عثمان فاجلسه معه فقال ما حاجتك فذكر حاجته و قضاها له فخرج الرجل من عنده حتى لقى ابى حنيفه فقال جزاك الله خيرا ما كان لينظر فى حاجتى حتى كلمته فقال ابو حنيفه و الله ما كلمته و لكن شهدت رسول الله اتاه ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبى اصبر فقال يا رسول الله انه ليس لى قائد و قد شق على فقال له النبى ااتى المضيأه و توضا ثم صلى ركعتين و قل اللهم انى اسالك و اتوجه اليك بنبينا محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى لتقضى حاجتى و تذكر حاجتك فوالله ما تفرقنا حتى دخل علينا الرجل كانه لم يكن به ضر قط .
هذا و اذا كان التوسل الى الله بصالح الاعمال كما جاء فى حديث الثلاثه اصحاب الغار جائز و هذه الاشياء التى توسل بها الثلاثه الى الله مخلوقه و استجاب الله لهم وكذالك اذا جاز التوسل بالصالحين كما استسقى عمر بن الخطاب بالعباس لكونه عم النبى فاستجاب الله له فالتوسل بالنبى الى الله اولى و اقرب للاجابه حيث انه ثبت بالادله القاطعه توسل البشر و الانبياء جميعا بالنبى يوم القيامه ليشفع لهم عند الله و هو صاحب الشفاعه و المقام المحمود و كذالك يستجيب الله للداعين له بالتوسل اليه بجاه النبى فى الدنيا كرامة للنبى و تعظيما لقدره عند ربه فقد روى البيهقى و ابن ابى شيبه بسند صحيح عن مالك الدار و كان خازن عمر بن الخطاب قال اصاب الناس قحطا فى زمان عمر فجاء رجل الى قبر النبى فقال يا رسول الله استسقى لامتك فانهم قد هلكوا فاتاه رسول الله فى المنام فقال ااتى عمر فاقرئه السلام و اخبره انهم مسقون و قل له عليك الكيس فاتى الرجل عمر فاخبره فبكى عمر ثم قال ما الو ما عجزت عنه و عن ابى الجوزاء التابعى قال قحط اهل المدينه قحطا شديدا فشكو الى عائشه فقالت انظروا قبر النبى فاجعلوا منه كوى الى السماء ففعلوا فامطروا و قد اتفق ائمة العلماء العارفين الهادين المهتدين جيلا بعد جيل من عهده صلى الله عليه و سلم الى الان على جواز التوسل به الى الله لقضاء الحاجات فى حياته و بعد الممات و قد صار من المجربات ان من استغاث به الى الله باخلاص و صدق اتجاه تقضى حاجته و لم يحصل رد احد الا بسبب ضعف اليقين و حصول التردد و عدم صدق الاتجاه وقد روى البيهقي في دلائل النبوة عن عمر رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لما اقترف ءادم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي، فقال الله عز وجل : يا ءادم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه ، قال: لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمدا رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك" الحديث، ورواه الحاكم وصححه، ووصفه السبكي بأنه جيد، وأخرجه الطبراني في الأوسط و الصغير وروى البخاري في كتاب الأدب المفرد عن عبد الرحمن بن سعد قال:" خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد، فذهب خدر رجله

الماليكة يجيزون التوسل قال ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره للبدع في كتابه المدخل ما نصه : فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، إذ إنها أعظم من الجميع ، فليستبشر من زاره ويلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره ، اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك ءامين يا رب العالمين.
ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ، ألم يسمع قول الله عز وجــل : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جآءوك فآستغفروا الله وآستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله توابا رحيما ، لأن الله عز وجل منزه عن خلف الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، نعوذ بالله من الحرمان .
الامام احمد يجيز التوسل وذكر المرداوي الحنبلي أيضا في كتاب الإنصاف تحت عنوان فوائد ما نصه:" ومنها( أي ومن الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب وقيل يستحب" اهـ. فماذا يقول هؤلاء عن المذهب الحنبلي الذي قرر أن التوسل بالنبي بعد موته سنة على رأي ، وجائز فقط على رأي فهل يكفرون الحنابلة؟ وما معنى اعتزاز هؤلاء بأحمد مع أن أحمد في واد وهم في واد ءاخر؟ وقد قال الإمام أحمد للمروالروذي " يتوسل- أي الداعي عند القحط وقلة المطر أو انقطاعه - بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه" توسل سيدنا عمربسيدنا العباس
فإن قيل : أليس في توسل عمر بالعباس بعد موت النبي ما يدل على أنه لا يتوسل بالنبي بعد موته.
فالجواب : أن توسل عمر بالعباس بعد موت النبي ليس لأن الرسول قد مات بل كان لأجل رعاية حق قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قول العباس حين قدمه عمر: اللهم إن القوم توجهوا بي إليك لمكاني من نبيك"، روى هذا الأثر الزبير بن بكار.
وروى الحاكم أيضا أن عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال:" أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم"، وهذا يوضح سبب توسل عمر بالعباس.
وأيضا فإت ترك الشىء لا يدل على منعه كما هو مقرر في كتب الأصول، فترك للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا دلالة فيه أصلا على منع التوسل إلا بالحي الحاضر، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟
وقد أراد سيدنا عمر بفعله ذلك أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته، ولذا قال الحافظ في الفتح عقب هذه القصة ما نصه:" يستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة"ا.هـ. اما الذين ابتدعو عدم جواز التوسل بجاه النبى و قدره عند ربه فهم ابن تيميه و المناوئون له مثل بن عثيمين و ابن الباز الداعين الى الحط من قدر النبى و ال بيته الاطهار فى الدنيا و الاخره و من المؤسف انى ارى من المسلمين الذين نسبوا الى امة محمد يقولون مثلهم و لا يؤتون النبى قدره صاحب الشفاعه صاحب المقام المحمود صاحب الحوض و الكوثر حامل لواء الحمد الى راى ربه و كقاب قوسين او ادنى على بساط الانس و النور الذى ضم الله اسم النبى الى اسم المقدس فى الشهادتين و اسماه محمد من اسماء صفاته المقدسه الحمد اليس ذالك داعيا للمسلمين ان يعرفوا قدر نبيهم عند ربهم و يعطوه حقه انا ااسف على ضياع حقوق المصطفى و ارجوا من الله نصرت نبيه الذى كان يرى من خلفه كما يرى من امام و لم يكن له ظلال و يكفيه من جميل الخصال انه
اغر عليه النبوة سيدا ..... من الله تلوح و تشهد
و ضم الاله اسم النبى من اسمه .... اذا قال فى الخمس المؤذن اشهد
و شق له من اسمه ليعزة ...... فذو العرش محمود وانت محمد

اختم قولى بتبليغ عظيم اسفى الى من ظلموا انفسهم بعدم معرفتهم بمقدار نبيهم و اقتصرت عقولهم على الايمان به فحسب و انتهى علمهم الى حد تحريم التوسل بالنبى الى الله لانهم لا يعرفونه و لم يحبوه لانه لو عرفوا قدره عند ربه ما اعتقدوا ذالك ظلموا انفسهم قال تعالى و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فكيف يستغفر لكم الرسول و انتم تحرمون التوسل به عند ربه و تنقصوه حقه و مقداره ارجوا من الله الثبات على الحق فانه قال يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا و فى الاخره و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء و يكفى تذكيركم بقوله تعالى ان الله و ملائكته يصلون على النبى يا ايها الذين ءامنوا صلوا عليه و سلموا تسليما