حجز اول رد
ياسلام لما توفي بالوعد ايتها الصادقة
لي عودة ان شاء الله
معجزة الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج عرض وفوائد
سورة الإسراء(17)
قال الله تعالى: {سبحان الَّذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الَّذي باركْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ من آياتنا إنَّه هو السَّميع البصير(1)}
سورة النجم(53)
وقال أيضاً: {والنَّجمِ إذا هوى(1) ما ضلَّ صاحبُكم وما غَوى(2) وما يَنْطِقُ عن الهوى(3) إن هو إلاَّ وحيٌ يوحى(4) علَّمَهُ شَديدُ القُوى(5) ذو مرَّة فاستوى(6) وهو بالأُفق الأعلى(7) ثمَّ دنا فتدلَّى(8) فكان قابَ قوسين أو أدنى(9) فأوحى إلى عبده ما أوحى(10) ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رأى(11) أَفَتُمارونَهُ على ما يرى(12) ولقد رَآهُ نَزْلَةً أخرى(13) عند سِدْرَةِ المُنتهى(14) عندها جنَّةُ المأوى(15) إذ يغشى السِّدْرَةَ ما يغشى(16) ما زاغَ البصرُ وما طغى(17) لقد رأى من آياتِ ربِّه الكبرى(18)}
ومضات:
ـ أعظم معجزة جاء بها محمَّد صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم؛ المعجزة الخالدة الَّتي لا يفنى أثرها، ولا ينقضي إعجازها، المعجزة الأم الَّتي كانت المعجزات الأخرى تابعة لها، ومنطوية تحت جناحها، وقد حوت معجزة القرآن فيما حوت بين ثناياها معجزة الإسراء والمعراج.
ـ لقد أكرم الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم برحلة لم يسبق لبشر أن قام بها، وقد كانت انطلاقتها من المسجد الحرام في مكَّة المكرمة، وأوَّل محطَّة لها في المسجد الأقصى ببيت المقدس، بينما كانت آخر محطَّاتها سدرة المنتهى فوق السموات السبع وتحت العرش.
ـ عُرج بالنبي عليه السَّلام إلى عوالم السماء حيث شاهد ما لا يمكن لبشر أن يراه إلا عن طريق العون الإلهي.
ـ منح الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة عطاءً روحياً عظيماً، تثبيتاً لفؤاده، ليتمكَّن من إتمام مسيرته في دعوة الناس، وإنقاذ المجتمع من أوهام الخرافة والضلال.
ـ إن القدرة الإلهيَّة الَّتي خلقت هذا الكون الكبير، لن تعجز عن حمل بشر إلى عالم السماء، وإعادته إلى الأرض، في رحلة ربَّانية معجزة لايدري كيفيَّتها بشر.
في رحاب الآيات:
الإسراء آية من آيات الله تعالى الَّتي لا تعدُّ ولا تحصى،
وهو انتقال عجيب بالقياس إلى مألوف البشر، ولهذا فقد أثير حوله جدل طويل وتساؤلات كثيرة، فيما إذا كان قد تمَّ بالروح والجسد، أم بالروح فقط؟. والمتفق عليه لدى جمهور العلماء أنه تمَّ بالروح والجسد معاً، لأنه لو كان بالروح فقط لما أحدث خلافاً، إذ أننا نسري بأرواحنا كلَّ ليلة عند نومنا. ومع ذلك فإن الَّذين يدركون شيئاً من طبيعة القدرة الإلهيَّة، لا يستغربون واقعة كهذه، لأن تلك القدرة إرادة نافذة، تهون أمامها جميع الأعمال الَّتي تبدو في نظر الإنسان صعبة أو مستحيلة، حسبما اعتاده ورآه، وانطلاقاً من قدراته وطاقاته المحدودة. ولو كان الأمر موافقاً لهذه القدرات، لما كان فيه معجزة تشهد لصاحبها بصدقه فيما جاء به، فالنُّقلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والوصول إليه في سرعة تتجاوز الخيال ليست أغرب من الاتصال بالملأ الأعلى وتلقِّي القرآن والرسالة عنه، وقد صدق أبو بكر رضي الله عنه وهو يردُّ المسألة المستغرَبة عند القوم إلى بساطتها وطبيعتها فيقول: (إني لأصدِّقه بأبعد من ذلك، أصدِّقه بخبر السماء). وقد جزم جمهور علماء المسلمين على أن الإسراء كان بالروح والجسد يقظة لا مناماً، معتمدين على أدلَّة كثيرة منها:
1 ـ إن التسبيح والتعجُّب في قوله تعالى: {سبحان الَّذي أسرى بعبده} إنما يكون في الأمور العظام، ولو كان ذلك مناماً لذكره الله تعالى (كما ذكره عن إبراهيم وولده إسماعيل في قصَّة الذبح المعروفة) ولمَا كان له كبير شأن، ولما كان دليلاً على نبوَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم ، ولا حجَّة له على صدقه في رسالته.
2 ـ إن قوله تعالى: {بعبده} يدلُّ على مجموع الروح والجسد.
3 ـ إن عملية الإسراء بهذه السرعة ممكنة في نفسها، بدليل أن الرياح كانت تسير بسليمان عليه السَّلام إلى المواضع البعيدة في الأوقات القليلة، قال تعالى: {وَلِسليمانَ الرِّيحَ عاصفةً تجري بأمره إلى الأرضِ الَّتي باركْنَا فيها وَكُنَّا بكلِّ شيء عالمين} (21 الأنبياء آية 81).
والسؤال الَّذي يطرح نفسه: لماذا كان الإسراء إلى المسجد الأقصى بالذات؟، ولماذا رُفع السيِّد المسيح من المسجد الأقصى بالذات؟، هل يمكن أن تكون هناك قاعدة فضاء سماوية مهيَّأة لرفع الأنبياء جسداً وروحاً في بيت المقدس؟؛ ويأتينا الجواب من قِبَل ربِّ العالمين في قوله سبحانه: {المسجدِ الأقصى الَّذي باركنا حوله} أي أحطناه ببركات الدِّين والدنيا لأنه مهبط الوحي والملائكة، ومحراب الأنبياء ومكان عروجهم إلى عالم السماء.
أمَّا المعراج فهو الارتفاع والارتقاء من عالم الأرض إلى عالم السماء،
وقد حدثت هاتان الرحلتان، الرحلة الأرضية (الإسراء) والرحلة السماوية (المعراج) في ليلة واحدة قبل الهجرة بسنة، ليمحِّص الله المؤمنين، وليميِّز من كان صادق الإيمان فيكون خليقاً بصحبة رسوله الأعظم إلى دار الهجرة، وجديراً بما يحتمله من أعباء وتكاليف. وقد أطْلَعَ الله سبحانه وتعالى رسوله في هذه الليلة على آيات كونيَّة تنطق بما في الكون من العظمة والجلال، ليكون ذلك درساً عملياً يتعلَّم فيه الرسول بالمشاهدة والنظر، لأنه أجدى أنواع التعليم وأشدُّها رسوخاً، ولقد كفل له ربُّه ذلك بما أراه من آياته الكبرى، وما أطلعه عليه من مشاهد تلك العوالم الَّتي لا تصل أذهاننا إلى إدراك كنهها إلا بضرب من التخيُّل، فأنَّى لنا أن نصل إلى ذلك وقد حبس عنَّا الكثير من العلم، وما أوتينا منه إلا قليلاً، قال تعالى: {ويَسئَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُل الرُّوحُ من أمرِ ربِّي وما أُوتيْتُم من العلمِ إلاَّ قليلاً} (17 الإسراء آية 85)
وقد أَطْلَعَ الله تعالى نبيَّه الكريم على أصناف من الناس يواجهون عواقب
ما عملوا في الدنيا، ليكون في ذلك موعظة لمن يبلِّغهم الرسالة، فقد أخرج أحمد وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لمَّا عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون في وجوههم وصدورهم، فقلت من هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء الَّذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» (أي يغتابونهم). وأخرج ابن مردويه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليلة أسري بي مررت بناس تُقْرَض شفاههم بمقارض من نار، كلَّما قُرضت عادت كما كانت. فقلت من هؤلاء ياجبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمَّتك الَّذين يقولون ما لا يفعلون». وأخرج ابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليلة أسري بي رأيت رجلاً يَسْبَحُ في نهر يُلقَم الحجارة فسألت: من هذا؟ فقيل لي: هذا آكل الربا».
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أُتيت بالبراق -وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه- قال: فركبته حتى أَتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة...).
وفي حديث مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينما أنا عند البيت بين النائم واليقظان -وذكر يعني رجلا بين الرجلين- فأتيت بطست من ذهب ملئ حكمة وإيماناً فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإيماناً، وأتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار: البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل من هذا؟
قال: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحباً ولنعم المجيء جاء، فأتيت على آدم فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي.
فأتينا السماء الثانية، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على عيسى ويحيى، فقالاً: مرحباً بك من أخ ونبي.
فأتينا السماء الثالثة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على يوسف فسلمت عليه، قال: مرحباً بك من أخ ونبي.
فأتينا السماء الرابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: وقد أرسل إليه؟ قيل: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إدريس فسلمت عليه، فقال: مرحباً من أخ ونبي.
فأتينا السماء الخامسة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتينا على هارون، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي.
فأتينا على السماء السادسة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم- قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى، فسلمتُ عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي، فلما جاوزت بكى، فقيل: ما أبكاك؟ قال: يا رب هذا الغلام الذي بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي.
فأتينا السماء السابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ونعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم.
ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران: النيل والفرات، ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلتُ: فرضت عليَّ خمسون صلاة، قال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فسله.
فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين، ثم مثله، فجعل عشرين، ثم مثله، فجعل عشراً، فأتيت موسى، فقال: مثله فجعلها خمساً، فأتيت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسة، فقال: مثله، قلتُ: سلمت بخيرٍ، فنُودِيَ: إني قد أمضيتُ فريضتي، وخففتُ عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً.
كانت حادثة الإسراء والمعراج قبل هجرته -عليه السلام- إلى المدينة، وقد اختلف في تعيين زمن هاتين الحادثتين على أقوال شتى:
1- فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة، واختاره الطبري.
2- وقيل: كان بعد المبعث بخمس سنين، رجح ذلك النووي والقرطبي.
3- وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة.
4- وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهراً، أي في رمضان سنة 12 من النبوة.
5- وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة.
6- وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة.
وردَّت الأقوال الثلاثة الأول بأن خديجة -رضي الله عنها- توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة، وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس. ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء.
فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رحلته الميمونة أخبر قومه بذلك، فقال لهم في مجلس حضره المطعم بن عدي، وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة،
فقال: (إني صليت الليلة العشاء في هذا المسجد، وصليت به الغداة، وأتيت فيما دون ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى وعيسى، وصليت بهم وكلمتهم).
فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ به: صفهم لي،
فقال: (أما عيسى، ففوق الربعة، ودون الطول عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد أشعر تعلوه صُهْبَة، كأنه عروة بن مسعود الثقفي.
أما موسى فضخم آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس،
وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي، خَلقاً وخُلقاً).
(((((((ياحبيبيى يااارسول الله)))))) عليك الصلاة والسلام
فقالوا: يا محمد! فصف لنا بيت المقدس،
قال: (دخلت ليلاً وخرجت منه ليلاً)
فأتاه جبريل بصورته في جناحه، فجعل يقول:
(باب منه كذا، في موضع كذا، وباب منه كذا، في موضع كذا).
ثم سألوه عن عيرهم، فقال لهم:
(أتيت على عير بني فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك)
قالوا: هذه والإله آية:
(ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر، عليه جُوالِق مخطط ببياض، لا أدري أكسر البعير، أم لا، فاسألوهم عن ذلك)
قالوا: هذه والإله آية (ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم، يقدمها جمل أورق، وها هي تطلع عليكم من الثَّنِيَّة)،
فقال الوليد بن المغيرة: ساحر،
فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال.
وسعى بعض الناس إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقالوا: هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس.
قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟
قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق.
فوائد ودروس وعبر:
1- بعد كل محنة منحة، فقد تعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمحن عظيمة، فهذه قريش قد سدت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف، وفي قبائل العرب، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها، من كل جانب، وأصبح الخطر يحدق بالنبي -صلى الله عليه وسلم-
بعد وفاة عمه أبي طالب أكبر حُماته، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماض في طريقه، صابر لأمر ربه، لا تأخذه في الله لومه لائم، ولا حرب محارب، ولا كيد مستهزئ.
وحان الوقت للمحنة العظيمة،
فجاءته حادثة الإسراء والمعراج، على قد من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعاً، ويكرمه على صبره وجهاده، ويكلمه دون واسطة، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيد واحد، فيكون الإمام والقدوة لهم، وهو خاتمهم وآخرهم.
2- إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان مُقدِماً على مرحلة جديدة، مرحلة الهجرة، والانطلاق لبناء الدولة،
يريد الله تعالى للَّبِنات الأولى في البناء أن تكون سليمة قوية متراصة متماسكة، فجعل الله هذا الاختبار والتمحيص، ليخلص الصف من الضعاف المترددين، والذين في قلوبهم مرض،
ويثبت المؤمنين الأقوياء الخلص، الذين لمسوا عياناً صدق نبيهم بعد أن لمسوه تصديقاً، وشهدوا مدى كرامته على ربه،
فأي حظ يحوطهم وأي سعد يغمرهم، وهم حول هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- المصطفى، وقد آمنوا به، وقدموا حياتهم فداء له ولدينهم، كم يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذا الحدث الذي تم بعد وعثاء الطائف، وبعد دخول مكة بجوار، وبعد أذى الصبيان والسفهاء.
3- إن شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- العالية، تتجسد في مواجهته للمشركين، بأمر تنكره عقولهم، ولا تدركه في أول الأمر تصواراتهم، ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم،
وتلقي نكيرهم واستهزائهم، فضرب بذلك -صلى الله عليه وسلم- لأمته أروع الأمثلة في الجهر بالحق، أمام أهل الباطل،
وإن تحزبوا ضد الحق، وجندوا لحربه كل ما في وسعهم، وكانت من حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في إقامة الحجة على المشركين،
بأن حدثهم عن إسرائه إلى بيت المقدس،
وأظهر الله له علامات تُلزم الكفار بالتصديق،
وهذه العلامات هي:
- وصف النبي -صلى الله علي وسلم- بيت المقدس، وقد أقروا بصدق الوصف، ومطابقته للواقع الذي يعرفونه.
- إخباره عن العير التي بالروحاء.
- إخباره عن العير الثانية.
- إخباره عن العير الثالثة التي بالأبواء
وقد تأكد المشركون؛ فوجدوا أن ما أخبرهم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان صحيحاً،
فهذه الأدلة الظاهرة كانت مفحمة لهم ولا يستطيعون معها أن يتهموه بالكذب،
كانت هذه الرحلة العظيمة،تربية ربانية رفيعة المستوى
، وأصبح -صلى الله عليه وسلم- يرى الأرض كلها، بما فيها من مخلوقات، نقطة صغيرة في ذلك الكون الفسيح،
ثم ما مقام كفار مكة في هذه النقطة؟ إنهم لا يمثلون إلا جزءاً يسيراً جداً من هذا الكون، فما الذي سيفعلونه تجاه من اصطفاه الله -تعالى- من خلقه، وخصه بتلك الرحلة العلية الميمونة، وجمعه بالملائكة، والأنبياء -عليهم السلام-، وأراه السموات السبع وسدرة المنتهى، والبيت المعمور، وكلمه -جل وعلا-.
4- يظهر إيمان الصديق -رضي الله عنه- القوي في هذا الحدث الجلل، فعندما أخبره الكفار، قال بلسان الواثق: لئن كان قال ذلك لقد صدق، ثم قال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، وبهذا استحق لقب الصديق، وهذا منتهى الفقه واليقين، حيث وازن بين هذا الخبر، نزول الوحي من السماء، فبين لهم أنه إذا كان غريباً على الإنسان العادي، فإنه في غاية الإمكان بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
5- إن شرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللبن حين خيِّر بينه وبين الخمر، وبشارة جبريل -عليه الصلاة السلام-
هُديت للفطرة، تؤكد أن هذا الإسلام دين الفطرة البشرية، التي ينسجم معها، فالذي خلق الفطرة البشرية، خلق لها هذا الدين، الذي يلبي نوازعها واحتياجاتها، ويُحقق طموحاتها، ويكبح جماحها:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم: 30.
6- إن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء دليل على أنهم سلموا له بالقيادة، والريادة، وأن شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة، وأنه وَسعَ أتباعَ هؤلاء الأنبياء ما وسع أنبياءهم؛ أن يسلموا بالقيادة لهذا الرسول ولرسالته، التي لا يأتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفها.
إن على الذين يعقدون مؤتمرات التقارب بين الأديان، أن يُدركوا هذه الحقيقة، ويدعوا إليها، وهي ضرورة الانخلاع من الديانات المحرفة، والإيمان بهذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورسالته، وعليهم أن يدركوا حقيقة هذه الدعوات المشبوهة، التي تخدم وضعاً من الأوضاع، أو نظاماً من الأنظمة الجاهلية.
7- إن الربط بين المسجد الأقصى، والمسجد الحرام وراءه حكم ودلالات وفوائد، منها:
- أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، إذ أصبح مسرى رسولهم -صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السموات العلى، وكان لا يزال قبلتهم الأولى طيلة الفترة المكية، وهذا توجيه وإرشاد للمسلين، بأن يحبوا المسجد الأقصى، وفلسطين لأنها مباركة ومقدسة.
- الربط يشعر المسلمين بمسئوليتهم نحو المسجد الأقصى، بمسئولية تحرير المسجد الأقصى من أوضاع الشرك، وعقيدة التثليث، كما هي أيضاً مسئوليتهم تحرير المسجد الحرام من أوضاع الشرك وعبادة الأصنام.
- الربط يشعر بأن التهديد للمسجد الأقصى، هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النَّيل من المسجد الأقصى، توطئة للنَّيل من المسجد الحرام، فالمسجد الأقصى بوابة الطريق إلى المسجد الحرام، وزوال المسجد الأقصى من أيدي المسلمين، ووقوعه في أيدي اليهود، يعني أن المسجد الحرام، والحجاز قد تهدد الأمن فيهما، واتجهت أنظار الأعداء إليهما لاحتلالهما.
والتاريخ قديماً وحديثاً يؤكد هذا، فإن تاريخ الحروب الصليبية، يخبرنا أن أرناط الصليبي صاحب مملكة الكرك، أرسل بعثة للحجاز للاعتداء على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، على جثمانه في المسجد النبوي، وحاول البرتغاليون النصارى الكاثوليك في بداية العصور الحديثة، الوصول إلى الحرمين الشريفين، لتنفيذ ما عجز عنه أسلافهم الصليبيون، ولكن المقاومة الشديدة التي أبداها المماليك، وكذا العثمانيون، حالت دون إتمام مشروعهم الجهنمي،
وبعد حرب 1967م التي احتل اليهود فيها بيت المقدس صرخ زعماؤهم بأن الهدف بعد ذلك، احتلال الحجاز، وفي مقدمة ذلك مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخيبر.
لقد وقف دافيد بن غوريون زعيم اليهود، بعد دخول الجيش اليهودي القدس، يستعرض جنوداً وشباباً من اليهود، بالقرب من المسجد الأقصى، ويلقي فيهم خطاباً نارياً، يختتمه بقوله: لقد استولينا على القدس ونحن في طريقنا إلى يثرب.
وبعد ذلك نشر اليهود خريطة لدولتهم المنتظرة التي شملت المنطقة من الفرات إلى النيل،
بما في ذلك الجزيرة العربية، والأردن، وسورية، والعراق، ومصر، واليمن، والكويت، والخليج العربي كله، ووزعوا خريطة دولتهم هذه بُعيد انتصارهم في حرب 1967م في أوربا.
8- أهمية الصلاة وعظيم منزلتها: وقد ثبت في السنة النبوية أن الصلاة فرضت على الأمة الإسلامية في ليلة عروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات، وفي هذا كما قال ابن كثير: اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمته، فعلى الدعاة أن يؤكدوا أهمية الصلاة، والمحافظة عليها، وأن يذكروا فيما يذكرون، من أهميتها، ومنزلتها، كونها فرضت في ليلة المعراج،
وأنها من آخر ما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته.
9- لا حجة لمن يحتفل بليلة الإسراء والمعراج، لأن هذه الليلة مختلف في تحديد زمانها، ولم يحتفل بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أمر بها، ولا فعل هذا الاحتفال الصحابة ولأسلف الأمة الصالحين، فالاحتفال بهذه الليلة من البدع المحدثة، التي ما أنزل الله بها من سلطان.
الغاية من الإسراء والمعراج
أن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم آيات ربِّه، الَّتي ما شُرِّف برؤيتها أحد من الأولين أو الآخرين، حيث إنَّ المعراج لم يكن إلى مكان بعينه دون سواه، فإنه تعالى لا يحدُّه مكان ولا يقيِّده زمان. ونظراً لإنكار المنكرين لهذه الحادثة، فإن الله تعالى يؤكِّدها في سورة النجم، وبأسلوب مثير، يؤكِّد صدق محمَّد صلى الله عليه وسلم ، ويدلُّ على أنها حقيقة واقعة قد تمَّت بالروح والجسد معاً، قطعاً لكلِّ شكٍّ، ووأداً لكلِّ فتنة. ويُقسم سبحانه بالنجم حين يهوي،
رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربِّ العالمين
أمَّا مسألة إمكانية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربِّ العالمين، في هذا الصعود المعجز، فقد اختلف فيها المفسرون، وأكثرهم قال بأنه رأى جبريل، ونحن نرجِّح الرأي القائل بأنه رأى ربَّ العزَّة بعين الفؤاد القلبية، وهي عين روحانية ــ وليسـت جارحة من الجوارح ـ مهيَّئة لرؤية انعكاس الأنوار الإلهيَّة على صفحات القلب. والسبب في اعتقادنا هذا، هو سابقة الرؤيا والعلاقة بين النبي عليه السَّلام وجبريل، فقد رآه صلى الله عليه وسلم مسبقاً بعدَّة صور، منها بشرية ومنها ملائكية، وما كان لرؤيته في السماء أي مغزى أو معنى جديد حين عروجه عليه السَّلام، لذا نفضِّل الرأي القائل برؤية حضرة الله تعالى، رؤيا روحية تبصُّرية لظلال من أنوار الله تعالى {مَا كَذَبَ الفُؤُادُ مَا رَأَى}، ممَّا يعطي للمعراج زخماً روحياً وفيراً، وأُنْساً ربَّانيّاً لا يُضاهى. أخرج ابن المنذر وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: «يارسول الله! هل رأيت ربَّك؟ قال: لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين، ثمَّ تلا: {ثمَّ دنا فتدلَّى}». بينما رأى صلى الله عليه وسلم ملكوت السماء وسدرة المنتهى، والبيت المعمور والجنَّة والنار، وجبريل وغير ذلك رؤية حقيقية {مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى}، وإنَّ دنوَّه صلى الله عليه وسلم من ربِّه ليس دنوَّ مكان ولا قرب مدى، إنما هو إظهار لعظيم منزلته، وتشريف لرتبته وإشراق لأنوار معرفته، ومشاهدة لأسرار غيبه وقدرته، وتفضُّل من الله عليه وإيناس له وإكرام
نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، ويجنبنا معاصيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد الله رب العالمين.
المصدر :: أسلام أون لين
مقال للدكتور يوسف القرضاوي
لطائف المعارف – ص 169- ط دار الحديث )
أختكم فى الله ...منى رشدى
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 3 - 7 - 2009 الساعة 07:03 PM
حجز اول رد
ياسلام لما توفي بالوعد ايتها الصادقة
لي عودة ان شاء الله
http://entaal7ob.blogspot.com/
ويروق لى الضيّ !
عندما ألمحهُ يتوضأ من كفيك
أنثى من طهر و أنفاسها عطر
http://www.youtube.com/user/mohey19631963?feature=mhee
البحث على جميع مواضيع العضو محيى زقزوق
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 4 - 7 - 2009 الساعة 11:40 AM
بسم الله ماشاء الله عليك يااستاذة مني
والله ما عارف ابدا منين وإزاي
هنا حرفك كبير جدا وانا استظل به واي ظل كان ظلا من جنات
ياسيدتي باختصار تملكين ذوقا ووفاءا لو وزع علي نساء الارض
لفاض منهم لم اري في حياتي مثل حنيتك وبرائتك واسلامك
وايمانك ماهذا الوفاء للكلمة الدينية سيدتي بالفعل انا سعيد بيكي
سعادة غامرة مجهود رائع تستحق له عبارة من القلب دون رياء
(((جزاك الله الف خير )))
وإنشاء الله تكون في ميزان حسناتك وتكون مضاعفة أضعاف مضاعفة ان شاء الله لمجرد اني قراتها لي حسنات وثواب ولك
ان شاء الله النصيب الاكبر من رحمته ورضوانه
سيدتي الكريمة
(( بارك الله فيك ))
اني أدعوا الله بأن يجعلني وإياك من الذين لا يحبون أن
يحمدوا بما لم يفعلوا
وان يجعل لكي جنات تجري من تحتها الانهار وان يمتعك بالصحة والعافية أبد ماحييت والدعوة ايضا لكل حبايبك
وكل واحد يعز عليك امين
سيدتي الفاضلة
بالرغم من المسافات
وبعدي عن البلاد لكن حاسس اني بقلب عائلتي وهي كبيرة جدا
بيكي وبكل حبايبك الله لايحرمهم منك ولا يحرمك منهم
قادر ياكريم
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم
لقلبك احلي وردة سيدتي
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 4 - 7 - 2009 الساعة 11:42 AM
http://entaal7ob.blogspot.com/
ويروق لى الضيّ !
عندما ألمحهُ يتوضأ من كفيك
أنثى من طهر و أنفاسها عطر
http://www.youtube.com/user/mohey19631963?feature=mhee
البحث على جميع مواضيع العضو محيى زقزوق
ماشاء الله تبارك الله والله انا احترت اكتب رد لمين بس حقيقي كلام ماما منى رائع
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 5 - 7 - 2009 الساعة 08:15 PM
لماذا اسلم للبحر امري ..........................
وامنح للريح ايام عمريالبحث على جميع مواضيع العضو matrix_awe
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 6 - 7 - 2009 الساعة 01:17 AM
[QUOTE=matrix_awe;474841]ماشاء الله تبارك الله والله انا احترت اكتب رد لمين بس حقيقي كلام ماما منى رائع
دائماااا اخي الكريم الاستاذة مني هي الاروع في كل شيء
انا لم اكتب سوي رد للمجهود الرائع والجبار وبناءا علي طلب مني فهي بحق
قلب نابض وفكر رائد بكل اروقة المنتدي اعتذر يا استاذة وربنا ما يحرمنا منك ولا مجهوداتك العظيمة وانا لم اشاهد هذا الرد الا الان فلكي كل التحية
اينما كنتي لكي خالص احترامي وتقديري
محيى يتمني دائماااااا لقلبك السعادة سيدتي الفاضلة
التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 16 - 7 - 2009 الساعة 02:09 AM
http://entaal7ob.blogspot.com/
ويروق لى الضيّ !
عندما ألمحهُ يتوضأ من كفيك
أنثى من طهر و أنفاسها عطر
http://www.youtube.com/user/mohey19631963?feature=mhee
البحث على جميع مواضيع العضو محيى زقزوق
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)